الخميس نوفمبر 21, 2024

الدَّرْسُ الرَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ

الأَشَاعِرَةُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ عَلَى عَقِيدَةِ السَّلَفِ

 

     الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ نَبِيَّنَا ﷺ أَوْصَى أُمَّتَهُ بِإِكْرَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِ التَّابِعِينَ أَهْلِ الْقُرُونِ الثَّلاثَةِ الأُولَى الْقَرْنُ الأَوَّلُ مِائَةُ سَنَةٍ وَالْقَرْنُ الثَّانِى كَذَلِكَ وَالقَرْنُ الثَّالِثُ كَذَلِكَ. هَؤُلاءِ يُسَمَّوْنَ السَّلَفَ، هَؤُلاءِ أَفْضَلُ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ لِأَنَّ الْكَذِبَ مَا فَشَا فِيهِمْ كَمَا فَشَا بَعْدَ ذَلِكَ. الْكَذِبُ بِمَا فِيهِ الْكَذِبُ عَلَى الرَّسُولِ وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَاشِيًا فِى زَمَانِهِمْ وَأَخْبَرَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنَّهُ يَفْشُو الْكَذِبُ بَعْدَ ذَلِكَ. هَؤُلاءِ أَىِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَتْبَاعُ التَّابِعِينَ اتَّبَعَهُمُ الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ وَالإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِىُّ، هَذَانِ الإِمَامَانِ إِمَامَا أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ كَانَ عَلَى عَقِيدَتِهِمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَهَذِهِ الْعَقِيدَةُ لا تَزَالُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَائِمَةً فِى أُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ لا تَنْقَطِعُ وَلَوْ دَخَلَ فِيهُمُ التَّقْصِيرُ فِى الأَعْمَالِ لَكِنْ هَذِهِ الْعَقِيدَةُ لا تَنْقَطِعُ بَيْنَهُمْ. وَالآنَ الأَشْعَرِيَّةُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ هُمْ مِئَاتُ الْمَلايِينِ أَمَّا مَنْ خَالَفَهُمْ أَىْ خَالَفَ عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَهُمْ قِلَّةٌ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ.

     رُوِّينَا فِى جَامِعِ التِّرْمِذِىِّ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ الْمُتَّصِلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ اهـ [رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ فِى سُنَنِهِ]. مَعْنَاهُ اتَّبِعُوا هَؤُلاءِ وَلا تَخْرُجُوا عَنْ مُعْتَقَدِهِمْ. جُمْهُورُ الأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ لا يَضِلُّونَ وَإِنَّمَا الضَّلالُ فِى الْمُعْتَقَدِ يَصِيرُ فِى غَيْرِهِمْ أَمَّا فِى الْجُمْهُورِ لا يَصِيرُ. جُمْهُورُ الأُمَّةِ هُمُ الأَشَاعِرَةُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ الْيَوْمَ. أَنْدَنُوسِيَة أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ مَلْيُونٍ [هَذَا الْكَلامِ صَدَرَ مِنْ سِنِينَ بَعِيدَةٍ وَأَمَّا الْيَوْمَ فَعَدَدُ الْمُسْلِمِينَ فِى أَنْدَنُوسِيَة يَزِيدُ عَلَى مِائَتَىْ مَلْيُونٍ] أَشْعَرِيَّةٌ يَتَّبِعُونَ أَبَا الْحَسَنِ الأَشْعَرِىَّ فِى الِاعْتِقَادِ. هُوَ أَخَذَ عَقَائِدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَحَرَّرَهَا بِالدَّلائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ لِيَكُونَ ذَلِكَ قَمْعًا لِأَهْلِ الأَهْوَاءِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِى الِاعْتِقَادِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يَحْتَاجُ لِلدَّلِيلِ الْعَقْلِىِّ كَمَا يَحْتَاجُ لِلدَّلِيلِ النَّقْلِىِّ. الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ يُرْشِدُ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ كَمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ فِى سُورَةِ ءَالِ عِمْرَانَ ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ نَتِيجَةُ التَّفَكُّرِ هُوَ الْعِلْمُ بِكَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ وَكَمَالِ حِكْمَتِهِ وَكَمَالِ عِلْمِهِ لِأَنَّ الَّذِى يَنْظُرُ فِى هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ يَقُولُ لا بُدَّ مِنْ مُكَوِّنٍ كَوَّنَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَخْرَجَهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ لِأَنَّ الْعَقْلَ الصَّحِيحَ لا يَقْبَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتُ الَّتِى نُشَاهِدُهَا وَالَّتِى لا نُشَاهِدُهَا دَخَلَتْ فِى الْوُجُودِ مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ أَخْرَجَهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ.

     الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ حَرَّرَ عَقَائِدَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِقُوَّةِ الأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ بِحَيْثُ إِنَّهُ أَفْحَمَ أَهْلَ الْبِدَعِ الَّذِينَ كَانُوا فِى زَمَنِهِ مِنْ خَوَارِجَ وَمُعْتَزِلَةٍ وَجَبْرِيَّةٍ وَمُشَبِّهَةٍ. الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَبْرِيَّةُ عَلَى طَرَفَىْ نَقِيضٍ وَكُلٌّ يَدَّعِى الإِسْلامَ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَهُمْ مُخَالِفُونَ لِلفَرِيقَيْنِ. فَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَالْحَلِيبِ الَّذِى يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ سَائِغًا لِلشَّارِبَيْنَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ بِخِلافِ ذَلِكَ.

     الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ يَقُولُ فِى مَسْئَلَةِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ الْعَبْدُ لا يَخْلُقُ شَيْئًا إِنَّمَا يَفْعَلُ بِقُدْرَةٍ حَادِثَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ فِيهِ لا يَسْتَطِيعُ بِهَا أَنْ يَخْلُقَ الْعَبْدُ شَيْئًا إِنَّمَا هِىَ سَبَبٌ وَاللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ حَرَكَاتِهِ وَسُكُونَهُ وَنَتَائِجَ أَفْكَارِهِ عِنْدَمَا يَصْرِفُ الْعَبْدُ هِمَّتَهُ إِلَى ذَلِكَ.

     الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ يَقُولُ الْعَبْدُ لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَلَهُ فِى ذَلِكَ دَلِيلانِ دَلِيلٌ عَقْلِىٌّ وَدَلِيلٌ نَقْلِىٌّ. الدَّلِيلُ النَّقْلِىُّ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ فَاطِرٍ ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ وَقَوْلُهُ فِى سُورَةِ الزُّمَرِ ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ﴾ كَلِمَةُ شَىْءٍ تَشْمَلُ كُلَّ الْمَخْلُوقَاتِ نَحْنُ شَىْءٌ وَخَطَرَاتُ قُلُوبِنَا وَحَرَكَاتُنَا وَسَكَنَاتُنَا دَخَلَتْ تَحْتَ كَلِمَةِ شَىْءٍ. الْمَوْجُودُ الْحَادِثُ كَذَوَاتِنَا وَحَرَكَاتِنَا وَسَكَنَاتِنَا يُقَالُ لَهُ شَىْءٌ وَالْمَوْجُودُ الأَزَلِىُّ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لَهُ وَلا انْتِهَاءَ لَهُ وَهُوَ اللَّهُ بِصِفَاتِهِ عِلْمِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَبَصَرِهِ وَسَمْعِهِ شَىْءٌ لَكِنَّ الشَّىْءَ الْمُرَادَ فِى هَذِهِ الآيَةِ مَا كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَ عَدَمٍ أَىْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ. أَمَّا فِى غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِى بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فِى الْقُرْءَانِ كَلِمَةُ شَىْءٍ تَرِدُ بِمَعْنًى شَامِلٍ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مَا دَخَلَ فِى الْوُجُودِ، ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾ [سُورَةَ الْحَدِيدِ/3] هُنَا الشَّىْءُ مَعْنَاهُ أَوْسَعُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ اللَّهَ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ نَفْسَهُ وَيَعْلَمُ صِفَاتِهِ وَيَعْلَمُ الْحَادِثَاتِ الَّتِى أَخْرَجَهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ.

