الجمعة أكتوبر 11, 2024

   مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -138

التحذير من انتشار العقائد الفاسدة

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدِنا محمدٍ طه النبيّ الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه ومَن والاه وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيهَ ولا مثيل له ولا جسمَ ولا حجمَ ولا جسدَ ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاءَ ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أينَ ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكانَ له

كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان ، فلا تضربوا لله الأمثال ، ولله المثلُ الأعلى ، تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركة والسكون وعن الاتصال والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحلُّ منه شىء ولا يحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثله شىء

مهما تصورتَ ببالك فاللهُ لا يشبه ذلك ومَن وصفَ اللهَ بمعنًى من معاني البشر فقد كفر

وأشهدُ أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّفَ وكرَّم وبارك وعظّم وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وآلِ كلٍّ وصحبِ كلٍّ وسائر الأولياء والصالحين

أما بعدُ إخواني وأخواتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أذكركم وأذكّر نفسي بإخلاص النيةِ لله تعالى في حضور مجلس العلم كما وأنني أذكرُكم بتذكيرِ غيرِكم وبدعوةِ غيرِكم ليَعُمَّ الخير وينتشرَ النفع ويكون لكم أجر وثواب بدعوةِ الناس إلى الخير والعلم وليكون لكم حظّ ونصيب من الاشتغال بنشرِ العلم بارك اللهُ بكم

وقد قال صلى الله عليه وسلم ” بلّغوا عني ولو آية ” وهذا من باب التعاون على الخير والطاعة والعبادة ، من باب التعاون على ما يحبُّه الله لأنّ اللهَ سبحانه قال      

{وتعاونوا على البِرِّ والتقوى}[المائدة/٢] وما أعظمَه من تعاون على نشرِ العلم بين الناس .

كما وأنني أذكركم بالإكثار من الصلاة على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في كلِّ وقتٍ لكنْ في هذه الليلة أنْ تزيدوا وتُكثِروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يوم الجمعة أكثر وأكثر

النبيُّ عليه الصلاة والسلام هو قال ” مَن صلى عليّ عندَ قبري سمعْتُه ومَن صلى عليَّ نائيًا بُلِّغْتُه ”  فما أعظمَها أنْ ينقلَ الملَك الكريم أنك يا أخي ويا أختي صليْتُما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فينقل له هذا وهو في قبره الشريف يقول له فلان أو فلانة من أمتِك صلى أو صلّت عليك ، وهو في قبرِه الشريف يُخبرُه الملَك ، هذا إذا كنتَ بعيدًا عن القبر ، أما مَن كان عند القبر الشريف الزكي الطاهر المبارك الأنور الأعطر هناك مَن صلى عليه صلى الله عليه وسلم فإنه يسمع سلامَ المسَلِّمين وصلاةَ المصَلين عليه عند قبرِه الزكيّ صلى الله عليه وسلم

وقد قال عليه الصلاة والسلام ” مَن صلى عليّ مرةً صلى اللهُ عليه بها عشرًا” يعني يعطيه عشر حسنات على كلّ مرة يصلي فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أقلّ ما تُضاعَف إليه الحسنة الواحدة إلى عشر  أمثالِها ،  لكنْ قد تُضاعَف في كفّةِ الحسنات إلى مائةِ ضعف أو إلى سبعمائة ضعف أو أن تصيرَ في كفة الحسنات كأمثال الجبال وهذا ليس بعزيزٍ على الله لأنّ اللهَ يعطي الكثير على العمل الصالح القليل ، وهذا مِن عظيمِ فضلِ الله عز وجل فهو أكرمُ الأكرمين وهو أرحمُ الراحمين جلّ جلالُه لا إله إلا هو سبحانه تقدّسَت أسماؤُه، اللهُ سبحانه يحبُّ منا أنْ نعظِّمَه عز وجل وأنْ نُكثِرَ من الصلاة على نبيِّه المصطفى صلى الله عليه وسلم .

بل قد تصير هذه الحسنة في كفة الحسنات كأمثال الجبال ، أليس الله عز وجل هو الذي قال { واللهُ يضاعِفُ لمَن يشآء }[البقرة/٢٦١]  لكن عشر حسنات هذا أقل ما تُضاعَف إليه الحسنة الواحدة

فيا إخواني أكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة المباركة وفي يوم الجمعة أكثر وأكثر وزيدوا وهذا يبلغُه صلى الله عليه وسلم وأنتم بهذا في عبادة وفي طاعة وفي نعمة وفي خير وفي بركة ورحمة ونور وضياء وأسرار، فالصلاةُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بركاتُها وأسرارُها وفوائدُها لا يُحصِيه إلا الله عز وجل ، لا تعرفون ماذا قد يرتفع عنكم من بلايا ومصائب وأحزان وأمراض وهم وغم وفقر بسبب الإكثار من الصلاة على الرسول ، بإكثارِكم من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تندفع عنكم تلك الأمور بإذن الله عز وجل .

فأنتم لا تعرفون ماذا يحصل لكم من الخير والبركات وكم يندفع عنكم من الشر والضرر بالإكثار من الصلاة على رسول الله ، أليس هو النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما روى عنه السخاويّ وغيرُ واحدٍ أنه عليه الصلاة والسلام قال ” مَن صلى عليّ مائةَ مرة قضى اللهُ له مائة حاجة ”  إذا كان مثلًا سبعين من حاجات الدنيا كم يكون هذا الأمر عظيم ؟ أو كانت سبعين من حاجات الآخرة والبقية من حاجات الدنيا ، هذا أو هذا كم هو عظيمٌ ؟

إذا كان بكل مائة مرة تصلّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم تُقضى لكم مائة حاجة ، إذًا بدلَ أنْ تصليَ عليه مائة مرة صلِّ عليه ألف ، صلِّ عليه ثلاثة آلاف وأنت المستفيد وأنت الرابح .

