الجمعة ديسمبر 13, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -122

مخاطر اللسان

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدِنا محمد طه النبيّ الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومَن ولاه

وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيهَ ولا مثيلَ له ولا جسمَ ولا حجمَ ولا جسد ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاءَ ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أينَ ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكانَ له

كان اللهُ ولا مكان وهو الآنَ على ما عليه كان فلا تضربوا لله الأمثال ولله المثلُ الأعلى تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركة والسكون وعن الاتصال والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحلُّ منه شىء ولا يحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثله شىء

مهما تصوّرتَ ببالك فاللهُ لا يشبه ذلك، ومن وصف اللهَ بمعنى من معاني البشر فقد كفر.

وأشهدُ أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرةَ أعينِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وشرّف وكرّم وبارك وعظّم وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وآلِ كلٍّ وصحبِ كلٍّ وسائر الأولياء والصالحين.

 

الآخرةُ أمرُها شديد

يقول الإمام الهرري رضي الله عنه: ثم عن الكلام (يُسأل عن الكلام)

(الآخرة كما قال مولانا الشيخ رضي الله عنه أمرُها شديد، هذه الكلمة قد الواحد منا يذكرُها بلسانِه وتمرّ وقد يسمعُها الواحد وهو ينظر إلى التلفزيون وقد يسمعُها الواحد وهو يلهو مع ابنِه، قد يسمعُها الواحد وهو يضحك لكنْ لو فكّرنا بمعناها ربما ذرفَت العيون واضطرَبَت الأعضاء والفرائص وارتجفَت القلوب لأنّ الأمر في ذلك اليوم أمرٌ عظيمٌ عظيمٌ عظيمٌ.

تخيّلوا معي أنّ بعض الأولياء من شدةِ خوفِه من الله كان في مجلس قراءة قرآن عندما قرأ القارىء صرخَ هذا الولي ومات. بعض الأولياء الصلَحاء وبعض الخاشعين إذا سمع الموعظة ربما يصير كأنه أُسقِطَ في يدِه يصير كأنّ عقلَه غاب من شدةِ الخوف والفزع، أمرُ الآخرة ليس هيّنًا يا إخواني ويا أخواتي، ينبغي أنْ نتّعظ ونعتبر ونعمل لننجو في ذلك اليوم {واتّقوا يومًا تُرجَعونَ فيه إلى الله ثم تُوَفّى كلُّ نفسٍ ما كسبَت وهم لا يظلمون}-سورة البقرة/281-

هذه الآية الزكية الشريفة الطاهرة المباركة هي آخر شىء نزل من القرآن من سورة البقرة.

بعض الناس يظنون أنّ آخر آية هي التي في المائدة {اليومَ أكملتُ لكمْ دينَكم وأتْممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكمُ الإسلامَ دينًا}-سورة المائدة/3- ليست هذه آخر آية لأنها كما ثبت في الأحاديث والأخبار أنها نزلت في حجة الوداع وكان يوم جمعة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفات بعد العصر، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات في حجةِ الوداع بل عاش بعد نزول هذه الآية التي في المائدة قريب الثلاثة أشهر، بقي الوحيُ ينزلُ عليه والآياتُ تنزل عليه، إنما معنى {اليومَ أكملتُ لكم دينَكم} يعني اليوم أُتِمَّت لكم قواعدُ الدين وأُحكِمَت أما بعضُ الفروع كانت الآيات تنزلُ تباعًا بعد ذلك وآيات في عدة مسائل وأحكام نزلت بعد حجةِ الوداع كآية الكَلالة نزلت بعد حجة الوداع، كآيات الربا كما قال سيّدُنا عمر رضي الله عنه وأرضاه.

أما الآية التي ذكرتُها {واتّقوا يومًا تُرجَعونَ فيه إلى الله ثم تُوَفّى كلُّ نفسٍ ما كسَبَت وهم لا يُظلَمون}-سورة البقرة/281- هذه نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاتِه بثمانيةِ أيام هذه آخر آية نزلت على الرسول.

