يقول الرب تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم (١٠) تؤمنون باللـه ورسوله وتجاهدون في سبيل اللـه بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (١١) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم} [سورة الصف: 1 – 12]. في هذه الآيات الكريمة النداء لعموم المؤمنين والإعلان لهم عن تجارة رابحة.
{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم}. ما هي هذه التجارة الرابحة؟ إيمان بالله ورسوله، وهو التصديق الجازم بالقلب والنطق بذلك باللسان لأن الإيمان هو الشرط الأساسي لقبول كل الأعمال الصالحة من صلاة وزكاة وصيام وحج وصدقة وقراءة للقرءان، بدون الإيمان لا تقبل الأعمال لذلك ربنا قال: {تؤمنون باللـه ورسوله}.
ثم ما هو جزاء هذه التجارة؟ {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم} إنها تجارة تستدعي منا أن نتحدث عنها وأن نتسابق عليها، وهذه التجارة هي لأهل الإسلام والإيمان، كبيرا كان أو صغيرا، ذكرا أو أنثى. {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور (29) ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور} [سورة فاطر: 29، 30].
فيا لها من تجارة أهلها هم الرابحون حقا، لقد تعلق بها الصالحون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتسابقوا وتسارعوا فربحوا ربحا عظيما، {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [سورة الأحزاب: 23].
فما أعظمها من تجارة! وما أعظمه من فوز نربي أنفسنا وأهلينا عليه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه عليها حيث كان يعلقهم بالآخرة وما فيها، ويزهدهم في الدنيا وحطامها، فمما كان يقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر: «من يشتري بئر رومة وله الجنة؟» رواه البخاري، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من يجهر جيش العسرة وله الجنة»؟
وبئر رومة هو بئر عظيم شمالي مسجد القبلتين بوادي العقيق ماؤه عذب لطيف في غاية العذوبة تسميها الآن العامة بئر الجنة لترتب دخول الجنة لعثمان على شرائها. كان بئر رومة ليهودي يبيع المسلمين ماءها فاشتراها منه عثمان بعشرين ألف ردهم – يباع ماؤها للمسلمين فاشتراها عثمان وحفرها وجعلها عامة للمسلمين ولا تزال إلى الآن معروفة في المدينة المنورة.
وأما تجهيز جيش العسرة فقد روى الترمذي عن عبد الرحمـٰن بن خباب السلمي قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان: علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها ثم حث فقال عثمان: علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها. قال السلمي: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول بيده يحركها: «ما على عثمان ما عمل بعد هذا».
فكونوا نعم المستجيبين والسباقين للتجارة مع الله تبارك وتعالى، وكونوا منيبين مستغفرين ركعا سجدا لله.
اللهم قنا شر ما نتخوف وأجرنا من عذاب الآخرة
اللهم اجعلنا محسنين مخلصين مطيعين أوابين ذكارين لك شكارين
والحمد لله رب العالمين