الخميس نوفمبر 21, 2024

الدرس العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

التحذير من الوهابية

درس أعطاه الشيخ الأصوليُّ الـمُحدثُ عبدُ الله بن محمّد الهرري  الحبشي في السابع من ذي القعدة سنة عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق للثاني عشر من شهر شباط سنة ألفين ر في بيت أحد الصوماليين في مدينة لوزان في سويسرة وهو في التحذير من الوهابية. قال رحمه الله رحمةً واسعةً:

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وعلى ءاله الطيبين.

وأما بعد فإنَّ أهمَّ أمورِ الدين الثباتُ على العقيدة التي كان عليها الرسول والصحابة ومَن تبِعَهُم إلى يومنا هذا. عقيدةُ أهل الحق لم تنقطع بل هي متصلةٌ من أيام الرسول إلى يومنا هذا لكن انحرف عنها ناس. من الذين انحرفوا عن هذه العقيدة الوهابيةُ وحزب الإخوانِ وحزبُ التحرير. هؤلاء الفرقُ الثلاثُ مُنْدَسُّونَ اليومَ بين الناس في بلاد العرب وغيرها. هذه الوهابيةُ أشهرُها وأكثرُها تأثيرًا لأنَّ معهم مالاً يفتنون الناس. ثم حزب الإخوان جماعة سيد قطب هؤلاء فتنتهم كبيرة ثم حزب التحرير هؤلاء فتنتهم كبيرة لكن أقل من الوهابية.

الوهابية ضلالها معروف يعتقدون أنَّ اللهَ جسمٌ قاعدٌ على العرش. اللهُ تعالى قال في القرءان الكريم: ﴿ليسَ كمِثلِهِ شيءٌ([i]) أي أنَّ الله لا يشبه العالم بأيّ وجهٍ من الوجوه لأنَّ العالـمَ حجمٌ كثيفٌ وحجمٌ لطيفٌ واللهُ لا يكونُ حجمًا كثيفًا ولا لطيفًا كالعالَم. الحجمُ الكثيفُ والحجمُ اللطيفُ لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله ما كان نورٌ ولا ظلامٌ ما كان عرشٌ ولا سماءٌ كانوا معدومينَ ثم أوجدهم الله. فالله الذي كان قبل هذا كلّه لا يشبه المخلوقَ الذي هو خَلَقهُ. فالله تعالى موجود لا يشبهُ شيئًا من الموجودات لا هو كالروح والنور والظلام ولا هو كالشجر والنجم والشمس والقمر ولا هو مُتَّصِفٌ بصفاتها. الحجم الكثيف والحجم اللطيف له حركةٌ وسكونٌ مُتَحَيِّزٌ في جهةِ فوقٍ أو في جهةِ تحتٍ واللهُ لا يكون هكذا. لو كان حجمًا كثيفًا لكان له أمثالٌ كثيرٌ ولو كان حجمًا لطيفًا لكان له أمثال كثير. ثم هو ليس متصفًا بصفات هذا الحجم الكثيف أو الحجم اللطيف. الحجم إن كان كثيفًا وإن كان لطيفًا إما متحركٌ وإما ساكنٌ ومن الحجم ما هو متحرك دائمًا ومن الحجم ما هو ساكن دائمًا ومن الحجم ما هو ساكن مرة ومتحرك مرة والله ليس كهذا كله.

لا يوصف الله تعالى بصفات الخلق كالحركة والسكون ولا يوصف بأنه في جهة فوق أو تحت مُنزَّهٌ عن هذا كلّه. وقد رُويَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا فكرةَ في الرَّبّ([ii]) اهـ معناه الله تعالى لا يجوز أن يُتَفَكَّرَ في ذاتهِ إنما يُتفكر في مخلوقاته. ننظر في حال الأرض وفي حال الجوّ فنأخذ من ذلك أن الله تبارك وتعالى هو أوجد هذه الأشياء بعد أن كانت معدومةً فهو إذن لا يشبهُها.

اللهُ أمرنا بهذا التفكر في مخلوقاته لأن الإنسان إذا تفكر في نفسه يعرف أنه لم يكن ولا يعرف نفسه إلا منذ زمن فيستنتجُ من هذا في قلبه أنه وُجدَ بعد أن لم يكن موجودًا فأيُ شيء يكون موجودًا بعد أن لم يكن موجودًا لا بد له من مُوجِدٍ خلقه. هذا التفكر في مخلوقات الله ينفعُ أما التفكر في ذات الله لا يجوزُ لأنّ الله لا يشبه المخلوقات.

