الثلاثاء أكتوبر 22, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول رقم (25)

 

                          بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا محمد طه الأمين وعلى آل بيتِه وصحابتِه ومَنْ تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين

(صحيفة 141)

*يقول الإمام الهرري رضي الله عنه: ثم يقولُ الحافظ محمد مرتضى الزبيديًّ في كتابِه “لا يجوزُ الاقتداءُ بالمعتزلة والجهمية والخطابية والمشبهةِ وأمثالِهم ممّن يُكفَّرونَ لبِدعتِهم، معناه كلُّ أولئك كفار.

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم حفظه الله: (هنا قضية مهمة وهي للأسف أشكلَت على بعض أدعياء العلم والمشيخة فأفتَوا بجهلِهم بجواز وصحةِ الاقتداء خلف المشبهة المجسمة أو خلف المعتزليّ الذي يكذّب القرآن، وهؤلاء جازفوا وخاطروا مخاطرة عظيمة، أولًا ليُعلَم أنّ الصلاة لها شروط صحة وشروط قَبول، ومن شروط صحة الصلاة إنْ كان المصلي مُنفرِدًا أو كان مُؤتَمًّا الإسلام، أن يكونَ المصلي مسلمًا.

قد يتعجب البعض على جهل بعض الناس فيقول هل الكافر يصلي؟ وبعض الناس مع عقائدِهم الكفرية يظنونَ بأنفسِهم الإسلام فيعملونَ صورةَ الصلاةِ على زعمِهم، فهؤلاء الذين ذكرهم الحافظ الزبيدي لماذا ذكرَهم؟ لأنّ هؤلاء يعملون صورةَ الصلاة.

من شروط صحة الصلاة الإسلام فمَنْ كان على عقيدةٍ كفرية أو على قولٍ كفري أو على فعلٍ كفري لا تصح الصلاة منه إنْ كان مُنفردًا ولا تصح الصلاة عليه إنْ مات ولا تصح الصلاة معه جماعةً صورةً إنْ وقفَ إمامًا بزعمِه لأنّ الصلاة عبادة والعبادة لا تصح من كافر.

الصلاة عبادة عظيمة بل هي أفضل وأعظم وأجلّ أمور الإسلام بعد الإيمانِ بالله ورسولِه.

أعلى الواجبات على الإطلاق الإيمان بالله ورسولِه بعد ذلك الصلاة، فالصلاة لتصح من الإنسان لا بد أنْ يكونَ على الإسلام.

ثم هذا الذي يقول تصح الصلاة وراء المعتزلي الذي جعلَ لله شرَكاء أو خلف المشبّه الذي يعتقد أنّ اللهَ يسكن السماء أو يجلس على العرش أو يعتقد أنّ اللهَ سبحانه وتعالى شكل أو صورة أو حجم، هؤلاء خرجوا عن دائرةِ الإسلام فلا تصح منهم الصلاة.

ثم هناك نصوص كثيرة تدلّ على هذه القضية  التي ذكرها الحافظ الهرري رحمه الله رحمة واسعة، وليس كما يقول بعض أذناب الفتنة ورؤوس الزندقة والجهل والفساد، يقولون أنتم أصل الدين عندَكم قال الهرري ولا تروْنَ مصدرًا للتشريعِ إلا قال الهرري، وكذبَ وافترى هذا المريض هذا الوضيع لأنّ أصولَ التشريع عندنا هي التي عند أهل الإسلام الكتاب والسنة والإجماع والقياس.

لعلّ هذا الكذوب الظلوم لا يعرف ما هي مصادر التشريع لذلك افترى علينا بهذا القول وهذا يفتري على المسلمين وله موقفٌ صعبٌ يوم القيامة، {وقِفوهم إنهم مسئولون}[الصافات/٢٤] لا تظُنّنّ في نفسِك أيها المغرور أيها الجاهل المُتَهَتِّك الذي تقدح في عقيدةِ أهلِ السنة في علمِ ودينِ المسلمين وتظن في نفسِك أنك فوق الأمة وفوق المسلمين من غرورِك وضحك الشيطان عليك، نحن ليس مصادر التشريع عندنا قال الهرري، مصادر التشريع عندنا الكتاب والسنة الثابتة والإجماع والقياس ونعرف الأدلة على هذه المصادر والأدلة القرآنية والحديثية والأصولية.

