الثلاثاء يونيو 25, 2024

الدرس التاسع عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

التحذير من القاديانية

هذا تحذيرٌ منَ القاديانيةِ كَتَبَهُ بعض تلامذة الشيخِ عبدِ اللهِ بنِ محمدٍ الهرري  الحبشي رحمهُ الله تعالى بطلبهِ وتوجيهه ثمَّ قرأهُ عليهِ في سويسرة في ذي القعدة سنة عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق لشهر شباط سنة ألفين ر فغيّرَ كلمةً فيه فصارَ التحذيرُ كالآتي:

الحمدُ لله رب العالمينَ يَهدي مَن يشاءُ فضلاً ويُضِلُّ مَن يشاءُ عَدلاً وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيدنا محمدٍ النبيّ الخاتم الذي لا يُبعث نبيٌّ بعدَهُ ولا يَنْسَخُ شرعٌ شرعَهُ.

أما بعدُ فقد ظهرَ منذُ نحوِ مائةِ سنةٍ رجلٌ من بلدة قاديان في الهند يُسَمَّى غلام أحمد القاديانيَّ ادَّعى النبوةَ وتبِعَهُ على دَعواهُ طائفةٌ يُسَمَّونَ بالقاديانيةِ أو الأحمديةِ وادَّعَى هوَ وأتباعُهُ معَ ذلكَ الانتسابَ إلى الإسلام بل ادَّعوا أنهم صفوةُ المسلمينَ ومنذُ ذلكَ الوقتِ وهُم يحاولونَ نشرَ عقائِدِهم بينَ المسلمينَ ليَخدَعوا السُّذَّجَ ضِعافَ العلمِ والإيمانِ وهم يدَّعُونَ في كُلّ ذلكَ الالتزامَ بالدين الإسلاميّ والشريعة المحمّدية مَكْرًا وزُورًا فرأينا أنهُ لا بدَّ من بيانِ حالهم ولو في ورقةٍ أو ورقتينِ دفعًا لشرِّهِم ودَرءًا لفتنتهم وقيامًا بواجبِ الأمرِ بالمعروف والنَّهْيِ عن المنكرِ. ولسْنا أوَّلَ مَن حذَّرَ من هذه الطائفةِ المنحرفة وإنّما سبَقَنا كثيرونَ من علماء المسلمينَ لا سيّما في بلادِ الشامِ ومصرَ والهندِ والباكستانِ جزاهُم اللهُ عنِ الإسلامِ والمسلمينَ خيرًا.

فمِن مقالاتِ القاديانية الشاذّة عمّا أطبقَ عليهِ المسلمونَ كلُّهُمْ:

أولاً ادّعاءُ زعيمهم ومؤسّسِ نِحْلَتِهِم غلامِ أحمدَ القاديانيّ للنبوةِ صراحةً كما في رسالتِهِ المسمّاة تحفةَ النّدوةِ التي وجّهَها سنةَ اثنتين وتسعمائةٍ وألفٍ روميةٍ إلى أعضاءِ ندوةِ العلماءِ في لكهنؤ فإنهُ قالَ فكما ذكرتُ مرارًا أن هذا الكلام الذي أتلوه هو كلام الله بطريق القطع واليقين كالقرءان والتوراة وأنا نبيٌّ ظِليٌّ وبُرُوزيٌّ من الله ويجب على كل مسلم أن يؤمن بأنّي المسيحُ الموعودُ اهـ فقولهُ هذا كفرٌ بإجماعِ المسلمينَ لأنّهم أطبَقُوا منذُ أيام الصحابةِ الذينَ قتلُوا مُسيلمة الكذابَ إلى أيامنا على أنَّ كلَّ مَنِ ادَّعى أنهُ بُعِثَ نبيًّا بعدَ سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم هوَ كافرٌ كذّاب سواءٌ زعمَ أنهُ نبيٌّ ظليٌّ أم نبيٌّ مُستَقِلٌّ وذلكَ لأنَّ اللهَ تعالى قال: ﴿مَّا كانَ مُحمَّدٌ أبا أحَدٍ من رِّجالِكُمْ ولكن رَّسُولَ اللهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ([i]) ولا يدفعُ عنهُ الكفرَ تمويهُهُ بتفسيرِ الآيةِ أنَّ معنى ﴿وخَاتَمَ النَّبِيِّينَ زينةُ النبيينَ لأنَّ هذا كلامٌ ركيكٌ يتنزَّهُ القرءانُ عنهُ. ويكفي في إبطالِ دعواهُ هذهِ حديثُ مسلمٍ وخُتِمَ بي النّبيُّونَ([ii]) اهـ وحديث البخاريّ الثابتُ المعروفُ ولكنْ لا نبيَّ بعدِي([iii]) اهـ فإنّهما معَ غيرِهما منَ الأحاديثِ يُبَيّنانِ بيانًا شافيًا معنى الآيةِ ولذلك تواترَ بينَ المسلمينَ وعُلِمَ بينَهم بالضرورةِ أنَّ كلَّ مَنِ ادَّعى النبوة بعدَ سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم فهوَ كافرٌ لا يخفَى ذلكَ على جاهلٍ منهُم ولا عالمٍ.

