الجمعة يوليو 26, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ” -39

بسم الله الرحمن الرحميم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا أبي القاسم طه الأمين وعلى آل بيتِه وصحابتِه ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين

)صحيفة 167(

 

يقول فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

*وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: الإنسانُ الذي لم يتعلم علمَ الدين الضروري هو كالإناء الفارغ، الإناءُ الفارغُ يقبَلُ ما يُصَبُّ فيه إنْ كان شيئًا طاهرًا وإنْ كان شيئًا نجِسًا.

)هذا مثالٌ يُقرِّب الأمر لتفهيم الناس كأنه مثالٌ لتقريب المسئلة، فمثلًا الوعاء الفارغ إنْ ملأتَه بالعسل بحيث لا يبقى فيه مكان لشىء آخر امتلأ بالعسل والعسل كم فائدتُه عظيمة، ثم إنْ ملأتَه بالحليب أو بالماء، في المقابل الوعاء الفارغ إنْ ملأتَه بالنجاسة بالسم بالأشياء المؤذية الضارة، إذًا الجاهل كالوعاء الفارغ يقبَل ما يُوضَع فيه، هو فارغ بماذا تملؤُه يمتلىء وهكذا الجاهل لأنه إذا سمعَ جهلًا زائدًا على جهلِه يقبَلُه إذا سمع ما يزيدُه جهلًا يقبلُه إذا سمعَ ما يُهلِكُه يقبلُهُ، هذا غالبًا هكذا.

لذلك علينا أن ننتبه أن لا نترك أنفسَنا بلا علم وأن لا نترك أبناءَنا بلا علم، فكلٌّ منا هو وَمن يحبّ يتحصّنونَ بالعلم، هكذا ينبغي أنْ تخدموا مَن تحبّون، أنت الإنسان الذي تحبّه تحتار بماذا تخدمُه بأنْ تقدّمَ له اللباس المال الطعام الشراب أنفع شىء أحسن شىء تقدّمُه لهذا الإنسان الذي تحبه هو علم الدين الذي به يعرف الثبات على الدين والتوحيد والعقيدة والإسلام وبهذا العلم يعرف كيف يتجنب الكفريات والضلال والفساد والمُهلِكات والمُؤذيات والمعاصي والمحرمات.

العلم معه نور إذا نزل في قلبِك هذا العلم وكنت مخلصًا لله وتعمل بهذا العلم هذا العلم نور ينزل في قلبِك وعندما تعطي هذا العلم لغيرِك هذا نور يكون في قلوبِهم فلا تبخلوا على أنفسِكم لا تفوّتوا على أنفسِكم أنْ تحصّلوا هذا النور وأن تقدّموه لأهلكم وإخوانِكم وأبنائكم، فالجهلُ خطير والجاهل يُهلكُ نفسَه وهو لا يدري(

*وقال رضي الله عنه: أوصي بعلم الدين فهو دليلُ السعادة الأبدية التي لا نهايةَ لها ودليلُ الفلاحِ في الدنيا والآخرة

)السعادة الأبدية التي لا نهاية لها مرادُه رحمه الله يعني في الجنة لأنك بعلم الدين إذا تعلمتَ وطبّقتَ ومتَّ على الإيمان فأنت من أهلِ السعادة الأبدية لأنّ الجنة لا نهاية لها، الله خلق الجنة وأراد لها البقاء إلى غير نهاية كما قال سبحانه في آخر آية من سورة البيّنة {خالدين فيها أبدًا}[النساء/١٢٢] هذه السعادة الأبدية ليست في الدنيا ليست عند ملوك الأرض لا، ليست عند السلاطين والأغنياء والوزراء والزعماء، السعادة الأبدية لكلّ المسلمين في الجنة في الآخرة هناك تلك السعادة التي لا تزول ولا ينقطع النعيم ولا ينفد ولا يبيد في الجنة، أما الدنيا تعرفون نعيم الدنيا وملذاتها يتخلله نغَص، ملذات الدنيا يخللها متاعب، أحيانا الإنسان في ليلة عرسِه يسمع شيئًا من الأخبار يُعكّر عليه يزعجُه وربما يمرض ويموت وهذا حصل حوادث عديدة ناس ماتوا في يوم عرسِهم، هذا حالُ الدنيا الواحد منا يعرف أنه معرّض للمخاطر والبلايا والآلام والأمراض والتعب والمشقات، هذا حال الدنيا، إذًا السعادة الأبدية ليست هنا يا إخواني ويا أخواتي، السعادة الأبدية هناك فلنعملْ جميعًا ولنحرص جميعًا على طلب الجنة.

الواحد منكم كم يحرص في الدنيا لأجل أنْ يشتريَ بيتًا كم يتعب كم يسهر كم يسافر كم يشتغل كم يتحمّل المخاطر والبرد والحر مع الأمراض يخرج إلى عملِه لأجل تحصيل هذا الشىء الزائل الفاني في الدنيا، فما الذي ينبغي أنْ يُعملَ له في همةٍ أعلى؟ القصور التي لا تبيد، النعيم الذي لا يزول، هذا الذي ينبغي أنْ نعملَ  له بجدٍّ واجتهاد وهمةٍ عالية فلا تضيّعوا الأولويات، الأولوية العمل للجنة هناك المستقبل الحقيقي ليس المستقبل الحقيقي النهائي هنا في الجنة لا، هذا وقت أيام ساعات أيام أسابيع أعوام تنتهي ونموت ليس لنا بقاء دائم في الدنيا، البقاء الدائم هناك الخلود الأبدي في الآخرة إما في جنة وإما في نار، لذلك ينبغي أْن تكونَ الهمم العالية القوية النشيطة لتحصيل الجنة لطلب الجنة لطلب السعادة الأبدية هناك، جعلني اللهُ وإياكم من  أهلِها(

 

*وقال ضي الله عنه: الذي يجهلُ علمَ الدين يظنُّ أنه يعملُ حسناتٍ تقرِّبُه إلى الله وهو يعملُ ما يُبعِدُهُ من الله.