نعم هو صلى الله عليه وسلم يفرح وينتفع ويستفيد ويعلو أكثر في النعيم والمقامات لكنْ مَن المستفيد ؟ المحتاج أكثر للثواب والحسنات أنا وأنت نحن العوام ، الله يغفر لنا ويتوب علينا ، نحن نحتاج إلى رحمة الله إلى مغفرة الله ، نحتاج أنْ يتوبَ الله علينا

أما النبيّ عليه الصلاة والسلام فهو في المقام الأعلى ، نعم الرسول ينتفع في صلاتنا عليه لكنْ الرسولُ عليه الصلاة والسلام ليس عليه ذرة خوف لا ، إنما هو في ترَقّي دائمًا صلى الله عليه وسلم .

هذا التذكير بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة ويوم الجمعة المبارك اجعلوه بين أعيُنِكم لا تنسَوا هذا التذكير لما فيه من الخير والبركات والأسرار والفوائد العظيمة الحسيّة والمعنوية ، هذا من أسبابِ توسعةِ الرزق ومن أسباب محو الذنوب ، من أسباب الشفاء من الأمراض ، من أسباب رفع البلاء، من أسباب النصر على الأعداء .

أقول لكم بركات الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحصيها إلا الله سبحانه وتعالى لذلك أكثروا ولا تبخلوا على أنفسِكم .

نبدأ الآن بدرسِنا ونُكمل من حيثُ كنا وصلنا في الدرس الأخير

قال رضي الله عنه وأرضاه ” من المعلومِ الظاهرِ عِيانًا اليوم انتشارُ العقائدِ الفاسدة التي يكفُرُ مُعتقِدُها وأكثرُ الناسِ مُتَقاعِدونَ عن إنكارِها فلا يجوزُ لنا أنْ نتقاعدَ عن ذلك كما تقاعدَ الأكثر ويجب علينا أنْ نحقِّقَ ذلك “

ما هو الذي يجبُ علينا أنْ نُحقّقَه ؟

إنكار المنكرات ، يعني أن نقومَ بإنكارِ المنكرات وإنكار الكفريات وأنْ نحذّرَ من ذلك وأنْ لا نتقاعس ولا نتقاعد ولا نتكاسل ولا نتَوانَى ولا نقصِّر ولا نسَوِّف ولا نؤَجّل ولا نؤخّر ولا نترك ولا نُهمل ولا نُضَيِّع كما فعل الأكثر للأسف .

إذًا الآن في قضية مهمة في موضوعٍ مهمٍ جدًّا للغاية ، يقول رحمه الله ورضي عنه ” من المعلوم الظاهر عيانًا انتشار العقائد الفاسدة التي يكفُرُ مُعتقِدُها ”

تعالَوا لنُعطي أمثلةً عن ذلك لنشرح هذه العبارة التي قالها رضي الله عنه ولها معنًى واسع ، هذه العقائد الكفرية الكاسدة الفاسدة الباطلة المنتشرة التي ذاعَت وشاعَت وانتشرَت بين كثيرٍ من الناس للأسف هي كثيرةٌ جدًّا

من هذه العقائد الفاسدة قول بعض أدعياء المشيخة ، انظروا لماذا بدأنا بقول بعض أدعياء المشيخة ؟ لأنّهم والعياذ بالله يُموِّهونَ على الجهال وهذا يسري في الجهّال بسرعة لأنهم سيقولون قال الشيخ فلان وهذا الشيخ يكون رُسِمَ شيخًا عند الناس أو صورةً أو لأجل العمامة واللفة لأجل المنصب لأجل الشهادة فيأخذونَ بقولِه وينشرونَ كلامَه والعياذ بالله تعالى بين الناس

مِن هذه العقائد الفاسدة المنتشرة قول بعض أدعياء المشيخة على زعمِهم والعياذ بالله تعالى إنّ اللهَ عز وجل يُدخل الجنةَ غير المسلمين أيضًا .

واحد من أدعياء المشيخة أنا رأيتُه في التلفزيون وفي فيديو نشروا له مقطعًا من المقابلة فصارت على بعض المواقع وهو مُسنّ لحيتُه بيضاء ويلبس عمامة ويدّعي أنه والعياذ بالله من العلماء لكنْ ماذا قال ؟ قال مَن  قال لكم إنّ الجنةَ للمسلمينَ فقط ؟ قال حتى اليهودي يدخل الجنة ، قال حتى غير المسلم يدخل الجنة

هذا الإنسان لو ادّعى المشيخة لو سمّى نفسَه إمامًا لو سمّى نفسه عالمًا ، انظروا الآن طلع في مصر في مقابلة تلفزيونية ثم صار في المواقع هل تتخيّلونَ معي كم الذين سمعوا هذا الإنسان يتكلم بهذا الكفر ؟

انظروا ماذا قال الشيخ  ” انتشرت عقائد فاسدة ” تخيّلوا معي إذا كان سمعَ هذا الكلام مائة ألف إنسان أو مليون إنسان أو أكثر ولا أقول الكل اعتقد أو صدّق لكنْ اللهُ أعلم كم الذين صدّقوا ، الله أعلم كم الذين اعتقدوا  

فمثل هذا ينشر الكفر والضلال والعقائد الفاسدة باسم العلم والإسلام والمشيخة والإسلامُ منه براء

فانظروا هنا ماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه الحافظ البيهقي رضي الله عنه وأرضاه ” حتى متى ترِعونَ عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يحذرَه الناس ” مثل هذا الفاجر المتَهتِّك لو كان يدّعي المشيخة يدخل تحت هذه الكلمة التي قرأناها ” من المعلوم الظاهر عيانًا اليوم انتشارُ العقائد الفاسدة التي يكفُرُ مُعتقِدُها “

فإذًا النبيّ عليه الصلاة والسلام هو الذي دلّنا وحثّنا وعلّمنَا أنْ نُنكرَ المنكَرات

أعيد وأذكّر بالحديث الذي ذكرُته في المقدمة بالإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الرسول يقول ” مَن صلى عليّ ” يعني الإنسان إذا صلّى على الرسول عليه الصلاة والسلام قلنا النبيّ ينتفع من ذلك لكنْ الإنسان المسلم إذا كان مُخلِصًا أيضًا هو الذي ينتفع ويستفيد ويربح .

