استدلال الشيخ أبي سعيد المتولّي الشافعيّ الأشعريّ([1])
رحمه الله (ت 478هـ)
قال الشيخ أبو سعيد المتولي الشافعيّ الأشعريّ([2]) ما نصه: «والغرض من هذا الفصل نفي الحاجة إلى المحل والجهة خلافًا للكرّامية والحشوية والمشبهة الذين قالوا: إن لله جهة فوق. وأطلق بعضهم القول بأنه جالس على العرش مستقرّ عليه، تعالى الله عن قولهم. والدليل على أنه مستغنٍ عن المحل أنه لو افتقر إلى المحلّ لزم أن يكون المحلّ قديمًا لأنه قديم أو يكون ـ يعني الله ـ حادثًا كما أن المحلّ حادث، وكلاهما كفر. والدليل عليه أنه لو كان على العرش على ما زعموا لكان لا يخلو إما أن يكون مِثْل العرش أو أصغر منه أو أكبر، وفي جميع ذلك إثبات التقدير والحدّ والنهاية وهو كفر. والدليل عليه أنه لو كان في جهة وقدّرنا شخصًا أعطاه الله تعالى قوة عظيمة واشتغل بقطع المسافة والصعود إلى فوق لا يخلو إما أن يصل إليه وقتًا ما أو لا يصل إليه. فإن قالوا: لا يصل إليه فهو قول بنفي الصانع لأن كل موجودين بينهما مسافة معلومة، وأحدهما لا يزال يقطع تلك المسافة ولا يصل إليه يدل على أنه ليس بموجود. فإن قالوا: يجوز أن يصل إليه ويحاذيه فيجوز أن يماسّه أيضًا، ويلزم من ذلك كفران: أحدهما: قدم العالم لأنَّا نستدل على حدوث العالم بالافتراق والاجتماع، والثاني: إثبات الولد والزوجة» اهـ.
[1] ) عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري أبو سعيد، ت 478هـ، فقيه مناظر عالم بالأصول، ولد بنيسابور سنة 426هـ وتعلم بمرو. وتولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد وتوفي بها. كان جامعًا بين العلم والدّين وحسن السيرة وتحقيق المناظرة. له يد قوية في الأصول والفقه والخلاف. له: «تتمة الإبانة»، و«الغنية في أصول الدين». وفيات الأعيان، ابن خلكان، 3/133، 134. الأعلام، الزركلي، 3/323.
[2] ) الغُنية في أصول الدين، المتولي، ص73، 75.