هو من أهل القرن الثاني عشر الهجري، ظهر بدعوة ممزوجة بأفكار منه زعم أنها من الكتاب والسنة، وأخذ ببعض بدع تقي الدين أحمد بن تيمية فأحياها، وهي: تحريم التوسل بالنبي، وتحريم السفر لزيارة قبر الرسول وغيره من الأنبياء والصالحين بقصد الدعاء هناك رجاء الإجابة من الله، وتكفير من ينادي بهاذ اللفظ: يا رسول الله أو يا محمد أو يا علي أو يا عبد القادر أغثني إلا للحي الحاضر، وإلغاء الطلاق المحلوف به مع الحنث وجعله كالحلف بالله في إيجاب الكفارة، وعقيدة التجسيم في الله والتحيز في جهة.
وابتدع من عند نفسه: تحريم تعليق الحروز التي ليس فيها إلا القرءان وذكر الله وتحريم الجهر بالصلاة على النبي عقب الأذان، وأتباعه يحرّمون الاحتفال بالمولد الشريف خلافًا لشيخهم ابن تيمية.
قال الشيخ أحمد زيني دحلان مفتي مكة في أواخر السلطنة العثمانية في تاريخه، تحت فصل “فتنة الوهابية”:
“كان في ابتداء أمره من طلبة العلم في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وكان أبوه رجلاً صالحًا من أهل العلم وكذا أخوه الشيخ سليمان، وكان أبوه وأخوه ومشايخه يتفرسون فيه أنه سيكون منه زيغ وضلال لما يشاهدونه من أقواله وافعاله ونزغاته في كثير من المسائل، وكانوا يوبخونه ويحذرون الناس منه، فحقق الله فراستهم فيه لما ابتدع ما ابتدعه من الزيغ والضلال الذي أغوى به الجاهلين وخالف فيه أئمة الدين، وتوصل بذلك إلى تكفير المؤمنين فزعم أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به وبالأنبياء والأولياء والصالحين وزيارة قبورهم للتبرك شرك، وأن نداء النبي صلى الله عليه وسلم عند التوسل به شرك، وكذا نداء غيره من الأنبياء والأولياء والصالحين عند التوسل بهم شرك، وأن من أسند شيئًا لغير الله ولو على سبيل المجاز العقلي يكون مشركًا نحو: نفعني هذا الدواء، وهذا الولي الفلاني عند التوسل به في شيء، وتمسك بأدلة لا تنتج له شيئًا من مرامه، وأتى بعبارات مزورة زخرفها ولبّس بها على العوام حتى تبعوه، وألّف لهم في ذلك رسائل حتى اعتقدوا كفر أكثر أهل التوحيد.
إلى أن قال: وكان كثير من مشايخ ابن عبد الوهاب بالمدينة يقولون: سيضل هذا أو يضل الله به من أبعده وأشقاه، فكان الأمر كذلك. وزعم محمد بن عبد الوهاب أن مراده بهذا المذهب الذي ابتدعه إخلاص التوحيد والتبري من الشرك، وأن الناس كانوا على الشرك منذ ستمائة سنة، وأنه جدد للناس دينهم، وخمل الآيات القرءانية التي نزلت في المشركين على أهل التوحيد كقوله تعالى: {ومَنْ أضلُّ مِمَّن يدْعُوا من دونِ اللهِ مَن لا يستجيبُ لهُ إلى يومِ القيامةِ وهُمْ عن دعائِهم غافلون} [سورة الأحقاف/5]. وكقوله تعالى: {ولا تدعُ مِن دونِ اللهِ ما لا ينفعُكَ ولا يَضرُّكَ} [سورة يونس/106]. وكقوله تعالى: {والذينَ يدعونَ من دونِهِ لا يستجيبونَ لهُم بشيء} [سورة الرعد/14]. وأمثال هذه الآيات في القرءان كثيرة، فقال محمد بن عبد الوهاب: من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين أو ناداه أو سأله الشفاعة فإنه مثل هؤلاء المشركين ويدخل في عموم هذه الآيات، وجعل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين مثل ذلك –يعني للتبرك- وقال في قوله تعالى حكاية عن المشركين في عبادة الأصنام: {ما نعبدُهُم إلا ليُقَرِّبونا إلى اللهِ زُلفى} [سورة الزمر/3] إن المتوسلين مثل هؤلاء المشركين الذين يقولون: {ما نعبدُهم إلا ليقربونا إلى اللهِ زلفى} [سورة الزمر/3].
روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى ءايات نزلت في الكفار فحملوها على المؤمنين، وفي رواية عن ابن عمر أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال: “أخوف ما أخاف على أمتي رجل يتأول القرءان يضعه في غير موضعه” فهو وما قبله صادق على هذه الطائفة.
وممن ألف في الرد على ابن عبد الوهاب أكبر مشايخه وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردي مؤلف حواشي شرح ابن حجر على متن بافضل [1]، فقال من جملة كلامه: “يا ابن عبد الوهاب إني أنصحك أن تكف لسانك عن المسلمين”…
ثم قال: “وهم يمنعون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على المنائر بعد الأذان حتى حتى إن رجلاً صالحًا كان أعمى وكان مؤذنًا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بعد أن كان المنع منهم، فأتوا به إلى محمد بن عبد الوهاب فأمر به أن يُقتل فقُتل. ولو تتبعت لك ما كانوا يفعلونه من أمثال ذلك لملأت الدفاتر والأوراق وفي هذا القدر كفاية” اهـ.
أقول: ويشهد لما ذكره من تكفيرهم من يصلي على النبي أي جهرًا على المئاذن عقب الأذان ما حصل في دمشق الشام من أن مؤذن جامع الدقاق قال عقب الأذان كعادة البلد: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله جهرًا، فكان وهابي في صحن المسجد فقال بصوت عال: هذا حرام هذا مثل الذي ينكح أمه، فحصل شجار بين الوهابية وبين أهل السنة وضرب، فرفع الأمر إلى مفتي ذلك الوقت وهو أبو اليسر عابدين فاستدعى المفتي زعيمهم ناصر الدين الألباني فألزمه أن لا يدرّس وتوعده إن خالف ما ألزمه بالنفي من البلاد.
ثم قال الشيخ أحمد زيني دحلان ما نصه:
“كان محمد بن عبد الوهاب الذي ابتدع هذه البدعة يخطب للجمعة في مسجد الدرعية ويقول في كل خطبه: ومن توسل بالنبي فقد كفر، وكان أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب من أهل العلم، فكان ينكر عليه إنكارًا شديدًا في كل ما يفعله أو يأمر به ولم يتبعه في شيء مما ابتدعه، وقال له أخوه سليمان يومًا: كم أركان الإسلام يا محمد بن عبد الوهاب؟ فقال خمسة، فقال: أنت جعلتها ستة، السادس: من لم يتبعك فليس بمسلم هذا عندك ركن سادس للإسلام. وقال رجل ءاخر يومًا لمحمد بن عبد الوهاب: كم يعتق الله كل ليلة في رمضان؟ فقال له: يعتق في كل ليلة مائة ألف، وفي ءاخر ليلة يعتق مثل ما أعتق في الشهر كله، فقال له: لم يبلغ من اتبعك عشر عشر ما ذكرت فمن هؤلاء المسلمون الذين يعتقهم الله تعالى وقد حصرت المسلمين فيك وفيمن اتبعك، فبهت الذي كفر. ولما طال النزاع بينه وبين أخيه خاف أخوه أن يأمر بقتله فارتحل إلى المدينة المنورة وألّف رسالة في الرد عليه وأرسلها له فلم ينته. وألف كثير من علماء الحنابلة وغيرهم رسائل في الرد عليه وأرسلوها له فلم ينته. وقال له رجل ءاخر مرة وكان رئيسًا على قبيلة بجيث إنه لا يقدر أن يسطو عليه: ما تقول إذا أخبرك رجل صادق ذو دين وأمانة وأنت تعرف صدقه بأن قومًا كثيرين قصدوك وهم وراء الجبل الفلاني فأرسلت ألف خيّال ينظرون القوم الذين وراء الجبل فلم يجدوا أثرًا ولا أحدًا منهم، بل ما جاء تلك الأرض أحد منهم أتصدق الألف أم الواحد الصادق عندك؟ فقال: أصدق الألف، فقال له: إن جميع المسلمين من العلماء الأحياء والاموات في كتبهم يكذبون ما أتيت به ويزيفونه فنصدقهم ونكذبك، فلم يعرف جوابًا لذلك، وقال له رجل ءاخر مرة: هذا الدين الذي جئت به متصل أم منفصل؟ فقال له حتى مشايخي ومشايخهم إلى ستمائة سنة كلهم مشركون، فقال له الرجل: إذن دينك منفصل لا متصل، فعمّن أخذته؟ فقال: وحي إلهام كالخضر، فقال له: إذن ليس ذلك محصورًا فيك، كل أحد يمكنه أن يدعي وحي الإلهام الذي تدعيه، ثم قال له: إن التوسل مجمع عليه عند أهل السنة حتى ابن تيمية فإنه ذكر فيه وجهين ولم يذكر أن فاعله يكفر. اهـ.