)هذا بسبب الجهل وقد ذكرتُ لكم قبل الآن أنّ الذي يعمل بلا علم كان ما يُفسِدُه أكثر مما يُصلِحُه يأتي يريد أْنْ يُصلِح فيُخرِّب كالإنسان الذي لا يعرف الهندسة العمارية ولا يعرف البناء وهو أعمى ويأتي يريد أنْ يبني كيف هذا؟ بحسب العادة قد يقع عليه الجدار فيقتلُه، الإنسان الذي يعمل بلا علم الدين هذا يُهلكُ نفسَه وهو لا يدري ولا يشعر، فلذلك علم الدين سبيلُ النجاة لمَن عملَ به، نورُ الدرب والقبر والقلب لمَن اتّقى اللهَ وعملَ بهذا العلم مُخلِصًا.

وأما مسئلة أنه يُبعدُه من الله فهذا معناه البعد المعنوي كما تكلمنا في ذلك مرات فيما  سبق لأنّ القرب والبعد بالمسافة والاتصال والانفصال هذه صفة الأجسام صفة  المخلوق واللهُ خالق والخالقُ لا يشبه المخلوق، الخالق سبحانه وتعالى لو كان يشبه المخلوق لكان مخلوقًا وهذا مستحيل لا يجوز على الله أن يشبه المخلوقين ولا بوجهٍ من الوجوه ولا بصفة من الصفات، هذا العالم كلّه من حيث الشبه فيه شبَه من بعض النواحي، من ناحية، من أكثر، من أكثر النواحي، من نصف النواحي من حيث العدد، المخلوقات تتشابه أما الخالق العظيم لا شبيه له بالمرة ولا يشبه شيئًا من خلقِه بالمرة ولا بوجهٍ من الوجوه.

الله عز وجل قال في القرآن {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤]

فإذًا القرب بالحس والمسافة والمكان هذه صفة الأجسام نحن الآن متصلون بالأرض منفصلون عن السماء، هذا يقال له اتصال ويقال له قربٌ حسيٌّ مسافيٌّ من الأرض، بعدٌ مسافيٌّ عن السماء. نحن أجسام متصلة بالأرض هذا يقال له اتصال ويقال له قرب بالمسافة بالمكان قرب بالحس هذا بيننا وبين الأرض، وفي نفس اللحظة نحن بعيدون بالمكان بالمسافة عن السماء لأنّ السماء بعيدة عنا جدا.

فإذًا الأجسام بعضُها يكون أقرب من بعض وبعضُها يكون أبعد عن بعض، وبعضُها يكونُ متصلًا ببعضِه البعض وبعضُها يكون منفصلًا عن بعضِه البعض.

مثالٌ آخر هذه الشمس والقمر والنجوم هي منفصلة عن السماء ومنفصلة عن الأرض، فالشمس والقمر والنجوم ليس متصلةً في الأرض وفي نفس الوقت ليست متصلة بالسماء فهي منفصلة، نحن متصلون بالأرض منفصلون عن السماء، ملائكة السماء متصلون بالسماء منفصلون عن الأرض ونحن وهم لسنا في المسافة كالشمس والقمر والكواكب في الفضاء، هم في الفضاء ملائكة السموات في السموات ونحن في هذه الأرض، إذًا بعضُ المخلوقات متصلة بالأرض بعضُها متصل بالسماء بعضُها منفصل عن السماء والأرض كالشمس والقمر والكواكب فهي في الفضاء، هذا الاتصال والانفصال والقرب الحسي والمكاني والمسافي صفة الأجسام والأجرام وهي مستحيلةٌ على الله تعالى لأنه لو كان يجوزُ عليه أن يكونَ متصلًا أو منفصلًا لجازت عليه كل صفات المخلوقين الأخرى وهذا لا يجوز على الله سبحانه وتعالى.

ثم هذا العالم كلّه في الحركة والسكون والاتصال والانفصال فيه تشابه من بعض النواحي فمثلًا هذه النجوم هي في حركةٍ دائمة منذ خُلقَت لكنْ بعض هذه النجوم حركتُها بطيئة وبعضُها حركتُها سريعة، فمثلًا نجمة القطب الشمالي هي في مكانِها لكنْ لها حركة صعودًا ونزولًا الذي يراقبها في الليل المظلم ولا يكون حولَه أضواء يرى لها هذه الحركة مع أنها لا تذهب من مكانِها، نجمة القطب الشمالي لا تأتي إلى الجنوب ثابتة في الشمال، ونجمة القطب الجنوبي لا تأتي إلى الشمال ثابتة في الجنوب لكنْ وهي في مكانِها لها حركة نزولًا وصعودًا لكنْ بعض النجوم لها حركة سريعة جدا عند العشاء تكون في المغرب عند الفجر تكون صارت في المشرق، فهذه لها حركة سريعة, والنجوم منذ خُلقَت هي متحركة نحن أحيانًا نرى حركات النجوم وبعض النجوم لا نرى لها حركة لكنْ هي كلّها متحركة، وأما القسم الآخر من العالم هو في سكونٍ دائم مثل السموات والعرش المجيد، فهذه المخلوقات منذ خُلقَت هي في سكونٍ فالعرشُ هو في سكونٍ دائم والسمواتُ في سكونٍ دائم.

