الدَّرْسُ السَّادِسُ وَالثَّلاثُونَ
الأَسْبَابُ لا تَخْلُقُ الْمُسَبَّبَاتِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ الأَكْرَمِينَ الْمَيَامِين.
وَبَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَبَطَ الأَسْبَابَ بِالْمُسَبَّبَاتِ أَىْ جَعَلَ بَيْنَ الأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ ارْتِبَاطًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلأَسْبَابِ عَلَى الْمُسَبَّبَاتِ تَسَلُّطٌ بِالْخَلْقِ وَالتَّكْوِينِ أَىْ أَنَّهُ لا شَىْءَ مِنَ الأَسْبَابِ يَخْلُقُ شَيْئًا مِنْ مُسَبَّبَاتِهَا إِنَّمَا يَحْصُلُ عَادَةً بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى الأَزَلِيَّةِ وَتَقْدِيرِهِ وَعِلْمِهِ الأَزَلِيَّيْنِ وَقُدْرَتِهِ الأَزَلِيَّةِ وُجُودُ الْمُسَبَّبَاتِ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ الأَسْبَابِ. مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَمَا يَسْتَعْمِلُ الإِنْسَانُ الأَسْبَابَ كَالأَدْوِيَةِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ بِهَا يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى الشِّفَاءَ بِمَشِيئَتِهِ الأَزَلِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاءَ فِى الأَزَلِ أَنْ يَحْصُلَ الْمُسَبَّبُ إِثْرَ السَّبَبِ لَمْ يَحْصُلِ الْمُسَبَّبُ فَلا يَعْتَمِدِ الإِنْسَانُ أَنَّهُ مَتَى مَا وُجِدَتِ الأَسْبَابُ وُجِدَتِ الْمُسَبَّبَاتُ لا مَحَالَةَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَقِدَ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَتِ الأَسْبَابُ تَحْصُلُ الْمُسَبَّبَاتُ إِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى شَاءَ فِى الأَزَلِ أَنْ تَحْصُلَ هَذِهِ الْمُسَبَّبَاتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ شَاءَ فِى الأَزَلِ أَنْ تَحْصُلَ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الأَسْبَابِ لَمْ تَحْصُلِ الْمُسَبَّبَاتُ لِأَنَّ الْمُسَبَّبَاتِ لا تَحْصُلُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ الأَزَلِيَّةِ. فَإِذَنْ الأَسْبَابُ لا تُوجِبُ الْمُسَبَّبَاتِ بِطَرِيقِ التَّلازُمِ الْعَقْلِىِّ إِنَّمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ يَحْصُلَ الشِّفَاءُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الأَدْوِيَةِ فِى كَثِيرٍ مِنَ الأَحْوَالِ وَلَمْ يَشَإِ اللَّهُ أَنْ يَحْصُلَ الشِّفَاءُ بِهَا عَلَى الدَّوَامِ فِى جَمِيعِ الأَحْوَالِ. لَوْ كَانَ اللَّهُ شَاءَ أَنْ يَحْصُلَ بِهَا الشِّفَاءُ فِى جَمِيعِ الأَحْوَالِ كَانَ كُلُّ مَنْ يَسْتَعْمِلُ الدَّوَاءَ الَّذِى هُوَ لِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ يَحْصُلُ الشِّفَاءُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ بِلا تَخَلُّفٍ لَكِنَّنَا نُشَاهِدُ فِى كَثِيرٍ مِنَ الأَحْوَالِ أَنَّ النَّاسَ يَسْتَعْمِلُونَ الأَدْوِيَةَ لِأَمْرَاضٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ لا يَحْصُلُ الشِّفَاءُ بِهَا، هَذَا دَلِيلٌ عِيَانِىٌّ وَبُرْهَانٌ يَقِينِىٌّ عَلَى أَنَّ الأَسْبَابَ لا تَخْلُقُ الْمُسَبَّبَاتِ إِنَّمَا تَلازُمُ الأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَادِىٌّ فَلا يَتَوَكَّلِ الْعَبْدُ عَلَى الأَسْبَابِ بَلْ يَتَوَكَّلْ عَلَى مُسَبِّبِ الأَسْبَابِ أَىْ عَلَى خَالِقِ الأَسْبَابِ أَىْ عَلَى اللَّهِ الَّذِى جَعَلَ ارْتِبَاطًا بَيْنَ الأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ فَلْيَتَوكَّلْ عَلَيْهِ. لِمَاذَا