الأحد يونيو 22, 2025

محمد بن عبد الوهاب يناقض ابن تيمية:

        حرَّم ابن عبدالوهاب ومن انتسب إليه الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال أحد دعاتهم([1]) البارزين اليوم: إن الذبيحة التي تُذبح لإطعام الناس بالمولد أحرم من الخنزير. انتهى.

        وعمل المولد الذي جرى عليه المسلمون منذ مئات السنين، لم يحرمه ابن تيمية، بل ذكر في بعض فتاويه أنه إن عُمل المولد بنية حسنة يكـون فيـه أجرٌ، كما قال في كتابه الذي سماه اقتضاء الصراط المستقيم([2]): وكذلك ما يُحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيماً له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع. انتهى، ثم قال: فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجرٌ عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم، كما قدمته لك. انتهى.

        فجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف انعقد عليه إجماعٌ فعلي، توارد عليه الملوك والمشايخ والعلماء بما فيهم من حفاظ الحديث والفقهاء والزهاد والعُبَّاد، وألف العلماء في جواز عمل المولد رسائل كثيرة منهم الحافـظ السيوطـي حيث ألّف رسالة سماها حسن المقصد في عمل المولد([3])، ونقل في هذه الرسالة فتوى لابن حجر العسقلاني تجيز عمل المولد.

        وأول من عمل المولد الملك المظفر الأيوبي حاكم إربل، وأقرَّه العلماء على ذلك، وقال ابن كثير في تاريخه([4]): كان يعمل المولد الشريف – أي الملك المظفر – في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً، وكان شهماً شجاعاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه. انتهى.

        فانظـر أخـي القـارئ العزيز كيف أن الوهابية قد خالفوا زعيمهم الأول ابن تيمية وتلميذه ابن كثير، وخالفوا من يظهرون للناس كذباً وبهتاناً أنهم يوافقونه، ألا وهو الحافظ ابن حجر العسقلاني.

([1]) وهو أبو بكر الجزائري.

([2]) الاقتضاء ص294 و ص297.

([3]) انظر كتاب الحاوي للفتاوي ج1/189.

([4]) كتاب البداية والنهاية ج3/136.