التحذير من مؤلفات سيد قطب لا سيما كتابه المسمى “في ظلال القرءان”
* ومما يجب التحذير منه تحذيرًا بالغًا مؤلفات سيد قطب الذي كان في أول أمره صحفيًا ماركسيًا ثم انخرط في حزب الإخوان واشتغل بالتأليف فزل وضل. فقد سمى الله تعالى بالريشة المبدعة والخالقة [116]، وبالعقل المدبر [117]، وهذا مما لا يخفى أنه إلحاد قال الله تعالى: {وللهِ الأسماءُ الحسنى فادعوهُ بها وذروا الذينَ يُلحدونَ في أسمائهِ} [سورة الأعراف/180]، فإذا كان إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري نص على أن الله تعالى لا يسمى عارفًا ولا مستطيعًا فما بال من يسميه عقلاً مع أن معنى الأوَّلَين هو وصف له بالعلم والقدرة فليس في ذلك خطأ من حيث المعنى وإنما الخطأ فيهما من حيث اللفظ، وقال النسفي في تفسير هذه الآية [118]: “ومن الإلحاد تسميته بالجسم والجوهر والعقل والعلة” اهـ، وقال الإمام الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”، أليس العقل من صفات البشر، وهذا النص صريح في تكفير سيد قطب ومن وافقه.
أما كتابه المسمى “في ظلال القرءان” فقد ذكر فيه أنه لا وجود للمسلمين على الأرض طالما يحكم الحكام بغير الشرع ولو في مسئلة صغيرة [119]، وفي موضع ءاخر لم يدع فردًا من البشرية إلا وقد رماه بالردة حتى المؤذنين في مشارق الأرض ومغاربها لأنهم لم يثوروا على الحكام [120]، وفي موضع يذكر أن من حكم ولو في مسئلة جزئية بغير الشرع فهو خارج عن الدين [121]، وردد هذا الكلام كثيرًا في مواضع عديدة من كتابه مستدلاً بقوله تعالى: {ومَن لم يحْكُم لِما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [سورة المائدة/44] ءاخذًا بظاهر الآية، وهذه الآية أوَّلها السلف ومن بعدهم فقد ثبت ذلك عن ابن عباس والبراء بن عارب رضي الله عنهم، قال القرطبي في تفسير هذه الآية [122]: “نزلت كلها في الكفار، ثبت ذلك في صحيح مسلم [123] من حديث البراء، وعلى هذا المعظم، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة، وقيل: فيه إضمار أي ومن لم يحكم بما أنزل الله ردًّا للقرءان وجحدًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد، فالآية عامة على هذا. قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار أي معتقدًا ذلك ومستحلاً له، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكبُ محرّمٍ فهو من فساق المسلمين وأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، إلا أن الشعبي قال: هي في اليهود خاصة، واختاره النحاس” اهـ.
وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: “من ترك الحكم بما أنزل الله ردًّا لكتاب الله فهو كافر، ظالم، فاسق”، وقال عكرمة: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به فقد كفر، وروى الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في سننه [124] في الآيات الثلاث أن ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان القرءان قال: “إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة، {ومن لم يحكُم بما أنزلَ اللهُ فأولئكَ همُ الكافرون} [سورة المائدة/44] كفر دون كفر” اهـ، أي ذنب كبير يشبه الكفر في الفطانة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [125]: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، وقد وقع القتال بين المؤمنين منذ أيام علي رضي الله عنه ولا يزال يحدث إلى يومنا هذا والله تعالى يقول: {وإن طائِفتانِ منَ المؤمنين اقتتلوا} [سورة الحجرات/9] الآية. يعني ابن عباس أن الكفر كفر ينقل عن الملة وكفر لا ينقل عن الملة ويؤيده الحديث الصحيح “اتقوا الرياء فإنه الشرك الأصغر” فكما أن الشرك أصغر وأكبر كذلك الكفر أصغر وأكبر فإن الشرك هو عبادة غير الله فلما قال عن الرياء إنه الشرك الأصغر علمنا أن الكفر أيضًا كذلك أصغر وأكبر والكفر الأكبر هو الذي ينقل عن الملة والشرك الذي هو الرياء لا ينقل عن الملة بالإجماع. وحديث “اتقوا الرياء فإنه الشرك الأصغر” رواه الحاكم وصححه [126]. الرياء الناس مبتلون به أكثر أكثر المسلمين لا يخلون منه والرسول سماه الشرك الأصغر كذلك الكفر كفر أكبر وكفر أصغر الكفر الأصغر الذي يحكم بغير الشرع لأجل الرشوة أو لأجل مراعاة خاطر قريب أو صديق. ورد في الحديث أن الذي يرائي بعمله يقال له يوم القيامة خذ ثوابك من الذي عملتَ له ويغفره الله لمن يشاء كذلك الكفر الأصغر يغفره الله لمن يشاء. سيد قطب لعنه الله جعل الحكم بغير الشرع ولو في مسئلة واحدة كفرًا مخرجًا من الملة لذلك يستحلون قتل المسلمين جماعتُه ويحتجون بهذه الآية ولا يعرفون أن الكفر كفر أكبر وكفر أصغر وأن معنى هذه الآية أن الحكم بغير الشرع كفر أصغر ليس الذي يُخرج من الدين.
