السبت سبتمبر 7, 2024

بابٌ يُذكَرُ فيهِ (أَسمَاؤُه) وبعضُ أوصافِه (الشَّرِيفةِ) معَ بَيانِ الخِلافِ الواقعِ عدَدِها

1-     

مُحَمَّدٌ مَعَ الْمُـقَـفِّـي أَحْـمَدَا

 

الحَاشِرُ العَاقِبُ وَالْمَاحِيْ الرَّدَى

2-     

وَهْوَ الْمُسَـمَّى بِنَبِـيِّ الرَّحْـمَةِ

 

فِي «مُسْـلِـمٍ» وَبِنَبِيِّ الـتَّـوْبَـةِ

3-     

وَفِيهِ أَيْضًـا بِنَبِيِّ الْمَلْـحَـمَـةْ

 

وَفِيْ رِوَايَـةٍ نَـبِـيِّ الْمَرْحَـمَةْ

 

محمَّد والمُقَفِّي وأحمدُ

هو (مُحَمَّدٌ) ﷺ المحمودُ لخِصالِهِ السَّمِيّةِ، وقد ابتدأَ به النّاظِمُ لِكَونِه أشهَرَ أَسمائِه وأشرَفَها لإنبائِه عن كمالِ الحَمْد الْمُنْبِئ عن كمال ذاته، وقد سُمِّيَ به مع كَونه لم يُؤْلَف قبلُ إمَّا لكَثرة خِصاله الحَمِيدة، وإما لأنه تعالى وملائكتَه حَمِدُوه حمدًا كثيرًا بالِغًا.

وروَى بعضُ أهلِ السِّيَر أنّ عبدَ المُطّلِب كانَ قد رأى في مَنامِه كأنَّ سِلسِلةً مِن فِضّةٍ

خرَجَتْ مِن ظَهرِه لها طرَفٌ في السَّماء وطرَفٌ في الأرض وطرَفٌ في المَشرِق وطرَفٌ في المَغرِب، ثُمّ عادَتْ كأنّها شجَرةٌ، على كُلِّ ورَقةٍ مِنها نُورٌ، وإذا أهلُ المَشرِق والمَغرِب كأنّهم يَتعلَّقُون بها، فقَصَّها فعُبِّرَتْ له بمَولودٍ يكونُ مِن صُلْبِه يَتْبَعُه أهلُ المَشرِق والمَغرِب ويَحْمَدُه أهلُ السَّماءِ والأَرضِ، فلِذلكِ سَمَّاهُ مُحمَّدًا معَ ما حَدَّثَتْهُ به أُمُّه حِينَ قِيلَ لها: «إنَّكِ حمَلْتِ بِسَيِّد هذه الأُمَّة، فإذا وَضَعْتِه فسَمِّيهِ مُحمَّدًا»([1]).

ولم يُسَمَّ باسمِ محمَّدٍ أحدٌ مِن العرَب ولا غيرِهم إلى أنْ شاعَ قُبَيل وُجودِه ﷺ ومِيلادِه أنَّ نَبِيًّا يُبعَثُ اسمُه مُحمَّد، فسَمَّى قومٌ قلِيلٌ مِن العرَب أبناءَهم بذلكَ رجاءَ أن يكونَ أحدهم هو، ولكن لَم يَدَّعِ النُّبوّةَ أحدٌ مِمّن تَسمَّى مُحمَّدًا قبلَ النّبيِّ محمَّد ﷺ([2]). وقد جمَعَ أسماءَ أولئكَ المحمَّدِينَ الحافظُ العسقلانيُّ في جُزءٍ مُفرَدٍ فبَلغُوا نحوَ العشرِينَ لكِن مع ما تكرَّر في بَعضٍ ووُهِّم في بَعضٍ ثم خَلَص إلى خَمسةَ عشَرَ نَفْسًا مِن بعدِ أنْ سبقَه أهلُ الحديثِ والسِّيَرِ إلى حصرِها في سَبعةٍ([3]).

