الخميس نوفمبر 21, 2024

أَذْكَارٌ وَأَوْرَاد

 

     قَالَ الإِمَامُ الْهَرَرِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الذِّكْرُ الْقَلْبِىُّ هُوَ اسْتِشْعَارُكَ بِالْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ أَوْ بِمَحَبَّتِهِ أَوْ بِتَعْظِيمِهِ، مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ أَحْيَانًا يَبْكِى يَبْكِى، الْمُؤْمِنُ يَبْكِى، مِنْ ذِكْرِ الْقَلْبِ يَبْكِى، يَشْعُرُ بِالْفَرَحِ، يَشْعُرُ بِالْمَحَبَّةِ مَحَبَّةِ اللَّهِ، بِالْفَرَحِ بِاللَّهِ، بِالْخَوْفِ مِنْهُ، هَذَا الذِّكْرُ الْقَلْبِىُّ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ بِالْقَلْبِ أَىْ مَحَبَّتُهُ الشُّعُورُ بِمَحَبَّتِهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَتَعْظِيمِهِ فِيهِ ثَوَابٌ فِى حَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَفِى كُلِّ الأَحْوَالِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ تَغْمِيضُ الْعَيْنِ عِنْدَ الذِّكْرِ يُسَاعِدُ عَلَى جَمْعِ الْقَلْبِ، عَلَى تَدَبُّرِ مَعْنَى الذِّكْرِ، هَذِهِ عَادَةُ الْمَشَايِخِ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَطْلُوبُ أَنْ يَشْغَلَ الإِنْسَانُ لِسَانَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّحْمِيدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ.

      وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ النِّسَاءِ «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَاعْقِدْنَ عَلَيْهَا بِالأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مُسْتَنْطَقَاتٌ» أَىْ فِى الآخِرَةِ اللَّهُ يَجْعَلُ النُّطْقَ فِى الأَنَامِلِ، الأَنَامِلُ تَشْهَدُ، اللَّهُ يُنْطِقُهَا، الَّذِى أَنْطَقَ اللِّسَانَ فِى الدُّنْيَا يُنْطِقُ الأَنَامِلَ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ عَنِ الْقُرْءَانِ، الْقُرْءَانُ أَمْرُهُ أَوْكَدُ بِالنِّسْبَةِ لِمُرَاعَاةِ الْمَخَارِجِ وَصِفَاتِ الْحُرُوفِ، أَمَّا الدُّعَاءُ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَعْنَى مَقْبُولٌ لَهُ ثَوَابٌ، فَلَوْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَدَّ «إِلَهَ» لا يَضُرُّ، «اللَّهُ» بِمَدٍّ عِنْدَ الْوَقْفِ لَكِنْ «إِلَهَ» لا يُمَدُّ لَكِنْ لَوْ مَدَّهُ ذَاكِرٌ لَهُ ثَوَابٌ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَدَ فِى الْحَدِيثِ «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ» الَّذِى يَدْعُو اللَّهَ مَعْنَاهُ هَذَا عِبَادَةٌ كَبِيرَةٌ. لَيْسَ كَمَا تَقُولُ الْوَهَّابِيَّةُ، الَّذِى يَقُولُ عِنْدَهَا يَا عَلِىُّ يَا مُحَمَّدُ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ يَحْتَجُّونَ لِتَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ هَذَا.

     الْحَدِيثُ مَدْحٌ لِلدُّعَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهُ فِى الْعِبَادَةِ لَهُ مَرْتَبَةٌ عَالِيَةٌ، الْعِبَادَةُ مَرَاتِبُ الصَّلاةُ عِبَادَةٌ، الصَّوْمُ عِبَادَةٌ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ. فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ دُعَاءَ اللَّهِ الطَّلَبَ مِنَ اللَّهِ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ، هَذَا مَعْنَاهُ، لَيْسَ مَعْنَاهُ وَلا بِطَرِيقِ الإِشَارَةِ أَنَّ الَّذِى يَقُولُ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا جَيْلانِىُّ أَوْ يَا عَلِىُّ كَافِرٌ. إِذَا أَوْرَدُوا ءَايَةً أَوْ حَدِيثًا لِإِثْبَاتِ عَقِيدَتِهِمْ لا تُصَدِّقُوهُمْ.

     وَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ الذِّكْرُ اللِّسَانِىُّ لَوْ كَانَ بِدُونِ خُشُوعٍ بِالْمَرَّةِ فِيهِ ثَوَابٌ لَكِنْ لا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَقْرَأُ التَّهْلِيلَةَ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ كَرَّرَ التَّهْلِيلَةَ عَشْرَةَ ءَالافِ مَرَّة بِدُونِ أَدْنَى خُشُوعٍ يَكْفِى، لَهُ ثَوَابٌ، إِنْ جَدَّدَ النِّيَّةَ زِيَادَةُ خَيْرٍ، أَمَّا الَّذِى يَقُولُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَحْذِفُ الْهَاءَ لَيْسَ لَهُ ثَوَابٌ وَعَلَيْهِ ذَنْبٌ لِأَنَّهُمْ غَيَّرُوا اسْمَ اللَّهِ. اسْمُ اللَّهِ بِالْهَاءِ لَيْسَ بِغَيْرِ الْهَاءِ، كَذَلِكَ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْحَمْد لِلَّ بَدَلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَىْ يَقُولُونَهَا بِلا هَاءٍ لَيْسَ لَهُمْ ثَوَابٌ بَلْ عَلَيْهِمْ مَعْصِيَةٌ، حَتَّى كَلِمَةُ (إِلَهَ) بَعْضُ النَّاسِ يُحَرِّفُونَهَا، يَقُولُونَ لا إِيلاهَا إِلَّا اللَّهُ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُونَ أَلِفًا، يُتْبِعُونَ الْهَاءَ أَلِفًا بَدَلَ أَنْ يَقُولُوا إِلَهَ بِلا أَلِفٍ يَقُولُونَ لا إِلَهَا إِلَّا اللَّهُ. هَؤُلاءِ يَأْثَمُونَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَكْسِبُونَ الأَجْرَ.