فإذًا هذا الحديث فيه حثٌّ وحضٌّ من الإكثار من الصلاة والسلام على الرسول ، هذا معناه هو ينتفع عليه السلام ونحنُ ننتفع لا شك لأننا نشتغل بعبادة .

لذلك أكثروا من الصلاة عليه وعلّموا أولادَكم أنْ يشتغلوا بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

” مَن صلى عليّ ” فيه حثٌّ وحضٌّ للإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم .

نرجع إلى التحذير من هذا الجاهل الذي يدّعي المشيخة ويدّعي العالِمية ، قال على زعمِه مَن قال لكم إنّ الجنةَ لا يدخلُها إلا المسلم ؟ قال حتى اليهودي يدخل الجنة وذكر أمثلةً عن غير اليهود ، هذا الإنسان اللهُ أعلم مَن وراءَه اللهُ أعلم مَن دفع له إنْ كان هناك مَن دفع له وربما شيطانُه حرّكه وربما أرادَ أن يُلفتَ أنظار بعض الجهات من غير المسلمين ليرضَوا عنه ولن يرضَوا عنه بل سيَستخدمونَه ثم يرمونَه وسيبصُقونَ عليه في آخر النهار لأنهم يعرفونَه أنه يحرّف الشريعة ويكذّب الإسلام إرضاءً لهم

هذا الإنسان يُرَدّ عليه بهذه الآية الكريمة ، قال الله عز وجل {وقال المسيحُ يآ بني إسرآئيل اعبدوا اللهَ ربي وربَّكم إنه مَن يُشرِك بالله فقد حرّم اللهُ عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}[المائدة/٧٢] يعني هذا الذي عبدَ غيرَ الله الله عز وجل يُخبرُنا أنّ عيسى قال للناس إنّ هذا الإنسان الذي عبدَ غيرَ الله مشرك وأنه في جهنم وأنّ الجنةَ حرامٌ عليه

والرسولُ عليه الصلاة والسلام قال ” فإنّ الجنةَ حرامٌ على غيرِ المسلم ”

الرسول هو نفسه قال الجنةَ هي حرامٌ على غير المسلم .

 ومن العقائد الفاسدة المنتشرة اليوم عقيدة تكذيب الإسلام والقرآن في مسئلة المشيئة وفي مسئلة القضاء والقدر ، مسئلة عقيدة الاعتزال التي تنتشر من جديد بين بعض الدكاترة وفي بعض الجامعات وفي بعض الخطب من بعض أدعياء المشيخة ، يقولون ويصرِّحونَ بكفرِهم الشر ليس له خالق ، وهذا تكذيبٌ للقرآن

الله يقول  {قل اللهُ خالقُ كلِّ شىء}[الرعد/١٦] ما قال الخير دون الشر، ما قال الخير فقط، والله عز وجل يقول {مِن شرِّ ما خلق}[الفلق/٢]  والله عز وجل يقول {هل من خالقٍ غيرُ الله}[فاطر/٣] والله يقول {واللهُ خلقَكم وما تعملون}[الصافات/٩٦]

فهذه  أيضًا من العقائد المنتشرة اليوم وهي عقيدة كفرية تكذّب القرآن والحديث والإسلام والإجماع .

ومن العقائد الكفرية المنتشرة اليوم عقيدةُ التشبيهِ والتجسيم وقد تكلّمنا كثيرًا في الردِّ عليها وفي التحذيرِ منها ومن أهلِها وأتْباعِها وكل مَن يشبّه اللهَ بخلقِه وكل مَن يعتقد أو يقول الله جسد جسم شكل حجم صورة كمية ضوء غيم روح قاعد في السماء جالس على العرش انتشر في الفضاء كالهواء ، كل هذا مِن عقائد الكفر تكذيبٌ للقرآن { ليس كمثلِه شىء }[الشورى/١١]

 

ومن العقائد المنتشرة اليوم العقائد الكفرية الفاسدة قول بعض الناس والعياذ بالله تعالى كلُّ الأديانِ خيرٌ وبركة ، هذا الكلام تكذيبٌ للقرآن ، كيف يقال عن الشرك والكفر والضلال خيرٌ وبركة ؟ الله يقول في القرآن الكريم {إنّ الدينَ عند الله الإسلام}[آل عمران/١٩] الله يقول {ورضيتُ لكمُ الإسلامَ دينًا}[المائدة/٣] الله يقول { ومَن يبتغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فلن يُقبلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين }[آل عمران/٨٥]

بعد هذه الآيات كيف يقال كلّ الأديان خير وبركة ؟ أو كيف يقال كلُّ الأديان مُقدَّسة وسماوية ؟ هذا تكذيبٌ صريحٌ للقرآن

الدينُ الصحيح السماوي المقبول المبارك العظيم هو فقط الإسلام كما مرّ معنا في الآيات التي ذكرناها الآن ، وهو دينُ كلِّ الأنبياء .