اللهُ تعالى لا يُشبه الشيءَ الذي له ألوانٌ لأنَّ اللون صفة المخلوق والحركةُ والسكونُ صفةُ المخلوق ولا سيما الجلوس. الجلوس صفة الإنسان والبقر والجن والملائكة. هؤلاء من صفاتهم الجلوسُ فكيف يكون الله تعالى قاعدًا على العرش كما تقول الوهابيةُ. هؤلاء شتموا الله ما مدحوه. عندهم عندما يقولون اللهُ قاعدٌ على العرشِ هذا تعظيمٌ عظيم لكنه في الحقيقة شَتمٌ لله لأنهم جعلوه كالبشر والبهائم. الجلوس لا يكون إلا لشيء له جزءٌ أعلى وجزءٌ أسفل وهذا مُركَّبٌ والمركبُ يحتاجُ إلى مَن ركَّبَهُ، الإنسانُ مثلًا هل هو أوجد نفسه اختار أن يكون على هذه الهيئة جسمًا له نصفان أعلى وأسفل، لا إنما وَجَدَ نفسه جسمًا له نصفان نصف أعلى ونصف أسفل، فربُّ العالمين لا يجوز عليه أن يكون جسمًا كهذا. ومن اعتقد أنه جسمٌ قاعدٌ على العرش ما عرف الله ومن لم يعرف الله لا تصح عبادته. الإمام الغزالي قال رحمه الله لا تصح العبادة قبل معرفة المعبود اهـ فلذلك تنزيهُ الله عن مشابهة الخلق أهمُّ أمور الدين، لا تصح معرفة الله بدون ذلك.

ثم من ضلالات الوهابية أنَّ مَن يقولُ يا محمّد عندهم كافرٌ والذي يقول يا عبدَ القادر يا رفاعيُّ أكفَرُ. هذا جهلٌ منهم. المسلمون من أيام الرسول إلى الآن يقولون يا محمّد. ما فيه ضررٌ بل فيه خير وبركة. الصحابة كانوا يقولون ومَن جاء بعدهم كانوا يقولون، إنما هذه الوهابيةُ هذه الفرقة الخبيثة هي حرّمت ذلك. حتى إنَّ رأسَهم الذي كان قبل زعيمهم محمدِ بنِ عبدِ الوهاب والذي مِن كُتُبِهِ أخذَ محمدُ بن عبد الوهاب أكثرَ ضلالاتِه ابنُ تيمية له كتاب يقول فيه مَن أصابه شلَلٌ في رجله يقول يا محمّد. عند الوهابية هذا كفر. هذا كتاب ابن تيمية الذي هم يسمونه شيخَ الإسلام هذا عندهم كلامه أقوى من كلام أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، هذا يقول مَن أصابه خَدَرٌ في رجله يقول يا محمدُ وعندهم من يقول يا محمّد كفر. أمرهم عجيبٌ غريبٌ هذه الوهابية. زعيمهم الذي يسمونه شيخَ الإسلام ابن تيمية يقول مطلوبٌ لمَن أصابه خَدَرٌ في رِجله أن يقول يا محمّد.

هؤلاء تائهون ليسوا مسلمين ليسوا مع السلف ولا مع الخلف. هم يقولون نحن سَلَفيةٌ حتى يظنَّ الناس أنهم على طريقة السلف وهم كاذبون. هذا ابن تيمية كان منذ ستمائة سنة أما دين الوهابية منذ مائتين وخمسين سنة لكن الوهابية يحبون هذا ابنَ تيمية لأنه يوافقهم في أشياءَ أخرى. يذكر ابنُ تيمية هذا الأمر في الكتاب الذي سمّاهُ الكَلِمَ الطيبَ في فصلٍ في الرّجل إذا خَدِرَت، ولا يستطيعون أن يُنكروا كون هذا الكتاب لابن تيمية لأنه في النسخ المخطوطة وُجِدَتْ قبل الطبع ومع هذا يقولون مَن يقول يا محمّد كافر.

قبل ثلاث سنوات كان واحد من جماعتنا في المدينة فسمع مُدرّسَ الوهابية الذي يُدرِّسُ في مسجد الرسول برخصةٍ من الدولة يقول ثلاثة أرباع المسلمين كفارٌ لأنهم يقولون يا محمّد يا عبد القادر وهذا مدرسٌ رَسْميٌّ يقعد على كرسيّ حتى يسمَعَهُ الناسُ وعندهُ المكبر يصل صوته إلى ءاخر المسجد.

ثم هذه التي يقال لها رابطة العالم الإسلاميّ هي رابطة الفتنة. هم الذين ينشرون الكفر في الدنيا يأخذون المال من الدولة ومن الأغنياء الكبار فيصرفون هذا المال في نشر عقيدة الوهابية هذه الرابطةُ تحصّل مليار ريال كلَّ عامٍ لنشر عقيدتهم.

إني فرِحٌ بهذا اللقاء وأحمدُ الله على تيسيره. اللهُ تعالى يبارك فيكم ويزيدكم من الخير ويبعد عنكم الضلالاتِ والفِتَنَ. اللهُ يحميكم ويحفظكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن بسِرِّ الفاتحة.

انتهى والله تعالى أعلم.

[i])) سورة الشورى/الآية 11.

[ii])) رواه أبو القاسم الأناصريّ في تفسيره قولِ الله تعالى: ﴿وأنَّ إلى رَبِّكَ المُنتَهَى﴾.