التَّطَيُّبُ وَشَمُّ الطِّيْبِ لَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ
اعْلَم رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ مِمَّا شَاعَ عِنْدَ كَثِيْرٍ مِنَ النَّاسِ أَنَّ التَّطَيُّبَ وَشَمَّ الطِّيْبِ مُفَطِّرٌ فَهٍوَ خِلَافُ الصَّوَابِ، فَإِنَّ الصَّائِمَ إِذَا تَطَيَّبَ أَوْ شَمَّ الطِّيْبَ لَا يُفْطِرُ وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ صَوْمِهِ، فلا يُفسد الصيامَ شمُّ العطر عندنا معاشر المالكية لأنه ليس عينا ويكره شمه والتطيب به نهارا ومن استنشق بَخورا تتكيف به النفس كبخور عود أو جاوي أو نحوها فإن شعر به في حلقه أفسد الصوم ووجب القضاء واستنشاق قدر الطعام بمثابة البخور لأن ريح الطعام له جسم فإذا وجد طعم دخان القدر في حلقه فعليه القضاء، ففي شرح مختصر خليل للشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخراشي المالكي (المتوفى 1101هـ) (قَوْلُهُ وَلِذَا كُرِهَ الطِّيبُ لِلصَّائِمِ) لِأَنَّ الطِّيبَ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ هَيَجَانٌ وَثَوَرَانٌ لِلشَّهْوَةِ.
ونَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُ التَّطَيُّبِ لِلصَّائِمِ، فَالتَّطَيُّبُ بِالنِّسْبَةِ لِهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافُ الأَوْلَى، فَهُوَ أَمْرٌ جَائِزٌ وَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ، وَقَدْ نَصَّ زَكَرِيَّا الأَنْصَارِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى أَنَّ شَمَّ الرَّيَاحِيْنِ لَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، وَنَصَّ الفَقِيْهُ المَالِكِيُّ الحَطَّابُ الرُّعَيْنِيُّ فِي مَوَاهِبِ الجَلِيْلِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوْزُ أَنْ يَتَطَيَّبَ الصَّائِمُ، وَنَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ قَالَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَنَصَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنَ الحَنَفِيَّةِ فِي مَرَاقِي الفَلَاحِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوْزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ، وَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الصَّوْمِ، وَنَقَلَ أَبُو الفَضْلِ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ قُلْتُ يَشَمُّ الصَّائِمُ الطِّيْبَ؟ قَالَ نَعَم.
فَمَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الصِّيَامِ، كَغَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الدِّيْنِ، لَا تَكُوْنُ بِالبَحْثِ وَالمُطَالَعَةِ فِي الكُتُبِ مِنْ دُوْنِ تَلَقٍّ وَلَا بِالبَحْثِ عَبْرَ google هُنَا وَهُنَاكَ وَلَا بِمُطَالَعَةِ أَيِّ شَىْءٍ يَكْتُبُهُ النَّاسُ فِي facebook عِلْمُ الدِّيْنِ لَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سَنَدٌ، إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الثِّقَاتِ إِلَى البِدَايَةِ، فَالدِّيْنُ لَيْسَ فِكْرَةً يَفْتَكِرُهَا الشَّخْصُ.