الخميس ديسمبر 12, 2024

استدلال الإمام البيهقيّ (ت 458هـ)

قال الحافظ البيهقيّ([1]): «فإن قال قائل: فما الدليل على أنه ـ أي الله ـ ليس بجسم ولا جوهر ولا عَرَض؟ قيل: لأنه لو كان جسمًا لكان مؤلَّفًا، والمؤلَّف شيئان، وهو سبحانه شىء واحد([2]) لا يحتمل التأليف.

وليس بجوهر لأن الجوهر هو الحامل للأعراض القابل للمتضادّات، ولو كان كذلك لكان ذلك دليلًا على حدوثه، وهو سبحانه وتعالى قديم لم يزل.

وليس بعَرَض لأنّ العَرَضَ لا يصحّ بقاؤه ولا يقوم بنفسه، وهو سبحانه قائم بنفسه([3]) لم يزل موجودًا ولا يصحّ عَدَمه.

فإن قال قائل: فإذا كان القديم سبحانه شيئًا لا كالأشياء، لِـمَ أنكرتم أن يكون جسمًا لا كالأجسام؟

قيل له: لو لزم ذلك للزم أن يكون صورة لا كالصور، وجسدًا لا كالأجساد، وجوهرًا لا كالجواهر، فلمّا لم يلزم ذلك لم يلزم هذا» اهـ.

وقال رحمه الله أيضًا([4]): «والحدّ يوجب الحَدَثَ لحاجة الحدّ إلى حادّ خصَّه به، والبارئ قديم لم يزل» اهـ.

[1] ) شعب الإيمان، البيهقيّ، 1/136.

 

[2] ) أي أن الله تعالى ليس بشىء يتجزّأ ويتقسّم، فالله واحد لا بمعنى العدد، ولكن بمعنى أنه لا شريك له.

 

[3] ) معنى قيامه بنفسه تعالى هو استغناؤه عن كلّ ما سواه، فلا يحتاج إلى مخصّص له بالوجود، لأنّ الاحتياج إلى الغير ينافي القِدم والأولية، وقد ثبت وجوب قِدمه تعالى وبقائه، فوجب استغناؤه تعالى عن كلّ مخلوق.

 

[4] ) الأسماء والصفات، البيهقيّ، ص 415.