أَمْثِلَةٌ
فِي تَأْوِيْلِ الْمُتَشَابِهَاتِ: أولًا مِنَ
القُرْءَانِ الكَرِيْمِ:
– قَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲢﱠ([1])
أَيْ هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ
وَرَبُّ الأَرَضِيْنَ، وَهُوَ الْمَعْبُوْدُ فِي السَّمَاءِ مِنْ قِبَلِ
الْمَلَائِكَةِ وَالْمَعْبُوْدُ فِي الأَرْضِ مِنْ قِبَلِ الإِنْسِ وَالجِنِّ
الْمُسْلِمِيْنَ([2]).
– وقولُه تَعَالَى: ﭐﱡﭐﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱼﱠ([3]) فالغضبُ
إذا أُضيفَ إلى اللهِ تعالى يكونُ على معنى إرادةِ الانتقَامِ ([4]).
– وقولُه تعالى: ﭐﱡﭐﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ
ﱽ ﱾﱿﱠ([5])
ومعناهُ: يؤذونَ رسولَ اللهِ ﷺ
والمؤمنينَ ([6]).
– وقولُه أيضًا: ﭐﱡﭐﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱯﱠ([7])
قَالَ البَيْضَاوِيُّ ([8]):
يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ ([9]).
– وقولُه أيضًا: ﱡﭐﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲘﱠ([10])
أَيْ قَهَرَ العَرْشَ وَحَفِظَهُ
مِنْ أَنْ يَسْقُطَ فَيُدَمِّرَ مَا تَحْتَهُ ([11]).
– وقولُه أيضًا: ﱡﭐﲤ ﲥ
ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﳃﱠ([12])
قَالَ الخَازِنُ: بِالنُّصْرَةِ وَالْمَعُوْنَةِ ([13]).
– وقولُه تعالى عن سفينةِ نوحٍ عليهِ
السلامُ: ﱡﭐﱻ ﱼﲁﱠ([14])
قَالَ الفَخْرُ الرَّازِيُّ: أَيْ
حِفْظِنَا، وَحِفْظُ السَّفِينَةِ حِفْظٌ لِأَصْحَابِهَا وَحِفْظٌ لِأَمْوَالِهِمْ
وَدَوَابِّهِمْ وَالْحَيَوَانَاتِ الَّتِي مَعَهُم” ([15]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِمُوْسَى
عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﭐﱡﭐﱜ ﱝ ﱞﱟﱠ([16])
قَالَ أَبُو
حَيَّانَ ([17]): عِبَارَةٌ عَنِ الْحِفْظِ وَالْكِلَاءَةِ ([18]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐﱁ ﱂ
ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊﱜﱠ([19])
أَيْ عَهْدُ اللهِ فَوْقَ عُهُوْدِهِم أَيْ ثَبَتَ عَلَيْهِم عَهْدُ اللهِ،
لِأَنَّ مُعَاهَدَتَهُم لِلرَّسُوْلِ تَحْتَ شَجَرَةِ الرِّضْوَانِ فِي
الحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا مُعَاهَدَةٌ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى،
لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَمَرَ نَبِيَّهُ
ﷺ بِهَذِهِ الْمُبَايَعَةِ([20]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳙﱠ([21])
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ ([22]):
نَرَاكَ وَنَحْفَظُكَ وَنَرْعَاكَ([23]).
وَقَالَ البَيْضَاوِيُّ: فِي حِفْظِنَا بَحَيْثُ نَرَاكَ وَنَكْلَؤُكَ، وَجَمْعُ
العَيْنِ لِجَمْعِ الضَّمِيْرِ وَالْمُبَالَغَةِ بِكَثْرَةِ أَسْبَابِ الحِفْظِ
([24]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃﳨ
ﱠ([25])
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: جَوَادٌ
يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ([26])
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱠ([27])
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَنَحْنُ
أَقْرَبُ إِلَيْهِ أي بالعِلْمِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ” ([28]).
وَقَالَ البَيْضَاوِيُّ: أَيْ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ مِمَّنْ كَانَ أَقْرَبَ
إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ([29]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳍﱠ([30])
قالَ ابنُ عطيةَ: يَنْظُرُونَ معناه ينتظرونَ والمعنى يأتيهم حكمُ اللهِ وأمرُه
ونهيُه وعقابُه إيَّاهُم([31]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐﳊ ﳋ ﳌ ﳍ
ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳘﱠ([32])
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: فِيْهِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: فِي طَاعَةِ اللهِ
تَعَالَى، قَالَهُ الحَسَنُ. وَالثَّانِي: فِي حَقِّ اللهِ، قَالَهُ سَعِيْدُ بنُ
جُبَيْرٍ. وَالثَّالِثُ: فِي أَمْرِ اللهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالزَّجَّاجُ
([33]).
