هل يرى المؤمنون ربهم في الآخرة
يجب الإيمان بأن الله يرى فى الآخرة يراه المؤمنون وهم فى الجنة بلا كيف ولا مكان ولا جهة أى من غير أن يكون متصفا بصفات المخلوقين ومن غير أن يكون فى مكان أو جهة قال الله تعالى ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾ أى أن المؤمنين يرون ربهم ذلك اليوم يرون من ليس كمثله شىء، لا يرونه حجما لطيفا كالنور ولا حجما كثيفا كالإنسان ولا يرونه مستقرا حالا فى الجنة ولا خارجها ولا يرونه متحيزا فى مكان أو جهة فلا يرونه متحيزا عن يمينهم ولا عن يسارهم ولا فى جهة فوق ولا فى جهة تحت ولا فى جهة أمام ولا فى جهة خلف، يرونه من غير أن يكون له حجم وكمية ومقدار ومساحة وحد لأنه ليس جسما مؤلفا من أجزاء، يرونه من غير أن يكون له طول وعرض وعمق وسمك ولون وشكل وهيئة وكيفية، يرونه بلا وصف قيام وقعود واتكاء وتعلق واتصال وانفصال وساكن ومتحرك ومماس ومن غير أن يكون بينه وبين خلقه مسافة. رؤية المؤمنين لله فى الآخرة ليس اجتماعا بالله كاجتماع المصلين بإمامهم فى المسجد لأن الله تعالى يستحيل عليه السكنى فى مكان. رؤية المؤمنين لربهم فى الآخرة جائزة عقلا بدليل أن موسى عليه السلام سأل ربه الرؤية بقوله ﴿رب أرنى أنظر إليك﴾، فلو كانت الرؤية مستحيلة ما سأل موسى ربه أن يراه. أما قوله تعالى لموسى ﴿لن ترانى﴾ أى فى الدنيا، وموسى عليه السلام لما طلب من ربه أن يراه بعينه لم يكن أوحى إليه بأن الله لا يرى بالعين الفانية فى الدنيا. قال رسول الله ﷺ إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون فى رؤيته رواه مسلم. شبه الرسول ﷺ رؤية المؤمنين لربهم من حيث عدم الشك برؤية القمر ليلة البدر ولم يشبه الله بالقمر أى أنهم يرونه رؤية لا شك فيها لا يشكون هل الذى رأوه هو الله أم غيره كما أن مبصر القمر ليلة البدر إذا لم يكن سحاب يراه رؤية لا شك فيها. لا تضامون فى رؤيته أى لا تتزاحمون فى رؤيته وهذا شأن من لا مكان له لأن الناس إذا أرادوا رؤية من فى مكان يتزاحمون ويتدافعون ليروه فيراه الأقربون منه ولا يراه الأبعدون فيتدافعون.