     وَأَمَّا الْفِرْقَتَانِ الأُخْرَيَانِ وَهُمَا الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَبْرِيَّةُ فَالْمُعْتَزِلَةُ تَقُولُ الْعَبْدُ هُوَ يَخْلُقُ كُلَّ أَعْمَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَالْبَقَّةُ تَخْلُقُ هِىَ، وَكُلُّ مَا دَبَّ وَدَرَجَ يَخْلُقُ هُوَ، أَىْ يُحْدِثُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ. يَقُولُونَ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَخْلُقَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُمُ الْقُدْرَةَ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُمُ الْقُدْرَةَ صَارَ عَاجِزًا. جَعَلُوهُ كَمَا يَقُولُ الْمَثَلُ أَدْخَلْتُهُ دَارِى فَأَخْرَجَنِى مِنْهَا. مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا اللَّهُ تَعَالَى أَعْطَانَا قُدْرَةً فَنَحْنُ بِهَا نَخْلُقُ فَبَعْدَ أَنْ أَعْطَانَا صِرْنَا مُسْتَقِلِّينَ مُسْتَبِدِّينَ بِأَعْمَالِنَا نَحْنُ نَخْلُقُهَا وَهُوَ صَارَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ. الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ ضِدُّ هَؤُلاءِ.

   أَمَّا الْجَبْرِيَّةُ فَتَقُولُ الْعَبْدُ لا فِعْلَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ كَالرِّيشَةِ الْمُعَلَّقَةِ فِى الْهَوَاءِ تُمِيلُهَا الرِّيحُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَقَوْلُ النَّاسِ فَعَلَ فُلانٌ كَذَا أَوْ قَالَ فُلانٌ كَذَا مِثْلُ قَوْلِنَا سَالَ الْوَادِى أَوْ نَزَلَ الْمَطَرُ، مَعْنَاهُ نَحْنُ وَالْمَاءُ الَّذِى يَسِيلُ مِنَ الْوَادِى سَوَاءٌ فَكَمَا أَنَّ ذَلِكَ الْوَادِىَ مَا فَعَلَ ذَلِكَ السَّيَلانَ وَلا خَلَقَهُ كَذَلِكَ قَوْلُنَا فَعَلْنَا كَذَا مِثْلُ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِنَا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَلْقِنَا. هَؤُلاءِ أَيْضًا ضِدُّ مَا عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ.

     أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ هُوَ الَّذِى وَافَقَ الْقُرْءَانَ وَقَضَايَا الْعَقْلِ. الْعَقْلُ يُوَافِقُ مَا عَلَيْهِ الأَشْعَرِىُّ وَالْقُرْءَانُ مُؤَيِّدٌ لِذَلِكَ. جَاءَ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ ضِدًّا لِهَؤُلاءِ وَضِدًّا لِهَؤُلاءِ فَكَانَ الْحَقُّ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ.

     نَحْنُ فِى هَذَا مَعَ السَّلَفِ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِ التَّابِعِينَ كَمَا أَنَّنَا مَعَ السَّلَفِ فِى تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنِ الْمَكَانِ وَالْحَدِّ وَالْجِهَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِى سُورَةِ الشُّورَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ نَفَى فِى هَذِهِ الآيَةِ أَنْ يَكُونَ مُتَحَيِّزًا فِى جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ أَوْ فِى جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَنَفَى أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِى مَكَانٍ وَاحِدٍ أَوْ فِى جَمِيعِ الأَمْكِنَةِ، اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ فِى هَذِهِ الآيَةِ عَنِ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ، وَالسَّلَفُ مَعَنَا فِى ذَلِكَ.

