الخميس نوفمبر 21, 2024

الدَّرْسُ التَّاسِعُ وَالثَّلاثُونَ

التَّحْذِيرُ مِنَ الْفِرَقِ الثَّلاثِ

 

      الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا عَلَى عَقِيدَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ ﷺ إِلَى نَحْوِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَة. مَا كَانَ بَيْنَهُمُ اخْتِلافٌ فِى الْعَقِيدَةِ ثُمَّ شَذَّ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوُا الرَّسُولَ ﷺ عَنْ عَقِيدَةِ الصَّحَابَةِ.

     أَوَّلُ هَؤُلاءِ يُقَالُ لَهُمُ الْخَوَارِجُ، فِى عَهْدِ سَيِّدِنَا عَلِىٍّ هَذَا حَصَلَ. هَؤُلاءِ انْحِرَافُهُمْ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا بَعْضَ الآيَاتِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا فَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ عَمِلَ مَعْصِيَةً خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ، كَفَرَ، فَعِنْدَهُمُ الْحَاكِمُ إِنْ حَكَمَ بِغَيْرِ الشَّرْعِ كَفَرَ. الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ قَبْلَ ظُهُورِ هَؤُلاءِ أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ الشَّرْعِ لِلرِّشْوَةِ أَوْ لِلصَّدَاقَةِ أَوْ لِلْقَرَابَةِ لا يَكْفُرُ وَإِنَّمَا هُوَ فَاسِقٌ، قَبْلَ ظُهُورِ هَذِهِ الْفِرْقَةِ هَكَذَا كَانَتْ عَقِيدَةُ الْمُسْلِمِينَ. عَقِيدَةُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لا يَخْرُجُ مِنَ الإِسْلامِ لِأَجْلِ الْمَعْصِيَةِ إِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً. هَؤُلاءِ خَالَفُوا هَذِهِ الْعَقِيدَةَ فَقَالُوا مَنِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً كَفَرَ. فِى الأَوَّلِ كَانُوا يَقُولُونَ الَّذِى حَكَمَ فَقَطْ يَكْفُرُ، لا يَقُولُونَ الرَّعِيَّةُ تَكْفُرُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ بِغَيْرِ الشَّرْعِ، مَا كَانُوا يُكَفِّرُونَ الرَّعِيَّةَ لِذَلِكَ. ثُمَّ شَذَّ مِنْ هَؤُلاءِ أُنَاسٌ فَقَالُوا الرَّعِيَّةُ أَيْضًا تَكْفُرُ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ كَالْمَلِكِ بِغَيْرِ الشَّرْعِ، قَالُوا كَفَرَ الْحَاكِمُ وَكَفَرَتِ الرَّعِيَّةُ، هَؤُلاءِ أَكْثَرُ ضَلالًا مِنَ الأَوَّلِينَ، كِلا الْفَرِيقَيْنِ يُقَالُ لَهُمْ خَوَارِج.

     ثُمَّ بَعْدَ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ سِنِى الْهِجْرَةِ إِلَّا نَحْوَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ظَهَرَ رَجُلٌ فِى مِصْرَ يُقَالُ لَهُ سَيِّد قُطُب فَقَالَ كَمَا قَالَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ الَّتِى زَادَتْ فِى الشُّذُوذِ قَالَ أَىُّ إِنْسَانٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الشَّرْعِ وَلَوْ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ وَخَرَجَتِ الرَّعِيَّةُ الَّتِى هُوَ يَحْكُمُهَا مَنْ شَارَكَهُ فِى الْحُكْمِ وَمَنْ لَمْ يُشَارِكْهُ. هَذَا الرَّجُلُ كَانَ فِى مِصْرَ، مَاتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً [هَذَا وَقْتُ إِعْطَاءِ هَذَا الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ عَلَى مَوْتِهِ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ لِلْهِجْرَةِ نَحْوُ سِتِّينَ سَنَةً] ثُمَّ أَتْبَاعُهُ صَارُوا يَعْتَقِدُونَ هَذَا الِاعْتِقَادَ فَكَفَّرُوا حُكَّامَ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّعِيَّةَ. يُقَالُ لِهَؤُلاءِ حِزْبُ الإِخْوَانِ وَهُمْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ فِى أَوَّلِ الأَمْرِ الإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ تَسَمَّوْا فِى بَعْضِ الْبِلادِ بِالْجَمَاعَةِ الإِسْلامِيَّةِ لِيُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّهُمْ هُمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَطْ وَأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ. هَؤُلاءِ لَمَّا كَفَّرُوا الْحَاكِمَ وَالْمَحْكُومَ أَىِ الرَّعِيَّةَ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَ النَّاسِ اسْتَحَلُّوا قَتْلَ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُمْ. وَأَكْبَرُ وَسِيلَةٍ لِلسَّلامَةِ مِنْ ضَلالِهِمْ تَعَلُّمُ عِلْمِ الدِّينِ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ.