ومن العقائد الفاسدة المنتشرة اليوم بين بعض الناس وهي عقائد كفرية قولُ بعض الناس والعياذ بالله تعالى ليس المهم الدين يقولون المهم المعاملة ، يعني يقولون لو كان الإنسانُ مشركًا يعبدُ الصنم يعبدُ الحجر يعبدُ مثلًا النار يعبد الشيطان يعبد مثلًا والعياذ بالله شيئًا مخلوقًا أو كان على الكفر الصريح يقول هؤلاء الجهلاء ليس المهم الدين المهم المعاملة ، يعني كأنهم فضّلوا المعاملةَ الحسنة على دين الإسلام ، ثم جعلوا الكافر والمشرك وكلّ مَن يعبدُ غيرَ الله إنْ عملَ شيئًا حسنًا فهو أعظم ممن هو على دين الإسلام وهذا تكذيبٌ للقرآن

لأنّ الذي يقول ليس المهم الدين كذّب الله ، الله عز وجل لماذا قال في القرآن الكريم { ومَن يبتغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فلن يُقبلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين}[آل عمران/٨٥]؟

ما قال هذه المقالة العظيمة عمّن ترك مثلًا بدءَ الناسِ بالسلام ، ما قال عمّن لم يُطعِم كلَّ الفقراء {وهو في الآخرة من الخاسرين}[آل عمران/٨٥]

بل قال هذا عمن حاربَ الإسلام عمّن ترك الإسلام عمّن عادى الإسلام ، عمّن لم يتّبِع الإسلام ، { وهو في الآخرةِ من الخاسرين } هذا دليل أنّ الإسلام هو الأهم من كلّ المعاملات بين الناس ، الإيمان بالله ورسولِه واجتناب الكفريات على الإطلاق ، كل الكفريات .

ومن العقائد الفاسدة الباطلة الكفرية المنتشرة بين بعض الناس قولُهم والعياذ بالله لأبنائِهم اسكت يا ابنَ الله أو اقعدي يا ابنةَ الله ، أو بعض السفهاء في الشارع يصير معه شجار مثلًا مع إنسان فيقول له والعياذ بالله ربُّك لا يقدر عليّ أنتَ تقدرُ علي ؟ نسبَ العجزَ إلى الله ، هذا من الكفريات الشائعة المنتشرة

كذلك قولُ بعض الناس إذا كان له غرض عند إنسان وأضاعه يقول ربُّك لا يعلم أين هو، وهذا نسبةُ الجهل إلى الله {وهو بكلِّ شىءٍ عليم}[الأنعام/١٠١]

فالذي يُكذّب الله ويُجَهِّل الله مِن أكفر الكافرين .

ومن العقائد الكاسدة الفاسدة المنتشرة الكفرية قول بعض الناس على زعمِهم نحن لا نعرف إنْ كان الله في مكان أو بدونِ مكان ، هذه الكلمة معناها تجويز القبيح وتجويز ما لا يليقُ بالله على الله ، لأنه لو كان في مكان لكان عاجزًا ، لو كان في مكان لكان جسمًا لو كان في مكان لكانَ محتاجًا لو كان في مكان لكان مخلوقًا ، لو كان في مكان لجازت عليه النهاية كما تجوز على هذا المكان ، فكيف يقول بعض الناس لا أعرف إنْ كان اللهُ في مكان أو بدونِ مكان ؟ يعني جوّزَ عليه النقائص ، فهذا ليس من المسلمين .

أبو حنيفة رضي الله عنه قال ” مَن قال لا أعرفُ اللهَ في السماء هو أو في الأرض كفر ” قال الشرّاح لأنه جوّزَ على الله أنْ يكونَ في مكان

إذًا هؤلاء سفهاء ، يعني لا يعتنون بالإسلام ولا بالإسلام ولا بالعقيدة ولا بتعظيمِ الله ولا بتوحيد الله ، وبعضُهم يقول شو بخصنا إذا كان  بمكان أو بدون مكان كلام هيدا ما إلنا فيه وكلام ما بهمنا

الذي لا يحبّ الإسلام والتوحيد والعقيدة ليس من المسلمين والذي لا يُعجبُه التوحيد ليس من المسلمين والذي لا يعرف اللهَ ليس من المسلمين .

سيدُنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه قال ” سيرجِعُ قومٌ من هذه الأمةِ عند اقترابِ الساعة كفارًا قال رجلٌ يا أميرَ المؤمنين كفرُهم بماذا أبالإنكار أم بالإحداث ؟ قال بل بالإنكار يُنكرونَ خالقَهم فيصفونَه بالجسمِ والأعضاء “

وقال أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه إمامُ أهلِ السنةِ في العقيدة ” مَن جهِلَ اللهَ كان كافرًا به ”  فهؤلاء الذين ترَوْنَهم ولو كانوا أشباه مشايخ أو صور مشايخ ويُبغِضونَ كلمة الله موجود بلا مكان يطعنونَ  فيها يقولون ليس شيئًا مهما ويقولون نحن لا ينبغي أنْ نتكلمَ ولا نعرف إنْ كان في مكان أو في غيرِ مكان ، اعرفوا أنهم ليسوا من المسلمين لا آمنوا بالله ولا نزّهوا الله ولا عظّموا الله ولا عرفوا الله

ومن العقائد الفاسدةِ المنتشرة بين بعض العوام وبعض الجهال اليوم والعياذ بالله تعالى قولُ بعض الناس والعياذ بالله ليس المهم أنْ تسأل عن الحلال والحرام فإذا سألتَ عن طعامٍ أحلالٌ هو أم حرام صار حرامًا

بعض الجهال في بعض الضيَع دخلَ ناس إليهم فقُدِّمَ لهم لحم فسألوا هل هو ذبح حلال ممّن يجوز ذبحُه ؟ قالوا الآن حرُمَ عليك ، على زعمِهم مجرد السؤال صار حرامًا ، هذا تكذيبٌ للشرع .

