أَقْرَبُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِنْ وَجْهِ رَبِّهَا إِذَا كَانَتْ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا
قَالَ الْإمَامُ الْهَرَرِيُّ t: «النِّسَاءُ اللَّوَاتِي يُلْحِجْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ أَنْ يَأْخُذُونَهُنَّ لِلنُّزْهَةِ كُلَّ أَحَدٍ هَذَا لَا خَيْرَ فِيهِ إِلَّا إِذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ لأَجْلِ صِحَّتِهَا أَو لِاسْتفَادَةِ فَائِدَةٍ تَنْفَعُهَا فِي الدِّينِ، أَمَّا لِمُجَرَّدِ اللَّهْوِ وَالتَّنَزُّهِ وَالتَّفَرُّجِ لَا خَيْرَ فِيهِ، مَطْلُوبٌ أَنْ لَا يُوَافِقَهَا.
الرَّسُولُ u قَالَ: «أَقْرَبُ مَا تَكُوْنُ الْمَرْأَةُ مِنْ رَبِّهَا إِذَا كَانَتْ فِي قَعْرِ دَارِهَا»، عَوِّدْنَ أنْفُسَكُنَّ الْعَمَلَ بِالشَّرْعِ الْمُرْجِعِ إِلَى الْآخِرَةِ. هَذِهِ الدُّنْيَا أَيَّامٌ قَلَائِلُ بِالنِّسْبَةِ لْلآخِرَةِ؛ الرَّسُولُ قَالَ لِأَزْوَاجِهِ لَمَّا رَجَعَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّتِي مَا عَاشَ بَعْدَهَا إِلَّا قَلِيلًا: «هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الحُصُرِ»، مَعْنَاهُ: هَذِهِ أَيِ الْحَجَّةُ الَّتِي حَجَجْتُنّهَا مَعِي اقْتَصِرْنَ عَلَى هَذِهِ ثُمَّ الزَّمَنْ الحُصُرَ، أيْ: مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ مَا خَرَجْنَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا عَائِشَةُ، خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَجِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَفْهَمْ مِنْ هَذَا أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِنَّ، فَهِمَتْ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ أَيْ حَسَنٌ، مَا عَلَيْهَا مَعْصِيَةٌ بِخُرُوجِهَا لِلْحَجِّ لَكِنْ خَالَفَتِ الْأَوْلَى، الْأَوْلَى كَانَ أَنْ تَمْكُثَ كَمَا مَكَثَ غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ الرَّسُولِ، هَذَا كَانَ الْأَفْضَلُ لَهَا.
إِذَا لَمْ تَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهَا فِي بَيْتِهَا كَمَا يَجِبُ عِلْمَ الدِّينِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ مَاذَا تَفْعَلُ؟ أَتَبْقَى جَاهلَةً فِي الْبَيْتِ؟ [لَا؛ بَلْ تَخْرُجُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ]. وَالرِّجَالُ الَّذِينَ أَعْمَى اللهُ قُلُوبَهُمْ يَقُولُونَ كَمَا تَقُولُ بَعْضُ النِّسَاءِ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [سورة الأحزاب: 33]، لِشَرَفِهِنَّ هَذَا الْأَمْرُ، مُلَازَمَةُ الْبَيتِ فِي حَقِّهِنَّ أَوْكَدُ، مُلَازَمَةُ الْبَيتِ لِكُلِّ النِّسَاءِ مَطْلُوبٌ لَكِنْ لَهُنَّ أَوْكَدُ لِشَرَفِهِنَّ. {وَقَرْنَ} لِنِسَاءِ الرَّسُولِ، يَعْنِي: لَا تَخْرُجْنَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينيَّةٍ هَذَا مَعْنَى الْآية {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُجَ الْجَاهِلِيَّةِ} [سورة الأحزاب: 33]. أُولَئِكَ نِسَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ، كُنَّ يَلْبَسْنَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَصِيرَةً، تَلْبَسُ حِذَاءَ خَشَبٍ طَوِيلًا حَتَّى إِذَا مَشَتْ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَا يَظْهَرُ قِصَرُهَا فَيْتَعَرَّضُ لَهَا الرِّجَالُ.
هَؤُلَاءِ لِجَهْلِهِمْ فِي سُورْيَا يَظُنُّونَ أَنَّ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ كَاشِفَةَ الْوَجْهِ حَرَامٌ وَيَحْتَجُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، أَيْنَ الْآيَةُ وَأَيْنَ كَلَامُهُمْ».
وَقَالَ t: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنْ صَلَّتْ فِي الْبَيْتِ فِي مَكَّةَ يُضَاعَفُ لَهَا الثَّوَابُ لِأَنَّ كُلَّ مَكَّةً حَرَمٌ.
حَدِيثٌ: الرَّسُولُ قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ، قَالَ: «صَلَاتُكِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكِ فِي الْمَسْجِدِ»، مَعْنَاهُ: أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكِ مَعِي إِنْ صَلَّيْتِ فِي الْبَيتِ».
وَقَالَ t: ««اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ»، مَعْنَاهُ: الشَّيْطَانُ يُحدقُ النَّظَرَ إِلَيْهَا حَتَّى يُوقِعَ النَّاسَ فِي الْمَعْصِيَةِ بِهَا، الْمَقْصُودُ يَهْتَمُّ بِهَا لِإِغْوَاءِ النَّاسِ بِهَا، يَقُولُ لَهُ: اُنْظُرْ إِلَى حُسْنِ عَيْنِهَا، اُنْظُرْ إِلَى حُسْنِ فَمِهَا، هُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ يُوَسْوِسُ لِلرِّجَالِ حَتَّى يَنْظُرُوا».