     هَذَا كِتَابُ حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ فِيهِ كَلامٌ عَنْ سَيِّدِنَا عَلِىٍّ فِيهِ نَفْىُ الْمَكَانِ وَالْحَدِّ عَنِ اللَّهِ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ سَعْدٍ قَالَ كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فِى دَارِ الإِمَارَةِ دَارِ عَلِىِّ بنِ أَبِى طَالِبٍ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا نَوْفُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَابِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ عَلِىٌّ عَلَىَّ بِهِمْ فَلَمَّا وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالُوا لَهُ يَا عَلِىُّ صِفْ لَنَا رَبَّكَ هَذَا الَّذِى فِى السَّمَاءِ كَيْفَ هُوَ وَكَيْفَ كَانَ وَمَتَى كَانَ وَعَلَى أَىِّ شَىْءٍ هُوَ، فَاسْتَوَى عَلِىٌّ جَالِسًا وَقَالَ مَعْشَرَ الْيَهُودِ اسْمَعُوا مِنِّى وَلا تُبَالُوا أَنْ لا تَسْأَلُوا أَحَدًا غَيْرِى إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الأَوَّلُ لَمْ يَبْدُ مِنْ مَا وَلا مُمَازِجٌ مَعَ مَا وَلا حَالٌّ وَهْمًا وَلا شَبَحٌ يُتَقَصَّى وَلا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى وَلا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَيُقَالَ حَادِثٌ بَلْ جَلَّ أَنْ يُكَيَّفَ الْمُكَيِّفُ لِلأَشْيَاءِ كَيْفَ كَانَتْ، بَلْ لَمْ يَزَلْ وَلا يَزُولُ لِاخْتِلافِ الأَزْمَانِ وَلا لِتَقَلُّبِ شَأْنٍ بَعْدَ شَأْنٍ، وَكَيْفَ يُوصَفُ بِالأَشْبَاحِ وَكَيْفَ يُنْعَتُ بِالأَلْسُنِ الْفِصَاحِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِى الأَشْيَاءِ فَيُقَالَ بَائِنٌ وَلَمْ يَبِنْ عَنْهَا فَيُقَالَ كَائِنٌ بَلْ هُوَ بِلا كَيْفِيَّةٍ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ وَأَبْعَدُ فِى الشَّبَهِ مِنْ كُلِّ بَعِيدٍ لا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَةٍ وَلا كُرُورُ لَفْظَةٍ وَلا ازْدِلافُ رَقْوةٍ وَلا انْبِسَاطُ خَطْوَةٍ فِى غَسَقِ لَيْلٍ دَاجٍ وَلا إِدْلاجٍ، لا يَتَغَشَّى عَلَيْهِ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ وَلا انْبِسَاطُ الشَّمْسِ ذَاتِ النُّورِ بِضَوْئِهِمَا فِى الْكُرُورِ وَلا إِقْبَالُ لَيْلٍ مُقْبِلٍ وَلا إِدْبَارُ نَهَارٍ مُدْبِرٍ إِلَّا وَهُوَ مُحِيطٌ بِمَا يُرِيدُ مِنْ تَكْوِينِهِ، فَهُوَ الْعَالِمُ بِكُلِّ مَكَانٍ وَكُلِّ حِينٍ وَأَوَانٍ وَكُلِّ نِهَايَةٍ وَمُدَّةٍ وَالأَمَلُ إِلَى الْخَلْقِ مَضْرُوبٌ وَالْحَدُّ إِلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ [أَىْ أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ يَكُونُ مَحْدُودًا وَاللَّهُ لا يَكُونُ مَحْدُودًا أَىْ لَيْسَ لَهُ مِسَاحَةٌ] لَمْ يَخْلُقِ الأَشْيَاءَ مِنْ أُصُولٍ أَوَّلِيَّةٍ وَلا بِأَوَائِلَ كَانَتْ قَبْلَهُ بَدِيَّةً بَلْ خَلَقَ ما خَلَقَ فَأَقَامَ خَلْقَهُ وَصَوَّرَ مَا صَوَّرَ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ، تَوَحَّدَ فِى عُلُوِّهِ فَلَيْسَ لِشَىْءٍ مِنْهُ امْتِنَاعٌ وَلا لَهُ بِطَاعَةِ شَىْءٍ مِنْ خَلْقِهِ انْتِفَاعٌ، إِجَابَتُهُ لِلدَّاعِينَ سَرِيعَةٌ وَالْمَلائِكَةُ فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ لَهُ مُطِيعَةٌ، عِلْمُهُ بِالأَمْوَاتِ الْبَائِدِينَ كَعِلْمِهِ بِالأَحْيَاءِ الْمُتَقَلِّبِينَ وَعِلْمُهُ بِمَا فِى السَّمَوَاتِ الْعُلَى كَعِلْمِهِ بِمَا فِى الأَرْضِ السُّفْلَى وَعِلْمِهِ بِكُلِّ شَىْءٍ لا تُحَيِّرُهُ الأَصْوَاتُ وَلا تَشْغَلُهُ اللُّغَاتُ سَمِيعٌ لِلأَصْوَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ بِلا جَوَارِحَ لَهُ مُؤْتَلِفَةٍ مُدَبِّرٌ بَصِيرٌ عَالِمٌ بِالأُمُورِ حَىٌّ قَيُّومٌ سُبْحَانَهُ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا بِلا جَوَارِحَ وَلا أَدَوَاتٍ وَلا شَفَةٍ وَلا لَهَوَاتٍ [مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ بِلا جَوَارِحَ لَيْسَ تَكَلُّمُهُ مِنْ فَمٍ وَلِسَانٍ وَلا لَهُ لَهَوَاتٌ وَأَضْرَاسٌ مِثْلَنَا، حُرُوفُنَا مِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنَ الشَّفَتَيْنِ وَمِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَلْقِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَكَلامُهُ لَيْسَ بِمَخَارِجَ] سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ تَكْيِيفِ الصِّفَاتِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِلَهَنَا مَحْدُودٌ فَقَدْ جَهِلَ الْخَالِقَ الْمَعْبُودَ اهـ.