     كَانُوا فِى مِصْرَ ثُمَّ تَوَسَّعُوا فَصَارُوا يَقْتُلُونَ الْمُسْلِمِينَ لِلْوُصُولِ إِلَى الْحُكْمِ، عَلَى زَعْمِهِمْ يُزِيلُونَ هَؤُلاءِ الْحُكَّامَ وَهَؤُلاءِ الرَّعِيَّةَ لِيَحْكُمُوا بِشَرِيعَةِ اللَّهِ، وَهَؤُلاءِ كَاذِبُونَ لَيْسَ غَرَضُهُمْ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْقُرْءَانِ لَوْ وَصَلُوا إِلَى الرِّئَاسَةِ إِنَّمَا هَمُّهُمُ الرِّئَاسَةُ، لَوْ وَصَلُوا إِلَى الرِّئَاسَةِ لَحَكَمُوا بِالْقَانُونِ كَمَا يَحْكُمُ النَّاسُ الْيَوْمَ [وَقَدْ حَصَلَ هَذَا فِى مِصْرَ بَعْدَ وَفَاةِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَمَا تَوَلَّى مُحَمَّد مُرْسِى رِئَاسَةَ الْجُمْهُورِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَلْفَيْنِ بِالتَّارِيخِ الرُّومِىِّ وَحَكَمَ هُوَ وَأَتْبَاعُهُ بِالْقَانُونِ وَحَصَلَ فِى الْمَمْلَكَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ عِنْدَمَا تَوَلَّى زَعِيمُهُمْ عَبْدُ الإِلَهِ بنُ كيران رِئَاسَةَ الْحُكُومَةِ ذَلِكَ الْعَام]. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ فِى سُورِيَة مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً تَقْرِيبًا دَخَلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَخْصًا مِنْهُمْ فِى الْبَرْلَمَانِ وَاثْنَانِ مِنْ هَؤُلاءِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ شَارَكَا فِى وَضْعِ الدُّسْتُورِ أَىِ الْقَانُونِ. هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ لا يُرِيدُونَ الْحُكْمَ بِشَرْعِ اللَّهِ لَكِنْ يُرِيدُونَ أَنْ يَنْخَدِعَ الْمُسْلِمُونَ بِقَوْلِهِمْ نَحْنُ نُرِيدُ الْحُكْمَ بِالشَّرْعِ الإِسْلامِىِّ لِيَمِيلَ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فَيَقْوَوْا بِهِمْ لِيَصِلُوا إِلَى غَرَضِهِمُ الْفَاسِدِ.

     عَلامَةُ حِزْبِ الإِخْوَانِ هَؤُلاءِ أَنْ يَقُولَ الْمُنْتَسِبُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَحْكُمُ بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ كَافِرٌ وَالرَّعِيَّةُ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِى ظِلِّهِ كُفَّارٌ.

   أَمَّا حِزْبُ التَّحْرِيرِ فَيُعْرَفُونَ بِقَوْلِهِمْ يَجِبُ عَلَيْنَا نَصْبُ الْخَلِيفَةِ أَىْ حَاكِمٍ وَاحِدٍ يَحْكُمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ نَصْبِ الْخَلِيفَةِ مِيتَتُهُ مِيتَةُ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ. يُحَرِّفُونَ حَدِيثًا إِلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَالْحَدِيثُ لَيْسَ مَعْنَاهُ هَذَا. الْحَدِيثُ هُوَ مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِى عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً اهـ [رَوَاهُ مُسْلِمٌ] هَذَا الْحَدِيثُ يُحَرِّفُونَهُ. وَالْحَدِيثُ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِى يَمُوتُ وَهُوَ مُحَارِبٌ لِلْخَلِيفَةِ الَّذِى ثَبَتَتْ لَهُ الْبَيْعَةُ كَالَّذِينَ قَاتَلُوا سَيِّدَنَا عَلِيًّا رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ فَمِيتَتُهُ كَمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ. ثَلاثُ فِرَقٍ حَارَبُوا عَلِيًّا أَوَّلُهُمْ أَهْلُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ هَؤُلاءِ حَارَبُوهُ نِصْفَ نَهَارٍ فَكَسَرَهُمْ فَتَابَ مَنْ تَابَ وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ. وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ جَمَاعَةُ مُعَاوِيَةَ هَؤُلاءِ حَارَبُوهُ ثَلاثةَ أَشْهُرٍ. هَؤُلاءِ ذَنْبُهُمْ أَعْظَمُ وَذَنْبُ مُعَاوِيَةَ أَعْظَمُ. وَالْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ هُمُ الْخَوَارِجُ حَاربُوهُ فِى النَّهْرَوَانِ.

     عَائِشَةُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَؤُلاءِ حَضَرُوا مَعْرَكَةَ الْجَمَلِ، وَقَفُوا فِى مُعَسْكَرِ الْمُخَالِفِينَ الْخَارِجِينَ عَلَى سَيِّدِنَا عَلِىٍّ لَكِنْ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ تَابُوا، عَائِشَةُ نَدِمَتْ نَدَمًا كَبِيرًا وَطَلْحَةُ مَا مَاتَ حَتَّى انْصَرَفَ لِأَنَّ سَيِّدَنَا عَلِيًّا ذَكَّرَهُ شَيْئًا فَلَحِقَهُ وَاحِدٌ مِمَّنْ كَانَ يُقَاتِلُ سَيِّدَنَا عَلِيًّا فَقَتَلَهُ. وَالزُّبَيْرُ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ ذَكَّرَهُ قَالَ لَهُ أَلَيْسَ قَالَ الرَّسُولُ لَتُقَاتِلَنَّ عَلِيًّا وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ قَالَ نَسِيتُ فَانْصَرَفَ تَائِبًا اهـ [رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ]. هَؤُلاءِ اللَّهُ تَعَالَى تَابَ عَلَيْهِمْ لَكِنْ وَقَعُوا فِى مَعْصِيَةٍ كُلُّ هَؤُلاءِ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ لَمْ يَمُوتُوا إِلَّا بَعْدَمَا تَابُوا مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ، هَكَذَا مَنْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ السَّعَادَةَ لا بُدَّ أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ رُوحُهُ وَلَوْ بِسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.

     حِزْبُ التَّحْرِيرِ قَالُوا الَّذِى يَمُوتُ وَلَمْ يُبَايِعْ خَلِيفَةً أَىْ لَمْ يَأْخُذْ عَهْدًا لِلْخَلِيفَةِ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَأَهْلُ هَذَا الْعَصْرِ كُلُّهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ خَلِيفَةٌ فَعِنَدَهُمْ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ فَمِيتَتُهُ كَمِيتَةِ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ. حَرَّفُوا الْحَدِيثَ كَمَا أَنَّ جَمَاعَةَ سَيِّد قُطُب حَرَّفُوا الآيَةَ الَّتِى فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ ﴿ومَنْ لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾.

   أَمَّا الْوَهَّابِيَّةُ فَهُمْ مَعْرُوفُونَ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ اللَّهُ قَاعِدٌ عَلَى الْعَرْشِ وَالأَمْرُ الثَّانِى مَنْ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا حَسَنُ أَوْ يَا حُسَيْنُ أَوْ يَا عَلِىُّ أَوْ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ أَوْ يَا شَيْخُ أَحْمَدُ الرِّفَاعِىّ عِنْدَهُمْ كَافِرٌ حَلالُ الدَّمِ. كَذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَنْ زَارَ قَبْرَ نَبِىٍّ أَوْ وَلِىٍّ لِطَلَبِ الْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ فَهُوَ كَافِرٌ حَلالُ الدَّمِ.

     هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ يُحَذَّرُ مِنْهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَهَؤُلاءِ الْفِرَقُ الثَّلاثُ لا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُمْ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ، عَقِيدَتُهُمْ فَاسِدَةٌ. فِى هَذَا الزَّمَنِ الْوَهَّابِيَّةُ انْدَسُّوا بَيْنَ النَّاسِ وَحِزْبُ الإِخْوَانِ اخْتَلَطُوا بِالنَّاسِ وَحِزْبُ التَّحْرِيرِ كَذَلِكَ فَإِذَا جَاءَ إِنْسَانٌ يَخْطُبُ بِنْتًا لا يُزَوَّجُ الْبِنْتَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُمْتَحَنَ فَيُسْأَلَ مَاذَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ بِقَوْلِ حِزْبِ الإِخْوَانِ وَمَاذَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ بِقَوْلِ الْوَهَّابِيَّةِ وَمَاذَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ بِقَوْلِ حِزْبِ التَّحْرِيرِ فَإِذَا قَالَ هَؤُلاءِ ضَالُّونَ يُزَوَّجُ وَإِلَّا فَهُوَ خَطَرٌ كَبِيرٌ، بَعْدَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ يُظْهِرُ عَقِيدَتَهُ فَيَتَعَكَّرُ عَيْشُهَا. وَبَعْضُ رِجَالِ الْمَحْكَمَةِ الشَّرْعِيَّةِ هَذِهِ جُهَّالٌ يَقُولُونَ لِلْمَرْأَةِ إِنْ هِىَ طَلَبَتِ الْخَلاصَ مِنْهُ بَعْدَمَا عَرَفَتْ أَنَّهُ وَهَّابِىٌّ أَوْ أَنَّهُ مِنْ حِزْبِ الإِخْوَانِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ حِزْبِ التَّحْرِيرِ يَقُولُونَ لَهَا ارْجِعِى لا يَسْمَعُونَ لَهَا شَكْوَاهَا لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا يَتَعَيَّشُونَ مِنَ الْوَظِيفَةِ فِى الْمَحْكَمَةِ. الْخَطَرُ الْيَوْمَ عَظِيمٌ.