ثانيًا يدَّعي غلامُ أحمد أنهُ أفضلُ مِن كلّ الأنبياءِ الذينَ كانوا قبلَ سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم فيقولُ في الجزءِ الرابعِ من كتابِ الملفوظاتِ الأحمديةِ في الصّحيفةِ الثانيةِ والأربعينَ بعدَ المائةِ كانَ قبلَ ذلكَ كلُّ واحدٍ منَ الأنبياءِ ظلًا للنبيّ الكريمِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم في البعضِ من صفاتِهِ والآنَ أنا ظِلٌّ له صلى الله عليه وسلم في جميع صفاته اهـ بل يَدَّعِي هذا المجنونُ تفوّقَهُ حتى على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم وأنَّ صفاتِهِ أرقَى وأكمل فيقولُ في خُطبتهِ المسماةِ بالخُطبةِ الإلهامية فكذلكَ طلعت روحانية نبينا محمّد في الألف الخامس بإجمال صفة أو ما كان ذلك الزمان منتهى ترقياتها ثم كملت وتجلت تلك الروحانية في ءاخر الألف السادس أعني في هذا الحين اهـ.

وقالَ في الـمُسمَّى ملحقَ حقيقة الوحي في الصحيفةِ الثانية والثمانينَ منهُ وءاتاني ما لم يُؤتِ أحدًا من العالمين اهـ وهذا منهُ تكذيبٌ صريحٌ لقول الله تعالى إخبارًا عن أنبيائِهِ: ﴿وكُلًّا فضَّلْنا على العالَمينَ([iv]) وهوَ كفرٌ بالإجماعِ لا يخفَى على مسلمٍ. ليسَ هذا فقط بل يقولُ القاديانيُّ في الصحيفةِ الخامسةِ والتسعينَ من براهين أحمدية وفي الصحيفةِ الخامسةِ والستينَ بعدَ الخَمسمائةِ من كتابهِ ءاينة كمالات إسلام إني رأيتُ في المنام أني مثلُ الله وتيقَّنْتُ أنِّي هو ثم خلقتُ السمواتِ والأرضِ وأوُحيَ إليَّ إنما أمرُكَ إذا أردتَ شيئًا فتقول له كن فيكون اهـ.

ثالثًا يستهزئُ القاديانيُّ بالمسيح عيسى ابنِ مريمَ عليه السلامُ فيقولُ في دافعِ البلا تائَتل ييج ءاخرى ولكن المسيح في عصره لم يكن فائقًا في صدقه على سائر الصادقين بل كان يحيى النبيُّ أفضلَ منه لأنه لا يشرب الخمر وما سُمع منه أن المرأة الفاحشة تُطيّبُ رأسه من كَسْبِها وتمسح بدنه بشعرها وما سُمعَ منه أنَّ المرأةَ الشابَّةَ غيرَ الـمَحرَمِ تخدُمُهُ ولهذا سمَّى اللهُ تعالى في كتابه يحيى باسم الحَصُورِ ولم يُسَمّ المسيحَ بهذا الاسم لأنَّ مثلَ هذه الوقائعِ كانت مانعةً من تسميته باسم الحصور اهـ قُلنا لا يخفَى على مؤمنٍ أنَّ الطَعنَ بأيّ نبيّ منَ الأنبياءِ كفرٌ بالإجماعِ.

