الخميس مارس 28, 2024
  • الألباني يزعم أن الله محيط بالعالم كما أن الكرة تحيط بما في داخلها:

قال الألباني في كتابه المسمّى «صحيح الترغيب والترهيب»([1]): «فائدة هامة: «اعلم أن قوله في هذا الحديث: «فإن اللهَ قِبَلَ وَجْهِه» وفي الحديث الذي قبله: «فإن الله تعالى بين أيديكم في صلاتِكم» لا ينافي كونه تعالى على عرشه فوق مخلوقاته كلها، كما تواترت فيه نصوص الكتاب والسُّنَّة وءاثار الصحابة والسلف الصالح  ورزقنا الاقتداء بهم، فإنه تعالى مع ذلك واسع محيط بالعالم كله، وقد أخبر أنه حيثما توجه العبد فإنه مستقبل وجه الله تعالى؛ بل هذا شأن مخلوقه المحيط بما دونه، فإن كُل خط يخرج من المركز إلى المحيط فإنه يستقبل وجه المحيط ويواجهه، وإذا كان عالي المخلوقات يستقبل سافلها المحاط بها بوجه من جميع الجهات والجوانب، فكيف بشأن من هو بكل شيء محيط، وهو محيط ولا يحاط به؟ وراجع بسط هذا في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كالحموية والواسطية».اهـ.

الرَّدُّ:

الألباني يدَّعي أن الله يحيط بالعالم من جميع الجهات بالذات لا بالعلم، لا كما هو معتقد المسلمين سلفهم وخلفهم، ولاحظ إحالته القارئ إلى كتب ابن تيمية، لأن مثل هذا التجسيم لا يوجد في كتب أهل السُّنَّة، إنما هو في مؤلفات المجسمة كابن تيمية والوهابية الذين تابعوه على تجسيمه، فهم كالظل له.

فهذا مما وافق به الألبانيُّ في العقيدة ابنَ تيمية، حيث زعم بأن الله تعالى محيط بالعالم من جميع الجهات، كما أن الحقَّة([2]) تحيط بما في ضمنها، ولم يقل بها أحد لا من أهل السُّنَّة، ولا الذين سبقوه من المشبهة، فكيف جمع بين هذا وبين قوله: إن الله بذاته فوق العرش؟! وفي هذا تناقض لا يخفى، وهذا ضد عقيدة طائفته الوهابية المشبهة المجسمة الذين قالوا: «إن الله فوق العرش فقط»، فهذه من مفرداته التي انفرد بها عن طائفته، وهذا نشأ من سوء فهمه لقوله تعالى: {وَكَانَ اللهُ بكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا} [سورة النساء: 126]، ومعنى الآية: أن الله محيط بكل شيء علمًا([3])، فهذا الرجل من شدة تهوره يناقض نفسه وهو لا يدري، فماذا تقول فيه طائفته وقد أثبت عقيدةً ضد عقيدتهم؟ هل تتبرأ منه أو تسكت له مداهنة؟ لأن طائفته الوهابية تعتبره قدوة وزعيمًا كبيرًا؛ بل تعتبره مجدد العصر لهم. فقد شبه الألباني الله تعالى بالحُقَّة التي تحيط بما فيها من جميع الجهات، فجعله تحت العالم وفوق العالم وعن شمال العالم وعن يمين العالم وأمام العالم وخلف العالم، ولم يقل بذلك مسلم قط ولا كافر قبله.

[1]() الألباني، الكتاب المسمّى صحيح الترغيب والترهيب (1/116)، وهذه عقيدة ابن تيمية أيضًا ذكرها في رسالته المسماة عرش الرحمـٰن، وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (4/126 – 129).

[2]() الحُقة: وعاء من خشب: (الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ص1130).

[3]() تفسير القرطبي (5/402)، تفسير الطبري (7/530).