     مَعْنَى الْمَحْدُودِ لَيْسَ كَمَا يَسْتَعْمِلُهُ بَعْضُ النَّاسِ، الشَّىْءُ الصَّغِيرُ يُسَمُّونَهُ مَحْدُودًا فِى عُرْفِ الْعَوَامِّ فِى هَذَا الْبَلَدِ، لَيْسَ هَذَا مَعْنَى الْمَحْدُودِ، مَعْنَى الْمَحْدُودِ الشَّىْءُ الَّذِى لَهُ مِسَاحَةٌ مَهْمَا اتَّسَعَ، الْعَرْشُ مَحْدُودٌ وَإِنْ كُنَّا لا نَعْلَمُ مِسَاحَتَهُ. اللَّهُ تَعَالَى لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا، لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَالذَّرَّةِ الَّتِى هِىَ أَصْغَرُ الأَجْرَامِ الَّتِى نَحُسُّهَا بِالْعَيْنِ، هَذِهِ الَّتِى تَظْهَرُ مِنَ الْكَوَّةِ، إِذَا دَخَلَ ضَوْءُ الشَّمْسِ مِنَ الْكَوَّةِ تَرَى أَشْيَاءَ صَغِيرَةً كَالْغُبَارِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَلْمِسَهَا لا تُحِسُّهَا مِنْ صِغَرِهَا فَالْوَاحِدُ مِنْهَا هُوَ الذَّرَّةُ، اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ كَهَذِهِ وَلا كَالْعَرْشِ وَلا يَجُوزُ اعْتِقَادُ أَنَّهُ أَوْسَعُ مِنْ مِسَاحَةِ الْعَرْشِ ءَالافَ الْمَرَّاتِ لِأَنَّ الَّذِى لَهُ حَدٌّ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ جَعَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، بِذَلِكَ عَرَفْنَا أَنَّ الشَّمْسَ لا يَصِحُّ عَقْلًا أَنْ تَكُونَ إِلَهًا خَالِقًا لِلْعَالَمِ، بِمَ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ، لِأَنَّ لَهَا مِسَاحَةً وَكُلُّ شَىْءٍ لَهُ مِسَاحَةٌ مَهْمَا اتَّسَعَتْ مِسَاحَتُهُ فَهُوَ مَخْلُوقٌ يَحْتَاجُ إِلَى خَالِقٍ خَلَقَهُ، فَعَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ لَوْ كَانَ لَهُ مِسَاحَةٌ لَكَانَ مُحْتَاجًا مِثْلَ الشَّمْسِ. لِهَذَا الْمُسْلِمُ السُّنِّىُّ الَّذِى يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْحَدِّ يَكْسِرُ عَابِدَ الشَّمْسِ أَمَّا مِثْلُ هَؤُلاءِ الْوَهَّابِيَّةِ إِذَا قَالَ لَهُ عَابِدُ الشَّمْسِ أَنَا أَعْبُدُ جِسْمًا مُنِيرًا نَافِعًا لِلْعَالَمِ أَمَّا أَنْتَ تَعْبُدُ شَيْئًا لا تَرَاهُ فَكَيْفَ يَكُونُ دِينِى بَاطِلًا مَاذَا يَقُولُ لَهُ الْوَهَّابِىُّ، يَقُولُ لَهُ الْوَهَّابِىُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَقْرَأُ لَهُ بَعْضَ الآيَاتِ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا لا أُؤْمِنُ بِكِتَابِكَ أَعْطِنِى دَلِيلًا عَقْلِيًّا مَاذَا يَقُولُ لَهُ، لَيْسَ عِنْدَهُ دَلِيلٌ عَقْلِىٌّ، الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ مُهِمٌّ، الَّذِى لَيْسَ عِنْدَهُ دَلِيلٌ عَقْلِىٌّ قَدْ يُوَاجِهُ عَابِدَ الشَّمْسِ فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكْسِرَهُ لِأَنَّ ذَاكَ لا يُؤْمِنُ بِالْقُرْءَانِ. هَؤُلاءِ الَّذِينَ عَقِيدَتُهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ حَدٌّ بِقَدْرِ الْعَرْشِ أَوْ أَوْسَعُ مِنَ الْعَرْشِ سَاوَوُا اللَّهَ بِالْمَخْلُوقِينَ ابْنُ تَيْمِيَةَ قَالَ مَرَّةً إِنَّ اللَّهَ بِقَدْرِ الْعَرْشِ وَمَرَّةً قَالَ إِنَّهُ أَوْسَعُ مِنَ الْعَرْشِ يَمْلَأُ الْعَرْشَ وَيَزِيدُ وَجَعَلَ لِلَّهِ تَعَالَى حَدًّا فَقَالَ اللَّهُ لَهُ حَدٌّ يَعْلَمُهُ لا نَعْلَمُهُ نَحْنُ اهـ يُقَالُ لَهُمُ الْعَرْشُ لَهُ حَدٌّ اللَّهُ يَعْلَمُهُ لا نَعْلَمُهُ نَحْنُ فَقَدْ سَاوَيْتُمُ اللَّهَ بِالْعَرْشِ.

     وَإِنِّى أُوصِيكُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى نَشْرِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ عَقِيدَةِ الأَشَاعِرَةِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ تَكُونُونَ أَحْيَيْتُمْ دِينَ الإِسْلامِ، حَيَاةُ دِينِ الإِسْلامِ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَمَّا الْمُشْتَغِلُ بِخِلافِهَا لا يَكُونُ خَدَمَ دِينَ اللَّهِ. اثْبُتُوا عَلَى ذَلِكَ وَلا تُبَالُوا بِالْمُخَالِفِينَ مَهْمَا نَعَقُوا وَكُونُوا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ خِيَارُ الأُمَّةِ، وَكُونُوا عَلَى الْقَنَاعَةِ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ. الْقَنَاعَةُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ كَنْزٌ لا يَنْفَدُ أَمَّا الَّذِى لا يَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ يَنْجَرُّ إِلَى الْمَعَاصِى. هَؤُلاءِ بَعْضُ الَّذِينَ تَعْرِفُونَ مَا الَّذِى جَرَّهُمْ إِلَى الْبِدَعِ فِى الِاعْتِقَادِ، هُوَ عَدَمُ الْقَنَاعَةِ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ.

     وَعَلَيْكُمْ بِتَرْكِ الْغَضَبِ لِأَنَّ الْغَضَبَ يَجُرُّ إِلَى الْهَلاكِ، يَجُرُّ إِلَى الْكُفْرِ، يَجُرُّ إِلَى الِافْتِرَاءِ، يَجُرُّ إِلَى قَتْلِ قَرِيبٍ، يَجُرُّ إِلَى قَتْلِ صَدِيقٍ وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَفَاسِدِ وَالْمَهَالِكِ.

