إثبات صحة خروج المهدي ونزول المسيح عيسى
اعلم أن المحدثين متفقون على صحة حديث خروج المهدي فقد صرّح الحافظ ابن حجر بثبوته [(1213)] والحافظ السخاوي [(1214)] والحافظ السيوطي بل قال [(1215)]: «إنه متواتر تواترًا معنويًّا»، وأكثر الأئمة الذين ألّفوا في الحديث أو خلق كثيرٌ منهم وضعوا ترجمة لخروجه كالحافظ نُعيم بن حماد، وشمس الدين محمد القرطبي [(1216)] بل أفرد عدةٌ منهم التأليف في أخباره كيوسف بن يحيى السُّلمي [(1217)] والحافظ السيوطي [(1218)]. ولا عبرة بطعن أناسٍ ليسوا من المحدثين في ذلك، ولا عبرة بكلام مقدمة ابن خلدون [(1219)] لأن غاية ما اعتمد عليه في القدح الكلام الذي قيل في بعض الرواة ولا شأن في التضعيف والتصحيح باعتبار حال الإسناد لغير الحافظ وابن خلدون ليس بحافظٍ ولا محدثٍ وقد ألف الحافظ أحمد الغماري كتابًا سماه «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون» رد عليه وفند أقواله.
ثم من جملة ما ورد في المهدي ما أخرجه أبو داود في سننه وابن حبان [(1220)] وغيرهما واللفظ لابن حبان كلهم من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها قسطًا وعدلا» وعند أبي داود: «يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما مُلئت ظلمًا وجَوْرًا» وورد أيضًا من حديث أبي سعيد عند ابن حبان أيضًا [(1221)].
وأما نزول المسيح فأخرج حديثه البخاري ومسلم والحاكم والبيهقي [(1222)] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده ليوشِكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلا فيكسرَ الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيضَ المال حتى لا يقبلَهُ أحد حتى تكون السجدة خيرًا من الدنيا وما فيها». وفيه من طريقٍ ءاخر [(1223)] «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم»، ولفظ مسلم نحو ذلك [(1224)]، ولفظ البيهقي في الأسماء والصفات [(1225)] «ينزل عيسى ابن مريم من السماء» وفي هذه الرواية تكذيب للقاديانية الكافرة في دعواهم أنه لم يرد في حديث نزول المسيح ذكر لفظ «من السماء». وعند أبي داود والإمام أحمد بإسناد صحيح [(1226)] «ويدعوَ الناس إلى الإسلام ويضعَ الجزية» أي أن الله تعالى جعل إقرار الكفار بالجزية [(1227)] مُغَيًا بنزول المسيح فكان من شرع محمد نسخ الجزية بنزول المسيح. وعند ابن حبان عن ابن عباس [(1228)] عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ … *﴾ [سورة الزخرف] قال «نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة». وأحاديث نزوله مشهورة قريب من المتواتر.
ـ[1213] أي لم يجبرهم على ترك دينهم بالقوة إذا دفعوا الجزية.
ـ[1214] رواه ابن حبان في صحيحه انظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (8/ 288).
ـ[1215] رواه النسائي في السنن الكبرى (6/ 489)، وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1110).
ـ[1216] تهذيب التهذيب (2/ 88)، السير للذهبي (6/ 255).
ـ[1217] مسند البزار (2/ 215)، وانظر كشف الأستار (4/ 92).ـ[1218] المعجم الأوسط (8/ 254)، والبزار من طريق ءاخر ليس فيه الربيع بن سعيد (2/ 215)، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 238): «رواه البزار والطبراني في الاوسط وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد ووثقه ابن حبان (7/ 297)» اهـ.
ـ[1219] التلخيص الحبير (4/ 44).
ـ[1220] رواه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام.
ـ[1221] رواه البخاري في صحيحه: كتاب الصلاة: باب التعاون في بناء المسجد، وأحمد في مسنده (3/ 91).
ـ[1222] الخصائص الكبرى (2/ 140).
ـ[1223] رواه الطبراني في المعجم الأوسط (9/ 194)، وأحمد في مسنده (4/ 198)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 244): «رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات».
ـ[1224] عزاه له الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 297) وقال: «رواه الطبراني وقد صرح ليث بالتحديث ورجاله رجال الصحيح».
ـ[1225] فتح الباري (1/ 543).
ـ[1226] فتح الباري (7/ 104).
ـ[1227] و [(1303)] الموضوعات لابن الجوزي (2/ 24).
ـ[1228] فتح الباري (7/ 104).