وَهُو ﷺ (مَعَ) ذلك (الْمُقَفِّي) أي التابعِ للأنبياء عليهم الصّلاةُ والسّلامُ إذ هُوَ ءاخِرُهم وسُمِّيَ بـ(ـأَحْمَدَا) لِكَونِه أحمَدَ الحامِدِينَ لِرَبِّه عَزَّ وجَلَّ.

الحاشِرُ والعاقِبُ والماحِي

وهو ﷺ (الحَاشِرُ) أي الذي يُحشَر الناس على إِثْر زَمن نُبُوّتِه إذ لا نَبِيَّ بعده، أو على إِثْرِه في الحَشْر لأنه أوَّل مَن تَنْشَقُّ عَنه الأَرض، وهو ﷺ (العَاقِبُ) أي الذي خَلَفَ مَن قَبله في الخير، أو الَّذِي لا نَبِيَّ بَعْدَه إذ العاقِب هو الآخِر، وهو عَقِبُ الأنبياء أي ءاخِرُهم (وَ)هو ﷺ (الْمَاحِيْ) أي الَّذِي يَمحُو الله بِه (الرَّدَى) أي الكُفْرَ وأهلَه، وهذا محمول على الأغلب لأنّ الكفر ما انمَحَى من جميع البلاد أو المعنَى أنّه سَيْنَمحِي أَوَّلًا فأَوَّلًا إلى أنْ يَضْمَحِلَّ بَعد نُزول عيسى عليه السَّلامُ مِن السَّماء إلى الأرض، فإنه يَرْفَع الجزية ولا يَقبَل إلا الإسلامَ أوِ السَّيف.

نَبِيُّ الرَّحمةِ والتَّوبةِ والمَلْحَمةِ والمَرْحَمةِ

(وَهْوَ)(الْمُسَمَّى بِنَبِيِّ الرَّحْمَةِ) أي التراحُم بين الأُمّة، أو سُمِّيَ بِه لأنّه مُخْبِر عن رَحمة الله، أو لِرَحمةِ دِينِه، أو جَعَلَ ذاتَه نَفْس الرَّحمة كما دَلَّ على ذلك قَولُه تَعالَى: ﱡﭐﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ، [الأنبياء: 107] وَقد جاءت تَسْمِيَتُه بِذَلِكَ (فِي) صَحِيح («مُسْلِمٍ») مِن حديث عن أبي مُوسَى الأشعري قال: كان رسول الله ﷺ يُسَمِّي لنا نَفْسَه أسماءً فقال: «أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُقَفِّي وَالْحَاشِرُ وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ».

(وَ)هُوَ ﷺ الْمُسَمَّى (بِنَبِيِّ التَّوْبَةِ) أي مُخْبِر عن الله بِقَبوله التَّوبة بِشُروطها أو أنّه سُمِّي بِه لأنّه ءامِرٌ بالتَّوبة أو لأنّه كَثِيرُ التوبة أي الرُّجُوع إلى الله تعالى وإلّا فقد غَفَر اللهُ لَهُ ما تَقَدَّم مِن ذَنْبِهِ ومَا تأخَّر.

(وَ)قد جاءَ (فِيهِ) أي في «صَحِيحِ مُسْلِم» مِن حَدِيث أبي مُوسَى الأشعري تَسْمِيَتُه بذلك (أَيْضًا) كما سبَقَ في لَفْظِ الحديثِ تَسمِيَتُه ﷺ (بِنَبِيِّ الْمَلْحَمَه) وهِيَ الحَربُ، وذلِك لاشْتِباك النّاس فيها كاشتِباك السَّدَى باللُّحْمة في النَّسْجِ، وقد سُمِّي به ﷺ لحِرْصه على الجهادِ ومُسارعَتِه إليه.

(وَ)جاءَ (فِي رِوَايَةٍ) عِندَ مُسلِمٍ مِن نُسخَة الحافِظ شرَفَ الدِّين الدِّمياطي (ت 705هـ) تَسمِيَتُه ﷺ بـ(ـنَبِيِّ الْمَرْحَمَه) وَهُو بمعنَى نَبِيّ الرَّحمة. قال الحافظ النَّوويّ في شرحه على مُسلِم: “وأما نبيّ التوبة ونبي الرحمة ونبيّ المرحَمة فمعناها متقارِبٌ ومقصودُها أنّه ﷺ جاء بالتَّوبة وبالتَّراحُم” اهـ.

