خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَهْوَ الْمُهْتَد وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا مَثِيلَ لَهُ وَلا ضِدَّ وَلا نِدَّ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ.
أَمَّا بَعْدُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْءَانِ الْكَريِمِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾. [سُورَةَ التَّحْريِمِ/8].
أَخِي الْمُسْلِم، بَعْدَ وَدَاعِ شَهْرِ التَّوْبَةِ اثْبُتْ عَلَى التَّوْبَةِ، بَعْدَ وَدَاعِ شَهْرِ الطَّاعَةِ اثْبُتْ عَلَى الطَّاعَةِ. فَالتَّوْبَةُ النَّصُوحُ، التَّوْبَةُ الْكَامِلَةُ هَذَا الَّذِي يُحِبُّهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنْ تَتُوبَ مِنْ كُلِّ الذُّنُوبِ الَّتِي سَبَقَ وَتَلَوَّثْتَ بِهَا وَلا تَعُودَ إِلَيْهَا.
فَكَمْ هُوَ جَمِيلٌ ثَبَاتُكَ يَا ثَابِتٌ، ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ الَّذِي كَانَتْ تُسْمَعُ تِلاوَةُ الْقُرْءَانِ مِنْ قَبْرِهِ، وَرَدَ عَنِ الَّذِي أَلْحَدَهُ فِي قَبْرِهِ، أَدْخَلَهُ فِي قَبْرِهِ أَنَّهُ قَالَ: “أَنَا وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَدْخَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ لَحْدَهُ فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ اللَّبِنَ سَقَطَتْ لَبِنَةٌ (يَعْنِي حَجَرٌ) فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهَا مِن قَبْرِهِ فَإِذَا بِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ. (وَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ) قَالَ: فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعِي: أَتَرَاهُ؟ قَالَ: اسْكُتْ، فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ التُّرَابَ وَفَرَغْنَا أَتَيْنَا ابْنَتَهُ فَقُلْنَا لَهَا: مَا كَانَ عَمَلُ ثَابِتٍ، مَاذَا كَانَ يَفْعَلُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟ قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهَا، فَقَالَتْ: كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ خَمْسِينَ سَنَةً فَإِذَا كَانَ السَحَرُ قَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا الصَّلاةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِيهَا، فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَرُدَّ ذَلِكَ الدُّعَاء” ا هـ.
هَذَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ ثَبَتَ عَلَى صَلاةِ النَّافِلَةِ، صَلاةِ التَّطَوُّعِ خَمْسِينَ سَنَةً وَيَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ الصَّلاةَ فِي قَبْرِهِ فَأَكْرَمَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ. وَمِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ مَنْ يَتَكَاسَلُونَ عَنْ تَأْدِيَةِ الْفَرِيضَةِ، مِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ فَقَطْ وَبَعْدَ رَمَضَانَ يَنْقَطِعُ عَنِ الصَّلاةِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ رَأَى قَوْمًا تُرْضَخُ رُؤُوسُهُمْ أَيْ تُكَسَّرُ رُؤُوسُهُمْ ثُمَّ تَعُودُ كَمَا كَانَتْ فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُؤُوسُهُمْ عَنْ تَأْدِيَةِ الصَّلاةِ.
فَيَا أَخِي الْمُسْلِم، هِيَ سَاعَاتٌ أَوْ دَقَائِقُ أَوْ أَقَلُّ تَمْضِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ثُمَّ يَنْتَهِي بِهِ الأَمْرُ إِلَى الْقَبْرِ. تَرَى أَلَيْسَ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِل لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ؟ بَلَى وَاللَّه.
أَلَيْسَ الْكَيِّسُ الْفَطِنُ الذَّكِيُّ هُوَ الَّذِي حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِي الآخِرَةِ؟ بَلَى وَاللَّه. فَالْغَفْلَةُ لا تَنْفَعُ، وَمَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ.
فَكَمْ هِيَ عَظِيمَةٌ فَرْحَةُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ بِمَا قَامَ بِهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ فِي رَمَضَانَ، وَكَمْ هُوَ عَظِيمٌ ثَبَاتُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ رَمَضَانَ مِنَ الإِمْسَاكِ عَنِ الْكَلامِ الَّذِي لا يُرْضِي اللَّهَ، مِنَ الاِبْتِعَادِ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ مِنْ صَلاةٍ وَصِيَامٍ (لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ صِيَامٍ) وَتَعَلُّمٍ، نَعَمْ بِإِقْبَالٍ بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ إِلَى مَجَالِسِ عِلْمِ الدِّينِ، لا تَشْبَعْ أَخِي الْمُؤْمِن مِنْ تَحْصِيلِ عِلْمِ الدِّينِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لا يَشْبَعُ مُؤْمِنٌ مِنْ خَيْرٍ يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّة”.
إِخْوَانِي، يَمُرُّ عَلَى الإِنْسَانِ أَحْيَانًا أَوْقَاتٌ يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْغَافِلِينَ ثُمَّ يَتَيَقَّظُ وَيَنْتَبِهُ فَيُطْرِقُ بَابَ التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ مَا لَمْ تَصِلِ الرُّوحُ إِلَى الْحُلْقُومِ أَيْ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، وَلَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَمَا لَمْ يَرَ مَلَكَ الْمَوْتِ عَزْرَائِيل.
فَهَنِيئًا لِمَنْ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا فَالْفَرْحَةُ بِعِيدِ الْفِطْرِ عَظِيمَةٌ وَكَبِيرَةٌ وَلَكِنِ الْفَرْحَةُ عَظِيمَةٌ جِدًّا حِينَمَا يَجِدُ الْمُؤْمِنُ التَّقِيُّ الطَّيِّبُ الطَّاهِرُ الصَّالِحُ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا يَسُرُّهُ بَيْنَمَا هُنَاكَ آخَرُونَ خَاسِرُونَ هَالِكُونَ.
وَهُوَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقِ الْجَنَّةِ، يُطْعَمُونَ مِنْ طَعَامِهَا، يَجْتَمِعُونَ بِسَيِّدِ الْعَالَمِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاسْمَعُوا مَعِي إِخْوَةَ الإِيْمَانِ قِصَّةَ امْرَأَةٍ طَيِّبَةٍ ثَبَتَتْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهَا وَكَانَتْ تَرْجُو الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَانَتْ مُسْلِمَةً عَابِدَةً صَالِحَةً ابْنَةَ مَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِهَا رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ لِجَارِيَةٍ لَهَا انْطَلِقِي وَالْتَمِسِي لِي رَجُلاً وَرِعًا زَاهِدًا نَاسِكًا فَقِيرًا، فَانْطَلَقَتِ الْجَارِيَةُ فَوَجَدَتْ فَقِيرًا عَابِدًا وَرِعًا، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى مَوْلاتِهَا، فَقَالَتْ لَهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِي ذَهَبْتُ مَعَكَ إِلَى مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحِي عَلَيْكَ، فَفَعَلَ فَعَقَدُوا النِّكَاحَ ثُمَّ قَالَتْ لَهُ انْطَلِقْ بِي إِلَى أَهْلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ إِلاَّ هَذَا الْكِسَاءَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِي هُوَ دِثَارِي بِاللَّيْلِ وَلِبَاسِي بِالنَّهَارِ، فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِكَ عَلَى ذَلِكَ. ابْنَةُ الْمُلُوكِ تَقُولُ لِلْفَقِيرِ الْوَرِعِ رَضِيتُ بِكَ عَلَى ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ، وَكَانَ يَكْسِبُ بِالنَّهَارِ وَيَأْتِيهَا بِاللَّيْلِ بِمَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَكُنْ تُفْطِرُ بِالنَّهَارِ بَلْ تَصُومُ تَطَوُّعًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ إِذَا أَتَاهَا بِشَىْءٍ أَفْطَرَتْ عَلَيْهِ وَحَمِدَتِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَالَتْ الآنَ تَفَرَّغْتُ لِلْعِبَادَةِ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ لَمْ يُفْتَحْ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ يَأْتِيهَا بِهِ، فَفَزِعَ مِنْ ذَلِكَ وَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: زَوْجَتِي جَالِسَةٌ فِي بَيْتِهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ تَنْتَظِرُ أَنْ ءَاتِيَهَا بِشَىْءٍ تُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالَ: يَا رَبّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي مَا أَسْأَلُكَ لِدُنْيَايَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِرِضَا زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رِزْقًا مِنْ لَدُنْكَ فَإِنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، قَالَ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ لُؤْلُؤَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَخَذَهَا وَذَهَبَ بِهَا إِلَى امْرَأَتِهِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ رَاعَهَا ذَلِكَ وَقَالَتْ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ بِهَذِهِ اللُّؤْلُؤَةِ الَّتِي لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ عِنْدَ أَهْلِي؟ فَقَالَ لَهَا طَلَبْتُ الْيَوْمَ قُوتًا فَلَمْ يُفْتَحْ لِي بِشَىْءٍ فَدَعَوْتُ رَبِّي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَرَزَقَنِي هَذِهِ اللُّؤْلُؤَةَ مِنَ السَّمَاءِ. فَقَالَتْ ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ الَّذِي دَعَوْتَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ فَابْتَهِلْ إِلَيْهِ وَاسْأَلْهُ وَقُلْ: اللَّهُمَّ سَيِّدِي وَمَوْلايَ إِنْ كَانَ هَذَا شَيْئًا رَزَقْتَنَا فِي الدُّنْيَا فَبَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا ادَّخَرْتَهُ لَنَا فِي الآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ فَارْفَعْهُ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَرُفِعَتِ اللُّؤْلُؤَةُ، فَرَجِعَ إِلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ، فَقَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَانَا مَا ادَّخَرَ لَنَا فِي الآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَتْ: لا أُبَالِي الآنَ أَنْ لا أَقْدِرَ عَلَى شَىْءٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ، وَشَكَرَتِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنَا حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَمِنْ أَهْلِنَا وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ.
هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ علَى سَيّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّف. عِبادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.