ثم إن كلام سيد قطب هذا هو عين مذهب الخوارج القائلين بأن الظلم والفسق هو كفرٌ يُخلد صاحبه في النار، وليس لسيد قطب سلف إلا طائفة من الخوارج تسمى “البيهسية” منفردين عن سائر فرق الخوارج بقولهم: “إن الملك إذا حكم بغير الشرع صار كافرًا ورعاياه كفار من تابعه ومن لم يتابعه”، وكفى سيد قطب خزيًا وضلالاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج: “يخرج قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرءان لا يجاوز حناجرهم، يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم” ثم قال صلى الله عليه وسلم: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد” رواه البخاري [127].
وقد قلد سيد قطب في فتواه الشيطانية هذه جماعةٌ كفتحي يكن [128]، وفيصل مولوي [129].
ومن أوقح ما في هذا الكتاب ما ذكره سيد قطب أن التأويل والتأول في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن مواضعه [130]، وفي هذا الكلام طعن بالصحابة والسلف وجعلهم محرفين لكتاب الله كما فعلت علماء اليهود.
ومن الضلال المحشو في هذا الكتاب ما ذكره في تفسير قول الله تعالى: {وهوَ معكُم أينَ ما كنتم} [سورة الحديد/4] فقال ما نصه [131]: “هي كلمة على الحقيقة لا على الكتابة والمجاز، فالله سبحانه مع كل أحد ومع كل شئ في كل وقت وفي كل مكان”، فقد جعل الله تعالى منتشرًا في العالم وهذا كفر شنيع يخالف قوله تعالى: {ليسَ كمثلهِ شئ}، ويخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم [132]: “كان الله ولم يكن شئ غيره”، وقد ذكر الإمام الطحاوي في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة والجماعة: “تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات”.
وقد سبق سيد قطب في هذه العقيدة الخبيثة جهم بن صفوان الذي قُتل على الزندقة في أواخر الأمويين قتله سَلمُ بن أحوز المازني بأمر الخليفة الأموي، وقد أجمع المسلمون على أن معنى الآية إحاطة علمه تعالى بكل الخلق.
وقد أدى جهل سيد قطب بعلم الدين إلى ذم سيدنا موسى ويوسف وإبراهيم [133] عليهم السلام، نعوذ بالله من الكفر، فلتُحذر مؤلفات هذا الرجل الذي يدعو الناس إلى هدم الدين وإلى الفوضى والقتل والدمار وفتح باب المروق من الدين، وحوادث مصر والجزائر واليمن شاهد على ذلك فكم من نساء وشيوخ وأطفال قتلوا وذبحوا بسبب فتوى سيد قطب التي تدعو إلى قتل المسلمين، وكان الأحرى به بدل ذلك أن يحرض المسلمين على جهاد ومحاربة اليهود أعداء الدين والإسلام قتلة الأنبياء، لعنهم الله تعالى.
[116] انظر كتابه المسمى “التصوير الفني” [ص/109، 175، 198، 201].
[117] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [مجلد6 –ص/3804].
[118] تفسير النسفي [2/87].
[119] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الأول –الجزء الرابع ص/590].
[120] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني –الجزء السابع ص/1057].
[121] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني –الجزء السادس ص/841].
[122] الجامع لأحكام القرءان [6/190-191].
[123] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان: باب رجم اليهود أهل الذمة.
[124] المستدرك [2/313]، السنن الكبرى [8/20].
[125] مسند أحمد [1/439].
[126] رواه الحاكم في المستدرك [4/329] بنحوه.
[127] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإلى عادٍ أخاهُم هودًا} [سورة الأعراف/65]، وكتابه استتابة المرتدين: باب من ترك قتال الخوارج للتأليف ولئلا ينفر الناس عنه.
[128] انظر كتابه المسمى: كيف ندعو إلى الإسلام [ص/112].
[129] مجلة الشهاب: العدد الأول –السنة السادسة- 1972، [ص/16].
[130] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد الثاني- الجزء السادس ص/898].
[131] انظر كتابه المسمى “في ظلال القرءان” [المجلد السادس- الجزء السابع ص/3481].
[132] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وهوَ الذي يبدؤاْ الخلقَ ثمَّ يُعيده} [سورة الروم/27].
[133] انظر كتابه المسمى “التصوير الفني في القرءان” [ص/162، 166، 133].