أقوال العلماء في البدعة (6)
إخوة الإيمان، تنقسم البدعة إلى بدعة هدى وبدعة ضلالة، وإن الذين نصوا على ذلك من أهل العلم كثيرون. وهذا التقسيم يا عباد الله مفهوم من حديث البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“، فأفهم رسول الله ﷺ بقوله “ما ليس منه” أن المحدث إنما يكون ردا، أي مردودا، إذا كان على خلاف الشريعة وأن المحدث الموافق للشريعة ليس مردودا. أما الحديث الذي فيه : “وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة”. فالجواب عن هذا الحديث أن يقال إن هذا الحديث من العام المخصوص أي لفظه عام ومعناه مخصوص بدليل الحديث السابق ذكره. فيقال إن مراد النبي ﷺ ما أحدث وكان على خلاف الكتاب أو السنة أو الإجماع أو الأثر. فإن من لم يرض بهذا التأويل فقد جعل أحاديث النبي ﷺ يناقض بعضها بعضا وذلك ضلال مبين والعياذ بالله تعالى. وإليكم كتاب صحيح مسلم بشرح الإمام النووي المتوفى سنة 677 هـ، هذا المجلد الثالث طبع دار الكتب العلمية الجزء السادس الطبعة الثانية سنة 1424 هـ. يقول النووي رحمه الله في الصحيفة 134 :” قوله : “وكل بدعة ضلالة”. هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع قال أهل اللغة هي كل شيء عمل على غير مثال سابق. قال العلماء : البدعة خمسة أقسام : واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التراويح “نعمت البدعة” ولا يمنع من كون الحديث عاما مخصوصا قوله “كل بدعة” مؤكدا بـ “كل” بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى: } تُدَمرُ كُل شَىْءٍ {“. والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.