رابعًا معلومٌ للقاصي والدّاني أنَّ المتنبّئَ غلامَ أحمد القاديانيَّ كان عميلاً للإنكليز حاولَ طيلةَ عمرهِ خدمتَهُم وسعَى جُهدهُ ليَثنِيَ المسلمينَ عنِ الجِهادِ ضِدَّهُم وفي سبيلِ ذلكَ كذَّبَ الشريعةَ المحمّديةَ وحرَّفَ أحكامها فقالَ في كتابهِ المسمّى بالـخُـطبة الإلهامية في ما ادَّعَى أنهُ وحيٌ منَ اللهِ إنَّ الإنكليزَ أحسنوا إلينا بأنواع الامتنان وهل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسانُ فحرامٌ علينا وعلى جميعِ المسلمين محاربتُهم اهـ.

وقالَ في كتابهِ المسمَّى تبليغ الرسالة في الصحيفة السابعة بعد الـمِائةِ منه أتمسَّكُ بخمسةِ مبادئ ثم ذكر منها تحريمَ الجهادِ ووجوبَ طاعة الإنكليز اهـ وقالَ في الصحيفةِ الثانيةِ والستينَ من نفس الكتابِ ألَّفْتُ كتبًا بالعربية والفارسية عن محاربة فكرة الجهاد ووُزّعَتْ في جميع البلاد العربية والشام ومصرَ وبغدادَ وأفغانستان وأتأكد أنها تُعطي تأثيرها عاجلًا أو ءاجِلًا اهـ قُلنا لا يرتابُ مسلمٌ في أنَّ كلامهُ هذا كفرٌ لأنَّ فيه تكذيبًا للدينِ وردًّا لآياتٍ قرءانيةٍ عديدةٍ منها قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَقَاتَلُوهُمْ حتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويكونَ الدينُ كلُّهُ للهِ([v]).

وفوقَ كلّ ما تقدَّمَ يُشَبّهُ المتنبئُ القاديانيُّ اللهَ تعالى بالمخلوقاتِ فينسبُ لهُ الجوارحَ والأعضاءَ ويُنكِرُ القدَرَ ويدَّعِي أنَّ المعاصيَ تحصل غصبًا عن مشيئة الله ويُنكِرُ خلودَ العذابِ للكفّارِ بالنارِ وكلُّ ذلكَ كفرٌ بل يُضَلّلُ الأمةَ المحمّديةَ كلَّها فيقولُ في ما نشرهُ في الخامس والعشرينَ من أيار بسنةِ تسعمائةٍ وألفٍ روميةٍ في معيارِ الأخبارِ في ما يزعُم أنهُ أوحيَ إليه الذي لا يَتبعك ولا يدخل في بيعتك ويبقى مخالفًا لك عاصٍ لله ولرسوله وجهنَّمِيٌّ اهـ ولذلك يقولُ ولدُهُ المتنبئُ بعدَهُ ميرزا بشيرٌ في كتابه ءاينة صداقت في الصحيفة الخامسة والثلاثين منه إنّ كلَّ مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود يعني أباهُ سمع باسمه أو لم يسمع كافرٌ وخارجٌ عن دائرةِ الإسلام اهـ قُلنا الذي يُكفّرُ الأمةَ الإسلاميةَ هوَ المستحقُّ للتكفيرِ والذي يرميها بالضلالِ هوَ الضّالُّ بلا رَيبٍ. وبعدَ ما تقدَّمَ لا يبقى شكٌّ ولا لَبسٌ في حقيقةِ دعوةِ القاديانيةِ ويظهرُ لأدنى متأملٍ مَن الذي يدعمُهم ويحرّكُهم ومَنِ الذي يعتقدُ أنَّ لهُ مأربًا في انتشارِ ضلالهم في بلاد الشامِ وقَى اللهُ المسلمينَ شُرورَهُمْ. ءامين.

وهذا كافٍ أي للتحذيرِ منهُم.

انتهى والله تعالى أعلم.

[i])) سورة الأحزاب/الآية 40.

[ii])) رواه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة.

[iii])) رواه البخاري بابُ ما ذُكِرَ عَن بني إسرائيلَ.

[iv])) سورة الأنعام/الآية 86.

[v])) سورة الأنفال/الآية 39.