4-     

طه وَيَاسِـيـنَ مَعَ الرَّسُـولِ

 

كَذَاكَ عَبْدُ اللهِ فِي الـتَّـنْـزِيـلِ

5-     

وَالْمُـتَـوَكِّـلُ النَّـبِـيُّ الأُمِّـيْ

 

وَالـرَّؤُفُ الرَّحِـيـمُ أَيُّ رُحْـمِ

 

طهَ وياسينُ والرَّسولُ وعبدُ اللهِ

ومِن أسمائِه ﷺ (طه) على قولِ بعض العلماء لكِن لم يَصِحّ الحديث الذي وَرَد في ذلك، ومعناه يا طاهر يا هادي أو يا رجل عظيم، وقيل غير ذلك (وَ)ذَكَر أهل السِّيَر للنبيّ (يَاسِينُ) مِن الأسماء ومعناه يا سيّدُ أو يا إنسان كامل.

وقَد عَدَّ أهلُ السِّيَر (مَعَ) ما سبَق مِن أسمائه ﷺ اسمُ (الرَّسُولِ) لَهُ ﷺ ومعناه رسولُ الرَّحمة، و(كَذَاكَ) عُدَّ مِن أسمائِه (عَبْدُ اللهِ) ووصفُ العبودية أشرفُ الأوصاف، وقد جاءَ وصفُه به (فِي التَّنْزِيلِ) أي القُرءانِ المنزَل عليه ﷺ، قال تعالَى: ﱡﭐﱱ ﱲ ﱳ ﱴ   [الجِنّ: 19].

المُتوكِّلُ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ والرَّؤوفُ الرَّحِيمُ

(وَ)هُوَ ﷺ (الْمُتَوَكّلُ) سَمَّاه به في التوراة ومعناه الذي يَكِلُ أمُورَه إلى الله، وهُوَ (النَّبِيُّ

الأُمِّي) أي الَّذِي لا يَكتُب ولا يَقْرأُ أيِ المكتُوبَ، وذَلِك في حَقِّه مُعْجِزةٌ وفي حَقِّ غَيرِه مَعْجَزةٌ أي عَجْزٌ.

(وَ)هُوَ ﷺ (الرَّؤُفُ) أي الرؤوفُ ومعناهُ شَدِيدُ الرَّحْمةِ على المؤمِنين، فالرأفةُ شِدَّة الرَّحمة، وهُوَ رَحِيمٌ و(الرَّحِيمُ أَيُّ رُحْمِ) بِشَهادةِ الآيةِ: ﲧ  ﲨ ﲩ.

6-     

وَشَـاهِـدًا مُـبَـشِّـرًا نَذِيـرَا

 

كَـذَا سِـرَاجًا صِـلْ بِـهِ مُنِيرَا

7-     

كَـذَا بِـهِ الْمُـزَّمِّـلُ الْمُـدَّثِّــرُ

 

وَدَاعِـيًـا للهِ وَالْـمُـذَكِّــرُ

 

الشَّاهِدُ والمُبَشِّرُ والنَّذيرُ والسِّراجُ المُنِيرُ

(وَ)ذكَرُوا مِن أسمائِهِ ﷺ (شَاهِدًا) أي هُوَ الشاهدُ يومَ القيامة للأنبياءِ على أُمَمِهم بالتبليغِ والشاهدُ على أُمَّتِه، قال تعالى: ﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ  ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ  [التّوبة: 128].

وكذلِكَ جاءَتْ تَسمِيَتُه ﷺ (مُبَشِّرًا) وهُوَ الْمُبَشِّرُ لأَهلِ الإيمان بالرِّضْوانِ في هذه الدّارِ وفي دارِ القرارِ، وسَمِّهِ ﷺ (نَذِيرا) وهُوَ الْمُنْذِرُ لأهلِ الكُفر بالخِذْلانِ والهَوَان في دارِ
البَوارِ([4]).