ويعني بالستمائة سنة القرن الذي كان فيه ابن تيمية وهو السابع إلى الثامن الذي توفي فيه ابن تيمية إلى القرن الثاني عشر، وهي التي كان يقول فيها ابن عبد الوهاب إن الناس فيها كانوا مشركين وإنه هو الذي جاء بالتوحيد ويعتبر ابن تيمية جاء بتقريب من دعوته في عصره، كأنه يعتبره قام في عصر انقرض فيه الإسلام والتوحيد فدعا إلى التوحيد وكان هو التالي له في عصره الذي كان فيه وهو القرن الثاني عشر الهجري. فهذه جرأة غريبة من هذا الرجل الذي كفّر مئات الملايين من أهل السنة وحصر الإسلام في أتباعه وكانوا في عصره لا يتجاوز عددهم نحو المائة ألف. وأهل نجد الحجاز الذي هو وطنه لم يأخذ أكثرهم بعقيدته في حياته وإنما كان الناس يخافون منه لما علموا من سيرته لأنه كان يسفك دماء من لم يتبعه، وقد وصفه بذلك الأمير الصنعاني صاحب كتاب سبل السلام فقال فيه أولاً قبل أن يعرف حاله قصيدة أولها:
سلام على نجد ومن حلّ في نجد *** وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
وهذه القصيدة مذكورة في ديوانه وهو مطبوع، وتمامها أيضًا في البدر الطالع للشوكاني والتاج المكلل لصديق خان فطارت كل مطار، ثم لما بلغه ما عليه ممدوحه من سفك الدماء ونهب الأموال والتجرئ على قتل النفوس ولو بالاغتيال وإكفار الأمة المحمدية في جميع الأقطار رجع عن تأييده وقال:
رجعت عن القول الذي قلت في النجدي *** فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي
ظننت به خيرًا فقلت عسى عسى *** نجد ناصحًا يهدي العباد ويستهدي
لقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا *** وكا كلّ ظنّ للحقائق لي يهدي
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مربد *** فحقّق من أحواله كل ما يبدي
وقد جاء من تأليفه برسائل *** يكفر أهل الأرض فيها على عمد
ولفق في تكفيرهم كل حجة *** تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
إلى ءاخر القصيدة، ثم شرحها شرحًا يكشف عن أحوال ابن عبد الوهاب من الغلوّ والإسراف في القتل والنهب ويرد عليه، وسمى كتابه: “إرشاد ذوي الألباب إلى حقيقة أقوال ابن عبد الوهاب”.
وقد ألف أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب رسالة في الرد على أخيه كما ذكرنا سماها “الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية”، وهي مطبوعة، وأخرى سماها “فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب”.
قال مفتي الحنابلة بمكة المتوفى سنة 1295هـ الشيخ محمد بن عبد الله النجدي الحنبلي في كتابه: السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة في ترجمة والد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان ما نصه [2]:
وهو والد محمد صاحب الدعوة التي انتشر شررها في الآفاق، لكن بينهما تباين مع أن محمدًا لم يتظاهر بالدعوة إلا بعد موت والده، وأخبرني بعض من لقيته عن بعض أهل العلم عمّن عاصر الشيخ عبد الوهاب هذا أنه كان غضبان على ولده محمد لكونه لم يرض أن يشتغل بالفقه كأسلافه وأهل جهته ويتفرس فيه أن يحدث منه أمر، فكان يقول للناس: يا ما ترون من محمد من الشر، فقدّر الله أن صار ما صار، وكذلك ابنه سليمان أخو الشيخ محمد كان منافيًا له في دعوته ورد عليه ردًا جيدًا بالآيات والآثار لكون المردود عليه لا يقبل سواهما، ولا يلتفت إلى كلام عالم متقدمًا أو متأخرًا كائنًا من كان غير الشيخ تقي الدين بن تيمية وتلميذه ابن القيّم فإنه يرى كلامهما نصًا لا يقبل التأويل ويصول به على الناس وإن كان كلامهما على غير ما يفهم، وسمى الشيخ سليمان رده على أخيه [فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب] وسلّمه الله من شره ومكره مع تلك الصولة الهائلة التي أرعبت الاباعد، فإنه كانت إذا باينه أحد وردّ عليه ولم يقدر على قتله مجاهرة يرسل إليه من يغتاله في فراشه أو في السوق ليلاً لقوله بتكفير من خالفه واستحلال قتله، وقيل إن مجنونًا كان ببلدة ومن عادته أن يضرب من واجهه ولو بالسلاح، فأمر محمدٌ أن يُعطى سيفًا ويُدخل على أخيه الشيخ سليمان وهو في المسجد وحده، فأدخل عليه فلما رءاه الشيخ سليمان خاف منه فرمى المجنون السيف من يده وصار يقول: يا سليمان لا تخف إنك من الآمنين ويكررها مرارًا، ولا شك أن هذه من الكرامات اهـ.
وقول مفتي الحنابلة محمد بن عبد الله النجدي إن أبا محمد بن عبد الوهاب كان غاضبًا عليه لأنه لم يهتم بالفقه معناه أنه ليس من المبرزين بالفقه ولا بالحديث، إنما دعوته الشاذة شهرته، ثم أصحابه غلوا في محبته فسموه شيخ الإسلام والمجدد، فتبًّا لهم وله، فليعلم ذلك المفتونون والمغرورون به لمجرد الدعوة، فلم يترجمه أحد من المؤرخين المشهورين في القرن الثاني عشر بالتبريز في الفقه ولا في الحديث.
قال ابن عابدين في رد المحتار ما نصه [3]:
مطلب في أتباع ابن عبد الوهاب الخوارج في زماننا:
قوله: [ويكفرون أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم] علمت أن هذا غير شرط في مسمى الخوارج، بل هو بيان لمن خرجوا على سيدنا على رضي الله تعالى عنه، وإلا فيكفي فيهم اعتقادهم كفر من خرجوا عليه، كما وقع في زماننا في أتباع محمد بن عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم حتى كسر الله شوكتهم وخرّب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف اهـ.
ومن شؤم الوهابية أنهم لا يتعممون حرموا هذه السنة وهي ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام اهـ.
وفي إتحاف السادة المتقين للحافظ الزبيدي ما نصه [4]: والعمامة بالكسر: هو ما يعم به على الرأس من قطن أو صوف أو نحو ذلك، سميت بها لكونها تعم الرأس كله، والجمع العمائم،ويقال فيها أيضًا: العمة بالكسر، مستحبة في هذا اليوم [5] لخطيب والمصلين، قال النووي: ويستحب للإمام أن يزيد في حسن الهيئة ويتعمم ويرتدي. اهـ. وتحصل السنة بكورها على الرأس أو على قلنسوة تحتها، والأفضل كبرها، وينبغي ضبط طولها وعرضها بما يليق بلابسها عادة في زمانه ومكانه، فإن زاد على ذلك كره.