معنى {واتّقوا يومًا} يعني خافوا ذلك اليوم، واللهُ عز وجل هو المُخَوِّفُ لنا من ذلك اليوم فمعناه كم يكون ذلك اليوم أمرُه شديد؟ كم يكون الهولُ فيه عظيم؟

الرسل والأنبياءُ والأولياء الذين هم أفضل خلقِ الله تعالى ولكن كما تعرفون أفضل شىء على الإطلاق من حيث الترتيب هم: الأنبياء الرسل بعدهم الأنبياء الغير رسل بعد الأنبياء الغير رسل خواصّ الملائكة، ثم بعدَهم يأتي خواص أولياء البشر كأبي بكر وعمر وبقية العشرة المبشرين  رضي الله عنهم، ثم يأتي عوامّ الأتقياء، وبعض العلماء يقولون يأتي عوام الملائكة ثم الأتقياء.

الحاصل أنّ أفضلَ خلقِ الله على الإطلاق هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الترتيب الذي ذكرْناه.

مع ذلك هذا المقام العظيم الذي لهم كيف كان حالُهم؟ كيف كانت سيرتُهم الشريفة الزكية المباركة؟

مثلًا إذا كنا نسمع أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل ويتهجد ويصلي حتى تتورّم قدماه عليه الصلاة والسلام، ليس إلى حدّ الإضرار بالنفس وإهلاك النفس لا، هذا لا يفعله الأنبياء، إنما هذا التورّم الذي يحصل من طول القيام مع شىء من الراحة يذهب هذا ليس إلى حد الإضرار بالنفس

السيدة عائشة رضي الله عنها تقول له يا رسولَ الله أليس قد غفر اللهُ لك ما تقدّم وما تأخرَ من ذنبكَ؟ يقول لها “بلى”، تقول له خفف عن نفسِك –تريد أن تخففَ عنه- يقول “أفلا أكونُ عبدًا شكورًا” هذا سيد العالمين وأفضل خلق الله على الإطلاق

 تخيّلوا مثلًا الأئمة العظام الكبار كأبي حنيفة كان بعد العشاء قام يصلي في الليل بآية واحدة ما كان يستطيع أنْ يتجاوزَها إلى التي بعدَها من كثرةِ البكاء والتأثر والخشوع وهذا أبو حنيفة الإمام العظيم رضي الله عنه وأرضاه

هذا الإمام الأوزاعي الذي هو من المجتهدين ومن الأولياء والدعاء عندَه مستجاب وفي جنازتِه حصلت العجائب، يقال عندما حُمِلَ على النعش طار النعش فوق الناس ومشى بهم إلى حيثُ القبر ثم الناسُ سمعوا حول النعش وهو فوقَهم تسبيحًا، بعض العلماء يقول هذا تسبيحُ الملائكة

هذا الإمام الأوزاعي بلغَ درجةَ الاجتهاد المُطلَق وبقيَ مذهبُه معمولًا به في بلاد الشام بعدَه قريب المائتيْ سنة ثم انقرضَ مذهبُه من حيثُ العمل به بين الناس لأنه لم يُدَوَّنْ تدوينًا تامًّا كاملًا من كل النواحي والقضايا والناسُ صاروا يقلّدونَ هذا الإمام وهذا الإمام فانقرض هذا المذهب لكنْ هو إمام مُعتبَر رضي الله عنه.

كان يقوم الليل ويتهجد ويسجد على حصيرٍ خشن، الحصير في تلك الأيام كان فيها عُقَد وكانت هذه العقد تصير كالحجارة لو واحد رجلُه على هذه العقد وهو قاعد على رجلِه وضغط عليها ماذا يصير فيها؟ وهكذا إذا سجد ربما كانت تحت رجليه تحت يديه تحت ركبِه، هو على هذا الحصير الخشن يُطيل في السجود ويبكي من خشية الله حتى يبتلّ الحصير الذي تحتَ وجهِه من الدموع فإذا أصبح الناس جاءت النسوة إلى زوجةِ الإمام يرَيْنَ هذه البقعة على الحصير فيقُلْنَ لها أبالَ الصبيُّ هنا؟ تقول لا هذا من بكاء الشيخ في الليل

وسيد العالمين محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي إذا كبّر بكى وإذا دخل في الصلاة وبدأ في القراءة  بكى حتى تنهمر الدموع على لحيتِه الزكية الطاهرة الشريفة العظيمة وتنزل دموعُه على الأرض وإذا ركع بكى وإذا اعتدل بكى وإذا نزل إلى السجود بكى حتى يبتلَّ التراب من دموعِه، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي من خشية الله، التراب الذي تحت وجهِه الشريف يبتل من دموعِ سيّد العالمين صلى الله عليه وسلم.

