الأحد نوفمبر 9, 2025

قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا
عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}
[الأنبياء: 105].

قال المفسر ابن جرير الطبري في تفسيره «جامع البيان في تفسير القرءان» ما نصه([1]): «{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} يعني بذلك أن أرض الجنة {يَرِثُهَا عِبَادِيَ} – أي – العاملون بطاعته المنتهون إلى أمره ونهيه»، ثم قال([2]): «وقد ذكرنا قول من قال أن الأرض يرثها عبادي الصالحون أنها أرض الأمم الكافرة ترثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن عباس الذي روى عنه علي بن أبي طلحة». اهـ.

وقال الإمام أبو منصور الماتريدي في تفسيره «تأويلات أهل السُّنَّة» ما نصه([3]): «قال عامة أهل التأويل: هي الجنة، أخبر أن الجنة إنما {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، وهو ما ذُكر في آية أخرى {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 11]، فيكون هذا تفسيرًا لذلك». اهـ.

وقال المحدث أبو الفضل عبد الله محمد الصديق الغماري الحسني في كتابه «بدع التفاسير» في تفسيره لهذه الآية ما نصه([4]): «أن أرض الجنة يرثها عباده الصالحون المتقون، وحكى عنهم قولَهم حين دخولها {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر: 74].

ومن بدع التفاسير: قول بعض المعاصرين: أن الأرض يعني أرض الدنيا (يرثها عبادي الصالحون) لعمارتها والغرض بهذا التأويل تأييد الاستعمار الأوروبي، والحض على عدم مقاومته، حيث إن القرءان أخبر بأن لهم وراثة أرض الدنيا. وهذا إلحاد في القرن، وكذب على الله، وخروج على دينه، وحض على ترك فريضة الجهاد وإني أبرأ إلى الله من هذا التأويل ومن صاحبه. اهـ.

فهذه الآية معناها أن أرض الجنة يرثها عباد الله الصالحين، وليس كما ادّعى أحد المشايخ المصريين وهو محمد بخيت أن معنى هذه الآية هو في الأوروبيين الذين قاموا بعمارة الأرض وزراعتها، وهذا تحريف لمعنى الآية وليس تفسيرًا لها، وما أجرأه على مداهنتهم والتملق إليهم بما لم يقله قبله أحد في تفسير هذه الآية.

ثم إن الآية فيها رد عليه وعلى من حرّف معناها وحملها على غير المسلمين، فهل يقول الله عزّ وجلّ عمّن كفر به ولم يعبده ولم يوحده ولم يؤمن بمحمد ولا بالقرءان، عبادي الصالحون؟! والصالحون جمع صالح، والصالح هو المسلم الذي أدى الواجبات واجتنب المحرمات، هذا الذي هو محبوب عند الله تعالى ممدوح في القرءان، ونعوذ بالله من الجرأة على تحريف معاني آيات الله وكتابه.

 

 

([1]) جامع البيان في تفسير القرءان (دار الجيل – بيروت، المجلد التاسع الجزء 17 ص81).

([2]) المصدر نفسه، (ص82).

([3]) تأويلات أهل السُّنَّة (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1426هـ المجلد السابع ص382 – 383).

([4]) بدع التفاسير (مكتبة القاهرة، الطبعة الثالثة 1426هـ ص73).