وقد وردت في فضل العمائم ءاثار منها ما أخرجه الديلمي في الفردوس من حديث ابن عباس: “العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوا العمائم وضع الله عزهم” وفي رواية له: “فإذا وضعت العرب عمائمها وضعت عزها”، وفي طريقه عتاب بن حرب، قال الذهبي: قال الفلاس: ضعيف جدًا، وأخرجه ابن السني أيضًا، وفي سنده عبد الله بن حميد وهو ضعيف أيضًا. وأخرج أبو نعيم من حديث علي: “العمائم تيجان العرب، والاحتباء حيطانها، وجلوس المؤمن في المسجد رباطه”، وفيه حنظلة السدوسي، قال الذهبي: تركه القطان وضعفه النسائي، وأخرج البارودي من حديث ركانة بن عبد يزيد: “العمامة على القلنسوة فصل مت بيننا وبين المشركين، يعطى يوم القيامة بكل كورة يدورها على رأسه نورًا”، وركانة من مسلمة الفتح وليس له إلا هذا الحديث كما في التقريب. وأخرج الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر والبيهقي من حديث عبادة: “عليكم بالعمائم فإنها سيما الملائكة، وأرخوا لها خلف ظهوركم”. وأخرج الطبراني في الكبير من طريق محمد بن صالح بن الوليد عن بلال بن بشر عن عمران بن تمام عن أبي حمزة عن ابن عباس رفعه: “اعتموا تزدادوا حلمًا” وأخرجه الحاكم في اللباس من طريق عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن ابن عباس وقال الحاكم صحيح، ورده الذهبي، وقال عبيد الله تركه أحمد وغيره اهـ. وأورده ابن الجوزي في الموضوع وتعقبه الحافظ السيوطي في اللآلئ المصنوعة، وبالجملة فالحديث ضعيف وأما كونه موضوعًا فممنوع. وأخرج ابن عدي والبيهقي كلاهما من طريق إسماعيل بن عمر عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن أسامة بن عمير رفعه: “اعتموا تزدادوا حلمًا والعمائم تيجان العرب”.
وروي عن واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة الليثي الكناني كنيته أبو الأسقع ويقال أبو قرصافة ويقال أبو محمد ويقال أبو الخطاب ويقال أبو شداد، وكان من أهل الصفة أسلم قبل تبوك، ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الشام وكان يشهد المغازي بدمشق وحمص وسكن البلاد ثم تحوّل إلى بيت المقدس ومات، وقيل: سكن بين جبرين قرب بيت المقدس، وقال دُحيم: مات بدمشق سنة ثلاث وثمانين وقد جاوز المائة وقيل ابن ثمان وتسعين وهو ءاخر الصحابة موتًا بدمشق، روى له الجماعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله تعالى وملائكته يصلون على أصحاب العمائم” أي الذين يلبسون العمائم يوم الجمعة ويحضرون صلاتها بها، هكذا أورده صاحب القوت ونصه: واستحب العمامة يوم الجمعة، وقد روينا فيها حديثًا ساميًا عن واثلة بن الأسقع فساقه، وقال العراقي رواه الطبراني وابن عدي، وقال: منكر من حديث أبي الدرداء ولم أره من حديث واثلة اهـ. قلت أخرجه الطبراني من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي عن العلاء بن عمرو الحنفي عن أيوب بن مدرك عن مكحول عن أبي الدرداء، أيوب بن مدرك قال ابن معين: كذاب، وقال النسائي: متروك له مناكير ثم عدّ من مناكيره هذا الحديث، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: لا أصل له تفرد به أيوب، قال الأزدي: هو من وضعه كذبه يحيى وتركه الدارقطني، قلت: وقد روى الطبراني في المعجم الكبير من طريق بشر بن عون عن بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة رفعه: “إن الله يبعث الملائكة يوم الجمعة على أبواب المسجد” فساقه فيحتمل أن يكون هذا الحديث أيضًا من طريقه. انتهى كلام الزبيدي.
ويناسب هنا أن نورد ترجمة شيخ الإسلام الإمام تقي الدين السبكي.
الهوامش:
1- متن مشهور في المذهب الشافعي لعبد الله بن عبد الرحمن بافَضْل الحضرمي، واسم شرح ابن حجر هو المنهج القويم في مسائل التعليم.
2- انظر السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة ص/275.
3- رد المحتار على الدر المختار [4/262] كتاب البغاة.
4- انظر الاتحاف [3/253].
5- يعني يوم الجمعة.