و(كَذَا) سَمِّهِ ﷺ (سِرَاجًا) و(صِلْ بِهِ) أي ضُمَّ إلى السّراجِ التأكيدَ بالإنارةِ، فسَمِّه سِراجًا (مُنِيرَا) فهُوَ السِّراجُ الْمُنِيرُ لِقَولِه تعالى: ﱡﭐﱗ ﱘ [الأحزاب: 46] إذْ بِه انْجَلَت ظُلُماتُ الشِّرْك كما يَنْجلِي ظلامُ الليل بالسِّراج واهتَدت بِنُور نُبُوَّتِه البَصائرُ كمَا يَهتدي بِنُور السِّراجِ الأَبصارُ، ووَصَفَهُ بالإِنارةِ لأنَّ مِن السِّراجِ ما لا يَكُون نَيِّرًا.

المُزَّمِّلُ والمُدَّثِّرُ والدَّاعِي إلى اللهِ والمُذَكِّرُ

(كَذَا) مِمَّا تَسمَّى (بِهِ) النَّبِيُّ ﷺ (الْمُزَّمِّلُ) هو الَّذِي تَزَمَّل في ثِيابه أي تَلَفَّفَ بِها، فقد كان رسول الله ﷺ في أوائلِ نُزولِ الوَحْي عليه يَتَزَمَّل مِن شِدَّةِ أثَرِ نُزولِ الوَحْي، فَالوَحيُ له ثِقَلٌ، وكان النبيُّ يَتَأَثَّر بذَلِك في بدء الأمرِ فطَلَب مِن خَدِيجةَ زَوجِهِ أنْ تُزَمِّلَه، فأنزلَ الله تعالَى سُورة المزَمِّل وأوَّلُها: ﱡﭐ ﱁ ﱂ [المُزَّمِّل: 1].

وَمِن أسمائِه ﷺ (الْمُدَّثِّرُ) أي المتَلَفِّفُ بِثيابِه، مِن الدِّثارِ وهو كلُّ ما كان مِن الثِّيابِ فوقَ الثَّوب الذي يَلِي الجَسَد، وقد روَى البخاريّ في صحيحه مِن حَدِيث جابِر بن  عبدِ الله رضي الله عنهما أنّه سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يقول: «ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الوَحْيُ فَتْرَةً، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: ﱡﭐ ﲚ ﲛ  إلى قَولِه: ﱡﭐ ﲦ ﲧ  [المُدَّثِّر: 1-5]». (وَ)اعدُدْ مِن أسمائِه ﷺ (دَاعِيًا للهِ) أي الدَّاعِي إلى الله بإِذْنِه (وَ)مِن أسمائِه (الْمُذَكِّرُ) أي الْمُبَلِّغُ الواعِظُ، قال تعالَى: ﱡﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ [الغاشية: 21] أي ذَكِّر العِبادَ وعِظْهُم وبَلِّغْهُم الرِّسَالةَ.

8-     

وَرَحْـمَـةٌ وَنِـعْـمَـةٌ وَهَـادِيْ

 

وَغَـيْـرُهَا تَـجِـلُّ عَنْ تَـعْـدَادِ

9-     

وَقدْ وَعَـى ابْنُ العَرَبِيِّ سَـبْعَةْ

 

مِنْ بَعْدِ سِـتِّـينَ وَقِيلَ تِسْـعَةْ

10-             

مِنْ بَعْدِ تِسْعِينَ وَلِابْنِ دِحْيةِ

 

الفَحْـصُ يُـوْفِـيْـهَا ثَلَاثَـمـائَةِ

11-             

وَكَوْنُـهـا أَلْفًا فَفِيْ «العَارِضَةِ»

 

ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِ ذِيْ الصُّـوْفِيَّةِ

 

اختِلاف العُلماءِ في عَدِّ أسمائِه

(وَ)مِن أسمائِه ﷺ ثلاثةٌ أُخرَى أيضًا، فهُو (رَحْمَةٌ) أي للعالَمِينَ (وَنِعْمَةٌ) أي في الدَّارَينِ علَى مَن ءامَن بِه (وَ)هُوَ ﷺ (هَادِي) والهادِي أي الَّذِي يَهْدِي بإِذْنِ الله إلى الصِّراطِ المستَقِيمِ بواضِحِ الحُجَجِ وساطِعِ البَيانِ.