النبيّ عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم وفي بعض الروايات في البخاري وعند كثير من المحدّثين قال ” لا تأكل فإنك لا تدري أسَهمُكَ قتلَه أم الماء “

يعني دخل الشك في هذا الصيد هل أصابه الصائد ثم نزل حيًّا ثم غرِقَ في الماء اختنقَ فماتَ أم هو الصائدُ قتلَه بالسهم ، صار شك لا يعرف ما هو حالُه ، فقال عليه الصلاة والسلام لا تأكل فإنك لا تدري أسَهمُك قتلَه أم الماء ، يمكن نزل وكان فيه حياة مستقرة يعني كان يحتاج لذبح لكن نزلَ في الماء غرق يعني اختنق فمات ، لم يمُت بالرمح بالصيد ، لو مات بالصيد يجوز أكلُه لكنْ الآن اختنق بالماء

إذًا كيف يقول هؤلاء الجهلاء وبعضُهم يسمي نفسَه فقيهًا يقول الفقيه فلان والملا فلان والشيخ فلان يقولون حرام أن تسأل كُل كيفما كان ، هؤلاء يحرّفون شريعةَ الله لأجلِ بطونِهم ليأكلوا كلما وُضِعَ أمامَهم كيفما كان من حلال أم مِن حرام وجعلوا بطونَهم كالمقابر أو كالمزابل ، هؤلاء حرّموا السؤال ليعرفَ الإنسان ما يحلُّ وما يحرم وهذا السؤال واجب هم قالوا حرام ، حرّموا الواجب وأحلّوا الحرام فكذّبوا شريعةَ الله تعالى

إذًا هناك أمثلة كثيرة جدًّا عن العقائد الفاسدة المنتشرة بين الناس

قال رحمه الله ” وأكثرُ الناسِ مُتقاعدونَ عن إنكارِها ” يعني أكثر الناس إن كان من المشايخ أو من الدعاة من الأئمة والخطباء من العامة الذين عرفوا من طلاب العلم ممن درسوا الشريعة لكن الأكثر يُنكر أم لا يُنكر ؟ الأكثر تقاعدوا ، يعني تركوا الإنكار وسكتوا عنه ، يعني تقاعدوا تكاسلوا معناه انشغلوا عن إنكار المنكرات بالدنيا أو بمجالس الغيبة أو بالتلفزيون أو بالهاتف والفيس بوك والواتس لأغراضٍ دنيوية أو أغراض خسيسة أو أغراض دنيئة أو محرّمة ، بعض الناس ينشغل بهذا

فإذًا انتبهوا ، نحنُ إذا سمعنا بمنكَرات علينا أنْ ننكرَ كلٌّ على حسبِ استطاعتِه لأنّ إنكارَ المنكرات في الأصل هو من فروض الكفاية

في دين الله تعالى توجَد فرائض هي من فروض العين وتوجد فرائض هي من فروض الكفاية ، إنكار المنكر من فروض الكفاية لكنْ في بعض الأحوال يتعيّن على هذا أو على ذاك أو عليك أو عليّ ، لذلك علينا أنْ ننتبه هذا الإنكار هو من الواجبات

الله عز وجل قال { كنتم خيرَ أمةٍ أُخرِجَت للناس تأمرون بالمعروف وتنهَوْنَ عن المنكر }[آل عمران/١١٠] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عمل الأنبياء والأولياء والعلماء الكبار الأتقياء ، لذلك ليس لنا أنْ نتقاعس ولا أنْ نتقاعد

بعض الناس يقول أنا أنشغل بالأوراد وبقيام الليل

اسمعوا وانتبهوا معي ، واحد جاء إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قال له يا أبا عبدِ الله فلان يصوم النهار ويقوم الليل يفعل يعمل يتهجد يقرأ يذكر ما يفعل من طاعات ، وهذا -شخص آخر- يُنكر البدَع الفاسدة المحرّمة يحذّر منها ، بعبارة أخرى يُنكر المنكرات يعني يقوم بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أيهما أحبّ إليك ؟ يسأل الإمام ، قال الإمام أحمد  ” هذا -يعني الصوّام القوّام- إنما يعمل لنفسه وأما هذا إنما يعمل للأمة هذا أحبّ إليّ” يعني الذي يُنكر المنكرات أحبّ إليه لأنّه يعمل للأمة يحفظ الأمة وأبناءَها وعقيدةَ الأمة ويحفظ الإسلام يُنكر المنكرات يُحذّر من أهل الضلال ومن الكفريات ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هذا عملٌ عظيم ، إذا قُتلَ لأجلِ هذا العمل يكونُ شهيدًا ، ماذا يريد بعد ذلك ؟

تعرفون ما معنى يكونُ شهيدًا ؟ يعني لا يعذّبُه الله لا في القبر ولا في مواقف القيامة ولا يُدخلُه النار ، مسلم لأنه أمر بالمعروف ونهى عن المنكر قُتلَ أليس الرسولُ عليه الصلاة والسلام قال ” ومَن قُتلَ دونَ دينِه فهو شهيد “؟ هذا قتلَ لأجل الدين لأنه قام بالفرض قام بالواجب المؤكد فقتله أعداءُ الدين أعداءُ الإسلام قتله أعداؤُه لأجل ذلك هذا لا يُعذّبُه الله لا في القبر ولا في مواقف القيامة ولا يُدخلُه النار