يَتَوَكَّلُ عَلَيْهَا. هَذِهِ الأَدْوِيَةُ الَّتِى يُعَلِّقُ النَّاسُ عَلَيْهَا ءَامَالَهُمْ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ وَالشِّفَاءُ الَّذِى يَحْصُلُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ مَخْلُوقًا لِأَحَدٍ غَيْرِ اللَّهِ فَكَيْفَ يَنْبَغِى أَنْ يُنْسَى خَالِقُ الأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ مِنْ أَجْلِ الأَسْبَابِ. هَذَا أَىْ نِسْيَانُ الْمُسَبِّبِ عَلَى الدَّوَامِ مِنْ شِيمَةِ الْغَافِلِينَ عَنِ اللَّهِ الْوَاقِفِينَ عِنْدَ الأَسْبَابِ. أَمَّا مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذِهِ الأَسْبَابَ هِىَ تَخْلُقُ مُسَبَّبَاتِهَا وَلا يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ الأَسْبَابِ وَمُسَبَّبَاتِهَا فَإِنَّهُ كَافِرٌ.
أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِىُّ قِصَّتُهُ ثَابِتَةٌ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ كَانَ فِى الْوَقْتِ الَّذِى ظَهَرَتْ فِيهِ دَعْوَةُ الأَسْوَدِ الْعَنْسِىِّ الْكَذَّابِ الَّذِى ادَّعَى أَنَّهُ نَبِىٌّ فَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَتَجَوَّلُ فِى النَّاسِ وَيُكَذِّبُ الأَسْوَدَ فِى الْبِلادِ الَّتِى كَانَتْ ءَامَنَتْ بِالأَسْوَدِ. كَانَ يَتَجَوَّلُ وَيَقُولُ لِلنَّاسِ هَذَا الأَسْوَدُ كَذَّابٌ لَيْسَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِنَّمَا رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ ﷺ. الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالأَسْوَدِ الْعَنْسِىِّ أَخَذُوهُ إِلَى رَئِيسِهِمُ الَّذِى صَدَّقُوهُ بِقَوْلِهِ إِنَّهُ نَبِىٌّ فَمَا هَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُشِيعَ هَذَا الشَّخْصُ الْمُسْلِمُ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِىُّ فِى النَّاسِ أَنَّ رَئِيسَهُمْ كَذَّابٌ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ عَمَّا تَقُولُ وَءَامِنْ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لا أَرْجِعُ أَنْتَ لَسْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ فَكَذَّبَهُ فِى وَجْهِهِ فَأَضْرَمَ لَهُ نَارًا عَظِيمَةً فَرَمَاهُ فِيهَا فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ النَّارُ ثُمَّ فِى الْيَوْمِ الثَّانِى أَيْضًا أُضْرِمَتْ لَهُ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَرَمَوْهُ فِيهَا فَلَمْ يَحْتَرِقْ ثُمَّ أُضْرِمَتْ لَهُ النَّارُ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَرُمِىَ فِيهَا فَلَمْ يَحْتَرِقْ ثُمَّ نَفَاهُ قَالَ لا تُقِمْ بِأَرْضِى أَىْ بَيْنَ النَّاسِ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِى. ثُمَّ جَاءَ هَذَا الإِنْسَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَبَيْنَ هُوَ فِى الْمَسْجِدِ أَتَاهُ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ فَنَظَرَ فِى وَجْهِهِ فَقَالَ أَنْتَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِىُّ قَالَ نَعَمْ [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِى صَحِيحِهِ] لِأَنَّ خَبَرَهُ كَانَ شَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى الْحِجَازِ إِلَى الْعِرَاقِ وَمِصْرَ إِلَى كُلِّ الْبِلادِ الإِسْلامِيَّةِ قِصَّتُهُ كَانَتْ شَاعَتْ فَقَبَّلَهُ عُمَرُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى جَعَلَ فِى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِثْلَ خَلِيلِ الرَّحْمٰنِ إِبْرَاهِيمَ.
كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ لَمْ يَأْتِ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَّا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، كَانَ هُوَ أَسْلَمَ فِى حَيَاةِ الرَّسُولِ فِى بَلَدِهِ فِى الْيَمَنِ لَكِنَّهُ لَمْ يُهَاجِرْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا لِلْهِجْرَةِ أَىْ لِمُغَادَرَةِ بَلَدِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ حَيْثُ مُقَامُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ لَهُمْ عُذْرٌ، كَانَ أَهْلُ الأَعْذَارِ فِى الْوَقْتِ الَّذِى كَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ اسْتَطَاعَ أَنْ يُهَاجِرَ لا حَرَجَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُهَاجِرُوا، أَمَّا مَنِ اسْتَطَاعَ فَلَمْ يُهَاجِرْ كَانَ ءَاثِمًا عَاصِيًا.
فَهَذَا أَىْ عَدَمُ إِحْرَاقِ النَّارِ لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَلِأَبِى مُسْلِمٍ الْخَوْلانِىِّ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الأَسْبَابَ لا تَخْلُقُ مُسَبَّبَاتِهَا إِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ الْمُسَبَّبَاتِ عِنْدَ الأَسْبَابِ أَىْ حِينَمَا تُلامِسُ النَّارُ الْجِسْمَ يَحْصُلُ الِاحْتِرَاقُ، اللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ الِاحْتِرَاقَ فِى الشَّىْءِ الَّذِى لَمَسَتْهُ النَّارُ لَيْسَتِ النَّارُ تَخْلُقُ الِاحْتِرَاقَ. لَوْ كَانَتِ النَّارُ تَخْلُقُ الِاحْتِرَاقَ لَكَانَ إِبْرَاهِيمُ احْتَرَقَ لِأَنَّ النَّارَ الَّتِى أُوقِدَتْ كَانَتْ نَارًا عَظِيمَةً كَانَتْ مِسَاحَتُهَا كَبِيرَةً لَكِنَّهَا لَمْ تُحْرِقْهُ وَلا ثِيَابَهُ. كَذَلِكَ أَبُو مُسْلِمٍ لَمْ تُحْرِقْهُ وَلا ثِيَابَهُ. وَكَذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا يَدْخُلُونَ الأَفْرَانَ الْحَامِيَةَ وَلا تُحْرِقُهُمْ وَلا ثِيَابَهُمْ. كَانَ فِى مَدِينَةِ حِمْصَ شَيْخٌ مِنَ السَّعْدِيِّينَ الآنَ لَهُمْ زَاوِيَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَقَدْ رَأَيْتُ ابْنَهُ يُسَمَّى الشَّيْخَ بُرْهَانًا فَحَدَّثَنِى عَنْ وَالِدِهِ وَغَيْرُهُ حَدَّثَنِى أَنَّهُ كَانَ رَحَلَ إِلَى إِسْطَنْبُول أَيَّامَ السُّلْطَانِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فَقِيلَ لَهُ لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ يَنْتَسِبُ إِلَى مَشْيَخَةِ التَّصَوُّفِ وَالطَّرِيقَةِ قَالُوا لَهُ أَىِ الأَتْرَاكُ أَرِنَا ءَايَةً إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ، هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى سَيِّدِنَا