الإثنين ديسمبر 23, 2024
    • الألباني يُلْحِدُ في أسماء الله وصفاته فيصف الله بالعصمة:

    قال الألباني: «والعصمة لله وحده»، وقال أيضًا([1]): «لا عصمة إلا لله وحده».اهـ.

    الرَّدُّ:

    يردد الألباني هذه العبارة في مواضع عديدة من كتبه([2])، وهي عبارة عوام الناس، وليست من عبارات العلماء. إذ لا يجوز أن يقال في الله تعالى: «معصوم» أو «لا عصمة إلا لله وحده» أو «له العصمة» أو «لا عصمة إلا لله ولرسوله» ونحو ذلك من العبارات التي لا يجوز أن يوصف الله بها، لأن العصمة إنما يوصف بها من يمكن أن يتأتى منه الخطأ أو المخالفة، والمعصوم من عصمه الله ولا عصمة إلا بالله، كما ورد في الحديث الذي رواه البزار([3]) في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود  قال: كنت عند النبيّ فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال رسول الله : «تدري ما تفسيرُها؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «لا حولَ عن معصيةِ الله إلا بعصمةِ الله، ولا قوةَ على طاعةِ الله إلى بعونِ الله».

    وفي كتب اللغة العصمة: المنعة، قال محمد الرازي في «مختار الصحاح»([4]): «العِصْمة: الـمَنْعُ، يُقال: عَصَمَه الطعام، أي: مَنَعَه من الجوع، والعِصمة أيضًا الحفظ… واعتصم بالله، أي: امتنع بلُطفه من المعصية».اهـ.

    وقال الفيومي في «المصباح المنير»([5]): «عصمة الله من المكروه بعصمه… حفظه ووقاه، واعتصمتُ بالله امتنعت به، والاسم العِصمة».اهـ.

    وفي «النهاية»([6]) لابن الأثير: «العِصمة: المنعة، والعاصم: المانع الحامي».اهـ.

    وقال الراغب الأصفهاني في «مفردات ألفاظ القرءان»([7]): «وعصمة الأنبياء: حفظه إياهم أولًا بما خصَّهم به من صفاء الجوهر ثم بما أَوْلَاهُمْ من الفضائل الجسمية: ثم بالنصرة وبتثبّت أقدامهم ثم بإنزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق، قال تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [سورة المائدة: 67]».اهـ.

    ومن هذا يتبيّن أن العصمة إنما تكون من الله لأنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام ومن شاء الله أن يعصمه من الوقوع في المعاصي، فالله تعالى هو الذي يعصم أنبياءه ورسله ويحفظهم من الوقوع في الكفر والكبائر وصغائر الخسة وكلّ ما لا يليق بهم، فالله تعالى هو الذي يعصِمُ، والمعصوم كالرسل والأنبياء، وبهذا يتضح أن العصمة لا تقع على الله، وإنما تقع من الله على من عصمه من عباده، فمن قال: «لله العصمة» وأمثالها فقد وصف الله بما لا يجوز وصفه به، لأن معناها فاسد إذا أطلقت على الله، فعلى زعم قائلها مَن يَعصم الله سبحانه؟ ومم يُعصم سبحانه؟ وما الذي كان يمكن أن يقع منه سبحانه حتى عُصم منه؟ سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم، والصوابُ أن يقال: الله منزّه عن كلّ ما لا يليق به تبارك وتعالى.

    ومن هذا الذي أسلفناه تتجلى لك شناعة هذا التعبير، وفحش خطئه، وشدة محظوريته، وأنه لا يليق بالله تعالى، ولا يفيد تعظيمًا ولا تبجيلًا.

    ثم قول الألباني: «لا عصمة إلا لله وحده» يفيد – إضافة إلى فساد اللفظ ومعناه – نفي العصمة عن الأنبياء والرسل وسلبها عنهم عليهم الصلاة والسلام.

    [1]() الألباني، الكتاب المسمّى سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/775).

    [2]() الألباني، الكتاب المسمّى سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/175، 270، 308، 310، 387)، الكلم الطيب لابن تيمية، تعليق الألباني (ص13)، الألباني، الكتاب المسمّى إرواء الغليل (4/318).

    [3]() أخرجه البزار في مسنده (5/374)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/99): «رواه البزار بإسنادين أحدهما منقطع، وفيه عبد الله بن خراش، والغالب عليه الضعف والآخر متصل حسن».اهـ.

    [4]() الرازي، مختار الصحاح (ص183، 184).

    [5]() الفيومي، المصباح المنير (2/414).

    [6]() ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر (3/249).

    [7]() الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرءان (ص570).