وَالرَّابِعُ: فِي ذِكْرِ اللهِ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ ([34]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐﱪ ﱫ
ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰﱠ([35])
قَالَ الرَّازِيُّ([36])
وَالبَيْضَاوِيُّ([37])
وَالنَّسَفِيُّ([38])
وَأَبُو حَيَّانَ ([39]):
وَجْهُ رَبِّكَ أَيْ ذَاتُهُ.
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ
ﱓ ﱔﱕﱠ([40])
قَالَ الطَّبَرِيُّ: يَقُولُ: وَلَمَّا يَتَبَيَّنْ لِعِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ
الْمُجَاهِدُ مِنْكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ ([41]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑﱠ([42])
قَالَ الخَازِنُ: فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيْلِ الآيَةِ فَقِيْلَ فِي
تَأْوِيْلِهَا: وَجَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ بِالْمُحَاسَبَةِ وَالجَزَاءِ، وَقِيْلَ:
جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَقَضَاؤُهُ، وَقِيْلَ: وَجَاءَ دَلَائِلُ ءَايَاتِ رَبِّكَ
([43])،
وقالَ ابنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما: أمرُه وقضاؤُه” ([44]).
–
وَقَوْلُهُ
تَعَالَى: ﭐﱡﭐﲄ ﲅ ﲆﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲒﱠ([45])
قَالَ الطَّبَرِيُّ: “قِبْلَةُ اللهِ”([46]).
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: “فَثَمَّ قِبْلَةُ اللهِ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ”
([47]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾﳇﱠ([48])
قَالَ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ فُوْرَكَ([49]):
إِنَّهَا فِي مَقْدُوْرِهِ([50])
([51]).
– وقولُه تعالى: ﭐﱡﭐﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﲭﱠ([52])
قَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ([53])
وَتَاُج القُرَّاءِ الكِرْمَانِيُّ ([54]):
” يَخَافُوْنَ اللهَ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِم عَذَابًا مِنْ فَوْقِ
رُءُوْسِهِم”([55])([56])،
وليسَ قولُه ﴿ﲧ ﲨ﴾
حالًامن ربِّهم، تعالى اللهُ عن الجهةِ والمكانِ. وقال ابنُ عطيةَ: “وَقَوْلُهُ
﴿ﲧ ﲨ﴾
يحتملُ معنيينِ: أحدُهما: الفوقيةُ التي يوصفُ بها اللهُ تعالى فهيَ فوقيةُ القدرِ
والعظمةِ والقهرِ والسُّلطانِ، والآخرُ: أنْ يتعلَّقَ قولُه: ﴿ﲧ ﲨ﴾
بقولِه: ﴿ﲥ﴾
أي يخافونَ عذابَ ربِّهم مِنْ فوقِهم، وذلكَ أنَّ عادةَ عذابِ الأُمَمِ إنَّما أتَى
مِنْ جهةِ فوق”([57]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽﱠ([58])
قَالَ ابْنُ فُوْرَكَ: أَيْ إِلَى
مَرْضَاةِ رَبِّي، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي أَمَرَنِي بِالذَّهَابِ إِلَيْهِ([59]).
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: فَالْمَعْنَى إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى حَيْثُ أَمَرَنِي
رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ سَيَهْدِيْنِ إِلَى حَيْثُ أَمَرَنِي. وقالَ القُرْطُبِيُّ: ”
أَيْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ” ([60]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﳇﱠ([61])
قَالَ الخَازِنُ: يَقْبَلُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ وَيَرْفَعُ العَمَلَ الصَّالِحَ.
وَقَالَ القُشَيْرِيُّ: أَرَادَ بِهِ صُعُوْدَ قَبُوْلٍ ([62]).
وَقَالَ البَيْضَاوِيُّ: وَصُعُوْدُهُمَا إِلَيْهِ مَجَازٌ عَنْ قَبُوْلِهِ
إِيَّاهُمَا” ([63]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﭐﱡﭐﲿ ﳀ ﳁﳇﱠ([64])
قَالَ ابْنُ فُوْرَكَ: ذُكِرَتِ اليَمِيْنُ لِلْمَبَالَغَةِ فِي الاقْتِدَارِ
” ([65]).
– وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱲﱠ([66])
قَالَ ابْنُ
عَطِيَّةَ: وَقَولُهُ: “﴿ﱚ﴾
إِضَافَةُ
تَشْرِيْفٍ لَمَّا كَانَتْ سَمَاءَهُ وَالجِهَةَ الْمُكَرَّمَةَ الْمُعَظَّمَةَ
الْمَرْجُوَّةَ، وَإِلَّا فَمَعْلُوْمٌ أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَيْرُ مُتَحَيِّزٍ
فِي جِهَةٍ”([67]). وَقَالَ البَيْضَاوِيُّ: ” إِلَى مَحَلِّ كَرَامَتِي وَمَقَرِّ
مَلَائِكَتِي”([68]). وقالَ أبو حيَّانَ: “﴿ﱚ﴾ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ، وَالْمَعْنَى إِلَى سَمَائِي
وَمَقَرِّ مَلَائِكَتِي. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْبَارِئَ تَعَالَى لَيْسَ
بِمُتَحَيِّزٍ فِي جِهَةٍ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْمُشَبِّهَةُ فِي ثُبُوتِ
الْمَكَانِ لَهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: إِلَى مَحَلِّ ثَوَابِي”([69])اهـ
([8])
عبد الله بن عمر بن محمد أبو الخير القاضي ناصر الدين البيضاوي
كان إماما صالحا متعبِدا ولي قضاء القضاة بشيراز ودخل تبريز وناظر بها توفي 691هـ.اهـ طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي ج8 ص 157.
([17])
محمد بن يوسف بن حيان الغرناطي أبو حيان الأندلسي ولد سنة 654هـ
قال أبو حيان: وعدة من أخذت عنه أربع مائة وخمسون شخصا، وأما من أجازني فكثير جدا.اهـ
وله التصانيف التي سارت في آفاق الأرض، وصارت تلامذته أئمة وأشياخا وهو الذي جسر
الناس على قراءة كتب ابن مالك ورغبهم فيها وشرح لهم غامضها. وقال الأسنوي: كان
إمام زمانه في علم النحو. ومات بمنزله سنة 745هـ.اهـ الدرر الكامنة لابن حجر ج 4 ص
302.
([22])
عبد الرحمن بن عليّ بن محمد البكري من وَلد الإمام أبي بكر
الصديق رضي الله تعالى عنه الإِمام أبو الفرج ابن الجَوْزِي البغدادي الحنبلي
الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم من التفسير والحديث والفقه والوعظ
والزهد والتاريخ، ولد تقريبًا سنة ثمان أو عشر وخمسمائة وتوفي سنة 598هـ.اهـ طبقات
المفسرين للسيوطي ص61.
([33])إبراهيم بن
السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج، عالم بالنحو واللغة ولد ومات في بغداد، وكانت
للزجاج مناقشات مع ثعلب وغيره، من كتبه معاني القرآن والاشتقاق، ولد سنة 241هـ
وتوفي سنة 311هـ الأعلام ج1 ص40.
([51])
الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك المتكلم الأصولي
الأصبهاني؛ أقام بالعراق مدة يدرس العلم، ثم توجه إلى الري فسعت به المبتدعة،
فراسله أهل نيسابور والتمسوا منه التوجه إليهم، ففعل وورد نيسابور، وأحيا الله
تعالى به أنواعًا من العلوم، دعي إلى مدينة غَزْنَةَ وجرت له بها مناظرات كثيرة،
ثم عاد إلى نيسابور فَسُمَّ في الطريق فمات هناك ونقل إلى نيسابور ودفن بالحيرة،
ومشهده بها ظاهر يزار ويستسقى به وتجاب الدعوة عنده، وكانت وفاته سنة ست وأربعمائة
رحمه الله تعالى.اهـ وفيات الأعيان لابن خلكان ج 2 ص 359.
([53])
عبد الكريم بن هوازن النيسابوري الأستاذ أبو القاسم القشيري
النيسابوري وصاحب الرسالة التي سارت مغربا ومشرقا، أحد أئمة المسلمين علما وعملا
إمام الأئمة أحد من يقتدى به في السنة ويتوضح بكلامه طرق النار وطرق الجنة، الجامع
بين أشتات العلوم ولد في ربيع الأول سنة 376هـ، ولما مرض لم تَفُتْهُ ولا ركعة
قائما بل كان يصلي قائما إلى أن توفي رحمه الله في صبيحة يوم الأحد السادس عشر من
شهر ربيع الآخر سنة 465هـ، ودفن في المدرسة إلى جانب أستاذه أبي علي الدقاق رحمهما
الله تعالى اهـ طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي ج5 ص 153-155.