يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان
أما بعد حُكْمُ مَنْ يَجْحَدُ أَىْ يُنْكِرُ مَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا بِلا شَكٍّ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا لا يَنْقَطِعُ فِى الآخِرَةِ عَنْهُ الْعَذَابُ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لَهُ وَمَا هُوَ بِخَارِجٍ مِنَ النَّارِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾. وَمَنْ أَدَّى أَعْظَمَ حُقُوقِ اللَّهِ بِتَوْحِيدِهِ تَعَالَى أَىْ تَرْكِ الإِشْرَاكِ بِهِ شَيْئًا وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَنَبَ الْكُفْرَ هَذَا إِنْ مَاتَ لا يَخْلُدُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خُلُودًا أَبَدِيًّا وَإِنْ دَخَلَهَا بِمَعَاصِيهِ الَّتِى كَانَ اقْتَرَفَهَا وَمَآلُهُ فِى النِّهَايَةِ عَلَى أَىِّ حَالٍ كَانَ الْخُرُوجُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَالَ الْعِقَابَ الَّذِى يَسْتَحِقُّ هَذَا إِنْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ فَحُكْمُ الْمُسْلِمِ الْعَاصِى الَّذِى مَاتَ قَبْلَ التَّوْبَةِ أَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ إِمَّا أَنْ يُعَذِّبَهُ اللَّهُ ثُمَّ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ ويُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ بلا عذاب. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ« رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ. أَىْ مَنْ مَاتَ وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ أَىْ أَقَلُّ الإِيمَانِ لا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ وَإِنْ دَخَلَهَا بِمَعَاصِيهِ. وَأَمَّا الَّذِى قَامَ بِتَوْحِيدِهِ تَعَالَى بِأَنْ ءَامَنَ بِهِ وَنَزَّهَهُ عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ وَاجْتَنَبَ مَعَاصِيَهُ وَقَامَ بِأَوَامِرِهِ أَىْ أَدَّى الْفَرَائِضَ وَاجْتَنَبَ الْمُحَرَّمَاتِ فَهُوَ التَّقِىُّ الَّذِى مَآلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لا يَلْقَى جُوعًا وَلا عَطَشًا وَلا نَكَدًا فِى الْقَبْرِ وَلا فِى الآخِرَةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلا عَذَابٍ حَيْثُ النَّعِيمُ الْمُقِيمُ الْخَالِدُ فَيَكُونُ مَأْوَاهُ الَّذِى لا يَخْرُجُ مِنْهُ بِدِلالَةِ الْحَدِيثِ الْقُدْسِىِّ الَّذِى رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ »أَعْدَدْتُ لِعِبَادِىَ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ«. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ »اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ أَىْ شَىْءٍ تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمْ أَىْ تَفْرَحُ بِهِ مِمَّا لَمْ يُطْلِعِ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلائِكَتَهُ وَلا أَنْبِيَاءَهُ فَالنَّعِيمُ الْخَاصُّ الْمُعَدُّ لِلصَّالِحِينَ لَمْ يَرَهُ الرَّسُولُ وَلا الْمَلائِكَةُ وَلا خُزَّانُ الْجَنَّةِ الْمُوَظَّفُونَ هُنَاكَ ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ. والله تعالى أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين.