السبت مارس 22, 2025

من عُتُوِّهم وضلالهم أنهم قتلوا مؤذناً ضريراً صلى على النبي جهراً بعد الأذان، ولم يكن قد سمع بتحريمهـم للصـلاة على النبي جهراً بعد الأذان، نقل هذه القصة عنهم الإمام أحمد زيني دحلان في تاريخه([1]): وهم يمنعون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على المنائر([2]) بعد الأذان، حتى إن رجلاً صالحاً كان أعمى وكان مؤذناً وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بعد أن كان المنع منهم، فأتوا به إلى محمد بن عبد الوهاب فأمر به أن يُقتل فقُتل، ولو تتبعت لك ما كانوا يفعلونه من أمثال ذلك لملأت الدفاتر والأوراق وفي هذا القدر كفاية. انتهى أحمد زيني دحلان.ذأأأ

        أما الصلاة على النبي جهراً بعد الأذان فإنه أول ما حدث في زمن صلاح الدين الأيوبي([3])، وهو داخلٌ تحت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء([4])، وقد ألَّف العلماء في جواز الصـلاة على النبي جهراً بعد الأذان، كالحافظ السخاوي تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني، ألف رسالة سماها ((القول البديع في الصلاة على الشفيع)) ذكر فيها استحباب الصلاة على النبي بعد الأذان جهراً([5]).

        ومما يدل على استحبابها قوله عليه الصلاة والسلام: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلُّوا علي([6])، وقوله عليه السلام: من ذكرني فليصلِّ علي، أخرجه الحافظ السخاوي في القول البديـع وقال: لا بأسٍ بإسناده، وعلى هذا الحكم سار المؤذنون بعد عهد صلاح الدين الأيوبي إلى أيامنا هذه.

([1]) الفتوحات الإسلامية ج2/240.

([2]) المنائر جمع منارة وهي المئذنة، قال الزبيدي في تاج العروس ج3/587: والمنارة التي يُؤذن عليها وهي المئذنة. انتهى.

([3]) الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب (532هـ-589هـ ).

([4]) رواه مسلم في صحيحه كتاب العلم باب: من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة، والترمذي في جامعه كتاب العلم باب: ما جاء فيمن دعا إلى هدى أو إلى ضلالة، والنسائي في سننه كتاب الزكاة باب: التحريض على الصدقة، وابن ماجه في سننه المقدمة باب: من سنَّ سنة حسنة أو سيئة، والدارمي في سننه المقدمة باب: من سن سنة حسنة أو سيئة، وأحمد في مسنده ج5/477.

([5]) القول البديع ص192.

([6]) رواه الترمذي في جامعه كتاب المناقب باب: فضل النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي في سننه كتاب الأذان باب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، رواه أحمد في مسنده ج2/355.