(وَ)ذُكِر فِي بَعضِ السِّيَر للنَّبِيّ ﷺ أسماءٌ (غَيْرُهَا تَجِلُّ عَنْ تَعْدَادِ) أي تَعْظُم عَن العَدِّ لِكَثرَتِها (وَقدْ وَعَى) أي جَمَعَ القاضي أبو بكرٍ (ابْنُ العَرَبِيِّ) الأندلسيُّ المالِكِيُّ (سَبْعَهْ مِنْ بَعْدِ سِتِّينَ) أي جَمَع سبعةً وسِتِّين اسمًا مِن الأسماءِ للنّبيّ محمَّد ﷺ، وذلِكَ في كتابه المسَمَّى «عارِضة الأَحْوَذِيّ بِشرحِ صَحِيحِ التِّرمِذيّ» (وَقِيلَ) هِيَ (تِسْعَه مِن بَعْدِ تِسْعِينَ) أي عَدَدُها تِسعةٌ وتِسعُونَ مُوافقةً لِعَددِ الأسماءِ الحُسنَى الوارِدةِ في حَدِيثٍ واحِدٍ وَ(لِـ)ـلْحافِظِ أبِي الخطَّابِ عُمَر بنُ الحُسَين وهُوَ المعروف بـ(ـابْنِ دِحْيةِ) الكَلْبِيّ
(ت 544هـ) في كِتابِه الّذي أسماهُ «الْمُسْتَوفَى في أسماءِ المصطَفَى» (الفَحْصُ) عن أسماءِ النَّبيّ ﷺ فِي الكُتُب فـ(ـيُوْفِيْهَا) بالتَّتَبُّع عَددًا أكبَر مِمّا مَرَّ ذِكرُه هَنا، فقال ابنُ دِحْيةَ مَا نَصُّه: “إذا فُحِص عَن جُمْلَتِها مِن الكُتُب الْمُتَقَدِّمة والقُرءَان العَظِيم والحَدِيثِ النَّبَوِيّ بَلَغْت (ثَلَاثَمائَةِ) اسْمٍ”، نقله عنه المَقرِيزيُّ([5]). (وَ)أمّا (كَوْنُها أَلْفًا) مِن الأَسماءِ (فَـ)ـهَوُ الَّذِي ذَكَرهُ أبو بَكرِ بنُ العَرَبِيّ المالكيُّ (فِي) كِتابِه «عارِضة الأَحْوَذِيّ بِشرحِ صَحِيحِ التِّرمِذيّ» والمعروف عِند الإطلاقِ باسمِ («العَارِضَةِ») فقَد (ذَكَرَهُ) ابنُ العَرَبِيّ (عَنْ بَعْضِ ذِي الصُّوْفِيَّةِ) لكن تَعقَّب ذلك بِقَولهِ([6]): “وأمّا أسماءُ النَّبيِّ ﷺ فلَمْ أُحْصِها إِلَّا مِن جِهةِ الوُرودِ الظاهِرِ بِصِيغة الأسماءِ البَيِّنَةِ، فوَعَيْتُ مِنهَا جُملةً، الحاضِرُ الآنَ مِنها سَبعةٌ وسِتُّون اسمًا” اهـ، وقال ابن فارس: هي ألْفانِ وعِشرُون، وأكثَرُها مِن قَبِيل الصِّفات، عَزاهُ له المُلّا عليّ القاريّ([7]).



([1])  الرَّوض الأُنُف، أبو القاسم السُّهَيلي، (2/151).

([2])  جامِع الآثار في مَولِد النَّبِيّ المُختار، ابن ناصر الدّين الدِّمَشِقيّ، (2/882).

([3])  فتح الباري، ابن حجَر العسقلانيّ، (6/556).

([4])  أي الهَلاكِ.

([5])  إمتاع الأسماع، تقي الدين المَقرِيزي، (2/138).

([6])  عارِضة الأَحْوَذِيّ بِشرحِ صَحِيحِ التِّرمِذيّ، أبو بكر بن العربي، (5/211).

([7])  شرح الشِّفا، المُلّا عليّ القاريّ، (1/489).