     مَشَايِخُ الطَّرِيقَةِ سَيِّدُنَا أَحْمَدُ الرِّفَاعِىُّ وَسَيِّدُنَا عَبْدُ الْقَادِرِ وَالشَّيْخُ شَاهُ نَقْشَبَنْد وَغَيْرُ هَؤُلاءِ أَخَذُوا مِنَ الْبَيْعَةِ النَّبَوِيَّةِ، الرَّسُولُ ﷺ كَانَ يُبَايِعُ عَلَى تَرْكِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَؤُلاءِ الَّذِينَ يُبَايِعُونَ النَّاسَ يَأْخُذُونَ عَلَى النَّاسِ الْبَيْعَةَ عَلَى إِدَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ فَالْبَيْعَةُ النَّبَوِيَّةُ أَصْلٌ لِبَيْعَةِ الطَّرِيقَةِ فَلا يُنْكِرُهَا إِلَّا جَاهِلٌ، هِىَ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْبَيْعَةُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَأَىُّ بَأْسٍ فِى ذَلِكَ. وَيُقَالُ لِهَؤُلاءِ الْمُعْتَرِضِينَ لِأَىِّ شَىْءٍ تُنْكِرُونَهَا فَإِنْ قَالُوا الرَّسُولُ لَمْ يَفْعَلْهَا يُقَالُ لَهُمْ هَلْ نَهَى عَنْهَا، كَمْ مِنْ أَشْيَاءَ تَفْعَلُونَهَا لَمْ يَفْعَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ، مَسْجِدُ الرَّسُولِ ﷺ مَا كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ مُجَوَّفٌ إِلَى عِمَارَةِ عُمرَ بنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَهُ فِى أَثْنَاءِ إِمَارَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ. عَلَى أَنَّهُ نَشَأَتْ وَهَّابِيَّةٌ فِى الْجَزَائِرِ سَكَّرَتِ الْمَحَارِيبَ الْمُجَوَّفَةَ هُنَاكَ فِى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ.

     كَذَلِكَ النَّقْطُ فِى الْمَصَاحِفِ وَالْعَلامَاتُ الَّتِى تَدُلُّ عَلَى انْتِهَاءِ الآيَاتِ الْعَلامَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ الَّتِى عَلَى رُؤُوسِ الآىِ مَا كَانَتْ، كَذَلِكَ عَلامَةُ الْحِزْبِ عَلامَةُ الْجُزْءِ كُلُّ ذَلِكَ مَا كَانَ. كُلُّ ذَلِكَ بَعْدَ الرَّسُولِ بِزَمَانٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُونَ فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ أَشْيَاءَ لَمْ يَفْعَلْهَا الرَّسُولُ ﷺ وَتَسْكُتُونَ عَنْ أَشْيَاءَ أُخْرَى لَمْ يَفْعَلْهَا الرَّسُولُ ﷺ [أَىْ مَعَ كَوْنِهَا مُتَعَلِّقَةً بِأُمُورِ الدِّينِ]. وَالطَّرِيقَةُ الرِّفَاعِيَّةُ هِىَ أَقْدَمُ الطُّرُقِ، كَانَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الرِّفَاعِىُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلانِىُّ فِى الْقَرْنِ السَّادِسِ الْهِجْرِىِّ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَعَدَّدَتْ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ بَلَغَ عَدَدُهَا أَرْبَعِينَ، هَذِهِ الطُّرُقُ غَيْرَ التِّجَّانِيَّةِ كُلُّهَا أُحْدِثَتْ عَلَى وِفَاقِ الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ. سَيِّدُنَا أَحْمَدُ الرِّفَاعِىُّ كَانَ عَالِمًا مُحَدِّثًا فَقِيهًا شَافِعِيًّا، كَانَ أَوْلِيَاءُ ذَلِكَ الْعَصْرِ يَقُولُونَ هُوَ أَجَلُّ الْمَشَايِخِ قَدْرًا فِى زَمَنِهِ وَكَانَ شَدِيدَ التَّوَاضُعِ وَالشَّفَقَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْعَلَمَيْنِ أَىْ عِلْمِ الظَّاهِرِ وَعِلْمِ الْبَاطِنِ وَيُقَالُ لَهُ شَيْخُ الْعُرَيْجَاءِ لِأَنَّهُ شَفَى بِنْتًا اسْمُهَا زَيْنَبُ كَانَتْ عَرْجَاءَ.