الأمانة وأداؤها:
قال الله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاً) الأمانة هنا هي التكاليف الشرعية.
وقال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها).
وقال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون).
ولكي يكون المرء أميناً في معامل الناس لا بد أن يكون صادقاً معهم ومحل ثقة واطمئنان واعتماد من قبلهم ولا بد أن يؤدي ما يؤتمن عليه من جانبهم.
ولحديث: “أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك” وقال صلى الله عليه وسلم لا إيمان لمن لا أمانة له معناه المسلم لا يكون مسلماً كاملاً حتى يكون محافظاً على الأمانة. وكان من عظم إخلاص الإمام الشافعي أنه كان يحب أن ينتشر علمه من غير إشراف نفس إلى أن يعرف بذلك ليبجله الناس ويعظموه إنما كان قصده نشر الحق بين الناس ولم يكن في نيته أن يشار إليه بالأصابع لوفور العلم والتفوق في المعرفة فلولا ذلك لم أظهر علمه. ومن عظيم تواضع الإمام الشافعي أنه كان لا يريد الإمامة في الصلاة خوفا من تحمل الأمانة مع أنه كان أفقه أهل عصره وأعلمهم وأحسنهم صوتا بالقراءة وأما ما ورد أن أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر ابن الجراح معناه متمكن في صفة الأمانة ليس معناه لا يوجد غيره أمين في الأمة. وأما معنى استودع الله دينك وأمانتك يحتمل أن يكون معنى الأمانة هنا عقيدته.
ويحكى أنه كان صديقان حميمان بلغا من الثقة المتبادلة لدرجة أن أحدهما أعطى الآخر مفتاح بيته. وذات يوم اتفقا على الخروج في رحلة فمرض الصديق الذي بيده المفتاح وأعلم صديقه بعدم الذهاب معه في الرحلة. فما كان من الصديق المريض إلا أن جاء إلى منزل صديقه وفتح الباب وما إن رأى جمال زوجة صديقه حتى خان وحاول إرغامها على الحرام. وكان هناك كلب رأى أن هذا الشخص ليس زوجا لصاحبة المنزل فهاجمه وقتله. وحينما رجع زوجها وعرف القصة أنشد:
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني ويحفظ عرسي والخليل يخون
فيا عجبا للخل يهتك حرمتي ويا عجباً للكلب كيف يصون