الجمعة أكتوبر 18, 2024

التحذير من كتاب “ندوات الأسر في سيرة خير البشر”

* ومما يجب التحذير منه كتاب “ندوات الأسر في سيرة خير البشر” لمحمد عمر الداعوق أحد زعماء حزب سيد قطب في لبنان مع تغيير الاسم إلى اسم “جماعة عبد الرحمن” فإنه يقول في كتابه هذا ما نصه [39]: “وخرج مرة على أصحابه فقاموا له إجلالاً فقال لهم: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم… يعظم بعضهم بعضًا، وكذلك كان ينهى عن تقبيل اليد تشبهًا بالأعاجم” اهـ.

قلنا هذا الرجل ليس من أهل الحديث فضلاً عن كونه من أهل العلم فقد خالف في هذا فاحتج بحديث متفق على ضعفه عند المحدثين [40] أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة عن القيام له وقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا، إنما ورد في حديث ءاخر صحيح [41] النهي عن القيام المستمر الذي يقام في المجلس كعادة ملوك الحبشة فإنه إذا دخل الملك مجلسه يبقون قائمين حين يغادر الملك المجلس عن هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث غير هذا الذي احتج به محمد عمر الداعوق فروّج أكاذيبه وغطاها باسم تأليفه هذا الكتاب الذي سماه “ندوات الأسر في سيرة خير البشر” فأوهم الناس أن هذا الكذب الذي يكذبه ويفتريه على الرسول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد ثبت في حديث ءاخر أن الرسول كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها قربه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها [42].

وخالف أيضًا في زعمه عن تقبيل اليد أحاديث صحيحة في تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله [43]، وحديثًا صحيحًا في تقبيل رأسه [44]، وحديثًا صحيحًا في تقبيل عبد الله بن عباس بن زيد بن ثابت رضي الله عنهما [45]، وحديثًا صحيحًا أن علي بن أبي طالب قبل يد العباس ورجليه رضي الله عنهما [46]، وقد ألف الحافظ أبو بكر بن المقري رسالة في تقبيل اليد.

ثم إنه ذكر في كتابه هذا مقالة أخرى [47] يوهم القارئ أن الرسول عليه السلام صلى على عبد الله بن أبيّ الذي كان معروفًا بالنفاق وهو يعلم أنه منافق وأطال الوقوف على قبره وشيع جنازته.

قلنا: هذا الكلام باطل وإنما صلى عليه الرسول لأنه ظن أنه أخلص الإيمان بعد أن كان منافقًا ثم نزلت الآية بأنه لم يزل كافرًا، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولو كان يعلم أنه بعد منافق ما كان صلى عليه، فمن يعتقد أن الرسول صلى عليه وهو يعلم أنه كافر منافق فقد جعل الرسول متلاعبًا بالدين وهو كفر وردة، وهذه المسئلة هلك بها أناس ظنوا أن الرسول صلى عليه وهو يعلم أنه بعد منافق.

وسبب ظن الرسول ذلك لأنه طلب من الرسول ثوبًا ونحو ذلك مما صدر منه في مرضه الذي مات فيه.

وفي هذا الكتاب مواضع أخرى فيها طامات وقد أعرضنا عن ذكرها لوضوحها في ذلك.

[39] انظر الكتاب [ص/264].

[40] أورده ابن حبان في كتاب الضعفاء [2/51]، والسيوطي في الجامع الصغير [2/91]، ورمز له بالضعف، وقال المناوي في فيض القدير [4/188] ما نصه: “… قال الحافظ الزين العراقي وابن حجر: سنده ضعيف، وقال السخاوي: ضعيف جدًا” اهـ.

[41] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الادب: باب في قيام الرجل للرجل، وأخرجه الترمذي في سننه: كتاب الادب: باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل، وقال: هذا حديث حسن.

[42] أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الادب: باب ما جاء في القيام، والترمذي في سننه: كتاب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، والنسائي في سننه: كتاب المناقب: باب مناقب فاطمة رضي الله عنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم.

[43] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الاستئذان: باب ما جاء في قبلة اليد والرجل وقال الترمذي: “حديث حسن صحيح”، وحديث ءاخر أخرجه الترمذي في نفس الباب، والنسائي في السنن الكبرى: باب تأويل قول الله جل ثناؤه: {ولقد ءاتينا موسى تسعَ ءايات بيِّنات}، وابن ماجه في سننه: كتاب الادب: باب الرجل يقبل يد الرجل، وحديث ءاخر أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأدب: باب في قبلة الرجل.

[44] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [23/108-114].

[45] رواه الحافظ أبو بكر بن المقري في جزء تقبيل اليد.

[46] أخرجه البخاري في الأدب المفرد [ص/328].

[47] انظر الكتاب [ص/226].