الخميس يناير 2, 2025

الأنبياء لا يؤثر في عقولهم السحر

ومـمَّا يستحيل عليهم تأثير السحر في عقولهم، فلا يجوز أن يُعتقد أن الرسول ﷺ أثّر السحر في عقله وإن كان قاله مَن قاله. وأما تأثير السحر في جسد النبيّ فقد قال بعض العلماء إنه جائز، إذ ورد أن يهوديًّا كان قد عمل السحر لرسول الله عليه الصلاة والسلام فتألـمّ الرسول ﷺ من جرَّاء ذلك، من غير أن يؤثر ذلك في عقله، والحادثة رواها البخاريّ([1]) وغيره([2]).

قال القاضي عياض في بيان المسألة على الوجه الشافي والتحقيق الكافي: «فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده»([3]).اهـ.

وقال الرازي([4]) في تفسيره: «فأما ما روي عن وهب أنهم سحروا أعين الناس وعين موسى عليه السلام حتى تخيل ذلك مستدلًّا بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف: 116]، وبقوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سَحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، فهذا غير جائز لأن في ذلك الوقت وقت إظهار المعجزة والأدلة وإزالة الشبهة، فلو صار بحيث لا يميز الموجود عن الخيال الفاسد لم يتمكن من إظهار المعجزة، فحينئذٍ يفسد المقصود؛ فإذًا المراد أنه شاهد شيئًا لولا علمه بأنه لا حقيقة لذلك الشيء لظنّ فيها أنها تسعى»([5]).اهـ.

[1])) صحيح البخاريّ، البخاري، باب: صفة إبليس وجنوده. (4/148)، رقم 3268.

[2])) سنن النسائي، النسائي، (7/112)، مسند أحمد، أحمد، (4/367).

[3])) فتح الباري، ابن حجر، (10/227).

[4])) محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازيّ التيميّ البكريّ، أبو عبد الله، فخر الدين (ت606هـ)، الإمام المفسر. أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل. وهو قرشيّ النسب. أصله من طبرستان، ومولده في الريّ وإليها نسبته، ويقال له: ابن خطيب الري، رحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان، وتوفي في هراة. أقبل الناس على كتبه في حياته يتدارسونها. وكان يحسن الفارسية. من تصانيفه: (مفاتيح الغيب في تفسير القرآن الكريم)، و(لوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات)، و(معالم أصول الدين)، و(محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين)، و(المسائل الخمسون) في أصول الكلام، و(عصمة الأنبياء)، و(أسرار التنزيل) في التوحيد. الأعلام، الزركلي، (6/313).

[5])) مفاتيح الغيب، الرازي، (22/73).