الحمد لله حمدًا يرضاه لذاته والصلاة والسلام على سيدِ مخلوقاتِه ورضي الله عن الصحابة والآل وأتْباعِهم مِن أهلِ الشرع والحال والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
أشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وأنّ عيسى عبدُ اللهِ وابنُ أمَتِه وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروحٌ منه وأنّ الجنةَ حقّ وأنّ النارَ حق.
اللهم صلّ صلاةً كاملة وسلِّم سلامًا تامًّا على سيدِنا محمد الذي تنحلُّ به العقد وتنفرجُ به الكرب وتُقضى به الحوائج وتُنالُ به الرغائبُ وحُسنُ الخواتيم ويُستسقى الغمامُ بوجهِه الكريم وعلى آلهِ وصحبِه وسلِّم.
نسألُ اللهَ تبارك وتعالى أنْ يجعلَ أعمالَنا ونيّاتِنا خالصةً لوجهِه الكريم في هذا المجلس الرفاعيّ المباركِ إنْ شاء الله مع مقالاتٍ من البرهانِ المؤيد للسيدِ المؤيد أحمدَ الرفاعيّ الكبير رضي اللهُ تعالى عنه.
يقولُ الرفاعي “أفضلُ الصحابةِ سيدُنا أبو بكرٍ رضي الله عنه ثم سيّدُنا عمرُ الفاروقُ رضي اللهُ عنه ثم عثمانُ ذو النورينِ رضي الله عنه ثم عليٌّ المرتضى كرّمَ اللهُ وجهَه ورضي عنه والصحابةُ على هدًى تجبُ محبّتُهم، فاعملوا على التخَلُّقِ بأخلاقِهم. قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام لأصحابه “أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعة وإنْ تأمَّرَ عليكم عبد فإنه مَن يعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المَهدِيين عضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومُحدَثاتِ الأمور فإنّ كلَّ مُحدَثةٍ بدعة وكلَّ بدعةٍ ضلالة”
الصحابيُّ هو مَن لقيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم آمنَ وصدّقَ به ثم مات على ذلك، ومحبةُ الصحابةِ واجبة مِن حيثُ الإجمال لأنهم مَن نصرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ولِما لهم منَ الفضلِ عند اللهِ عز وجل.
عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال “صعدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المنبرَ فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال “ما لي أراكم تختلفونَ في أصحابي، أما علِمتُم أنّ حبي وحبَّ أهلِ بيتي وحبَّ أصحابي فرضَه اللهُ تعالى على أمتي إلى يومِ القيامة. ثم قال: أينَ أبو بكر؟ قال ها أنذا يا رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ادْنُ منيّ، فضمَّه إلى صدرِه وقبّلَ بين عيينه، ورأينا دموعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تجري على خدِّه ثم أخذَ بيدِه وقال بأعلى صوتِه “معاشرَ المسلمين هذا أبو بكرٍ الصديق هذا شيخُ المهاجرينَ والأنصار هذا صاحبي صدّقَني حينَ كذّبَني الناس وآواني حين طردوني واشترى لي بلالًا من مالِه وعلى مُبغِضِه لعنةُ الله ولعنةُ اللاعِنين، واللهُ منه بريء وأنا منه بريء، فمَن أحبَّ أنْ يتبرّأَ من الله فلْيتَبَرّأْ من أبي بكرٍ الصديق وليُبَلّغِ الشاهدُ منكم الغائب، ثم قال اجلس يا أبا بكر، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أين عمرُ بنُ الخطاب، فوثَبَ إليه عمر فقال ها أنَذا يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال ادْنُ مني فدنا منه فضمّهُ إلى صدرِه وقبّلَ بين عينيه ورأيْنا دموعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تجري على خدِّه ثم أخذ بيدِه ثم قال بأعلى صوتِه: معاشرَ المسلمين هذا عمرُ بنُ الخطابِ هذا شيخُ المهاجرين والأنصار هذا الذي أمرَني اللهُ أنْ أتَّخِذَه ظهيرًا ومُشيرًا، يقولُ الحق وإنْ كان مرًّا هو الذي لا يخافُ في اللهِ لوْمةَ لائم هو الذي يَفرَقُ الشيطانُ مِن شخصِه هو سراجُ أهلِ الجنة فعلى مُبغضِه لعنةُ الله ولعنةُ اللاعنين واللهُ منه بريء وأنا منه بريء. ثم قال “أين عثمانُ بنُ عفان، فوثبَ عثمانُ وقال ها أنذا يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال ادنُ مني فدنا منه فضمّه إلى صدره وقبّلَه بين عينيه ورأينا دموعَه تجري على خدِّه ثم أخذ بيدِه وقال يا معاشرَ المسلمين هذا عثمانُ بنُ عفان هذا شيخُ المهاجرين والأنصار هذا الذي أمرَني اللهُ أنْ اتّخذَه سندًا وخَنَتًا على ابْنَتَي ولو كان عندي ثالثةٌ لزوّجتُها إياه هذا الذي اسْتَحيَت منه ملائكةُ السماء فعلى مُبغضِه لعنةُ الله ولعنةُ اللاعنين، ثم قال: أين عليُّ بنُ أبي طالب، فوثبَ إليه وقال: ها أنَذا يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال ادْنُ مني فدنا منه وضمّه إلى صدرِه وقبّلَ بينَ عينيه ودموعُه تجري على خدِّه ثم أخذ بيدِه وقال بأعلى صوتِه معاشر المسلمين هذا شيخُ المهاجرين هذا أخي وابنُ عمي وختَني هذا لحمي ودمي وشعري هذا أبو السبْطَيِنِ الحَسنِ والحسين سيدَي شبابِ أهلِ الجنة هذا مفرِّجُ الكربِ عني هذا أسدُ اللهِ وسيفُه في أرضِه على أعدائِه فعلى مُبغضِه لعنةُ الله ولعنةُ اللاعنين واللهُ منه بريء وأنا منه بريء فمَن أحبَّ أنْ يبرأَ من عليِّ بنِ أبي طالب ولْيُبلِّغِ الشاهدُ منكم الغائب، ثم قال اجلس يا أبا الحسن” خرّجَ الحديثَ أبا سعدٍ النيْسابوري في شرف النبوة.
هذا يدلُّ على عظيمِ فضلِ أصحابِ المصطفى صلى الله عليه وسلم وخصوصًا هؤلاء الأربعة: أبو بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه، هؤلاء أكابرُ الصحابة كبارُ أصحابِ المصطفى صلى الله عليه وسلم.
سُئلُ عليُّ بنُ أبي طالب رضي الله عنه عن عثمانَ رضي الله عنه فقال: ذاك امرؤٌ يُدعَى في الملإِ الأعلى ذا النورين وكان خَتَنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على ابنتيه.
وعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قد سُئل عن أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه فقال: كان رحمه الله للقرآنِ تالِيًا وللشرِّ قالِيًا وعن المنكرِ ناهيًا وبالمعروفِ آمِرًا وإليه صابرًا وعن المَيلِ إلى الفحشاءِ ساهيًا وبالليلِ قائمًا وبالنهار صائمًا وبدينِ اللهِ عارفًا ومن اللهِ خائفًا وعن المحارِمِ جانبًا وعن الموبقاتِ صارِفًا، فاق أصحابَه ورعًا وقناعة وزادَ بِرًّا وأمانة فعقّبَ اللهُ مَن طعنَ إليه الشِّقاقَ إلى يوم التلاق.
قيل ما كان نقشُ خاتَمِه حين وَليَ الأمر؟ قال نقِشَ عليه عبدٌ ذليل لربٍّ جليل.
قيل له فما تقولُ في عمر؟ قال رحمةُ الله على أبي حفص كان واللهِ حليفَ الإسلام ومأوى الأيتام ومحلَّ الإيمان ومنتهى الإحسان ونادي الضعفاء ومَعقِلَ الحلفاء كان للحقِّ حِصنًا وللناسِ عونًا قام بحقِّ اللهِ صابرًا محتسِبًا حتى أظهرَ اللهُ الدين فتحَ الديار وذُكرَ اللهُ عز وجل على التلالِ والبقاع وَقورًا لله في الرّخاءِ والشدة شَكورًا له في كلِّ وقت، فأعْقَبَ اللهُ مَن يُبغِضُه الندامةَ إلى يومِ القيامة
قيل فما كان نقشُ خاتَمِه حين وليَ الأمر؟ قال: نُقشَ عليه اللهُ المُعينُ لمَن صبر.
قيل فما تقولُ في عثمان؟ قال رحمةُ الله على أبي عَمر وكان والله أفضلَ البرَرة وأكرَمَ الحفَدة كثيرَ الاستغفار هجّادًا بالأسحار سريعَ الدموعِ عند ذكرِ النار دائمَ الفكرِ فيما يعنيه بالليل والنهار مبادِرًا إلى كلِّ مَكْرُمة وساعيًا إلى كلِّ مُنجِية فرّارًا من كلِّ مُهلِكة وفيًّا تقيًّا حَفِيًّا مُجَهِّزَ جيشِ العُسرة وصاحبَ بئرِ رومة وختَنَ المصطفى صلى الله عليه وسلم فأعْقَبَ اللهُ مَن قتلَه البِعاد إلى يومِ التناد.
قيل فما نقشُ خاتمِه حين وَليَ الأمر؟ قال نُقِشَ عليه اللهم أحْيِني سعيدًا وأمِتْني شهيدًا
واللهِ لقد عاش سعيدًا ومات شهيدًا
قيل فما تقولُ في علي؟ قال رحمةُ الله على أبي الحسن كان واللهِ علَم الهدى وكهفَ التقى وطوْدَ النهى ومحلَّ الحِجا ويُمْنَ الندى ومنتَهى العلمِ للورى ونورًا أسفرَ في ظلَمِ الدّجى وداعيًا إلى الحُجّةِ العظمى مُستمسِكًا بالعُروةِ الوُثقى أتقى مَن تقمّصَ وارْتَدَى وأكرمَ مَن شهِدَ النجوى بعدَ محمدٍ المصطفى وصاحبِ القِبلتين وأبا السبطين وزوجتُه خيرُ النساء فما يفوقُه أحدٌ لم ترَ عينايَ مثلَه ولمْ أسمعْ بمثلِه في الحربِ خيّالًا وللأقرانِ قتّالًا وللأبطالِ شغّالًا فعلى مَن يُبغضُه لعنةُ الله ولعنةُ العبادِ إلى يومِ التنادِ
قيل فما نقشُ خاتمِه حين وَليَ الأمر؟ قال نُقشَ عليه اللهُ الملِك.
روى البزّار عن أسيرِ بنِ صفوان صاحبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال “لما توفيَ أبو بكرٍ رضي الله عنه سَجّوهُ بثوبٍ فارْتَجّتِ المدينةُ بالبكاء ودُهِشَ الناسُ كيومَ قُبِضَ الرسول صلى الله عليه وسلم وجاءَ عليُّ بنُ أبي طالب مُسرِعًا مُستَرْجِعًا وهو يقول اليوم انقطعَت خلافةُ النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر فقال: رحمكَ اللهُ أبا بكر كنتَ أولَ القومِ إسلامًا وأخلصَهم إيمانًا وأشدَّهم يقينًا وأخوفَهم لله وأعظمَهم غِناءً وأحوَطَهم على رسولِه وأحدَبَهم على الإسلام وآمَنَهم على أصحابِه وأحسنَهم صحبة وأفضلَهم مناقب وأكثرَهم سَوابِق وأرفعَهم درَجة وأقربَهم مِن رسولِه وأشبَههم به هَديًا وخُلُقًا وسَمتًا وأوْثَقَهم عندَه وأشرفَهم منزلة وأكرمَهم عليه، فجزاكَ اللهُ عن الإسلامِ وعن رسولِه وعن المسلمين خيرًا.
صدّقتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين كذّبَه الناس فسمّاك في كتابِه صدّيقًا فقال “والذي جاءَ بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم وصدّق به أبو بكر”
وآسَيتَه حين بخِلوا وقُمتَ معه حين قعَدوا وصَحِبْتَه في الشدة أكرَم الصحبة والمنزّلَ عليه السكينة رفيقُه في الهجرة ومواطنِ الكُربة، خلَفْتَه في أمتِه بأحسنِ الخلافة حين ارتدَّ الناس، وقمتَ بدينِ الله قيامًا لم يقُمْهُ خليفةُ نبيٍّ قط، قوِيتَ حينَ ضعُفَ أصحابُك ونَهضْتَ حين وَهَنوا ولزِمْتَ مناهجَ رسولِه برغمِ المنافقينَ وغيظِ الكافرين وقمتَ بالأمرِ حينَ فشِلوا بنورِ الله إذ وقفوا كنتَ أعلاهم فَوْقًا وأقلَّهم كلامًا وأصوَبَهم منطِقًا وأطولَهم صمتًا وأبلَغَهم قولًا وكنتَ أكبرَهم رأيًا وأشجَعهم قلبًا وأشدَّهم يقينًا وأحسنَهم عملًا وأعرفَهم بالأمور، كنتَ للدينِ يَعسوبًا -واليعسوب ملِكُ النحل- وكنتَ للمؤمنينَ أبًا رحيمًا إذا صاروا عليك عيالًا فحملْتَ أثقالَ ما عنه ضعُفوا وحفظْتَ ما أضاعوا ورعَيْتَ ما أهملوا وصبرْتَ إذ جَزِعوا فأدرَكتَ آثارَ ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنتَ على الكافرين عذابًا صبًّا وللمسلمين غيثًا وخِصبًا، فُطِرْتَ بغِناها وَقِرْتَ بحِماها ووهَبتَ بفضائلِها وأحرزْتَ سوابِقَها لم تَقْلُل حجَّتُك ولم يَزِغْ قلبُك ولم تضعُفْ بصيرتُك ولم تجبُنْ نفسُك كنتَ كالجبل لا تحرّكُه العواصف ولا تُزيلُه القواصف، كنتَ كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمَنُّ الناسِ عليه في صحبتِك وذاتِ يدِك، وكما قال ضعيفًا في بدنِك قويًّا في أمرِ الله متواضعًا عظيمًا عند المسلمين جليلًا في الأرض لم يكن لأحدٍ فيك مَهمَز ولا لقائلٍ فيك مَغْمَز ولا فيك مَطْمَع ولا عندَك هَوادةٌ لأحد، الضعيفُ الذليلُ عندكَ قويٌّ حتى تأخذَ له بحقِّه القويُّ العزيزُ عندَك ذليلٌ ضعيف حتى يُؤخَذَ منه الحق والقريبُ والبعيدُ عندَك في ذلك سواء، شأنُك الحقُّ والصدقُ والرِّفقُ قولُك وقد نُهِجَ السبيل واعتَدلَ بك الدين وقوِيَ الإيمان وظهرَ أمرُ الله ولو كرِهَ الكافرون فسبَقْتَ واللهِ سبْقًا بعيدًا وأتْعَبْتَ مَن بعدَك إتعابًا شديدًا وفُزتَ بالجنة وعَظُمَت رَزِيَّتُكَ في السماء وهزّتْ مصيبتُك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضِينا عن اللهِ قضاءَه وسلَّمْنا لله أمرَه فلن يُصابَ المسلمونَ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بمِثلِك أبدًا كنتَ للدينِ عدّةً وكهفًا وللمسلمينَ حِصنًا وفئةً وأُنْسًا وعلى المنافقين غِلظةً وغَيْظًا فألْحَقَكَ اللهُ بنبيِّك ولا حرَمنا اللهُ أجرَك ولا أضَلَّنا بعدَك
قال وسكتَ الناس حتى قضى كلامَه ثم بكى أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقالوا صدقْتَ يا ابنَ عمِّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
رضي الله عن أبي بكرٍ الصديق وعمرَ الفاروق وعثمانَ بنِ عفان وعليِّ بنِ أبي طالب وعن البرَرةِ الأتقياء من صحبِ محمدٍ خيرِ الأنبياء وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين
ربَّنا تقبّل منا إنك أنت السميعُ العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم سبحانك اللهم وبحمدك نشهدُ أنْ لا إله إلا أنت نستغفركَ ونتوبُ إليك سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدِنا محمد وعلى آله وأصحابِه الطيبين الطاهرينا