الخميس نوفمبر 21, 2024

أَقْسَامُ الْمِيَاهِ

   الْمِيَاهُ أَقْسَامٌ مِنْهَا مَا يَصِحُّ التَّطَهُّرُ بِهِ وَمِنْهَا مَا لا يَصِحُّ وَهِىَ

(1) مَاءٌ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ أَىْ طَاهِرٌ بِنَفْسِهِ مُطَهِّرٌ لِغَيْرِهِ أَىْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَيُزِيلُ النَّجَسَ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ أَىِ الَّذِى يَصِحُّ إِطْلاقُ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِلا قَيْدٍ كَمَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْبَحْرِ وَمَاءِ النَّهْرِ وَمَاءِ الْعَيْنِ وَمَاءِ الثَّلْجِ وَمَاءِ الْبَرَدِ وَأَمَّا الْمَاءُ الْمُقَيَّدُ فَهُوَ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الزَّهْرِ فَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ لِلتَّطْهِيرِ.

(2) وَمَاءٌ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ أَىْ طَاهِرٌ بِنَفْسِهِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لِغَيْرِهِ أَىْ لا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلا يُزِيلُ النَّجَسَ وَهُوَ

  • الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَهُوَ الَّذِى اسْتُعْمِلَ فِى مَا لا بُدَّ مِنْهُ فِى الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَوِ اسْتُعْمِلَ فِى إِزَالَةِ نَجِسٍ إِذَا طَهُرَ الْمَحَلُّ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَإِنْ لَمْ يَطْهُرِ الْمَحَلُّ أَوْ تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ فَهُوَ نَجِسٌ.
  • وَالْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِمَا خَالَطَهُ مِنَ الطَّاهِرَاتِ فَإِذَا خَالَطَ الْمَاءَ طَاهِرٌ يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ بِلا مَشَقَّةٍ وَغَيَّرَ الْمَاءَ تَغْيِيرًا كَثِيرًا فَهَذَا الْمَاءُ لا يَصْلُحُ لا لِلْوُضُوءِ وَلا لِلْغُسْلِ وَلا لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَأَنْ وَقَعَ فِى الْمَاءِ حَلِيبٌ أَوْ سُكَّرٌ فَغَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا أَمَّا مَا يَقَعُ فِى الْمَاءِ وَلا يُغَيِّرُهُ تَغْيِيرًا كَثِيرًا فَلا يُؤَثِّرُ لِبَقَاءِ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِلا قَيْدٍ.

   وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمِلْحُ الْبَحْرِىُّ فَلا يُؤَثِّرُ فِى صَلاحِيَةِ الْمَاءِ لِلتَّطْهِيرِ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَاءَ تَغْيِيرًا كَثِيرًا بِخِلافِ الْمِلْحِ الْجَبَلِىِّ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ لِحَدِيثِ «الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ».

(3) وَمَاءٌ نَجِسٌ اعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ الشَّافِعِيِّينَ قَالُوا الْمَاءُ قِسْمَانِ مَاءٌ قَلِيلٌ وَمَاءٌ كَثِيرٌ. فَالْمَاءُ الْقَلِيلُ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَالْمَاءُ الْكَثِيرُ هُوَ مَا كَانَ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَمِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ هُوَ مَا يَمْلَأُ حُفْرَةً مُدَوَّرَةً قُطْرُهَا ذِرَاعٌ وَعُمْقُهَا ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ أَوْ مَا يَمْلَأُ حُفْرَةً مُرَبَّعَةً عُمْقُهَا ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ وَكَذَلِكَ عَرْضُهَا وَطُولُهَا وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ الذِّرَاعُ الْيَدَوِىُّ.

   فَإِذَا وَقَعَ فِى الْمَاءِ الْقَلِيلِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَإِنَّهَا تُنَجِّسُهُ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَمِنَ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا مَيْتَةُ مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ يَسِيلُ كَالذُّبَابِ وَالْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِمَا فَإِذَا وَقَعَ فِى الْمَاءِ وَمَاتَ فِيهِ فَإِنَّهُ لا يُنَجِّسُهُ.

   وَأَمَّا الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَلا يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ مُلاقَاةِ النَّجَاسَةِ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ الثَّلاثَةِ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ وَلَوْ تَغَيُّرًا خَفِيفًا هَذَا فِى مَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ أَمَّا فِى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ فَالْمَاءُ لا يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ إِنْ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا إِلَّا النَّجَاسَةُ الَّتِى تَغَيِّرُهُ وَفِى ذَلِكَ فُسْحَةٌ لِلنَّاسِ.