ءادم أبو البشر
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه شهادة منزهة عن الشك والشبهات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله .
أما بعد،
فقد قال الله تبارك وتعالى : ] إن الله اصطفى ءادم[[سورة ءال عمران / الآية 33]. معنى الآية أن الله اختار ءادم لأنه فضله على الملائكة كلهم. والدليل أنه فضله على الملائكة كلهم أن الله أمر الملائكة بما فيهم جبريل أن يسجدوا لآدم سجود تحية لا سجود عبادة. فسجدوا كلهم، وكان إبليس مع الملائكة، كان مسلما، لكن تكبر، قال :”كيف أسجد لهذا الذي خلق من تراب وأنا من نار”. فقال الملائكة مبلغين عن الله :”ما منعك أن تسجد؟”، قال:” أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”، هنا كفر لما جحد حكم الله كفر. ليس لمجرد ترك السجود، لأن المسلم إذا اعتقد أن الصلاة حق وأن كل ما جاء عن الرسول حق ولكن لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي، لا يكون كفر وإنما عصى الله.
إبليس لو اقتصر على ترك السجود من غير اعتراض على حكم الله لما كفر، لكنه اعترض على حكم الله واستكبر وكفر. وكفر إبليس معروف. الكبار والصغار يعرفونه وحصل من رجل أن عمل محاضرة قال فيها :”إبليس ما كفرش، إبليس ما كفرش”، يقول أنه اعترف بوجود الله ما كفر!!!! هذا الرجل الذي قال إن إبليس لم يكفر هو كفر لأنه عاند القرءان، عاند قوله تعالى :] وكان من الكافرين [[سورة ص/74]، القرءان حكم على إبليس أنه كفر، هذا الرجل قال:”ما كفرش” وأعاده مرتين. بعض النساء وبعض الرجال يقولون هذا الرجل ما كفر، هم كفروا مثله لأنه من يكذب حكم القرءان يكون كافرا.
ثم إن ءادم عليه السلام أصله من تراب هذه الأرض، الله أمر الملك أن يأخذ من تراب هذه الأرض، فأخذ قبضة من التراب الأحمر والأسود وما بينهما ومن جميع أنواع التراب الردىء والحسن، من كل أنواع التراب. لذلك ذريته جاء بعضهم سود وبعضهم بيض وجاء منهم من هم بين هذا وهذا.
و إبليس عاش في الجنة التي فوق السبع سموات، ليس في بستان في أرض الهند كما يقول بعض الكذابين. يقولون ءادم خلق في الجنة أي في بلاد الهند في بلاد طيبة، ليس الجنة التي فوق السماوات السبع. هؤلاء ضلوا إن كان هذا منهم عنادا، كفروا. أما إن كان لم يسمعوا غير ذلك ما كفروا.
أما ءادم، الله أذن له أن يأكل من كل ثمار الجنة إلا شجرة واحدة نـهاه عنها فظهر إبليس على صورة إنسان وكان مع حواء، هي خلقت من ضلعه في الجنة، قال لهما إن أكلتما من هذه الشجرة تكونا خالدين أي لا يأتيكما الموت. حواء حرضت ءادم على الأكل من هذه الشجرة، فلما أكلا كانا عاصيين لله لكن ليست معصية كبيرة، ثم لما أكلا من هذه الشجرة، تساقط عنهما الثياب التي كانا يلبسانها من ثياب الجنة وظهرت سوءاتاهما. فصارا يأخذان من أوراق الجنة يلصقانها عليهما. أوراق الجنة عريضة ليس كهذه الدنيا، لأن ءادم وحواء كان عرض كل منهما سبعة أذرع والطول ستون ذراعا، على حسب طول الإنسان تكون أشجار الجنة طويلة، والأوراق كذلك.
ثم ندما، فتاب الله عليهما، قبل الله توبتهما، ثم أنزلا من الجنة، فزوده الله تعالى من ثمار الجنة، صارا يأكلان من تلك الثمار التي أنزلها الله معهما من الجنة. هذه الثمار التي في الدنيا من تلك الثمار ولكن هذه تتغير وتلك لا تتغير.
الله علم ءادم صنعة كل شىء. صار يستخرج الذهب والفضة ويعمل منهما دراهم ودنانير ويعمل الطعام بعد الحصاد وعلمه الحدادة والحياكة وغير ذلك كبناء البيت. وكان جميلا وافر الشعر، شعره طويل يضرب إلى منكبيه. ثم عاش في الأرض ثمانمائة سنة وسبعين، وذهب إلى مكة وبنى الكعبة بأمر الله.
النبوة نزلت عليه بعد أن نزل إلى الأرض، أما لما كان في الجنة ما نزلت عليه النبوة. فصلى الله على نبينا محمد وعلى ءادم وعلى جميع الأنبياء.
ثم إن إبليس بعدما نزل إلى الأرض صارت له ذرية: ذكور وإناث كالبشر، ثم إن الله تبارك وتعالى هدى بعض ذريته إلى الإسلام. فالجن يوجد منهم مسلمون، فيهم مسملون صالحون، فيهم علماء، وفيهم مسلمون غير صالحين ظالمون. صلحاؤهم لا يؤذون بني ءادم، أما كفارهم يؤذون ابن ءادم. كذلك الفساق منهم الذين لا يخافون الله يؤذون.
الرسول عليه السلام علمنا أشياء تنفعنا، قال: ” ستر ما بين أعين الجن وأوراك ابن ءادم أن يقول إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله”، معنى حديث رسول الله أن الإنسان إن أراد دخول الخلاء، محل قضاء الحاجة، إذا قال بسم الله ، الجن لا يرون عورته، لا يستطيعون. أما إذا لم يقل، يروا قد يؤذونه بسبب رؤية عورة ابن ءادم، فجزى سيدنا محمد خير ما جزى نبيا عن أمته، جزاه عنا أفضل ما جزى نبيا عن أمته، صلوات الله وسلامه عليه وعلى ءاله.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
أما بعد، عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير، واعلموا أن الله أمركم بأمر عظيم، أمركم بالصلاة والسلام على نبيه الكريم فقال: ]إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما[ اللـهم صل على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى ءال سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد، يقول الله تعالى: ]يا أيها الناس اتقـوا ربكـم إن زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد[، اللـهم إنا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر اللـهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللـهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللـهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللـهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف. عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.
اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجا، وأقم الصلاة.