     هَؤُلاءِ أَكْثَرُ الْفِرَقِ ظُهُورًا مِمَّنْ يَدْعُونَ بِاسْمِ الدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ، وَيُوجَدُ غَيْرُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ أَيْضًا كَجَمَاعَةِ أَمِين شَيْخُو الَّذِى كَانَ فِى دِمَشْقَ وَتُوُفِّىَ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَة [أَىْ مِنْ تَارِيخِ إِعْطَاءِ هَذَا الدَّرْسِ فِى حَيَاةِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ]. هُوَ جَاهِلٌ مَا تَعَلَّمَ الْعِلْمَ أَخَذَ الطَّرِيقَةَ النَّقْشَبَنْدِيَّةَ مِنْ أَمِين كِفْتَارُو. أَمِين كِفْتَارُو وَلِىٌّ لَكِنْ هَذَا أَمِين شَيْخُو كَانَ جَاهِلًا مِنْ هَؤُلاءِ الْجَنْدِرْمَةِ فَانْحَرَفَ وَصَارَ لَهُ أَتْبَاعٌ فِى دِمَشْقَ وَهُنَا قُرْبَ دَارِ الأَيْتَامِ. هَؤُلاءِ يَقُولُونَ اللَّهُ شَاءَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْخَلْقِ سُعَدَاءَ صَالِحِينَ لَكِنَّ الْخَلْقَ خَالَفُوا مَشِيئَةَ اللَّهِ، هَذَا ضِدُّ أَهْلِ السُّنَّةِ، أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ اللَّهُ شَاءَ لِبَعْضِ عِبَادِهِ أَنْ يَصِيرُوا مُؤْمِنِينَ فَصَارُوا مُؤْمِنِينَ وَاللَّهُ تَعَالَى شَاءَ لِبَعْضِ الْعِبَادِ أَنْ يَصِيرُوا كُفَّارًا بِمَشِيئَتِهِمْ فَصَارُوا كُفَّارًا، هَذِهِ عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ. عَلَى حَسَبِ قَوْلِ جَمَاعَةِ أَمِين شَيْخُو إِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ مَا تَنَفَّذَتْ إِنَّمَا تَنَفَّذَتْ مَشِيئَةُ الْعِبَادِ، هَؤُلاءِ كُفَّارٌ.

     عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ فِى الأَزَلِ شَاءَ مَا يَحْصُلُ مِنَ الْعِبَادِ مِنْ حَرَكَاتٍ وَسُكُونٍ وَاعْتِقَادٍ، اللَّهُ شَاءَ فِى الأَزَلِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ فَمَا لَمْ يَشَإِ اللَّهُ فِى الأَزَلِ أَنْ يَكُونَ لا يَحْصُلُ، هَذَا دِينُ اللَّهِ. هَؤُلاءِ جَمَاعَةُ أَمِين شَيْخُو خَالَفُوا الْعَقِيدَةَ الإِسْلامِيَّةَ. أَغْلَبُ مَشَايِخِ الشَّامِ يَسْكُتُونَ عَنِ الْوَهَّابِيَّةِ وَجَمَاعَةِ أَمِين شَيْخُو وَحِزْبِ الإِخْوَانِ وَالتَّحْرِيرِيَّةِ، يَعْرِفُونَ الْبَاطِلَ بَاطِلًا لَكِنْ يَسْكُتُونَ لِذَلِكَ التَّحْرِيرِيَّةُ وَجَمَاعَةُ أَمِين شَيْخُو وَالْوَهَّابِيَّةُ وَحِزْبُ الإِخْوَانِ يَتَزَوَّجُونَ بَنَاتِهِمْ. فَاحْذَرُوا هَؤُلاءِ الْمُنْحَرِفِينَ وَحَذِّرُوا مِنْهُمْ.