الإثنين ديسمبر 23, 2024

 

 

اغتنام الأوقات في الطاعة

 

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله أما بعد فيا أيها الأحبّة المسلمون أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العلي العظيم فإنّ هذه الدنيا كالخيال لا بدّ أن يطرأ عليها الزوال وإلى الله مرجعنا والقبر يضمّنا ويوم القيامة يجمعنا فهنيئًا لمن قدّم في هذه الدنيا ليوم المعاد ما ينفعه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . يقول الله تعالى في القرءان الكريم : وضرب الله مثلاً قرية كانت ءامنة مطمئنّة يأتيها رزقها رغدًا من كلّ مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. النحل ـ112ـ

        قصّ الله لنا في هذه الآية حال أولـئك القوم الذين كانوا يتوسّعون في النعيم لما كانوا مؤمنين فلما كفروا بالله تعالى عجّل الله عليهم العقاب في الدنيا قبل الآخرة انتقم الله منهم في الدنيا قبل الآخرة فابتلاهم الله تعالى بالجوع والخوف بما كانوا يصنعون بما كسبت أيديهم في الدنيا. ألا فلنتّعظ، ألا فليتّعظ الناس بما قصّ الله تعالى في هذه الآية الكريمة فإنّ نعيم الدنيا لا يدوم لأحد وإنما كن في الدنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل وإنما كن في الدنيا كراكب استظلّ تحت شجرة مثمرة ثم راح وتركها. ازهد في هذه الدنيا وأقبل على أعمال الآخرة واعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، فمن وصل إلى هذا المقام فهو دائم الحضور حضور القلب بالخشية من الله وتعظيمه، كأنهم الذين وصلوا إلى هذا المقام يرونه، مع أنهم لا يرونه يخشونه كأنهم يرونه هذا مقام الإحسان فإذا وصل الإنسان إلى مقام الإحسان تكون العبادة لذة له . هذا عثمان رضي الله عنه الخليفة الراشد ختم القرءان في ركعة واحدة من شدة ما كان يجده من اللذة والفرح والسرور.

        أيها الإخوة … قد بدأ موسم الصيف فلذلك نقول: الله الله عباد الله أي اتقوا الله عباد الله فهنيئًا لمن تعلق قلبه بطاعة ربه وعمل لمرضاة ربه وهيّأ الزاد ليوم المعاد ولم يهمل شيئًا من الواجبات ولم يتأسف على دنيا زائلة ولم يلهث وراء المحرمات الفانية ولم يترك شيئًا مما فرض الله تعالى. الشريعة أيها المسلمون تعلم الأدب، الشريعة أيها الأحباب تحث على التزود للآخرة. فمن الآداب المحمدية ما ورد في الحديث الذي رواه ابن حبان وغيره ” المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون المرأة من وجه ربها إذا كانت في قعر بيتها “.

أولاً: معنى وجه الله هنا طاعة الله فمن اعتقد أن الوجه إذا أضيف إلى الله في القرءان أو في الحديث معناه الجسد الذي هو مركب على البدن فهو لم يعرف ربه لأن هذه هيئة الإنسان والملائكة والجن والبهائم، والله تعالى لا يشبه أحدًا من خلقه. أما معنى “المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ” يعني يهتم بها ليفتن بها غيرها. “وأقرب ما تكون المرأة من طاعة ربها إذا كانت في قعر بيتها ” معناه مطلوب من المرأة أن تلازم البيت لا تخرج إلا لحاجة. فما هذه العادة التي جلبها المستعمر قديمًا لهذه البلاد وهي أن النساء يُكثرن الخروج يوم الأحد يرغبن في الخروج إلى خارج البلد هذا هوى، لو منعن أنفسهن يكون خيرًا لهنّ عند الله، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال:” صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجدي ” فماذا يكون الخروج الذي النساء اليوم اعتدنه لمجرد التنـزه هذا من قلة الاستعداد للآخرة.

أتعلم أخي المسلم أن الصلاة في مسجد الرسول ثوابها يضاعف إلى خمسمائة ألف صلاة؟ مع هذا رغّب صلى الله عليه وسلم النساء أن لا يخرجن للصلاة في مسجده وأن يصلين في بيوتهن، عليهن أن يحاسبن أنفسهن، النساء تعودن الآن الانطلاق، تعودن الخروج إلى خارج البلد كل أحد هذا من قلة التفكير في الآخرة. القبر أمامهن، القبر بيت الوحدة وبيت الوحشة وبيت الدود وبيت الظلمة أما لو خرجت المرأة لتأييد دين الله تعالى فهذا فيه خير عظيم، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى. هذا وأستغفر الله.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.