 وأما القسم الثالث يتحرك مرة ويسكن مرة ينتقل من سكون إلى حركة أو من حركة إلى سكون وهي الإنسُ والجنُّ والملائكةُ والبهائم والأشجار والحجارة والرمال وما شابه، هذه المخلوقات بعضُها ينتقل من سكون إلى حركة وبعضُها من حركة إلى سكون فهذا يجوزُ عليها في وقتٍ وهذا في وقتٍ، وهي متصفة بهذا وبهذا.

العالم كله في الحركة والسكون على هذه الأحوال الثلاثة وهذا كله لا يجوز على الله لأنّ اللهَ لو كان متحركًا دائمًا لكانَ كبعض المخلوقات وهي النجوم، ولو كان ساكنًا دائمًا لكان كبعض المخلوقات وهي السمواتُ والعرش وهذا مستحيلٌ على الله، ولو كان متحركًا مرة وساكنًا مرةً أخرى لكان كالإنس والجن والملائكة والبهائم والأشجار وأوراق الأشجار وقطرات الماء والرمال وما شابه، وهذا كلّه مستحيلٌ على الله.

ولو كان متصلًا بالأرض لكان مثلَنا وهذا مستحيلٌ على الله، ولو كان متصلًا بالسماء لكان كالملائكة وهذا مستحيلٌ عليه ولو كان منفصلًا عن السماء ومنفصلًا عن الأرض لكان كالشمس والقمر والنجوم كما شرحنا وهذا مستحيلٌ على الله، ولو كان قريبًا بالحس والمسافة لكان مثلَنا نحن ولو كان بعيدًا بالحس والمسافة لكان كالمخلوقات البعيدة بالحس والمسافة عن بعضِها وهذا كله مستحيل على الله، ولو كان متصلًا بالعالم أو بالمخلوقات لكان مثلَنا، نحن متصلون بالأرض منفصلون عن السماء، إذًا هذا كله لا يجوز على الله.

كل ما كان من معاني وسمات المخلوقين المُحدَثين من صفات الحوادث مستحيل على الله لأنه لو أشبهها بوجهٍ لجازَ عليه بقية الوجوه من الزوال والعجز والفناء والجهل والموت والضعف والافتقار والاحتياج والتغير والتطور وهذا لا يجوز أنْ يتصف به الإله، إذًا هذا كله مستحيلٌ على الله.

فوجبَ بالنقل والعقل أي ثبت أنّ اللهَ تعالى لا يشبه شيئًا من خلقِه، وشرعًا يجب أن نعتقدَ أنّ اللهَ لا شبيه ولا مثيل له لأنه قال في القرآن {ليس كمثله شىء}[الشورى/١١]

هذه الآية الكريمة العظيمة الشريفة المباركة مع وجازةِ لفظِها هي جزء من آية تُعطينا كل هذا المعنى الواسع الذي شرحناه.

إذًا بعيدٌ من الله يعني البعد المعنوي ليس البعد بالمسافة بالمكان ليس بعد الجسم عن الجسم هذا لا يجوز على الله عز وجل(

 

*وقال رضي الله عنه: الصوفيُّ في الحقيقة هو مَنْ تعلّمَ علمَ الدين وعملَ به ظاهرًا وباطنًا.

)هذا هو الصوفي حقيقةً لأنّ بعض الناس اليوم تختلط عليهم الأمور فيظنون أنّ الصوفي هو الذي ينتسب لمجرد الطريقة أو يلبس مثلًا نوعًا معيّنًا من الثياب أو أنْ يلبس مثلًا عمامة خضراء أو جبة سوداء أو أنْ يحملَ المسبحة أو أن يتردد إلى حلقات الذكر أو إلى مكان الحضرة أو إلى المقامات، هذا ليس دليلًا على التصوّف الحقيقي، الصوفي الحقيقي هو الذي يعمل بشريعة الله باطنًا وظاهرًا، احفظوا هذا التعبير لأنكم به تعرفون ويصير عندكم ميزان، فعندما ترى إنسانًا يخالف الشرع تعرف أنه ليس صوفيا، مَن رأيته يترك الصلوات الخمس تعرف أنه ليس صوفيا، من رأيتَه يصافح النساء يختلي بالمرأة وحدَه معها وهي لا تحل له لا هي زوجة ولا هي من محارِمه يصافحُها يضع يدَه على عورتِها بحجة أنّه يرقيها على زعمِه، تعرف أنه دجال كذاب، إذا رأيتَه يأكل الربا يشرب الخمر، رأيتَه مثلًا لا يعرف الاستنجاء مثلًا كان في الطريق فبال ولبس ثيابَه على النجاسة لا هو استنجى بالحجر ولا بالأوراق المناديل ولا بالماء ولا بشىء يصح به الاستنجاء إنما ضمّخَ لحمَه وثيابَه بالبول، وليس شرطًا أنْ ترى عورتَه إنما قد يكون من خلف بال ثم لبس ومشى، يعني يكون من خلف ساترًا ولم يستنجِ وهذا بعض الناس يفعلهُ يدّعون الطريقة والتصوّف والمشيخة ولا يعرف الاستنجاء تعرف أنه ليس صوفيا حقيقيا، إذا رأيته مثلًا يأكل أموال الأيتام أو أنه عُرفَ بعقوق الوالدين أو أنه لم يتعلم الفرض العيني تعرف أنه متصوّف يعني يدّعي التصوّف فهو مدّعٍ فارغ ليس صوفيا حقيقيا متمسكًا بالشريعةِ بالكتاب والسنة باطنًا وظاهرًا.