وهذا الخليفة الراشد أمير المؤمنين وليّ الله الإمام المجتهد الذي كان يلتقي بالخضر يقظةً عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه وهو الرئيس الأول في الدولة الإسلامية أعلى سلطة الخليفة بعد الخليفة يأتي السلطان يكون دائمًا تحت الخليفة، بعد السلطان يأتي الأمراء الذين ينصُبُهم السلطان أو الخليفة في البلاد ينوبون عن السلطان وعن الخليفة، ويأتي أيضًا القضاة هؤلاء بمعنى حكام هذه النواحي يقضون بين العباد في الخصومات في الأموال في الأحكام، الرئيس الأول أعلى سلطة في الدولة وهو الخليفة كم يكون عليه مشاغل يدخل إلى البيت وقد فرشَ موضِعًا في بيتِه بالتراب يصلي عليه من غير حائل فإذا سجد على التراب بكى وبكى وبكى حتى يبتل التراب من دموعِه وهو الخليفة الراشد أمير المؤمنين المجتهد المطلَق عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه.

سيدنا عمر بن الخطاب هذا الرجل العظيم الذي ورد في فضلِه الكثير وهو أحد المبشرين بالجنة وهو ثاني الخلفاء رضي الله عنه وأرضاه وهو أفضل البشر بعد الأنبياء وبعد أبي بكر الصديق، أفضل البشر بعد الأنبياء وبعد أبي بكر الصديق عمر رضي الله عنه وأرضاه، وعمر هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم “رحم اللهُ عمرَ يقولُ الحقَّ وإنْ كان مرًّا لقد تركَه الحقُّ وما له من صديق” رواه النسائي.

وهذا أمير المؤمنين وليُّ اللهِ عمر رضي الله عنه قال فيه الرسول “إنّ الحقّ –يعني الملَك- ليتكلّمُ على لسانِ عمر” يُجري كلامًا على لسانِه أو يُسَدِّدُه يحرِّكُه ليقولَ الحق.

هذا عمر رضي الله عنه الذي كان أرسخ من الجبال، عمر الذي كان على الأعداء كالموجِ الهدّار، عمر الذي كان على الجبابرة والكفَرة كأنه سيفٌ جارف وكأنه بمفردِه من الجيوش العظيمة التي تهجم على بلد وتدمّر الظلم الذي فيه، هذا عمر الذي كان إذا ذُكِرَ عند كسرى وقيصر يرتجفون منه من هيْبَتِه كان ينام على التراب من غير حائل وكان يطوف حول الكعبة بالمُرقَّع وكان إذا جاء الليل تقول زوجتُه ووضع جنبَه على الفراش يتقلّب إلى الفجر، وهو يكون تهجّد وقام الليل إلى الفجر، النار الحساب الموت القبر. وتقول زوجتُه كنتُ إذا رأيتُه قلتُ ستُصبِحُ الأمة بلا خليفة، يعني تظنّ أنه سيموت من شدةِ خوفِه من الله،  وإذا أصبح ارتعبَ من شدة خوفِه من الله.

انظروا كم كانوا يخافون من الله، وكان قد كتب على خاتَمِه “كفى بالموتِ واعظًا يا عمر”

إذا كان هؤلاء الأنبياء والأولياء والأئمة العظام والسادة الكبَراء هذا حالُهم من شدة تعظيم الله وخشيتِهم لله والخوف من الله والاستعداد للآخرة، نحن العوام ماذا نقول؟ نحن الذين غرِقنا في التقصير وغرِقنا في الكسل وغرقنا في التأخر وغرقنا في ما لا ينبغي وأكلَتنا الدنيا كم وكم غرقْنا في الأخطاء والذنوب والمعاصي وقسوة القلب، كم وكم تأخرنا وكم وكم نعيش في هذه الدنيا مع السهو واللهو، ما هذا الحال؟ ما هذه العيشة؟