الْحُسَيْنِ، أَرِنَا ءَايَةً كَرَامَةً فَأَشْعَلُوا الْفُرْنَ بِشِدَّةٍ فَدَخَلَ فِى النَّارِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ بَلْ أَطْفَأَهَا، هُوَ بِمُكْثِهِ فِيهَا أَطْفَأَهَا، فَعِنْدَئِذٍ اعْتَقَدُوا فِيهِ فَوَصَلَ خَبَرُهُ إِلَى السُّلْطَانِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فَبَنَى لَهُ بِنَايَةً ضَخْمَةً جَمِيلَةً فِى حِمْصَ حَتَّى يَتَّخِذَهَا زَاوِيَةً لِلذِّكْرِ. قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ وَأَحْبَابُهُ يَذْكُرُونَ فِى مَكَانٍ مُتَوَاضِعٍ وَمِسَاحَتُهُ صَغِيرَةٌ فَلَمَّا بَنَى لَهُ السُّلْطَانُ عَبْدُ الْحَمِيدِ هَذِهِ الْبِنَايَةَ هَذِهِ الْبِنَايَةُ وَسِعَتْهُمْ هُوَ وَأَتْبَاعَهُ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَيْهِ بِالذِّكْرِ وَالطَّرِيقَةِ.
ثُمَّ أَيْضًا هَذِهِ النَّعَامَةُ الْحَيَوَانُ الْمَعْرُوفُ هُوَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْبَهَائِمِ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ وَعَظْمٍ فَهِىَ تَأْكُلُ الْجَمْرَ الأَحْمَرَ أَكْلًا تَسْتَمْرِئُهُ أَىْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزْعِجَهَا وَيُؤْذِيهَا تَأْكُلُهُ أَكْلًا كَذَلِكَ الْمَسَامِيرُ الْمُحْمَرَّةُ مِنَ النَّارِ تَأْكُلُهَا النَّعَامُ وَلا يُؤْذِيَهَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ وَعَظْمٍ كَغَيْرِهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ فَلِمَاذَا هَذَا الْجَمْرُ وَهَذِهِ الْقِطَعُ الْحَدِيدِيَّةُ الْمُحْمَاةُ بِالنَّارِ لا تُحْرِقُهَا وَتُحْرِقُ فِى الْعَادَةِ غَيْرَهَا، لَوْ كَانَتِ النَّارُ تَخْلُقُ الِاحْتِرَاقَ كَانَتْ أَحْرَقَتْ كُلَّ شَىْءٍ تُصِيبُهُ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ نَجَا مِنَ الِاحْتِرَاقِ وَلا كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ وَلا كَانَ هَؤُلاءِ الصُّوفِيَّةُ الصَّادِقُونَ. هَذَا دَلِيلٌ حِسِّىٌّ عَلَى أَنَّ النَّارَ لا تَخْلُقُ الِاحْتِرَاقَ. كَذَلِكَ الْخُبْزُ لا يَخْلُقُ الشِّبَعَ لِآكِلِهِ كَذَلِكَ الْمَاءُ لا يَخْلُقُ الرِّىَّ لِشَارِبِهِ كَذَلِكَ الدَّوَاءُ لا يَخْلُقُ الشِّفَاءَ لِمُسْتَعْمِلِهِ، هَذَا دَلِيلٌ حِسِّىٌّ عَلَى إِثْبَاتِ مَا جَاءَ بِهِ الإِسْلامُ أَنَّ النَّارَ وَغَيْرَهَا مِنَ الأَسْبَابِ كَالأَدْوِيَةِ لا تَخْلُقُ شَيْئًا مِنْ مُسَبَّبَاتِهَا إِنَّمَا الَّذِى خَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ الأَجْسَامَ الَّتِى تُمَاسُّ النَّارَ وَخَلَقَ الأَدْوِيَةَ وَخَلَقَ أَصْحَابَ الأَمْرَاضِ هُوَ الَّذِى يَخْلُقُ هَذِهِ الْمُسَبَّبَاتِ.