إذًا الصوفي الحقيقي هو المتمسك بشريعة الله ليس بالخُزَعبلات والتمثيليات والأفلام على الناس والاحتيال والدجل والشعوذة لا، ليس يتعاطى مع الجن ويشتغل بالسحر ليُوهِمَ الناس أن له خوارق، بعض الناس هكذا يضحكون على الجهلاء بأنْ يشتغل مع الشياطين وبالسحر يُوهمُهم أنه من أصحاب الكرامات وله خوارق وهو دجالٌ شيطان عفريت خبيث، كيف تعرف الصوفي الحقيقي من المتصوف المحتال؟ بملازمةِ الشريعة، من كان ملازمًا للشريعة باطنًا وظاهرًا يلتزم الشريعة قولًا وفعلًا يلتزم الشريعة اعتقادًا وحركات، يعني كل الأقوال والأعمال والحركات تدخل تحت الأحكام الشرعية، مَن رأيتَه يراقب كل هذا ويمشي على حسب الشرع هذا الإنسان الذي يندُر أمثالُه اليوم، هذا الصوفي الحقيقي.

ثم زيادةً على العلم والتمسك بالفرائض وتجنب المحرّمات يُكثر من الطاعات من العبادات من الذكر وقيام الليل وصيام النهار يحسّن أخلاقَه، هذا الصوفي الحقيقي.

إذًا التصوف هو العمل بشريعة الله باطنًا وظاهرًا، الصوفي هو من اتّبع درب المصطفى صلى الله عليه وسلم وجعل الدنيا منه على القفا واستوى عنده الذهب … الصوفي من صدقَت معاملتُه مع الله عز وجل يعني يؤدي الواجبات يجتنب المحرمات ويُلزِمُ نفسَه بالآداب النبوية، تحلّى بالأخلاق السنية وابتعد عن الأخلاق الدنية، الصوفي الصادق هو مَن التزم نهجَ الرسول صلى الله عليه وسلم قولًا واعتقادًا وعملًا.

كم من أدعياء التصوف الآن لا يعرفون أركان الصلاة؟ أركان الصلاة لا يعرفون، كم من أدعياء التصوف الآن لا يعرفون الذكر الصحيح؟ لفظ الجلالة لا يعرفون كيف يكونُ صوفيا وهو لا يُحسنُ التأدب مع الله؟ كيف يكون صوفيا ولا يقتدي بسيّد العالمين محمد صلى الله عليه وسلم؟ جاهل بالفرض العيني وبالفرض الكفائي وبالأخلاق والسنن والآداب وبالطهارة، لا يميز الطهارة من النجاسة، هذا بعيد من التصوف.

بعض الناس والعياذ بالله من أدعياء المشيخة دجال يأتي إلى امرأةٍ تُعجبُه تعالَي نتآخى أنا وأنتِ فتصيرين أختي، على زعمِه يأتي بإبرة أو دبوس فيضربُها بإصبعِها ويضرب إصبعَه فيخرج دم منه ومنها ثم يضع يدَه على يدِها يقول اختلط دمُكِ بدمي صرنَا إخوة ثم يختلي بها ويلمسُها وتكشف عورتَها أمامَه ويُصافحُها، هذا دجال، هذه إخوّة الشياطين، هذه ليست الأخوة الصافية على حسب الشريعة، الأخوّة الصافية على حسب الشريعة {إنما المؤمنون إخوة}[الحجرات/١٠] نطبّق الشريعة نلتزم الشريعة لا ندجّل.

لذلك علينا أنْ ننتبه، الصوفي الحقيقي هو مَن يلزم الشريعة باطنًا وظاهرًا، هذا هو الصوفي الحقيقي الذي عناه الشيخ رحمه الله(

 

*وقال رضي الله عنه: الجهلُ والكِبر إذا اجمتعا كانا أشدّ الأمراض القلبية، الجاهل المتكبر ذنبُه أشد من غيرِه

)كانا من أشد الأمراض، لأنّ هناك أمور يقال لها الكفر الاعتقادي هذا هو أشد وأكبر الأمراض القلبية على الإطلاق، وكذلك الكفر القولي والكفر الفعلي هذا أشد وأكبر المنكرات والأمراض والمخاطر والجرائم والفساد والآثام والمعاصي والمحرمات على الإطلاق، إنْ كان من حيث التعبير بالأمراض أو التعبير بالذنوب والآثام، فأكبرُ الأمراض على الإطلاق الكفر بأنواعِه وأكبر الجرائم على الإطلاق الكفر بأنواعِه وأكبر المحرمات على الإطلاق الكفر بأنواعه، بعد الكفر يأتي قتل النفس التي حرّم اللهُ إلا بالحق.

وهنا من باب النصيحة والتذكير يجب علينا أن نحذّرَ الناس على الانتحار وأنْ لا يُقدِموا عليه لأنهم بهذا يرتكبون ذنبًا عظيمًا، ثم هذا المنتحر هل بانتحارِه سيُوَسّع الرزق على أولاده؟ هذا المنتحر بانتحارِه هل سنتفرج الأوضاع الاقتصادية هل سيرجع الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه؟ سترتفع الليرة ويهبط الدولار؟ لا، هل بالانتحار ستُوَسَّع الأرزاق؟ لا والله، بل هذا أكبر الجرائم بعد الكفر.

الله يقول {ولا تقتلوا أنفُسَكم}[النساء/٢٩] فكيف يتجرأ بعض الناس على الانتحار؟ هؤلاء ننصحُهم لله تعالى أْنْ لا يفعلوا بل أنْ يلجأوا إلى طاعة الله بالطاعة بالعبادة بالذكر بالصلاة تنفرج الكروب تنشرح الصدور تتيسر الأمور مع الأخذ بالأسباب، يُساعَد بأنْ تؤمَّن له وظيفة بأنْ يُعتَنى به وبأبنائِه إنْ كان مريضًا كلُّنا نمد له يد العون لا نكتفي بأنْ نقولَ له اقعد فادعُ، الدعاء نعمة وخير وأجر وبركة وسلاح للمؤمن لكن مع الدعاء نأخذ بالأسباب فنسعى له بقضاء حاجاتِه بسد الضرورات لا نتركُه يموت من الجوع ونقول له اشتغل بالدعاء فقط مع أنّ الاشتغال بالدعاء نعمة وعبادة، لكن أنا الذي أقولُه أنْ نشتغل له بسدّ حاجاتِه بإنقاذِ أطفالِه بمساعدةِ أبويه مع الدعاء، هكذا نعمل مع الذي عرفنا أنه وصل إلى هذا الحد لا نكتفي بأنْ نقعد في بيوتِنا فننتظر الأخبار فلان انتحر فلان أراد أنْ ينتحر فلان باشر الانتحار لكنْ أُنقِذَ، لا تتركوا الناس تصل لهذا الحد بل اخرجوا لقضاء حاجاتِهم لإسعافِهم لمساعدتِهم لمدّ يدِ العون لهم، الميسور الغني التاجر صاحب المال ليتقيَ اللهَ تعالى إذا سمع بمثل هؤلاء الضعَفاء الفقراء المرضى عليه أنْ يبذلَ من أموالِه، أليس الله عز وجل قال في القرآن الكريم {والذين في أموالهِم حقٌّ معلوم* للسائلِ والمحروم}[المعارج/٢٤-٢٥]؟

هذه الآية وحدَها تكفي، أين أنتم يا إخواني الأغنياء أين أنت يا أخي الميسور التاجر يا أخي الذي لك مصنع أو تجارة أو طعام أو محل أو مستودع تستطيع أنْ تساعد الفقراء؟ أنا لا أقول لك تخلّى عن كل مالك أقول لك مَن علمتَ بأنهم وصلوا إلى هذا الحد اعمل على إنقاذِهم وهذا ليس لغنيٍّ واحد ليس لميسورٍ واحد بل لكل الأغنياء، وإذا عمل الأغنياء على ذلك سدّوا هذه الحاجات وأنقذوا هؤلاء الناس، أين نحن يا إخوانَنا من قول الله عز وجل في الحديث القدسي [[أنفِقْ يا ابنَ آدم يُنفَق عليك]]؟

أنفِق أعطِ ساعد الناس يُنفَق عليك، أليس ورد في الحديث قال صلى الله عليه وسلم [ما منْ يومٍ يُصبِحُ فيه العباد إلا وملكانِ ينزِلانِ فيقولُ أحدُهما اللهم اعطِ ممسِكًا خلفًا ويقول الآخر اللهم أعطِ ممسِكًا تلفًا] هذا الذي يُمسِك عن الواجبات وعن إنقاذ المضطرين وعن منع الزكوات ماذا يفعل بنفسِه؟

لذلك أنقذوا الناس والمضطر والمحروم والمنكوب والمريض والمُشرّد والأرملة واليتيم لا تقعدوا فتستمعوا إلى أخبارِهم في نشراتِ الأخبار والإذاعات بل اخرجوا إلى إنقاذِهم في بيوتِهم في الطرقات حيثُ سمعتم بهم لا تتركوا الناسَ يموتون من الجوع بل اسعَوا في إنقاذِهم وفي ذلك أجرٌ عظيم وخيرٌ كبير، أليس قال صلى الله عليه وسلم [وفي إطعامِ ذي كبِدٍ حرة] صدقة، كهذه الهرة أنت إنْ أطعمْتَها إن قدّمتَ لها الطعام أو الشراب لك الأجر، كيف بهذا الإنسان المؤمن المسلم الكبير أو الصغير أو الشاب أو الذي يموتُ من الجوع؟ أليس تلك المرأة المسلمة من بني إسرائيل أنقذَت كلبًا كاد يموت وكان يأكل الثرى بأنْ خلَعَت مُوقَها نعلَها وأخذت ماء من البئر على حسب الروايات، في بعض الروايات نزلت على درجاتٍ في البئر وأمسكتْ النعل بفمها واستقتْ ماءً فقدّمَتْهُ لهذا الكلب فأنقذَتْه من الهلاك، قال صلى الله عليه وسلم [فغفرَ اللهُ لها بسُقياها الكلب] وهذه كانت مسلمة لكنْ كانت زانية والزنا أعظم وأكبر الذنوب بعد الكفر وبعد قتل النفس التي حرّم اللهُ إلا بالحق، يعني من كبائر الذنوب، الله غفر لها بسُقياها الكلب.

فيا إخواني ارحموا الضعَفاء ارحموا الأيتام ارحموا الأرامل ارحموا الإنسان الكبير المريض الذي له عيال لا يستطيع أنْ يُنفقَ عليهم، [[أنفقْ يا ابنَ آدم يُنفَق عليك]]

ورد في الحديث أنّ صحابيا دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه يقرأ ألهاكم التكاثر حتى ختَمها ثم قال صلى الله عليه وسلم [يقول ابنُ آدم مالي مالي وهل لك يا ابنَ آدم من مالك إلا ما أكلتَ فأفنَيْتَ أو لبِسْتَ فأبْلَيْتَ أو تصدَّقْتَ فأمضَيْتَ]

هذا الذي تتصدق به هو الذي تقدّمه للقبر والآخرة يكون لك قبرِك في مواقف القيامة عند الصراط ذُخرًا ونورًا بإذن الله لعلك به تُعتَق من النار، لعلك به تطير فوق الصراط، إذًا لا تبخلوا به على أنفسِكم ولا على الناس، {والذين في أموالِهم حقٌّ معلوم* للسآئل والمحروم}[المعارج/٢٤-٢٥] لو كنتَ أنت المحروم أنت السائل الفقير المُستعطي كيف كنتَ تتمنى من الناس بل من إخوانِك المؤمنين أنْ يعاملوكَ أن يساعدوك أنْ يقابلوكَ بالعطاء، هكذا قابِل الناس.

يُحكى عن بركة العطاء والإعطاء والصدقة والمساعدة والإنقاذ وعن سر هذا العمل وفوائد هذا العمل ما يُحكى عن عبدِ الله بن المبارك رضي الله عنه وأرضاه فيما يُحكى ويُذكَر أنه خرجَ مرةً للحج ووصل إلى مكانٍ رأى فيه امرأةً على المزبلة تحملُ دجاجةً ميتة، فقال لها هذه ميتة حرام لا يجوزُ أكلها، قالت لكنها لنا حلال، قال كيف هذا؟ قالت يقولُ اللهُ تعالى {فمَن اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه}[البقرة/١٧٣] لي أولادٌ جياع إنْ لم أُطعِمْهم منها يموتون إنْ لم نأكل نموت، يعني إلى قدر الحاجة ليس إلى حد الشِّبَع والامتلاء، قال لمَن معه أعطِها كلَّ ما معنا من المال، فأعطاها الكيس الذي كان معه وما فيه من المال ورجَع من طريق الحج إلى بلدِه لأنّ النفقة التي كانت للحج أعطاها لهذه المرأة المضطرة الفقيرة التي لها أولاد يكادُ الواحدُ منهم يموت يهلِك

وبعدما رجَع الحجيجُ إلى بلادِهم جاء أهلُ البلدِ إليه فقالوا له اللهُ تعالى يسّر لنا أن اجتمعنا بك في عرفات، قال كيف هذا أنا العام ما حجَجتُ أنا مُقيمٌ في البلد وأهلُ البلد رأوْني كنتُ معهم، فصار الناس يقولون لكنْ رأيناك في عرفات وهؤلاء يقولون رأيناك في الطواف وهؤلاء يقولون رأيناك في مكان كذا، قال بعض العلماء ببركة هذا العمل يجوز أنْ يكونَ أرسلَ اللهُ تعالى ملَكًا بصورةِ هذا الولي الإمام العالِم الجليل الصالح فحجّ عنه ذلك العام ببركة هذا العمل أنقذ هذه المرأة وأولادَها من الهلاك.

فيا إخواني أنقذوا الناس أسعفوا الناس، كونوا رحَماء، مَن لا يرحم لا يُرحَم، تعطّفوا على عباد الله لتُرحَموا يوم القيامة(

 

*وقال رضي الله عنه: صلاحُ حالِ الإنسانِ في دنياهُ وآخرتِه قائمٌ على العلم.

*وقال رضي الله عنه: الجاهلُ الذي ليس له سهمٌ من علمِ الدين إذا رأى عالمًا يُحذِّرُ من عالِم يقول غار منه لا يقول لأيّ شىءٍ يحذِّر منه لا ينتظر حتى يعرفَ السبب يقول غار منه.

