الجمعة أكتوبر 18, 2024

إلقاء السلام:

وقد جاء في الحديث “دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك موكل به كلما دعا لأخيه بخير قال الملك آمين ولك بمثل ذلك”.

قال الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا).

وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام أحسن فقال: أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف أي من الأمور التي يدعو إليها الإسلام أن تطعم الطعام، وتسلم على من تعرف وعلى من لا تعرف.

في رواية لمسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: “حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه.

“السلام عليكم” ما أجمل وأعظم هذه الكلمة اللطيفة حينما يعلنها المرء لمن يلقاه، إنها إعلاه وإعلام لحالة السلم والصلح والأمان والوئام بين الطرفين المتلاقيين. وبدء المسلم بالسلام سنة لم يختلف في ذلك علماء الإسلام.

ومن آداء السلام ما جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير” فالقادم الزائر يبدأ بالسلام وإن سبقه المزور يرد الزائر عليه وإن كان الزائر لم يسلم نقول له مرحبا، وإن سلم نرد عليه ثم نقول له مرحبا. كلمة مرحبا في الأصل معناها جئت مكاناً واسعاً.

ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه: “والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكلمة الطيبة صدقة معناه الكلام الحسن صدقة كل كلام حسن يتكلم به الشخص صدقة أي فيه ثواب كما أن الصدقة فها ثواب وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة. الكلام صنفان كلام طيب وكلام خبيث، الكلام الذي يتكلم به الإنسان ما كان من طاعة الله من الحسنات فهو يقال له كلمة طيبة وما كان خبيثاً يقال له كلمة خبيثة، كثيرة هي العبارات اللطيفة التي تجعل الشخص الآخر سعيدًا يشعر بالتقدير الاحترام والأهمية وتجعله يميل إلى حب القائل ووده نحو: “هل أطمع في..” هل تتفضل بـ ” “هل تسمح لي أن..” إني أشكر لك.. أقدر فيك.. يعجبني فيك… لو تكرمت.. ما تقوم به كخدمة للناس.. أنت شخص لك دور مهم في..

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت الناس بما يحب أن يؤتى إليه.

هذا الحديث يعلمنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أراد النجاة من النار والفوز بالجنة فليعمل بهذه  الأمور وهي الإيمان بالله واليوم الآخر وما يلزم مع ذلك من أمور الإيمان ويعامل الناس بما يحب أن يعامله الناس به، كل واحد ينبغي أن يعامل الناس بما يعامله الناس به، الواحد منا يحب أن يعامله الناس بالصدق لا بالكذب، بالأمانة لا بالخيانة والغش، كذلك ينبغي على أحدنا أن يعامل الناس بمثل ذلك، نصدقهم في حديثنا معهم ونعاملهم بالأمانة، لا بالغش والخيانة، وبالعفو والصفح إذا أساءوا إلينا كذلك أحدنا يحب أن يعمل الناس معه الشيء المعروف، العمل الحسن، كذلك نحن لنعامل الناس بالمعروف ولا يقل أحدنا: هم أساءوا إلي فأنا أسيء إليهم، نعامل الذي أساء إلينا بالإحسان، نكسر أنفسنا نخالف أنفسنا، لأن نفس الإنسان تحب أن تكون هي العالية على الناس، هذا معنى الحديث. وأكثر الناس بعيدون عن العمل بهذا الحديث، لو عملوا بهذا الحديث لكانوا أولياء. هكذا الذي يريد الفوز في الآخرة لا يطع هواه بل يخالف هواه، الإنسان إذا عظم في قلبه أمر الآخرة هان عليه مخالفة هواه، الهوى ما تميل إليه النفس، النفس مجبولة على حب أشياء: حب الشهوات كالأكل والشرب وغير ذلك وعلى حب التعالي وعلى حب الترفع وهذا امر مذموم عند الله ثم فيه ضرر على الشخص، يضره في دينه، مخالفة النفس أمر مهم قال بعض الأولياء من الصوفية: أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك معناه ليس عدو الإنسان الشيطان فقط نفسه أيضاً عدوه لأنه إن أطاعها في هواها تهلكه وذلك يساعد الشيطان على الشخص. فقد رأى بعض الأولياء ولياً آخر متربعاً في الهواء فقال: “بم وصلت إلى هذه المرتبة” قال: “بمخالفتي نفسي” لو أن إنساناً سبه يقول أنا أعفو عنه فلا يقابله بالسب ولو كان يعلم فيه ما يسب به، ولو كان هو افترى عليه وسبه بما ليس فيه لا يقل هذا سبني بما ليس في فكيف أسكت لأنتقم منه، إذا ترك الانتقام خير له، زين العابدين رضي الله عنه ابن سيدنا الحسين الذي كان يقال له السجاد، كان من أجمل الناس خلقة ومن أحسن الناس خلقا ومن أسخى الناس، الناس من حسن حاله منظره كانوا يهابونه أكثر من الملوك هذا أهانه شخص في وجهه فسكت، ما رد عليه، ما انتقم منه، فذاك لما وجده لا يرد عليه قال له: إياك أعني فقال: “وعنك أغضي”، معناه أنا عمداً أسكت عنك لا أعاملك بالمثل، فذلك الرجل تراجع في نفسه وندم على ما فعل، قال في نفسه أنا عاملته بالشتم والإهانة وهو ما قابلني بالمثل بل أغضى عني فوبخ نفسه، لام نفسه. هكذا المؤمن ينبغي أن يعامل الناس بالعفو والصفح ويخالف نفسه.

عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله وعليه بر نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء.

وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لصحابي يقال له أبو جُري سليم بن جابر الهجيني: وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك وفي لفظ: إن امرؤ عيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه. هذا الحديث يدل على مكارم الأخلاق لأن من جملة مكارم الأخلاق أن تعفو عمن ظلمك، فالأفضل لمن عيره إنسان بما يعلم فيه أن يعفو عنه ولا يقابله بالمثل.

يقول أبو جري الهجيني: فما سببت بعد ذلك إنساناً ولا دابة. هكذا شأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرصون على امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أي محاسنها معناه بين المؤمنين. وقالت عائشة رضي الله عنها في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقرأ القرآن وليفهمه، ومن الأخلاق التي جاء بها القرآن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى عن الغير. وقال عليه الصلاة والسلام: كنت بين شر جارين عقبة بن أبي معيط وأبي لهب كانا يرميان بما يخرج من الناس على بابي أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحمل أذهما مع أنه كان أشجع خلق الله على الإطلاق وكان أوتي من القوة البدنية قوة أربعين رجلا ومع كل ذلك كان خلقه العفو والصفح.

وفي رواية لجابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاخترطه، فقال: تخافني؟ قال: لا فقال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله، قال: فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف، فقال: من يمنعك مني؟ فقال: كن خير آخذ فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس.

وأما ما يرويه بعض الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اليهود يرمون الزبالة على بابه ثم ذات يوم لم ير ذلك فتفقدهم فهو كذب وافتراء ليس له أصل في كتب السنة المكرمة.