انظروا إلى هؤلاء كيف كانوا وكيف حالُنا نحن الغير مُرضي، فلنستعدّ قبل فوات الأوان، عرفتم لمَ قال “الآخرةُ أمرُها شديد”؟)

 

يقول: ثم عن الكلام، بعض العلماء (يعني يُسأل بعد كل ما تكلمنا عنه في درس الأمس والذي قبله عن المعاملات وعن المال وعن كل هذه القضايا هنا يقول ثم عن الكلام، يعني ويُسأل الإنسان يوم القيامة عن الكلام لماذا؟ لأنّ كلام الإنسان من عمله والإنسانُ مسؤولٌ عن عملِه عن نطقِه عن اعتقاداتِه، أليس الله يقول {يومَ تُبلَى السرآئر فما له من قوةٍ ولا ناصر}-سورة الطارق/9-؟ السرائر يعني النوايا الله تعالى يكشفها يوم القيامة، الله لا تخفى عليه خافية لكنْ هذا لإظهار حال الناس للخلائق يوم القيامة أما الله لا تخفى عليه خافية)

 

بعض العلماء قال: لسانُك ثعبان إنْ لم تحفظْه يقتلْكَ كما أنّ الثعبانَ إذا لم تتجنّبْه يقتلْكَ بسُمِّه

(رأيتم إلى هذا التشبيه؟ لماذا شبّه اللسان بالثعبان؟ لأنّ ضرر الثعبان يعرفه الناس الكبار والصغار وبعضُ الناس يخافون منه خوفًا شديدًا يرتعبون، إذا كان هذا حالُهم في الدنيا كيف إذًا ثعبان القبر؟ وكيف عقارب وأفاعي جهنم؟ إذا كان العقرب في جهنم كالوادي نسأل الله السلامة، إذا كان عقارب وحيّات الدنيا بعض الناس يهربون منها إلى مسافات بعيدة، تقول لي لكنْ هناك أناسًا لا يخافون، نعم هؤلاء نُدرة نادرة وفي بعض الأحوال يخافون أيضًا

الإنسان مهما كان في هذه الدنيا جريئًا، الناس العاديون، كقوة جسدية مثلًا رماية رياضة ركض سباق حتى يسابق الخيل في بعض الأحوال يخاف ويفزع ويضطرب، كيف بعض اللاعبين الكبار تتدهور صحتهم بعضُهم يصيرون كالأطفال، هذه أحوال تتقلب في الدنيا، وأنا أعرف أولادًا صغارًا يلعبون بالحية والعقرب لكنْ هذا قليل نادر أما من حيثُ الغالب الناسُ يخافون من الثعبان، وهذا التشبيه ليُقرِّب لأذهان الناس خطورة الأمر، أنت لسانُك في فمك هل تأتي بالثعبان وتضعه في فمك؟ أو في فراشك؟ لا، أما لسانك فهو معك في كل الأحوال فلمذا لا تحذرْه؟ ينبغي أن تحذر من لسانِك أشد من حذرِك من الثعبان.

بعض الناس لا ينامون في بيوتِهم إن كان فيه فأرة أو صرصور، بعض النساء تذهب لبيت أمها فكيف بالعقرب الذي سمّه يقتل؟ كيف الثعبان؟

لسانك معك وأحيانًا لا تحذره وهو أخطر من الثعبان، أنت على الإسلام إن قتلكَ الثعبان مصيرُك إلى الجنة لأنك مسلم أما هذا اللسان قد يوصل كثير من الناس إلى جهنم، هذا اللسان يوصل الكثير من الناس للكفر ثم إلى الخلود المؤبّد في جهنم، فما هو الأخطر الثعبان أم لسانك؟

هذا اللسان الذي معنا لماذا أحيانًا لا ننتبه له لماذا لا نحذر من ألسنتِنا كما نحذر من الثعبان؟

 بل ينبغي أنْ يكونَ حذرُنا من ألسنتِنا أشد من حذرِنا من الثعبان.

كثير من الناس لسانُهم قد يوصلهم إلى الكفر ثم إلى جهنم أما الثعبان لو كان أخطر ثعابين الأرض لن يُدخِلَك جهنم، لو لدغَك ما الذي سيحصل؟ تموت؟ إن كنتَ مسلمًا على الجنة أما لسانُك إذا أطلقته كيف ما كان ووقعتَ في الكفر ومتّ على الكفر إلى جهنم تخلّد فيها إلى أبد الآبدين.

اليوم أكثر المشاكل والبلايا والمصائب وأكثر قطيعة الرحم وتقطيع الأرحام وتهاجر الإخوة والعائلات والأقرباء والأبناء مع الأمهات والآباء بسبب اللسان.

انظروا إلى المحاكم كيف أنها تعمل بكثرة بسبب اللسان قالت له قال لها ردت عليه ردّ عليها … فطلّقها بالثلاث، بسبب ألسنتكم تشغّلون القضاة في المحاكم وتعطوهم المال، لا تطلّق اصبر على زوجتك وهي فلتصبر عليك، يكون هذا الشيخ هناك يقبض منكم ومن غيركم عندما لا تصلون إلى مخاطر الطلاق لماذا تعطونهم زيادة على راتبهم الثابت؟ ليذهبوا ويشتغلوا بخدمة الدين بدل أنْ يقبضوا أموال الناس بالظلم والعدوان لأن هذا القانون الذي لا يُجرى فيه عقد النكاح أو الطلاق إلا بالمال وإلا يُعاقَب بالقانون أو أو أو هذا ليس من شريعة الله هذا ليس من السنة النبوية ولا من القرآن.

اليوم بعض المشايخ يقبض ألف دولار على عقد النكاح.

قيل لي عن واحد أنه شُحِن إلى قبرص عمل عقد نكاح لامرأةٍ مطلّقة وما زالت في العدة، غداء وبحر وعشرة آلاف دولار في جيبهِ وأعطى امرأة مطلّقة بعدة الطلاق ما انتهت العدة على زعمه أعطاها لرجل ثاني يُعاشرُها بالزنا والحرام، هذا قاضي لكنْ من قضاة جهنم، هذا هنا في بيروت.

من شروط صحة النكاح أنْ تكونَ المرأة خليّة من عدةِ وفاة أو عدة طلاق، مَن مات زوجها عنها عدتها أربعة أشهر وعشر أيام هجرية.

الله يقول في سورة البقرة {والذين يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذرونَ أزواجًا يترَبّصنَ بأنفسِهِنَّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا}-سورة البقرة/234-

وإذا كانت حاملًا بعض العلماء يقول عدّتها بانتهاء أقصى الأجليْن، وبعض العلماء يقول تنتهي العدة بوضع الحمل، معناه إذا كانت المرأة المتوَفّى عنها زوجُها ما زالت في عدة الوفاة لا يصح أن تتزوج فلو اجتمع القاضي الأول والقاضي الثاني والقاضي الثالث والقاضي السبعمائة وثلاثة عشر كلهم في قبرص واليونان وعملوا طاولة واحدة موصولة بين قبرص واليونان وحضروا كلّهم على زعمهم عملوا لها عقد نكاح لعنةُ الله عليهم جميعًا لأنهم يجمعون الناس على الزنا، هؤلاء بلفات ويجمعون الناس على الزنا، وينطبق عليهم الحديث “وقاضيانِ في النار”

“القضاةُ ثلاث قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار”.

فإذًا هذا القاضي الفاضي الذي على زعمِه زوّج امرأة في عدة الطلاق لم تنهِها لا يصح زواجها وهذه المعاشرة بالحرام وهذا خبيثٌ ظالمٌ ملعون، لو كان هناك حاكم مسلم كان أدّبَه وينزع اللفة عن رأسه ويعمل له مجلس تأديبي ويمنعه من كل الوظائف الدينية ومن الخطابة والفتوى والقضاء والإفتاء ويحبسه في بيتِه ليتوب إلى الله ويتعلم، قاضي جاهل.

هذا الإنسان الذي عمل هذا العمل الخبيث أكل مالًا بالحرام، فلا تشغّلوهم وتعطوهم هذه الأموال؟

حسبنا الله ونعم الوكيل، هذا سببه اللسان أخطر من الثعبان، لذلك الرسول عليه الصلاة والسلام قال لصحابي “أمسِك عليك هذا” وأشار إلى لسانه.

النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول “إنك ما تزالُ سالمًا ما سكتْتَ فإذا تكلمتَ كان عليك أو لك” النبيّ يقول “مَن صمتَ نجا” النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول “مَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليَقُل خيرًا أو ليَصمُت”

رأيتم لماذا قال اللسان كالثعبان؟

ورد في صحيح مسلم وعند عدد من الحفاظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أكثر ما يُدخل الناس النار اللسانُ والفرج” الفرج يعني الزنا أو اللواط هذا من الكبائر، ذكر اللسان قبل الزنا واللواط وقبل الفرج لأنّ اللسان يوصل إلى الكفر أحيانًا، أما الإنسان إذا ذهب فزنا هذه معصية كبيرة فسق وخبثٌ وملعنة والزنا هو الذنب الثالث، أول شىء الكفر والقتل بغير حق ثم الزنا، ولكنْ إذا كان يعرف أن الزنا حرام ويحرّمه ولا يستحلّه ولا يستحسنُه لا يكفُر هو مسلم فاسقٌ ظالم، “قال وإن زنا وإن سرق قال وإن زنا وإن سرق” هذا ورد في الحديث وقال “على رغم أنف أبي ذر” لكنه ليس كفرًا إلا إن استحلّ الزنا واستحسنَه.

ولينْتَبِه بعض الساقطين المنحلين الوضيعين السفلة من الشباب والرجال والنساء الذين يتحدثون فيما بينهم ماذا فعل وأين زنا وأين ذهبت وأين زنَت، بعضُهم يقول أحسن شىء بتعملوه، هذا كفر خروج من الإسلام، بعض السفهاء الكافرين أعداء الله يكون جالسًا مع رفقائِه يقول لهم أنا زنيت الليلة يقول له واحد أحسن شىء بتعملو، لعنة الله عليهم هؤلاء كفرة، الذين يستحلّون الزنا، كذّبوا الله والرسول كذّبوا القرآن كذّبوا الإجماع.

أما غالب مَن يزني من المسلمين يعرف أنه حرام ولا يستحسنُه ولا يستحلّه هذا ليس كافرًا، هذا لا يُكفَّر هو مسلم فاسق من أهل الكبائر يجب عليه أنْ يتوب ويمتنع عن ذلك.

أما اللسان أحيانًا وأنت تمزح تكفر لا يذهب لأجل الزنا ولا يدفع مالًا ولا غيره وهو يمزح بكلمة واحدة بأقل من ربع دقيقة يصير كافرًا خارجًا من الإسلام وإن مات على ذلك يُخَلَّد في جهنم.

الرسول عليه الصلاة والسلام يقول “إنّ العبدَ ليتكلم بالكلمةِ لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا” وفي رواية “أبعدَ مما بين المشرق والمغرب”

هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم والترمذي.

الله قال في القرآن {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمةَ الكفرِ وكفروا بعدَ إسلامِهم}-سورة التوبة/74-

ومن الأمثلة على سرعةِ الوقوع في الكفر والخروج عن الإسلام وإن مات على ذلك يُخلَّد في جهنم إلى أبد الآبدين، لأجلِ أنْ تعرفوا وترَوا أنّ اللسان أخطر من الفرج ومن الثعبان، ما يحصل أحيانًا بين بعض الناس المداهنين الذين يقعدون مع غير المسلمين من أهل البدع والفسق والفجور، ويقعد مع أناس ينتسبون للإسلام لكنهم بين كافرٍ وفاسق يقول له أنت سني للآخر أنت كذا أنت كذا فيقول هذا ما في فرق بيننا كلنا مثل بعضِنا مراده في المذهب والدين قصده يداهنهم صار كافرًا برب العالمين لأنه ساوى بين الكفر والإسلام وساوى بين الفسق والفجور والضلال والحق والصدق والصواب بكلمة، وهو على زعمِه يسايرُهم ثم يأتي يقول لك أنا ما قصدتُ ما نويت فقط كنتُ أُسايرهم ولأريَهم نحن السنة لسنا معقدين، على زعمِك تكفر بالله لتريَهم أنّ السنة ليسوا معقدين؟ ومَن قال لك السنة معقدون يا جهول؟ أهل السنة هم أهل الفهم وأهل الاعتدال وأهل الحق وأهل الصدق، مَن قال لك أنك على زعمِك تُفهمُهم أنّ أهل السنة ليسوا معقدين فتوقع نفسك بالكفر وهذا كذب أهل السنة ليسوا معقدين لكنْ أنت جاهل خبيث سقيم النفس مريض العقل والقلب أوقعتَ نفسك بالكفر ليُحبك أناس كفرة وفجرة ولتتقرّب منهم لأجل الوظيفة.

