الأحد ديسمبر 22, 2024

تفسير قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُوْلئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فىِ الأَخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ} [سورة ءال عمران/٧٧].

قال الإمام الفخر الرازي في تفسير الآية: أما الأول وهو قوله: {لا خَلاقَ لَهُمْ فىِ الأَخِرَةِ} فالمعنى لا نصيب لهم في خير الآخرة ونعيمها، واعلم أن هذا العموم مشروط بإجماع الامة بعدم التوبة، فإنه إن تاب عنها سقط الوعيد بالإجماع وعلى مذهبنا مشروط أيضًا بعدم العفو فإنه تعالى قال: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء/٤٨].

وأما الثاني وهو قوله: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ} المقصود بيان شدة سخط الله عليهم.

وأما الثالث وهو قوله: {وَلا يَنظُرُ إلَيْهِمْ} فالمراد أنه لا ينظر إليهم بالإحسان، يقال فلان لا ينظر إلى فلان، والمراد به نفي الاعتداد به وترك الإحسان إليه، ولا يجوز أن يكون المراد من هذا النظر الرؤية لأنه تعالى يراهم كما يرى غيرهم، ولا يجوز أن يكون المراد من النظر تقليب الحدقة إلى جانب المرئيّ التماسًا لرؤيته، لأن هذا من صفات الأجسام وتعالى إلهنا عن أن يكون جسمًا.

وأما الرابع وهو قوله تعالى: {وَلا يُزَكِّيهِمْ} قيل لا يزكيهم أي لا يثني عليهم كما يثني على أوليائه الأزكياء، واعلم أن تزكية الله عباده قد تكون على ألسنة الملائكة كما قال: {وَالمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[سورة الرعد/٢٣-٢٤] وقال: {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}[سورة الأنبياء/١٠٣]{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [سورة فصلت/٣١] وقد تكون بغير واسطة أما في الدنيا فكقوله: {التَّائبُونَ العَابِدُونَ} [سورة التوبة/١١٢] وأما في الآخرة فكقوله: {سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَّبٍّ رَّحِيمٍ} [سورة يس/٥٨].

وأما الخامس وهو قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيِمٌ} فاعلم أنه تعالى لما بيّن حرمانهم من الثواب بيّن كونهم في العقاب الشديد المؤلم.