لذلك مثلًا إذا نظرْنا في سيرة هذا الرجل الكبير البطل الشيخ نزار حلبي رحمه الله لأيِّ شىءٍ قُتل ؟ هل كان له شراكة في تجارة سجاد عجمي مثلًا مع أشخاص فتشاجرَ معهم على اقتسام الشراكة فقتلوه ؟ لا ، لأيِّ شىءٍ قتلوه ؟ لأجلِ غرضٍ دنيويّ ؟ لا ، لأيِّ غرضٍ قتلوه ؟ لأنّه رحمه الله ورضي عنه كان جبلًا عظيمًا في الدفاعِ عن الإسلام وفي نشر الإسلام وفي محاربة المنكرات وفي محاربة الكفريات وفي إنكار المنكرات

كان رحمه الله ورضي عنه إذا خطبَ بالناس أخذ في القلوب إذا خطبَ في الناس حرّك القلوب والهمم والمشاعر ، هذا الرجل العظيم لأجل الدين قُتل هو الذي ربح ، هذا أجلُه إلى هذا الحدّ ليس لأنه أمرَ بالمعروف ونهى عن المنكر ، عمره إلى هنا

أليس قال الشيخ رحمه الله ” الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقدِّمُ أجلًا ولا يؤَخِّرُ رزقًا ” انتهى الأجل إلى هنا ، أليس شبابًا يموتون الآن وهم لا يُنكرون المنكرات ولا لهم عمل عظيم في نصرة الدين والإسلام كالقائد البطل نزار حلبي ، كيف يموتون صغارًا ؟ انتهى عمرهم ، هل قاموا بعمل الشيخ نزار؟ لا ، يموتون الآن أصغر منه بالعمر 12 سنة و13 سنة و15 و20 و25 و30 سنة يموتون

ألم تسمعوا بالحوادث التي حصلت في الأمس وقبل الآن الحادث الذي مات فيه خمسة أم وأربع أولاد ؟ أليس فيهن صغيرات ، بلى ، واليوم هذا الشاب الذي عزيْنا فيه في البقاع رحمه الله كم عمرُه ؟ شاب ، حادث سير مات ضربته سيارة على ما قيل

الإنسان إذا انتهى عمُره مات لو كان شابًّا صغيرًا لو كان في بيتِه ، أليس شبابًا يموتون في البحر ؟ وفي النوادي الرياضية يموتون ؟ ليسوا واقفين على المنابر ويجهرونَ بما جهرَ به الشيخ نزار ويموتون شبابًا وأطفالًا وبناتًا ورجالًا ونساءً وصغارًا وفي أماكن اللهو والفرح والسعادة واللعب في المطاعم يموتون ، انتهى العمر

هذه عقيدة ، عقيدة أهل السنة أنّ ما قدّرَه اللهُ في الأزل لا يتغيّر ، إلى هنا انتهى أجلُه وكان بطلًا من أبطال الإسلام قام بعمل عظيم قام بالواجب عليه أدّى الذي عليه رحمه الله  فنال هذا الشرف ، ومَن قُتلَ دونَ دينِه فهو شهيد ، يا سعدَه لا يعذّب

إذا كان قُتلَ لأجل أرضِه مسلم في الحديث نفسهِ ” مَن قُتلَ دونَ أرضِه فهو شهيد “ الله لا يعذّبُه يومَ القيامة ، إذا كان هذا حالُه كيف بالذي يُقتلُ من أجل دينِه ؟

إذًا الواحد يتوكل على الله يأمر بالمعروف ينهى عن المنكر ولا يخشَى في الله لومةَ لائم ، لا يكن الإنسان جبانًا ويقول لا الآن لا يوجد مصلحة والآن لا يناسب والآن لا أرجو أنْ يُقبَل ، هذا انتبهوا ليس كما يظن إنما هو من جُبنِه هو وضعَ هذه العناوين لكنْ كان يستطيع أنْ يُنكرَ بطريقة لا تعود عليه بالضرر

الأساليب كثيرة والطرق عديدة يستطيع بأسلوب لطيف بطريقةٍ هيّنة ليّنة سهلة أنْ يأمرَ بالمعروف وينهى عن المنكر لكنْ أنا الآن أتكلم عن الجبان الذي يضع عناوين عريضة ليُبَرِّرَ لنفسِه لأجل أنْ يتركَ إنكارَ المنكرات ، هذا هو الخاسر لا أتكلم عمن عجز وكان يخشى الضرر حقيقة ، هذا له عذرُه ، لأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال ” مَن رأى منكم منكرًا فليُغيِّرْه بيده فإنْ لم يستطع فبلسانِه فإن لم يستطع -يعني إذا كان له عذر فعلي يكون في الشرع مقبولًا ، أنا ليس عمن لهم عذر فعلي وحقيقي أتكلم ، أتكلم عن الجبان الرعديد الذي تعوّد على الراحات على الدنيا ، تعوّد على نمط عيشة معيّنة ، تعوّد على نمط تتبُّع الملذّات والراحات والمكيفات والكزدرة وشمة الهوا والمطاعم ، عن هذا أتكلم يعني عمّن ترك الإنكار بلا عذر كيف ما كان ومن كان ومهما كان وبأيّ أسلوب ترك وليس له عذر وهؤلاء كثُر اليوم

أعيدُ لكم العبارة قال ” وأكثرُ الناسِ متقاعِدونَ عن إنكارِها “ يعني من المشايخ ومن العامة ، هناك أناس اختاروا لأنفسِهم الدنيا والراحات والملذات لكنْ مَن يشغل الساحات والمنابر .. انظروا إلى الأبطال كالشيخ نزال حلبي مولانا الإمام المحدّث الهرري الشيخ عرسان رحمه الله الشيخ محمد صنع الله رحمه الله الشيخ محي الدين ملحم رحمه الله الشيخ فلان الشيخ فلان ، كثُر ، أبطال خدموا الإسلام ولسنا الآن في معرضِ حصرِ أسمائِهم ولو كانوا مِن غيرِ إخوانِنا أيضًا ، يوجد من أهل السنة والجماعة أشاعرة ماتريدية من غيرِ جماعِنا ومن غير جمعيتِنا طيبين وأهل حق ونالوا الشهادة دفاعًا عن الدين ، قُتلوا ظلمًا وعدوانًا في كثير من البلاد ، بلاد الله واسعة ، أنا لا أتكلم فقط غن إخوانِنا طلاب الجمعية الشيخ لا ، أتكلم عن كل مَن كانت هذه صفتُه هو الذي نال وفرِحَ وحصّل الشهادة والسعادة للآخرة لأنه إذا كان دافعَ عن الدين فقُتلَ كما قلنا لا يُعذِّبُه الله في أيِّ بلدٍ كان ولو كان في أقاصي الأرض .

قال رضي الله عنه ” وأكثرُ الناسِ مُتقاعِدونَ عن إنكارِها فلا يجوزُ لنا أنْ نتقاعدَ عن ذلك “

يعني مَن علمَ بهذه المنكَرات ، المُعايَنة يدخلُ فيها رأى أو بلغَه شاهد سمعَ عرفَ صار يلزمُه الإنكار إلا إنْ كان غيرُه قام بهذا الواجب لأننا قلنا إنكار المنكرات هو  في الأصل من فروض الكفاية ، أنتم اليوم مثلًا إنْ تكلّمنا عن أهل العلم في لبنان أهل المشيخة في لبنان وأنا الآن أتكلم عن أهل السنة والصادقين والنظيفين وأهل العلم ولو من غيرِ جمعيتِنا ، كل مَن كانت هذه صفتُه وبلَغَتْه المنكرات وعرَف بالمنكرات هل قام فأنكرَ ؟ فليسألوا أنفسَهم

نبدأ في بيروت مثلًا حولَنا عندنا ثم إذا بلغَنا أنّ في الخارج منكرات في المواقع وفي الفضائيات أو في البلد الفلاني أنّ فلانًا تكلّمَ بعقيدةٍ كفرية صار يلزَمُنا أنْ ننكر أيضًا لأنّ اليوم بعض الناس صاروا في هذه المواقع على الإنترنت يشبّهونَ الأرض بالقرية الصغيرة لأنّ الفضائيات تصل إليهم ومواقع التواصل تصل إليهم

لماذا قلت لكم عن هذا الشيخ الذي كذّبَ القرآن تكلّم في الفضائية ونُشرَ في المواقع كم مائة مليون يكون سمعَه ؟ أو كم مائة ألف يكون سمعَه ؟

هو هذا أعلنَ كفرَه ونشرَه  هل يجوز لنا السكوت ؟ أنا الآن أتكلم كم واحد يحضر ؟ إلى كم واحد يصل ؟ لكنْ يوجد غير من المشايخ والدعاة والأساتذة أيضًا ينبغي أنْ يحذِّروا لأنّ صوتَ هؤلاء المشايخ قد يصل إلى أناس لا يصل إليهم صوتي ، أما هذا الزنديق الذي يلبس لفة وهو يدعو إلى الكفر واللفة منه بريئة دعا إلى الكفر في الفضائية في المواقع أعلن كفرَه في تكذيب القرآن ، كيف يسعُنا السكوت ؟ الساكتُ عن الحقّ شيطانٌ أخرس ، هل يسعُني أنْ أقول هذا تكلم في مصر أنا في بيروت لا دخلَ لي به ؟

كفرُه انتشرَ في الأرض وأنا أتكلم بحيثُ أحذّر من كفرِه ويصل تحذيري إلى مَن يصل إليهم  إنْ شاء الله يتجنّبونَه ، رأيتم كيف صارت المعادلة اليوم ؟

لا أقول أنا في بيروت لا دخل لي بمن في أستراليا ، هناك عفريت شيطان في أستراليا هذا يلبس لفة مصطفى راشد يكذّب القرآن ويبيح الخمر يطعن في رسول الله في عصمتِه يقول شربَ الخمر وتوضأَ به ، هذا شيخ ؟ أين أستراليا من بيروت ؟

هل يسعني السكوت ؟ لو هو في أستراليا خلف البحار وخلف المحيطات هل أسكت ؟ لا

أنا حذرت منه على المنابر وفي الدروس وفي بعض التلفزيونات استضافتني في لبنان وحذرتُ منه باسمِه وأحذّر منه في بعض هذه الدروس في الفيس بوك ، لكنْ هل يصل إلى أعداد كبيرة كما ينبغي ؟ الله أعلم

نعم هو من فروض الكفاية إنكار المنكرات  لكن إذا كان الكل سكت عرف وبلغَه وسكتوا كلّهم بدون عذر أثِموا كلّهم ، ولا واحد قام بالواجب

احفظوا المسئلة : أقول بلغَهم عرَفوا وسمعوا ويستطيعونَ الإنكار وسكتوا بلا عذر كلّهم أثموا

أنا أتكلم بما أقدر عليه من باب الحكم بهذا الفرض الكفائي لا يسعني السكوت وإلا فالساكت عن الحقِّ شيطانٌ أخرس

بعض الناس يقول لي هل أنت مفتي ؟ مَن قال فقط أنّ فقط المفتي هو الذي يتكلم ؟

الله يقول {كنتم خيرَ أمةٍ أُخرِجَت للناس تأمرونَ بالمعروف وتنهَوْنَ عن المنكر}[آل عمران/١١٠] ما قال كنتم خيرَ مُفتٍ