كيف يُساوَى بين هذا وهذا؟ كيف يُساوى بين ذاك وهذا؟ لا يساوي بينهم إلا كافر، أليس الله يقول في القرآن الكريم {أفَمَن كان مؤمنًا كمَنْ كان فاسقًا لا يستوون}-سورة السجدة/18- الله يقول لا يستوون وأنت يا جهول تقول ما في فرق كلنا مثل بعضنا كذّبتَ الله، وهذا مثال ويكون يضحك.

وفي جلسة ثانية واحد يقول للثاني أنت مسلم لكنْ أنا لستُ مسلمًا ويذكر طائفة من طوائف غير المسلمين فيقول له هذا الجهول كلنا عبيد الله ما في فرق بين دين ودين، صار كافرًا برب العالمين، الله يقول {إنّ الدين عند الله الإسلام}-سورة آل عمران/19- وأنت يا كافر يا ملعون تقول ما في فرق بين دين ودين؟ تكذّب الله.

لو كان كما تقول يا كفور لماذا بعثَ اللهُ الرسل؟ لماذا أنزل الكتب؟ لماذا خلق جهنم؟ كان ترك الناس وما هم عليه.

بعض الناس يقولون داء دفين عيشة الفهيم مع البهيم، هذا حاله هكذا، جهول ويعمل نفسه فهيم يقع في الكفر ويساوي بين الإسلام والكفر.

كأنه يقول إبليس ومحمد سواء بسواء كأنه يقول سيّان، كأنه يقول نبي الله إبراهيم والنمرود وموسى وفرعون سيّان على زعمِه لأنه يقول ما في فرق بينهم، كأنه يقول الشرك والتوحيد مثل بعض على زعمه كأنه يقول الإسلام والكفر مثل بعض، كأنه يقول الإسلام وأديان الكفر مثل بعض، هذا كافر، لأجل مداهنة الناس يكون خرج من الإسلام.

الله قال {ورضيتُ لكمُ الإسلامَ دينًا}-سورة المائدة/3- كيف أنت يا كافر تقول ما في فرق بين دين ودين، يعني على زعمِك يجوز الواحد يعمل يهودي، يعني على زعمك يجوز يعمل بوذي وهندوسي وسيخي، لما أنت يا كفور تقول ما في فرق بين دين ودين، الله يقول {ومَن يبتغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فلن يُقبَلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين}-سورة آل عمران/85-

نحن في زمن أكثر الناس ضيّعوا فيه الشرع ونحن في زمن عمّ فيه الجهل وطمّ فيه الضلال ونحن في زمن قلّ فيه مَن يتمسك بدينِه إلى الممات، صاروا بسبب المداهنة يخرجون من الإسلام بسبب الجهل يخرجون من الإسلام بسبب اللسان واللعب والمزح يخرجون من الإسلام بسبب الغضب يخرجون من الإسلام.

الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه مسلم “أكثر ما يُدخل الناس النار اللسانُ والفرج” وفي حديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم “إنّ العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ من سخطِ الله ما يُلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم سبعين خريفًا”

وهو يمزح ويلعب ويقول ماذا قلنا وماذا فيها وماذا صار؟ فيها أنك صرت كافرًا خارجًا من الإسلام، قلتَ كفرًا وكذّبتَ الله وكذّبت الإسلام وصرتَ عدوًّا لله وإن متّ على ذلك خُلِّدت في جهنم مع إبليس وفرعون إن لم ترجع للإسلام بالشهادتين ستُخلَّد في العذاب إلى ما لا نهاية، هذا سببه الجهل.

عرفتم لماذ شبّه اللسان بالثعبان؟ نسأل الله الأمن والأمان وأنْ يختم لنا بكامل الإيمان وإلا فالأمر خطير.

 

والحمد لله رب العالمين