ءاداب قراءة القرءان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل ولا ضد ولا ند ولا صورة ولا هيئة ولا أعضاء ولا مكان له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه، الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله، الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا حبيب الله، الصلاة والسلام عليك سيدي يا علم الهدى يا أبا القاسم يا أبا الزهراء يا محمد .
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه : {ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مُذّكِر} القمر 17
ويقول تبارك وتعالى : {لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خشعًا متصدعًا من خشية الله وتلك الأمثل نضربها للناس لعلهم يتفكرون} الحشر/21 .
إخوة الإيمان، إن الله سبحانه وتعالى أكرم حبيبه محمدًا بمعجزة القرءان العظيم هذه المعجزة العظيمة المستمرة على تعاقب الأزمان ونحن على موعد ومقربة بإذن الله مع خير الشهور شهر القرءان رمضان ، تعالوا معي لنسمع خطبة في ءاداب قرءاة القرءان ، إخلاص النية لله، فأول ما ينبغي لقارئ القرءان أن يقصد بقراءته رضا المولى سبحانه وتعالى وحده. قال تعالى: {وما أمروا ألا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} .
ومعنى إخلاص النية إفراد الحقّ سبحانه وتعالى بالطاعة بالقصد وهو أن يراد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شىء ءاخر ، فلا ينو محمدة الناس له ولا ينو أن يصل إلى غرض من أغرض الدنيا من رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك .
السواك عند كل قراءة ، فينبغي لقارىء القرءان إذا أراد القراءة أن ينظف فمه بالسواك ويستحب أن يقرأ القارىء القرءان وهو على طهارة فإن قرأ مِنْ حِفْظِهِ مثلاً وهو محدث حدثًا أصغر من غير أن يمس المصحف جاز بإجماع المسلمين ولا يقال ارتكب مكروهًا بل هو تارك للأفضل كما قال إمام الحرمين أبو محمد الجويني رضي الله عنه.
وأما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قرءاة القرءان سواء كان ءاية أو أقل منهما ويجوز لهما النظر في المصحف وإجراء القرءان على قلبهما من غير تلَفُظٍ به كما يجوز لهما التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك يجوز أن يقرءا من أذكار القرءان كأن يقول الجنب عند المصيبة: {إنا لله وإنا إليه راجعون} ، وكأن يقول عند ركوب الدابة: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} وعند الدعاء: {ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار} من غير أن يقصد بكل ذلك قراءة القرءان بل يقصد التبرك بالذكر.
ويستحب لقارئ القرءان أن تكون قراءته في مكان نظيف ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعًا للنظافة وشرف البقعة، وأن يستقبل القبلة ويجلس في خشوع بسكينة ووقار مطرقًا برأسه ولو قرأ قائمُا أو مضطجعًا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز له وله أجر.
ويستحب لقارئ القرءان إذا أراد الشروع في القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وينبغي لقارئ القرءان أن يكون شأنه عند قراءة القرءان الخشوع والتدبر والخضوع فهذا هو المقصود المطلوب وبه تنشرح الصدور وتستير القلوب قال تعالى : {أفلا يتدبرون القرءان} .
فمن الصالحين من كان يبكي الآية الواحدة ليلة كاملة فإن البكاء عند قراءة القرءان صفة العارفين بالله، بقول الله تعالى : {ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا} .
وقد قال أحد العارفين بالله رضي الله عنه : “دواء القلب خمسة أشياء قراءة القرءان بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين” .
فيستحب لقارئ القرءان تحسين صوته عند قراءة القرءان ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فلا يزيد ولا ينقص حرفًا من كتاب الله تعالى لأجل تحسين الصوت يقول الله تعالى : {ورتل القرءان ترتيلا} أي بيِّنه تبيينًا أي أظهر حروفه .
فقد ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها وصفت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها قرءاة مفسّرة حرفًا حرفًا.
أخي المسلم أيها القارىء للقرءان احرص على هذه الآداب عند قراءة القرءان وحافظ عليها ولا تكن من الغافلين بقلوبهم عن تدبره لأنه دستور المسلم في الدنيا .
اللهم اجعل القرءان العظيم ربيع قلوبنا ونورًا لأبصارنا وإمامنا في الدنيا والآخرة وحجّة لنا يوم القيامة، وارزقنا تلاوته ءاناء الليل وأطراف النهار ءامين يا رب العالمبن يا الله .
هذا وأستغفر الله لي ولكم
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْوَعْدِ الأَمِينِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَءَالِ الْبَيْتِ الطَّاهِرِينَ وَعَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَاتَّقُوهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.