إذا المفتي ولا أتكلم عن مفتي معيّن إنما بشكل عام ، إذا كان المفتي بالكوما مثلًا ضايع أو الجن خطفوه مثلًا ماذا نفعل ؟                                                  نشاهد الكفريات تنتشر ونحنُ نقعد هكذا شياطين خرس ؟ مَن قال هذا ؟ بأيِّ حكمٍ على زعمِكم تقولون أنت لستَ مفتيًّا ؟

اليوم إنْ تكلمنا بشكل عام الناس الفقراء والضعفاء الذين يموتون من الجوع  في الشوارع والطرقات وعلى أبواب المستشفيات لا يصلون إلى دواء ولا إلى طعام ولا إلى شراب وعلمنا بهم هل نقول لا نستطيع أنْ نساعدَهم ليأتي المفتي يساعدُهم ؟

أعيد وأكرر أتكلم بالعموم ليس عن مفتي بعينِه حكم شرعي ، أتركُهم يموتوا ليأتي مولانا المفتي ونقيب الأشراف يساعدونَهم ؟ لا ، يجبُ علينا إنقاذ المضطرين هذا من فروض الكفاية ومن القواعد المتّفق عليها في الشريعة الإسلامية علماء المذاهب الأربعة اتفقوا على ذلك قالوا :

مما اتفق عليه علماءُ الإسلام أنّ المصلحة العامة مقدَّمةٌ على المصلحة الخاصة ودفع الضرر العام مقدَّم على دفع الضررِ الخاص

ثم إنقاذ المضطرين من فروض الكفاية .

اليوم لما تسمعون أن أناسًا يموتون في الطرقات والشوارع والبيوت المهجورة والبيوت الفقيرة والبيوت المنسية والبيوت البعيدة العتيقة الخرِبة على أصحابها كيف يُترَكون؟ كل مَن علِموا بحالِهم يخرجونَ لمساعدتِهم

أنا أذكر لكم شيئًا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر لأنّ إخواننا عملوا عملًا عظيمًا كبيرًا يفرح به القلب في هذه الأزمات التي مرّت ، قدّموا واشتغلوا وأوصلوا مساعدات إلى آلاف العائلات وأعني ما أقول

مثالًا واحدًا ، واحدًا من إخواننا في بيروت سمعَ أنّ محتاجًا مضطرًّا عرض ثيابَه للبيع في قريةٍ تبعدُ عن بيروت ذهابًا وإيابًا سبع ساعات ، وهو من إخواننا من  بيروت أنا أعرفُه ذهبَ بسيارتِه إلى تلك القرية اجتمعَ بذلك الرجل الذي كان مضطرًّا عرضَ ثوبَه للبيع ليأكل ، أعطاه مائتيْ دولار ورجع إلى بيروت ، هكذا إخواننا ، سبع ساعات الطريق ذهابًا وإيابًا إلى قريةٍ بعيدة بعيدة عن بيروت ربما تصير في حدود وفي خاصرة فلسطين من النواحي البعيدة

ما الذي حملَه وبسيارتِه ترك عملَه ومصروف وبنزين وأعطاه مائتي دولار وعاد إلى بيروت ؟

إذًا كيف هذا ؟ إخواننا يعملون بما يقدرون عليه ، كل الفروع من الجمعية في لبنان كل مَن بلغَه كل مَن عرف

أقول لكم شيئًا بعد ، أحيانًا على الفيس بوك نرى حالات لا نعرفُها في الشمال في البقاع في الجنوب إخواننا يبحثونَ عن هذه العائلات ويصلون إلى بيوتِهم ، هذا حصل مع مَن استطاعوا أنْ يصلوا إليهم لكنْ أحيانًا يأتي خبر في الفيس بوك أو في الأخبار مَن يعرف هذه العائلة من يعرف هاتف هذه المرأة من يعرف هاتف هذا الرجل ؟ من يصلون إليه يذهبون ، وعندنا حالات وبالأسماء وذهبوا إليهم بالطعام والشراب والدواء ومساعدات شهرية لبعضهم وبعضُهم كان على حسبِ وقتِه مضطرًّا أعطَوه لكنْ هل نقول حضرة مولانا المفتي وحضرة مولانا نقيب السادة الأشراف وقاضي البلاد الإسلامية ليأتوا هم الثلاثة وتُضرَب لهم النوبة ليُخلّصوا المضطرين إن كان فيهم مَن يهلك من الجوع والمرض والعري والتشرد أو ليأتوا فيُنكروا المنكرات ؟ مَن قال هذا وأين هذا الحكم ؟

هذا تعطيل لكثير من الأحكام ، الذي يجعل أنّ إنكار المنكر لا يكون إلا للمفتي والقاضي ونقيب الأشراف هذا شبه مجنون

فالحاصل إنكار المنكراتِ ليست مقيّدةً بالعالم والقاضي والمفتي ونقيب الأشراف {كنتم خيرَ أمةٍ أخْرِجَت للناس تأمرونَ بالمعروف وتنهونَ عن المنكر وتؤمنونَ بالله}[آل عمران/١١٠]

” ويجبُ علينا أنْ نحققَ ذلك “ يعني أن نقومَ بالإنكار وإلا فليَنتظر الوبال والهلاك ، فليَنتظر ما يكونُ فيه هلاكُه في الدنيا لمَن ضيّع هذا الواجب وعقوبتُه في الآخرة لمَن ضيّعَ الفرض لأنه صار مستحقًّا لعقوبةِ الله إلا إنْ تاب أو إلا إن عفا اللهُ عنه ، اللهُ  أعلم

لكنْ كما قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم ” ليس منا مَن لم يأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر ” أي ليس من أتقيائِنا .

أختم بالحديث الذي بدأتُ به مرةً ثانية ، قال صلى الله عليه وسلم ” مَن صلى عليّ ”  هذا الحديث فيه حثٌّ وحضٌّ فأكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

والحمد لله رب العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته