قال مرعي الكَرْمي المقدسي الحنبلي (توفّي 1033هـ) في أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات: قال المازري (وقد غلط ابن قتيبة في هذا الحديث (حديث فإن الله خلق ءادم على صورته) فأجراه على ظاهره وقال الله صورة لا كالصور، قال وهذا كقول المجسمة جسم لا كالأجسام، لما رأوا أهل السنة يقولون الله تعالى شيء لا كالأشياء، والفرق أن لفظة شيء لا تفيد الحدوث ولا تتضمن ما يقتضيه، وأما جسم وصورة فيتضمنان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث). اهـ
أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التَّميمي المازَري الشيخ العلامة إمام المالكية في عصره بلغ درجة الاجتهاد المُطلق.
قال عنه القاضي عياض (هو آخر المتكلمين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقّة النظر، لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض أفقه منه ولا أقوم بمذهبهم).
فائدة:
حديث (إنّ اللهَ خَلَق ءادمَ على صُورَتِه) رواه أحمد والبخاري ومسلم، وفي لَفظٍ (على صُورةِ الرّحمَن) رواه الطبراني والدارقطني، هذا العلماءُ قَبِلُوهُ مع التّأويل.
لاَ يَصِحُّ عَقْلاً وَلاَ شَرْعًا أَن يَتَّصِفَ الْعَبْدُ أَوْ أَيُّ شَىْءٍ مِنَ الأَشْياءِ الْحَادِثَةِ بِشَىءٍ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تعالى، وَلَقَد أَساءَ التَّعْبِيرَ مَنْ قالَ إِنَّ اللهَ جَعَلَ ءادَمَ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِهِ (أَي بِصِفَاتِ اللهِ) مِن سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ في تَفْسيرِهِ الْحَدِيثَ الَّذي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (إِنَّ اللهَ خَلَقَ ءادَمَ عَلَى صُورَتِهِ)، وَهَذا الْتَّعْبِيرُ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الْحَدِيثَ فَاسِدٌ، لأَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَشَىْءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَيُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُشَارَكَةِ، أَمَّا إِذا قيلَ اللهُ عَالِمٌ والشَّافِعِيُّ عَالِمٌ، فَهَذَا لا يُسَمَّى مُشَارَكَةً، إِنَّما يُسَمَّى اتِّفَاقًا لَفْظِيًّا مَعَ اخْتِلافِ الْمَعْنَى في وَصْفِ اللهِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا وَوَصْفِ الْمَخْلُوقِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا.
وَمَعْنَى (على صُورَتِهِ) أَيْ عَلَى الْصُّورَةِ الَّتي خَلَقَهَا اللهُ وَشَرَّفَهَا، كَمَا هُوَ الْمَعْنَى في قَوْلِهِ تعالى في حَقِّ عِيسَى (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُوحِنَا) التَّحريِم، 12، أَيْ أَمَرْنَا الْمَلَكَ جِبْرِيلَ أَنْ يَنْفُخَ في مَرْيَمَ رُوحَ عِيسَى الَّذِي هُوَ رُوحٌ مُشَرَّفٌ عِنْدَنا فَهَذِهِ الإضَافَةُ إِضَافَةُ الْمِلْكِ وَالتَّشْرِيفِ وَلَيْسَتْ إِضَافَةَ الْجُزْئِيَّةِ.
جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خلق الله ءادم على صورته طوله ستون ذراعًا) إن الضمير في كلمة (صورته) يعود على ءادم أي ان الله خلق ءادم على صورة ءادم الأصلية ولم يترق من قرد إلى أن صار إنسانًا، فالمسلم يعتقد أن ءادم عليه السلام الذي هو أول البشر كان جميل الشكل ولم يكن قبيحًا منظره منفر ولا شبيهًا بالقرد.
ولقد ظهرت نظرية فاسدة باطلة في البلاد الأوروبية تقول (إن الإنسان أصله قرد ثم ترقى بسبب عوامل مجهولة حتى صار هذا الإنسان) وهذه النظرية مسماة بنظرية (النشوء والارتقاء) التي ابتدعها (داروين) وتلقفها المفتونون بكل جديد ولو كان سخيفًا باطلاً.
إن هذه النظرية مردودة باطلة عند المسلمين، ومن يعتقدها لا يكون مؤمناً بالله ورسوله، فكما قلنا المسلم يعتقد أن ءادم عليه السلام الذي هو أول البشر كان جميل الشكل ولم يكن قبيحًا منظره منفر ولا شبيهًا بالقرد. وقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(خلق الله ءادم على صورته طوله ستون ذراعًا) إن الضمير في كلمة (صورته) يعود على ءادم أي أن الله خلق ءادم على صورة ءادم الأصلية ولم يترق من قرد إلى أن صار إنسانًا
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بعث الله نبيًا إلا حسنَ الوجه حسنَ الصوت وإن نبيكم أحسنُهم وجهًا واحسنُهم صوتًا). رواه الترمذي