التوحيــد

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه من بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة صلى الله عليه صلاة يقضي بها حاجاتنا ويفرج بها كرباتنا ويكفينا بها شر أعدائنا وسلم عليه وعلى ءاله سلاما كثيرا.

أما بعد فيا عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العلي العظيم.

          يقول الله تعالى في القرءان الكريم:  ]ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا[   سورة النساء، ءاية 124.

          إخوة الإيمان، إن الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها لا تكون مقبولة عند الله بدون الايمان.

          فأعظم حقوق الله تعالى على عباده هو توحيده تعالى وأن لا يشرك به شىء لأن الإشراك بالله تعالى هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا يغفره الله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء من عباده المؤمنين الواقعين في المعاصي.

إخوة الايمان إن الخسارة الكبرى والمصيبة العظمى هي الوقوع في الكفر والموت على ذلك، فإن من مات على الكفر فقد خسر الدنيا والآخرة فلا ينفعه في الآخرة أي عمل خير عمله في دنياه وهو على الكفر وإن كان كثيرا لأن الله سبحانه وتعالى جعل شرط قبول الحسنات والصالحات الايمان. يقول الله تعالى في القرءان الكريم: ] قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[  سورة الكهف، ءاية 103/104.

          فمن هذه الآية وغيرها نعلم وندرك أن من عمل عملا صالحا وهو على غير الإسلام لا يتقبله الله تعالى منه ولا ثواب له على هذا العمل في الآخرة.

إخوة الايمان لقد كان لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ابن عم اسمه عبد الله بن جدعان وقد حصلت مع هذا الرجل قصة غريبة فيها عبرة لمن يعتبر، فقد كان في بدء أمره فاتكا شريرا مؤذيا للناس يعتدي على هذا ويعتدي على هذا حتى أبوه من شدة ما كرهه ومل منه قال له أمام جمع من الناس: أنت لست ابني، طرده فكره الحياة، قال: بعد هذا أنا كيف أعيش بين الناس وقد نفاني أبي فقال: أطلب الموت، فخرج خارج مكة فتوجه إلى جبل فوجد شقا قال أدخل هذا الشق لعل فيه ما يريحني من الحياة، فدخل فوجد ثعبانا كبيرا عيناه جوهرتان مضيئتان، فظنه ثعبانا حقيقيا، فاقترب منه فوجده ثعبانا مصنوعا أي مصورا، جسمه كله ذهب،  ثم وراءه في الشق وجد رجالا طوال الأجسام، أي ليسوا من أهل ذلك الزمن بل من الناس الذين مضى عليهم زمان طويل وجدهم على سرر ووجد عند رأسهم لوحا من فضة مكتوب فيه تاريخهم أي التعريف بأنفسهم وبأحوالهم ومن جملة ما كان مكتوبا فيه،  بيت شعر:

صـاح هل ريـت أو سـمعت براع               رد في الضـرع ما جـرى في الحلاب

مرادهم بهذا نحن انتهت حياتنا إلى هذا الوقت فكما أن الانسان إذا حلب البهيمة فهذا اللبن الذي حلبه لا يعود إلى الضرع أي إلى ضرع البهيمة كذلك خروجنا من الدنيا أي لا نعود إليها لنعمل ثانية ثم وجد كوما من ذهب وكوما من فضة فأخذ من الذهب ما استطاع في  ردائه فرجع إلى قومه، طمع في الحياة صار يعطي هذا من هذا الذهب ويعطي هذا ويعطي هذا فأحبوه فجعلوه سيدا لهم. وكان سد فم الشق بحيث لا يدخله غيره ليرجع إليه ويأخذ هذا الكنز من وقت إلى وقت وأخفاه عن الناس فصار يحسن إلى الناس ويقري الضيف ويصل أرحامه، فكان مشهورا بهذا بين العرب، فسألت سيدتنا عائشة رسول الله عنه قالت: يا رسول الله إن ابن عمي عبد الله ابن جدعان كان يفعل ويفعل فهل ينفعه ذلك، قال:” لا، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين “، معناه ما كان يؤمن بالآخرة وما كان يؤمن بالله عز وجل بل مات على غير الايمان فلا ينفعه أي إحسان عمله…

          معاشر المؤمنين، يقول الله عز وجل في شأن الكافرين الذين عملوا أعمالا حسنة في الدنيا:  ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [ سورة الفرقان، ءاية 23.

          فنسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وإيماننا وأن يتوفانا على كامل الايمان وأن يدخلنا الجنة بسلام.

          هذا واستغفر الله.

الخطبة الثانية:

          إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يـهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.

          أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم .

          يقول الله تعالى في كتابه العزيز : }يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم، يوم  ترونـها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات  حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد{.

          واعلموا أن الله أمركم بأمر عظيم أمركم بالصلاة على نبيه الكريم فقال : } إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين  ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما{ اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم وبارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم إنا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف.

          عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون

          اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم ، واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجا، وأقم الصلاة.