وكان شيخنا رحمه الله يحب السواك كثيرا ويحث على استعماله، وكان يحب السواك أن يكون من خشب الأراك وأن يكون جديدا وأن يكون لينا، وكان يروي أحاديث رسول الله ﷺ في أمر السواك كحديث: «ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة من دون سواك» أخرجه البزار والبيهقي بسند جيد عن السيدة عائشة رضي الله عنها.
وكان شيخنا رحمه الله يقول: «السواك يضاعف أجر الصلاة»، وكان يحب ممن يرافقه أن يكون على وضوء وأن يكون طيب الرائحة وأن يكون ملازما لحمل السواك، فالسواك يطيب رائحة الفم ويبيض الأسنان ويشد اللثة ويساعد على تصحيح الحروف، وإذا دلك به لسان الطفل الذي تأخر نطقه يساعده على النطق، ويقوي الدماغ ويذكر بالشهادة عند الموت ويسخط الشيطان ويفرح الملائكة. وكان شيخنا إذا استيقظ من الليل استاك عملا بهدي رسول الله ﷺ، فقد روى لنا أن النبي ﷺ كان إذا استيقظ من الليل يشوص([1]) فاه بالسواك.
وكان شيخنا أحيانا يضع العسل في فمه ويستاك بالأراك وهو في فمه، وكان يقول: «ما لا يزيله السواك يزيله العسل»، وأحيانا يمسك زيتا في فمه ويستاك كما ذكرنا.
وكان رحمه الله يذكر حديث: «تهادوا تحابوا» رواه البخاري في «الأدب» والبيهقي والطبراني، وحديثا قدسيا فيه: «حقت([2]) محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتناصحين في، وحقت محبتي للمتباذلين في»، ويقول رحمه الله: «ينبغي للمسلم أن يبذل لأخيه المسلم شيئا ولو خفيفا كالسواك عملا بهذا الحديث».
وعلمنا رحمه الله أن الاستياك يستحب عرضا وعلى كراسي الأضراس وأن يمر على اللسان، وعلمنا أن رسول الله ﷺ قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» رواه ابن حبان والنسائي وابن ماجه. وعلمنا رحمه الله أنه ثبت في الحديث أن رسول الله ﷺ استاك بعد الزوال وهو صائم، وأن نقول بأن ذلك يستحب حتى للصائم ولو بعد الزوال.
وعلمنا رحمه الله أن الصحابة لشدة فقرهم كان بعضهم لا يجد ما يستر به العورة إلا قماشة يثقبها ويدخلها من الرأس ليستر العورة، ولا يجد قميصا له جيب فيضع السواك على ظهر أذنه لشدة اعتنائهم بالسواك، فينبغي لنا أن نضع سواكا في جيبنا وسواكا عند مصلانا وسواكا عند فراش نومنا، وكان لشيخنا العديد من الأسوكة، فكان في جيب قميصه وتحت المخدة وعلى سجادة الصلاة وفي موضع جلوسه وغيرها من المواضع، وهذا مما يذكر بالسواك في عدة مواطن، وكثيرا ما كان يستعمل السواك بعد الوضوء وقبله وعند القيام إلى الصلاة وعند القيام من النوم وكذا بعد الطعام، وكان يتب على سواكه حرف الشين حتى لا تضيع إذا اختلطت بمساويك غيره، وغالب أسوكته معتدلة ليست نحيفة ولا غليظة.
وقد حصل مرة أن أحد طلابه وقف خلفه للصلاة، فقال له الشيخ: ما معك سواك؟ فقال: لا، فقال له: رسول الله ﷺ قال: «استاكوا ولو بالأصابع»([3]).
([3]) رواه ضياء الدين المقدسي بإسناد حسن مرفوعا بلفظ: «يجزئ من السواك الأصابع».