الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين.
علم الدين هو العلم النافع في الدنيا والآخرة، علم الدين حياة الإسلام ولن يهلك الناس ما دام علم الدين منتشرا بينهم إنما يهلك الناس إذا ذهب العلم أو قل من يعلم علم الدين فعندئذ يعظم الهلاك، بالعلم يميز الإنسان المال الحلال من المال الحرام ويميز به الكفر من الإيمان. هذا سيدنا عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه كان يعبد الله في خلوة فجاءه الشيطان على هيئة نور عظيم وقال له: »يا عبدي يا عبد القادر قد أسقطت عنك الفرائض وأحللت لك المحرمات« فقال له سيدنا عبد القادر: »قد خسئت يا لعين« فتبدى الضوء وبقي الصوت، وقال له الشيطان: »لقد غلبتني بعلمك يا عبد القادر وإني قد أغويت أربعين عابدا بهذه الطريقة«. سيدنا العارف بالله عبد القادر الجيلاني بعلمه عرف أنه الشيطان لأنه كان تعلم أن الله ليس كمثله شىء فالله تعالى ليس نورا بمعنى الضوء بل هو خالق النور كما قال تعالى ﴿وجعل الظلمات والنور﴾ أي خلق الظلمات والنور، والذي كلمه كلمه بصوت وكلام الله ليس حرفا ولا صوتا ولا لغة، لا يبتدأ ولا يختتم ولا يشبه كلام الخلق.
الإسلام نعمة عظيمة، أعظم نعمة يعطاها الإنسان في هذه الدنيا هو الإسلام والإسلام شرط لقبول الأعمال الصالحة بدليل قوله تعالى ﴿ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة﴾ فالله تعالى شرط لقبول الأعمال الصالحة الإيمان بقوله ﴿وهو مؤمن﴾ وبدليل ما جاء في صحيح البخاري أن رجلا مشركا أراد أن يقاتل مع المسلمين قال: يا رسول الله أسلم أم أقاتل، قال: »أسلم ثم قاتل« فأسلم فقاتل فقتل، فقال الرسول: »عمل قليلا وأجر كثيرا« أي لأنه نال الشهادة بعد أن هدم الإسلام كل ذنب قدمه فالفضل للإسلام لأنه لو لم يسلم لم ينفعه أي عمل يعمله. وقد قال الإمام الغزالي رحمه الله: »لا تصح العبادة إلا بعد معرفة المعبود« أي أن من لم يعرف الله بل يشبهه بخلقه بالضوء أو غيره أو اعتقد أنه ساكن في السماء أو أنه جالس على العرش أو وصفه بصفة من صفات البشر فهذا عبادته تكون لشىء توهمه في مخيلته فيكون مشركا بالله فلا تصح عبادته. هؤلاء الوهابية عندهم إثبات أصل الجلوس لله ليس تشبيها له بخلقه فيقولون الله جالس على العرش ثم يقولون ولكن ليس كجلوسنا فأين عقولهم؟ الجلوس كيفما كان هو من صفات الخلق كيف يقال الله جالس على العرش هذا شتم لله، على زعمهم عظموا الله هذا ليس تعظيما، جعلوه كخلقه له نصف أعلى ونصف أسفل، خلقه يجلسون البقر والحمار والكلب والخنزير والبشر والجن والملائكة يجلسون، جعلوه كخلقه ما مدحوه. وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه؟ قال: »لا ينفعه، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين« فاعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل عبد الله بن جدعان من التصدق على المحتاجين وصلة الرحم وغير ذلك غير نافع له لأنه لم يكن يؤمن بالله واليوم الآخر. هذا عبد الله بن جدعان كان في بدء أمره مفسدا شريرا مؤذيا حتى أن أباه من شدة ما كرهه ومل منه قال له أمام جمع من الناس: أنت لست ابني، فطرده فكره الحياة فقال أطلب الموت فخرج خارج مكة فتوجه إلى جبل فوجد شقا قال: أدخل هذا الشق لعل فيه ما يريحني من الحياة، فدخل فوجد ثعبانا كبيرا عيناه جوهرتان مضيئتان فظنه ثعبانا حقيقيا فاقترب منه فوجده ثعبانا كله ذهب ثم وراءه في الشق وجد رجالا ليسوا من أهل ذلك الزمان ووجد عند رؤوسهم لوحا من فضة مكتوب فيه بيت شعر:
صاح هل ريت أو سمعت براع