الخميس نوفمبر 21, 2024

من كتاب (سمعت الشيخ يقول) تأليف شيخي وسيدي ناصر الحق بالحق عماد الدين جميل حليم الحسيني رحم الله والديه

الإِسْـلامُ

 

     قَالَ الإِمَامُ الْهَرَرِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ ءَايَةُ ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [سُورَةَ الشُّعَرَاء] أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصَّفَا فَصَعِدَ عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ بَيْنَ رَجُلٍ يَجِىءُ وَرَجُلٍ يَبْعَثُ رَسُولَهُ فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «يَا بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا بَنِى فِهْرٍ يَا بَنِى لُؤَىٍّ يَا بَنِى فُلانٍ لَوْ أَنِّى أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ الْجَبَلِ تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ صَدَّقْتُمُونِى» قَالُوا «نَعَمْ» قَالَ «فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» قَالَ أَبُو لَهَبٍ «تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ» مَعْنَاهُ أَنْتَ خَاسِرٌ هَالِكٌ، سَبَّ الرَّسُولَ وَلَمْ يَسُبَّهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ مِنْ أَقْرِبَائِهِ الَّذِينَ جَمَعَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [سُورَةَ الْمَسَد].

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ نِعْمَةُ الإِسْلامِ هِىَ أَقْوَى رَابِطَةٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ لا تُوَازِى رَوَابِطَ أُخْرَى فَمِنْ هُنَا يَكُونُ مُتَحَتِّمًا عَلَيْنَا أَنْ نَتَحَابَّ وَنَتَوَاصَلَ وَنَتَزَاوَرَ وَنَتَنَاصَحَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ أَعْظَمَ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْبَشَرِ هُوَ الإِسْلامُ فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا وَفَقَّهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءًا لَمْ يُوَفِّقْهُ لِلإِسْلامِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَهْلُ الْحَقِّ صَارُوا غُرَبَاءَ لِأَنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ كَمَا هُوَ فِى وَقْتِنَا هَذَا، هَذَا الزَّمَانُ زَمَانُ غُرْبَةِ الإِسْلامِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الإِسْلامُ أَفْضَلُ نِعْمَةٍ يُؤْتَاهَا الإِنْسَانُ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ لَمْ يَخْسَرْ رَأْسَ مَالِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْسَرْ، رَأْسُ مَالِ الْمُسْلِمِ الْعَقِيدَةُ عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَهِىَ بِحَمْدِ اللَّهِ مَوْجُودَةٌ فِينَا، الْجُمْهُورُ بَعْدُ عَلَى تِلْكَ الْعَقِيدَةِ وَإِنْ قَصَّرْنَا فِى الأَعْمَالِ نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ عَلَى الإِنْسَانِ فِى هَذِهِ الْحَيَاةِ أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الإِيمَانَ فَيَتَوَفَّاهُ مُؤْمِنًا.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الإِيمَانُ، اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ نُورًا وَوَضَعَهُ فِى قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ مِنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ أَمَّا الْمَلائِكَةُ فَكُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الإِيمَانُ (سَبِيلُ) السَّلامِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّهُ نَوَّرَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ بِالإِيمَانِ هَذَا نُورُ اللَّهِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الإِيمَانُ نُورُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يُنْقِذُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ أُعْطِىَ الدُّنْيَا وَلَمْ يُعْطَ الإِيمَانَ فَكَأَنَّمَا لَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَمَنْ أُعْطِىَ الإِيمَانَ وَلَمْ يُعْطَ الدُّنْيَا فَكَأَنَّمَا مَا مُنِعَ شَيْئًا.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَهَمُّ الأُمُورِ وَأَوْلاهَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا الثَّبَاتُ عَلَى الإِسْلامِ فَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَثَبَتَ عَلَى الإِسْلامِ أَىْ تَجَنَّبَ الْكُفْرَ مَهْمَا تَخَبَّطَ فِى الْمَعَاصِى لَكِنَّهُ تَجَنَّبَ الْكُفْرَ الْقَوْلِىَّ وَالْفِعْلِىَّ وَالِاعْتِقَادِىَّ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَإِنَّهُ إِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِى الْقَبْرِ مِنَ النَّكَدِ وَفِى الآخِرَةِ مِنَ الْعَذَابِ وَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِمَّا أَنْ يُعَذِّبَهُ بِذُنُوبِهِ الَّتِى لَمْ يَتُبْ مِنْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يُخْرِجُهُ مِنَ الْعَذَابِ وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَبَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ لا يَرَى شَيْئًا مِنَ النَّكَدِ كَغَيْرِهِ مِنَ الَّذِينَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ بِلا عَذَابٍ إِنَّمَا الْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ يَمُوتُ كَافِرًا.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَسَاسُ الدِّينِ النِّيَّةُ الصَّحِيحَةُ مَعَ الِاعْتِقَادِ بِعَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ عَقَائِدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَيْسَ لَهُ شَىْءٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ فِى الآخِرَةِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فِى هَذَا الزَّمَنِ كَثُرَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ غُرْبَةِ الإِسْلامِ وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ «إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ بَعْدِى مِنْ سُنَّتِى».

     الْيَوْمَ كَثُرَ الْمُخَالِفُونَ وَالْمُنْحَرِفُونَ عَنْ سُنَّةِ الرَّسُولِ أَىْ شَرِيعَةِ الرَّسُولِ الْعَقِيدَةِ وَالأَحْكَامِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ عَقِيدَةً وَعَمَلًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَلْهَمَنَا مِنَ التَّمَسُّكِ بِسُنَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُؤَيِّدَنَا وَيُثَبِّتَنَا عَلَى ذَلِكَ.

     وَكُلُّ مَنْ سَاعَدَ فِى هَذَا بِعَمَلِ نَفْسِهِ أَوْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ فَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَجْرٌ عَظِيمٌ.

     مَنْ بَاشَرَ هَذَا الأَمْرَ بِنَفْسِهِ وَمَنْ سَاعَدَ الْمُبَاشِرَ شُرَكَاءُ فِى الأَجْرِ، اغْتَنِمُوا هَذِهِ الْفُرْصَةَ فَمَنْ قَامَ بِهَذَا الأَمْرِ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ كَمَا جَاءَ فِى حَدِيثٍ ءَاخَرَ «الْمُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِى عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِى فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ». الْيَوْمَ أَكْثَرُ الأُمَّةِ فَسَدُوا فَهَنِيئًا لِمَنِ الْتَزَمَ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ ﷺ وَكَافَحَ مَنْ يُخَالِفُهَا.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ أَهَمَّ الأُمُورِ فِى دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْفَعَ الأَشْيَاءِ فِى الآخِرَةِ هُوَ الإِيمَانُ الثَّبَاتُ عَلَى الإِيمَانِ بِتَجَنُّبِ الْكُفْرِ هَكَذَا يَكُونُ الثَّبَاتُ عَلَى الإِيمَانِ. مَنْ تَجَنَّبَ الْكُفْرَ الْقَوْلِىَّ وَالْفِعْلِىَّ وَالِاعْتِقَادِىَ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ هَذَا مَضْمُونٌ لَهُ الْجَنَّةُ، بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ لا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ فَقَدَ الْعَقِيدَةَ فَقَدَ كُلَّ شَىْءٍ، الْعَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ رَأْسُ مَالِ كُلِّ مُسْلِمٍ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ ضَاعَتِ الْعَقِيدَةُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَدَّعُونَ الإِسْلامَ لا يَعْرِفُونَ خَالِقَهُمْ لا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ ءَابَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ يُهْمِلُونَهُمْ وَقَدْ يَكُونُونَ مِثْلَهُمْ جَاهِلِينَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ أَعْظَمَ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ نِعْمَةُ الإِسْلامِ فَمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ النِّعْمَةَ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهُمْ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِى الْعَقِيدَةِ فَهُوَ مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ لَهُمْ خَيْرًا أَمَّا مَنْ لَمْ تَكُنْ عَقِيدَتُهُ عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَىْ مَا كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا فَهُوَ مِنَ الْهَالِكِينَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَحْمَدِ اللَّهَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ فِى هَذَا الْعَصْرِ لِعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الْعَقِيدَةِ وَمِنْ حَيْثُ أُصُولُ الأَحْكَامِ.

     نَحْنُ نَتْبَعُ مَنْ قَبْلَنَا الصَّحَابَةَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا نَتْبَعُ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَتْبَاعُ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعُ الأَتْبَاعِ وَتَبَعُ الأَتْبَاعِ مَنْ كَانُوا ضِمْنَ الثَّلاثِمِائَةِ سَنَةٍ الأُولَى وَمَنْ كَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّينُ شَرْعٌ قَانُونٌ سَمَاوِىٌّ وَضَعَهُ اللَّهُ لِخَلْقِهِ لِيَتَّبعُوهُ لَيْسَ مِيرَاثًا لِفِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ هَؤُلاءِ جَعَلُوهُ كَأَنَّهُ تَرِكَةٌ لَهُمْ وَرِثُوهَا مِنْ ءَابَائِهِمْ.