)هذا حالُ الجاهل أما المتعلم الذي عرف العلم واطّلع على الحقائق إذا سمع مثلًا أنّ الشافعيّ رضي الله عنه قال “الروايةُ عن حرام حرام” المتعلم لن يقول الشافعي غار من حرام بن عثمان الشافعي كان مُغتاظًا من حرام بن عثمان لا، المتعلم يقول الشافعي حذّر منه  لسببٍ شرعي، المتعلم يقول الشافعي تكلّم نصيحةً للأمة حفظًا للسند وللنقل الصحيح لأجل أنْ لا يُنقَل عن الوضّاع أو عن الكذاب، هذا حرام بن عثمان كان يكذب في الرواية يكذب في الحديث يضع يُغيّر يبدّل، الشافي رضي الله عنه عملًا بالحكم الشرعي بالنصيحة الواجبة بالتحذير الواجب حفظًا للسند حفظًا للحديث حفظًا ونصحًا للأمة قال “الروايةُ عن حرام حرام” يعني لا تجوز، الرجل اسمُه حرم بن عثمان، المتعلم يعرف هذا أما الجاهل يقول الشافعي غار منه؟ من أيّ شىء يغار الشافعي؟

وهكذا العالِم المحقّ الصالح التقي الصادق العالم الرباني إذا حذّر من إنسان بدليل شرعي فالحق معه لأنّ العبرة مع الدليل ليست العبرة بالتشهي ولا بالتعصب.

أنا الآن لو جاء واحد مثلًا صار يطعن بالإمام الشافعي رضي الله عنه هكذا لأنه هو ينتسب إلى إمام غير الشافعي فالحقّ مَع مَن؟ مع الشافعي، الشافعي ما ظلمَه ما ضربَه ما سبّه ما افترى عليه ما آذاه، لماذا هذا الإنسان يسبّ الشافعي يطعن به يحقّرُه؟ لأنه هو يحب إمامًا آخر، فلا يكون الشافعي هو المخطىء، فإذًا دائمًا اسألوا عن الدليل دائما كونوا في جانب الحق.

كم وكم من الناس الآن لا يُراعون جانب الحق بل يراعون جانب الناس والعصبية والعرقية والقومية والجنسية وأنه من بلده، الأمور ليست هكذا، الأمور أنْ تكون مع الحق أي أنْ تُنصِفَ من نفسِك ولو كنتَ أنت المخطىء والظالمُ والحقّ مع خصمِك أنت قل الحق مع خصمي وليس معي، دائمًا كن مع الحق كن منصفًا هذا الذي ينبغي وهذا من علامة الصالحين وأولياء الله أنهم يقولون الحق ولو على أنفسِهم ولو على حساب أهاليهم وبلدِهم وجنسيتِهم وأقاربِهم يكونون دائمًا مع الحق، هذا الذي ينبغي، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم قال [قل الحقّ وإنْ كان مرًّا]؟ أليس قال [قل الحق ولو عند سلطانٍ جائر]؟ أليس قال صلى الله عليه وسلم [رحمَ اللهُ عمرَ لقد تركه الحقُّ وما له من صديق] إذًا عمر كان قوّالًا بالحق، إذًا ينبغي أن نقول الحق وأنْ نتمسّك بالحق لا أنْ نتعصّبَ لهذا المؤلف أو لذاك الشيخ أو لهذا الذي له شهرة إنما ننظر في الدليل، العبرة بالدليل وبالحق، {قل هاتوا برهانَكم إنْ كنتم صادقين}]البقرة/١١١])

 

*وقال رضي الله عنه: مَنْ قوِيَ توحيدُهُ يشهدُ شهودًا وجدانيا في نفسِه أنه لا ضارّ ولا نافعَ على الحقيقةِ إلا الله.

)معناه أنّ هذا الإنسان الذي قويَ يقينُه وصار مُستحضرًا دائمًا أنّ ذرةً في الكون لا تتحرك إلا بمشيئة الله إلا بقضاء الله وقدرِه وخلقِ الله عز وجل، فهذا يستحضر ذلك في قلبِه الضار والنافع على الحقيقة هو الله لا الأشخاص ولا الاسباب إنما الضار والنافع على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى.

وهذه العقيدة تريحُ القلب وتريحُ نفسَ المؤمن، هذا الاعتقاد سبيلُ الأمان لذة للمؤمن لأنه لا يقلق لا يضطرب لا يكون إلا ما قدّر الله، مهما يحصل في هذا الكون والعالم بتقدير الله بخلق الله بمشيئة الله، {كان ذلك في الكتاب مسطورًا}[الأحزاب/٦] هذا دائمًا يستحضرُه، هذا يُريح النفس والقلب لا يجعلَكَ مضطربًا تائهًا ضائعًا تائهًا لا تعرف كيف تتصرف لا، بل عند الشدائد هذا الذي صفتُه هكذا يكون بحالة السكون والهدوء والتمكّن لا تراه مضطربًا، دائمًا استحضروا هذا في نفوسِكم في قلوبِكم، الضار والنافع على الحقيقةِ هو الله عز وجل(

*وقال رضي الله عنه: أفضلُ ذُخرٍ في الآخرة العلم وأفضل العلم العلمُ باللهِ ورسولِه محمد صلى الله عليه وسلم.

)علمُ الدين أفضل من كنوزِ الأرض، أفضل من كل أموال الدنيا من المليارات بل لو كانت جبال الدنيا ذهبًا علمُ الدين أفضل وأعظم وأعلى وأجل وأنفع.

قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه “والعلمُ خيرٌ من المال العلمُ يحرُسُك وأما المال فأنتَ تحرُسُه مات خزّانُ الأموال”

إذًا تمكنوا حصّلوا هذا العلم أوصلوه إلى غيرِكم علّموا غيرَكم لإنقاذِهم، مجلسُ علمٍ واحد خيرٌ لكم من كنوز الأرض فلا تقصّروا في تحصيل هذا الخير العظيم لا تقصّروا في تحصيل هذا النفع العميم هذا النور الذي به تُنقِذونَ أنفسَكم(

 

*وقال رضي الله عنه: إنّ العلمَ به يُعرَفُ اللهُ تعالى وبه تُعرَفُ حقوقُ اللهِ وحقوقُ عبادِه.

)لأنّ الإنسانَ إنْ لم يتعلم التوحيد والإيمان والعقيدة فقد يعيش على الكفر وعلى التشبيه والتجسيم كهؤلاء المشبهة الذين يكفّرون المتوسلين والمتبركين والمستغيثين ويدّعون أنهم  حماة السنة والتوحيد وحماة العقيدة فهم مشبهة هم مجسمة، ترى الواحد منهم يدّعي أنه حامي السنة وهو داعٍ للكفر داعٍ للتشبيه وهو يكذّب الله والقرآن ويدّعي أنه من أهل الحديث أو أنه من أهل البيت وأهلُ البيتِ حاشاهم، أهلُ البيتِ منه براء هذا الكذاب الخبيث ولو سمّى نفسَه الدكتور فلان أو العلّامة فلان وهو يدعو إلى التشبيه والتجسيم إلى عقيدة الفجرة الكفرة الذين يعتقدون في الله الجسمية والقعود والجلوس والتغير والحدوث ويُكفّرون المسلمين المستغيثين والمتوسلين والمتبرّكين ويزعمون أنهم حماة السنة وهم أعداء القرآن والسنة.

الذي يشبّه اللهَ بخلقِه ويكفّر المسلمين لأنهم يستغيثون يتوسلون يتبركون هذا ليس من أهل السنة لو انتسب لأهل البيت لو انتسب للسنة لو انتسب للحديث لو انتسب للعلم بل ينادي على نفسِه بالجهل عرّى نفسَه وفضح نفسَه وأخسأه الله وأذلّه الله وفضحَه الله لأنّه داعٍ إلى مذهب التشبيه والتجسيم الذي يكذّب كل الأنبياء والإسلام، أليس الله يقول {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١]؟ أليس الله يقول {فلا تضربوا لله الأمثال}[النحل/٧٤]؟ يكفّرون المستغيثين والمتوسّلين ويقولون نحن حُماة السنة والتوحيد والعقيدة، يُكفّرون الزائرين المستغيثين المتبرّكين ويقولون نحن حماة العقيدة، يقولون عمّن نزّه الله عن الجسم وعن المكان نفى الله ونفى وجودَه ويقولون عن أنفسِهم حماة السنة والعقيدة، هؤلاء لا تنخدعوا بهم لو كان من عائلة مشهورة ولو كان يدّعي أنه دكتور أنه فلان الفلاني، العبرةُ بما عند الله وبما وافق كتابَ الله وبما وافق الإجماع والسنة الثابتة وبما عليه السواد الأعظم، أليس الله يقول في القرآن {وَمَنْ يُشاققِ الرسولَ مِنْ بعدِ ما تبيّنَ له الهدى ويتّبِعْ غيرَ سبيلِ المؤمنينِ نُوَلِّه ما توَلّى ونُصلِه جهنمَ وسآءت مصيرًا}[النساء/١١٥]؟ ويتبّع غير سبيل المؤمنين، الإجماع قائم على التنزيه والتوحيد، الإجماع قائم على أنّ اللهَ ليس جسمًا ليس جسدًا ليس حجمًا منزه عن القعود والجلوس، الإجماعُ قائم على أنّ اللهَ لا شبيه له ولا مثيل وهم يكذّبون هذا، والإجماع قائمٌ على جواز الاستغاثة وشد الرحال بقصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهم يُكفّرون مَن يفعل ذلك.

إذًا من هم حماة التوحيد والعقيدة؟ مَن هم حماةُ السنة؟ هم أهلُ السنة والجماعة الاشاعرة والماتريدية ليس المشبهة والمجسمة وما تفرّع عنهم وما تولّدَ منهم، لذلك الذي يعيش على الجهل في العقيدة يعيش مشبّهًا مجسّمًا يعبُد غير الله، يعبدُ جسمًا تخيّله قاعدًا فوق العرش ويموت على الكفر ويدخل جهنم ويُخَلَّد في النار مع فرعون وإبليس وهو كان في الدنيا يظن في نفسِه من أهل التوحيد ومن أهل المذهب أو العقيدة السلفية والسلف أهل السنة والجماعة أهل القرون الثلاثة الأولى هم أهل السنة والجماعة لا مشبهة ولا مجسمة ولا مفّرين للمتوسلين.

إذًا أهلُ السنةِ والجماعة هم أهلُ الحقِّ هم أهل الدين والعقيدة حماة السنة النبوية.

اللهم ثبتنا على مذهب وعقيدة أهل السنة والجماعة اللهم اجعلنا خدامًا لعقيدة أهل السنة والجماعة

اللهم ثبتنا على ذلك إلى الممات واغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحمنا وفرّج عنا وعن المسلمين

يا ربنا احقن دماءَ المسلمين في كل أرضٍ وبلد، اللهم فرّج عن المسلمين في كل أرض وبلد

يا أرحم الراحمين…..

والحمد لله رب العالمين