الإثنين ديسمبر 8, 2025

أريس

 

بئر الخاتم الضائع والماء العذب، شهدت بشارة الجنة فما مصيرها الآن؟ أما أريس فهو اسم رجل يهودي من بني نضير وكان بلغة الشام يعني الفلاح، وكان هذا البئر ذا ماء عذب، توضأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم وشرب منه ووضع قدميه فيه فما قصة هذا البئر؟

يخبرنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه ذات يوم توضأ في بيته وخرج يريد أن يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يلزمه طيلة اليوم. ذهب أبو موسى الأشعري وهو من صحابة رسول الله العلماء الأجلاء، وكان صوته جميلا عندما يقرأ القرآن فقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: “لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود” وذلك لأن نبي الله داود كان إذا قرأ الزبور حفت به الطيور وعكفت حوله الوحوش تستمع لقراءته من جمال صوته. ذهب أبو موسى الأشعري إلى ذلك البئر فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده هناك، وضع النبي قدميه في ذلك البئر. قال أبو موسى الأشعري: أكون بوابا للنبي عليه الصلاة والسلام في هذا اليوم، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يطلب بوابا، وكما تلاحظون ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده وكان قاعدا وحده، اتخذ نفسه بوابا للنبي عليه الصلاة والسلام وكان باب ذلك الموضع من الجريد ثم بعد ذلك جاء أبو بكر فاستأذن أي طلب الإذن في الدخول، قال أبو موسى: “من”؟ فقال: “أبو بكر”، فذهب أبو موسى الأشعري يستأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: “ائذن له وبشره بالجنة”. دخل أبو بكر وأنزل قدميه في البئر قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء عمر بن الخطاب، قال أبو موسى الأشعري: “من”؟ فقال: “عمر بن الخطاب”، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عليه الصلاة والسلام: “ائذن له وبشره بالجنة”، فدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ووضع قدميه مع صاحبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. وبعد ذلك جاء رجل استأذن في الدخول فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: “ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه”، كان هذا الرجل عثمان بن عفان، أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل لكن لم يجد مكانا للقعود قرب أبي بكر وعمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البئر فقعد قبالتهم قعد عثمان بن عفان قبالة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني يواجهه، قال سعيد بن المسيب أو المسيب -وهو راوي الحديث-: فأولتها قبورهم، يعني إذا دققتم أحبابي، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قد دفن بقربه أبو بكر ودفن بقرب أبي بكر عمر وأما عثمان بن عفان فدفن في البقيع، والبقيع هي في قبالة المسجد النبوي الشريف، وهذا البئر يعرف ببئر أريس، وهو بئر مبارك كان من الآبار التي طلب النبي عليه الصلاة والسلام أن يغسل منها بعد مماته، وهذا البئر يسمى ببئر الخاتم، وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان له خاتم كتب فيه محمد رسول الله وكان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسائل إذا أراد إرسالها إلى الملوك، وكان هذا الخاتم في يد النبي عليه الصلاة والسلام وبعده في يد أبي بكر وبعده في يد عمر وبعده في يد عثمان بن عفان، كان عثمان بن عفان ذات يوم قاعدا في هذا البئر كما كان يقعد أيام حبيبه نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام وكان يحرك الخاتم، فوقع من يده، وقع الخاتم من يده وصاروا يبحثون عنه أياما فلا يجدون هذا الخاتم فكان هذا نذيرا ببلوى تصيب المسلمين، بعد هذه الحادثة حصلت فتن عظيمة وكثيرة، منها أن قتل عثمان بن عفان في بيته، وكان يقرأ القرآن والمصحف بين يديه، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بشر عثمان بن عفان بالجنة مع بلوى تصيبه، هنيئا لهم بهذه البشارة، وهنيئا لهم بالتبرك بالرسول عليه الصلاة والسلام حيث وضعوا أقدامهم بالموضع الذي وضع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه، أما بئر أريس فطمس اليوم وهو قرب مسجد قباء بمكان غير بعيد واليوم هناك بقربه نافورة. طمس بئر أريس ولكن يعرفه أهل المدينة المنورة، ويعرفه أهل قباء، ويدلون عليه المسلمين الذين يأتون من أقطار البلاد ليزوروا تلك البقاع المشرفة.

وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد طلب من الصحابة الكرام أن يغسلوه بسبعة آبار، ومن جملة هذه الآبار بئر أريس وكان النبي عليه الصلاة والسلام له اعتناء بآبار المدينة المشرفة، فكان الصحابة يشربون من تلك الآبار في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد مماته ويستشفون بها، ولا يزال على ذلك المسلمون إلى يومنا هذا.

 

نسأل الله تبارك وتعالى البركة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة البقاع التي حل فيها رسول الله.