الأحد ديسمبر 22, 2024

أبو بكر الجرجاني الإسماعيلي الإمام الحافظ شيخ المحدثين

ترجمته:
هو الإمام الحافظ الحجة الفقيه، شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن العباس الجرجاني الإسماعيلي شيخ الشافعية المولود سنة سبع وسبعين ومائتين للهجرة.

كتب الحديث بخطه وهو صبي مميز، ورحل في طلبه سنة تسع وثمانين وبعدها، أي منذ أن بلغ اثنتي عشرة سنة. ومما جاء في ترجمته في كتاب “تاريخ جرجان” للسهمي قول المؤلف: “سمعت أبي يوسف بن إبراهيم يقول: سمعت أبي إبراهيم بن موسى يقول: كنا جماعة صبيان نختلف من بكر أباذ إلى إبراهيم بن هانئ نتفقه ونتعلم مذهب الشافعي رضي الله عنه، فكان منا مَنْ يسبق أبا بكر الإسماعيلي لكي يتأخر فيما يقرأ، فأبى الله تعالى إلا رفعه ونفعه بما تعلّم”.

وجاء في معجمه قوله: “كتبتُ في صغري الإملاء بخطي في سنة ثلاث وثمانين ومائتين، ولي يومئذ ست سنين”.

وجاء في “تاريخ جرجان” أيضًا عن أول رحلة له في طلب الحديث إلى الحسن بن سفيان قوله: “فقدمت عليه [أي الحسن بن سفيان] وسألته أن أقرأ عليه المسند فأذن لي، فقرأت عليه جميع المسند وغيره من الكتب، فكان ذلك أول رحلتي في طلب الحديث، ورجعت إلى وطني ثم رجعت إلى بغداد في سنة ست وتسعين ومائتين وصحبني بعض أقربائي”.


مشايخه:
روى عنه كثيرين منهم إبراهيم بن زهير الحلواني، وحمزة بن محمد الكاتب، ويوسف بن يعقوب القاضي صاحب “السنن”، وأحمد بن محمد بن مسروق، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن بن علوية القطان، وجعفر بن محمد الغربالي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن شريك، وجعفر بن محمد الليث البصري، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى الموصلي، وابن خزيمة، والبغوي، وغيرهم ممن هم في طبقتهم بخراسان والحجاز والعراق والجبال، وأما الذين حدثوا عنه فكثيرون منهم الحاكم النيسابوري، وأبو بكر البرقاني، وحمزة السهمي، وأبو حازم العبدوي، وأبو الحسن محمد بن علي الطبري، والحافظ أبو بكر محمد بن إدريس الجرجاني، وسبطه أبو عمرو وعبد الرحمن بن محمد الفارسي، وكثيرون غيرهم.


ثناء العلماء عليه:
جاء في “سير أعلام النبلاء” في الثناء على الإمام الجرجاني قوله: “قال حمزة بن يوسف: سمعت الدارقطني يقول: قد كنت عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أُرزق”.

وقال الحاكم: “كان الإسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء، وأجلهم في الرئاسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين العلماء من الفريقين وعقلائهم في أبي بكر”.

وفي “تاريخ جرجان” للسهمي جاء ما نصه: “سمعت والدي أبا يعقوب يوسف بن إبراهيم يقول: سمعت أبي إبراهيم بن موسى يقول: كان أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بارًا بوالديه فحقته بركة دعائهما”. ونقل ابن عساكر في تبيينه عن الحافظ أبي نصر السجزي أنه قال: “أبو بكر الإسماعيلي شيخ كبير جليل ثقة من الفقهاء والمحدثين في عصره، يرجع إلى علم وافر ومعرفة بالحديث صادقة، ومروءة ظاهرة. وكانت إليه الرحلة في زمانه”.

وفي سير الذهبي ورد ما نصه: “قال حمزة: سمعت جماعة، منهم الحافظ ابن المظفر يحكون جودة قراءة أبي بكر، وقالوا: كان مقدمًا في جميع المجالس، كان إذا حضر مجلسًا لا يقرأ غيره”.

مؤلفاته:
صنف تصانيف تشهد له بالإمامة في الفقه والحديث، منها “عمل مسند عمر”، صنفه في مجلدتين، و”المستخرج على الصحيح” وهو كتاب وضعه في الحديث على شرط البخاري، ومعجمه الذي جمعه عن نحو ثلاثمائة شيخ.

ويذكر صاحب السير عن سعة علمه ما جاء على لسان حمزة بن يوسف حيث قال: “سمعت الحسن بن علي الحافظ بالبصرة يقول: كان الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنف لنفسه سننًا ويختار ويجتهد، فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كتب، ولغزارة علمه وفهمه وجلالته”.


وفاته:
توفي رحمه الله في غرة رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة عن أربع وتسعين سنة، وخلف من الاولاد ابنين هما: أبو نصر محمد وأبو سعد إسماعيل، وثلا بنات. فأما أبو نصر فترأس في حياة أبيه وعقد مجلسًا للإملاء سنة ثلاثمائة وست وستين للهجرة.

وأما أبو سعد فقد صار إمامًا في الفقه لم يكن له نظير في زمانه.

وجاء في “تبيين كذب المفتري” ما نصه: “حدثنا أبو اسحاق إبراهيم بن علي الفقيه قال: أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي مات سنة نيف وسبعين وثلاثمائة، وجمع بين الفقه والحديث ورئاسة الدين والدنيا، وصنف الصحيح وأهذ عنه ابنه أبو سعد وفقهاء جرجان”.

إنه واحد من أعلام الأشاعرة الذين وقفوا أنفسهم حماة للدين يدافعون عنه شبه المضلين المفسدين، فهل بعد ذلك يكون من الإنصاف في شيء أن يقوم مدعٍ للعلم فيذم الأشاعرة أو يطعن بهم فيطلق عليهم سهام الطعن والتجريح.

رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى.