الإمام النَسائي
ترجمته:
هو الإمام المحدّث الحافظ، العالم الرباني، الصالح الورع، الذي نذر نفسه لعلم هو من أشرف العلوم وأهمها في ديننا الحنيف، ألا وهو علم الحديث، هو أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي نسبة إلى نَسا مدينة بخراسان، كان حبرًا إمامًا من أئمة الدنيا في الحديث.
دراسته:
كان أبو عبد الرحمن مقتديًا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الذي رواه الطبراني في معجمه وابن أبي عاصم في كتابه رحمهما الله تعالى بالإسناد الصحيح من حديث معاوية: “يا أيها الناس تعلموا فإنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه فمن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”، حيث بدأ رحمه الله رحلاه في طلب العلم سنة مائتين وثلاثين للهجرة، فسمع من قتيبة بن سعيد، واسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، وعيسى بن حماد، والحسين بن منصور السلمي النيسابوري، وعمرو بن زرارة، ومحمد بن النصر المروزي، وسويد بن نصر، وأبي كريب، ومحمد بن رافع، وعلي بن حجر، وأبي يزيد الجرمي ويونس بن عبد الاعلى، وخلق سواهم بخراسان والعراق والشام ومصر والحجاز والجزيرة.
ولم يغفل رضوان الله عليه عن تبليغ ما تعلم كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: “بلغوا عني ولو ءاية” رواه البخاري، فاشتغل بذلك أيضًا، وروى عنه أبو بشير الدولابي، وأبو علي الحسين النيسابوري، وحمزة بن محمد الكناني، وأبو بكر أحمد بن السني، ومحمد بن عبد الله بن حيويه، وأبو القاسم الطبراني، وغيرهم.
ثم رحل إلى قتيبة وهو ابن خمس عشرة سنة وقال: “أقمت عنده سنة وشهرين”.
حياته:
أما مسكنه فكان في مصر في زقاق القناديل، وكان يصوم صيام داود عليه السلام حيث يصوم يومًا ويفطر يومًا، وله أربع زوجات يقسم لهن، مع عدم خلوه عن السراري. ثم لما دخل دمشق وسئل عن معاوية وما رُوي من فضائله قال: ما اعرف له فضيلة إلا “لا أشبع الله بطنك”، فأخرج من المسجد.
وأنكر عليه بعضهم تصنيفه كتاب الخصائص لعلي، وهو كتاب يذكر فيه فضائل الإمام علي رضي الله عنه فقيل له: كيف تركت تصنيف فضائل الشيخين فقال: “دخلت إلى دمشق والمنحرف بها عن علي كثير فصنفت كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله” فكان رضي الله عنه من الجهابذة الحفاظ من أهل السنة الذين اشتغلوا ببث فضائله حتى كثرت نصحُا للأمة ونصرة للحق.
أقوال العلماء فيه:
أما عن أقوال العلماء فيه: فقد قال أبو علي النيسابوري حافظ خراسان في زمانه: حدثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة، أبو عبد الرحمن النسائي، وقال منصور الفقيه، وأبو جعفر الطحاوي: “النسائي إمام من أئمة المسلمين”. وقال الدارقطني: “أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره”.
مؤلفاته:
وللنسائي مصنفات كثيرة كلها نافع مفيد تلوح منه علامات التحقيق والباع الطويل، وتكشف عن روح مُخلصة وراغبة عن الشهرة، وذيوع الصيت، ومما أتحف به الامة الإسلامية:
1- “غرائب شعبة على سفيان وسفيان على شعبة” في الحديث.
2- “كتاب السنن” روى بعض الامراء لما سأله عن السنن الكبير أكلُّه صحيح فقال: لا، فقال: فاكتب عن الصيح مجردًا، فلخص السنن الصغيرة منها وهو أحد الكتب الستة.
3- مسند علي رضي الله عنه وقد ذكره غير واحد من أصحاب الكتب الستة.
4- الخصائص في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
5- تسمية فقهاء الانصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أهل المدينة.
6- تسمية من لم يرو عنه غير رجل واحد.
7- تفسير ذكره له ابن خير الاشبيلي والزركشي في البرهان في علم القرءان وابن حجر في فتح الباري والسيوطي في حسن المحاضرة.
8- مناسك النسائي: ألفها على مذهب الشافعي.
9- كتاب الضعفاء والمتروكين في رواة الحديث.
10- كتاب عمل اليوم والليلة.
11- كتاب الجمعة، ذكره البغدادي في هدية العارفين.
12- التمييز: سماه السيوطي في تدريب الرواي. أسماء الرواة والتمييز بينهم.
13- جزء من حديث عن النبي.
14- تصنيف في معرفة الإخوة والاخوات من العلماء والرواة. ذكره ابن الصلاح في مقدمته، والسخاوي في فتح المغيث، والنووي في التقريب، والسيوطي في تدريب الراوي، وابن حجر في تهذيب التهذيب.
وفاته:
وقد اختلفوا في مكان موت النسائي، فالصحيح أنه أخرج من دمشق لما ذكر فضائل علي، قيل ما زالوا يدفعونه في خصيته حتى أخرج من المسجد، ثم حُمل إلى الرملة فتوفي بها.
وقال أبو سعيد بن يونس توفي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة، وقيل حمل إلى مكة فدفن بها بين الصفا والمروة.