أكل رسول الله ﷺ
لو سئل الواحد منا ماذا أكلت من أطعمة منذ ولدت إلى اليوم لعد الشيء الكثير الكثير فالذي يدل على قلة أكل النبي ﷺ وقلة تنوع المأكولات التي أكلها أن ما وردنا أن النبي عليه الصلاة والسلام من طعامه أي مما أكله شيء قليل.
كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لا يعيب طعاما قط لا يذم ذواقا أي لا يذم ما يتذوق إن أعجبه أكله وإلا تركه.
سيدنا رسول الله ﷺ كان يحب تقليل الطعام وكان يحب لغيره من المؤمنين أن يقلل من الطعام فكان يقول “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه“. فكان رسول الله ﷺ يقلل من الطعام ما استطاع.
والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على قوة الجسد، يحافظ على صحة جسده فكان يسلك بعض الأمور يسلك بعض الأسباب التي تعينه على ذلك فيروى مثلا أن رسول الله ﷺ أكل البطيخ بالرطب، والرطب من شأنه الحرارة مع الرطوبة وأما البطيخ فمن شأنه البرودة مع الرطوبة فكان النبي ﷺ يكسر حر الرطب ببرد البطيخ وأما كون البطيخ و الرطب رطبين غير يابسين فكان ذلك لأجل يبوسة المدينة، فالمدينة يابسة ليس فيها رطوبة فكان النبي ﷺ يسلك اعتدال الأمزجة ويحب ذلك لأنه أنشط للبدن وأحفظ للصحة وأدعى للصبر. لم يكن رسول الله ﷺ معلق القلب بملذات الدنيا.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحب بعض الشيء من الطعام كالدباء، كان يحب الدباء. والدباء هو الذي يسمى عند بعض العلماء القرع ولعله ما نسميه نحن اليقطين فكان النبي ﷺ يعجبه ذلك وكان يأكله ولا نعني بذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان معلق القلب بهذا الطعام يسأل عنه ويبحث عنه ولا يأكل غيره إنما المراد أن هذا الطعام إذا وجد أكله رسول الله ﷺ وكان يعجبه.
وقد كان أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ يتتبع الدباء بعد ممات النبي عليه الصلاة والسلام لأن هذا مما يزيده تعلقا بحبيبه وقائده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وورد أيضا أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يحب الذراع من الشاة وقد سم رسول الله ﷺ في الذراع وذلك لأن تلك اليهودية وضعت السم في الذراع حتى يأكل منه رسول الله ﷺ والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب الذراع بمعنى أنه إذا وجد أكله لا بمعنى أن النبي عليه الصلاة والسلام علق قلبه بملذات الدنيا.
ومن لطيف ما ذكر وروي وورد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لرجل ذات يوم ناولني الذراع فناوله الذراع ثم قال عليه الصلاة والسلام ناولني الذراع فناوله ذراعا أخرى فقال الرسول عليه الصلاة والسلام ناولني الذراع فقال هذا الرجل وكم للشاة من ذراع يا رسول الله يريد بذلك أن الشاة لها ذراعان وقد سأل رسول الله ﷺ عن الذراع مرة ثالثة فقال عليه الصلاة والسلام لو سكت لناولتني ما طلبت معناه أن الإنسان أحيانا إذا سأل عن شيء يفوت عليه الخير فلقد كان هذا معجزة للنبي ﷺ لو أن هذا الرجل سلم للنبي عليه الصلاة و السلام ولم يسأل هذا السؤال.
وقد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها كان عندها شطر شعير في رف لها بعد ممات النبي عليه الصلاة والسلام هذا شيء قليل من الشعير وكانت قد أكلته مدة طويلة تأكل منه وتأكل منه وتأكل منه ويبقى قالت ثم كلته يعني من الكيل حتى تعرف مقداره قالت فلما كلته نقص وذهب.
كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحب الحلوى البارد وقد ورد أنه كان يحب الحلواء فكان يشرب العسل أي يشربه مع الماء فكان يوضع له العسل في الماء فيشرب الماء الممزوج بالعسل كان يحب عليه الصلاة والسلام أن يأكل العسل وكان يحب أكل الرطب وأكل التمر.
وأما عن خبز رسول الله ﷺ فلم يأكل رسول الله ﷺ من مرقق وهو شيء نفيس من الخبز إنما كان يخبز لرسول الله ﷺ خبز من الشعير، وخبز الشعير يعد دون خبز القمح أي أقل منه في الترفه والتنعم فكان خبز الشعير هو قوت رسول الله ﷺ فكان رسول الله ﷺ يأكل الإدام بخبز الشعير، وما معنى الإدام؟ الإدام هو شيء الذي يؤكل بالخبز، فمثلا نحن لا نأكل الخبز وحده إنما نأكل الأشياء بالخبز فهذا الذي نأكله بالخبز يسمى إداما فكان النبي ﷺ يأكل الإدام بخبز الشعير، وكان من إدام رسول الله ﷺ الخل و كان يقول “نعم الإدام الخل” كما و أكل الزيت وادهن به و قال ” كلوا الزيت وادهنوا به”
وروي عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أنه أكل لحم الدجاج كما روي عنه أيضا أنه أكل لحم الحبارى والحبارى هو طائر طويل الرقبة يشبه الإوزة رمادي اللون والنبي عليه الصلاة والسلام روي عنه أنه أكل الجبن لما كان بتبوك طلب سكينا فقطع جزءا من الجبن و أكل منه عليه الصلاة والسلام.
وكذلك روي عن سيدنا رسول الله ﷺ أنه أكل الثريد والثريد هو الخبز الذي يثرد في المرق في مرق اللحم في مرق الدجاج أو في اللبن أو في الماء هذا كله يقال له الثريد والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب الثريد وذكر فضله وذلك لأن الثريد خفيف على المعدة يقوم به البدن و ليس فيه تنعم.
ويسأل بعض الناس هل كان النبي ﷺ يؤدي ما يسمى اليوم بالرياضة من تحريك الجسد والمشي إلى غير ذلك من الأمور التي يعرفها الناس اليوم، فالجواب: أنه لم يرو عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه كان يفعل هذه الأمور إلا أنه كان عليه الصلاة والسلام يمشي في المدينة مشيا يساعد الجسد ويصح البدن وكان نبينا عليه السلام أعدل الناس مزاجا فكان مزاجه معتدلا وهذا يعينه على الصبر والتحمل وكما يقلل من النوم فإن الطعام قد يؤثر على مقدار النوم الذي يريح الجسد فكان الرسول ﷺ يعرف هذه الأمور وكان يسلك هذه الأسباب التي تعينه على أمور الدعوة.
نعم، كان رسول الله ﷺ قليل الطعام وكانت العرب آن ذاك تأكل في اليوم مرتين وكان النبي عليه الصلاة و السلام يحب الطيب فإن الطيب يقوي الدماغ يفرح القلب. وكما كان رسول الله ﷺ يكتحل بالإثمد والكحل يجلو البصر و ينبت الشعر أي يطيل الأجفان ما أحلى هدي نبينا عليه الصلاة والسلام في طعامه وشرابه وفي كل أمره هذا أكل رسول الله ﷺ يعد عدا ولو نظر الواحد منا في أكله وشربه لعد عشرات الأصناف بل لربما عد المئات فلينظر الواحد منا في نفسه ولينظر هل يقتدي بنبيه وقائده رسول الله ﷺ والله تعالى يقول {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} و هذا رمضان لا ينبغي أن يكون موسما للطعام والشراب بل ينبغي أن يكون موسما للاقتداء برسول الله ﷺ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.