فما ذكره الشيخُ هنا أنّ الصلاةَ والقدوة بالمشبهة والمجسمة والمعتزلة وبقيةِ فرقِ الضلالِ والكفر لا تصح ليس شيئًا هو ابتكَرَه من عندِ نفسِه ولا أخرَجه من جيبِه، إنما قال قال الحافظُ محمد مرتضى الزبيدي، والذي قاله محمد مرتضى الزبيدي أيضًا ليس من عند نفسِه بل هذا الذي عليه الشريعة وعليه الدين وعليه علماء المذاهب الأربعة، لكنْ مَنْ لي بالجَهول الذي لا يُميّز بين الجبل والبعوضة؟ مَنْ لي بالمغرور المُتَهَتّك الذي ضحك عليه الشيطان وباض وفرّخَ لعله في لسانِه ويظن في نفسِه أنه أعلم الأمة ليُعلَم وليُعرَف أنّ هذه المسئلة ليست مما يظنّه الناس مسئلة هيّنة تمشي كيفما كان الإمام لو كان مشبّهًا مجسّمًا، لا لا تمشي لأنّ هذا الإنسان ليس مسلمًا كيف تصحّ منه الصلاة، إن كانت الصلاة لا تصحّ منه كيف تصحّ صلاة إنسان وراءَه مُقتدِيًا به مع علمِه بحالِه أنه مشبّه مجسم يقول بخلق أفعال العباد للعباد يشبّه اللهَ بخلقِه، كيف تصح منه الصلاة؟ وكيف يصح الاقتداء به في الصلاة والمُقتدي يعلم بحالِه؟ لا يصح، إذًا هذا من العلماء الذين نصوا على عدم صحة الصلاة خلف هؤلاء الناس ولو ادّعَوا الإسلام.

سأذكر لكم عددًا من العلماء الذين قالوا إنّ الصلاة لا تصح وراء هذه الفرق التي وصلت إلى الكفر:

محمد مرتضى الزبيدي: فقيه وعالم ومحدّث ولغوي وحافظ نصّ على هذه المسئلة في كتابِه “إتحاف السادة المتقين بشرحِ إحياء علومِ الدين” في كتاب الصلاة في باب صفة الأئمة، يعني من هو الإمام الذي تصح الصلاة وراءه وخلف مَن تصح وخلف مَنْ لا تصح، ذكر هؤلاء:

الإمام الحافظ أيضًا نقل قولَه مُقِرًّا له فيكون صار قولًا له

سأبدأ من حيثُ الزمن إلى الوراء: – المحدّث الفقيه المؤرخ الإمام أحد رؤوس الأشاعرة وأئمة الأشاعرة أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي في كتابِه “الفرق بين الفرق” كان منذ ألف سنة، يعني ليس تلميذًا للشيخ الهرري، ليس مريدًا في الطريقة النقشبندية عند الحافظ الهرري ولا مريدًا في الطريقة القادرية عند الشيخ عبد الله الهرري ولا مريدًا في الطريقة الرفاعية عند الإمام الهرري، ولا تتلمذَ على يدِه لكن المنهج واحد وكان منذ أكثر من ألف سنة، توفيَ سنة 429 للهجرة، يقول في هذا الكتاب ” إنّ هؤلاء الذين يقولون بعدمِ صحةِ الصلاة وراء أهل السنة –يعني القدرية والمشبهة والمجسمة ويذكر فرقًا زيادة على هؤلاء- وعندنا لا تصح الصلاة منهم ولا معهم” يعني جماعة لا يُقتَدى بهم ولا عليهم إذا ماتوا، يعني إذا عرفتَ أنّ هذا المشبّه مات فجِىءَ به إلى المسجد لا تأتي لتصلي عليه صلاة الجنازة على زعمِك، هذا يشبّه اللهَ بخلقِه يعتقد الله جسم جسد يقول الله جالس على العرش، مات فجىءَ به إلى المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو مسجد الصين مسجد المغرب مسجد الهند مسجد بيروت لا تصلي عليه، إذا كان لا تصح منه الصلاة ولا وراءه ولا عليه إذا مات لأنه مكذِّبٌ لرب العالمين يعتقده جسمًا لا يعبدُه، يعبُد جسمًا تخيّله قاعدًا فوق العرش وقد قال سيّدنا وقدوتُنا وإمامُنا الشافعي رضي الله عنه “المجسمُ كافر” نقلَه عنه الحافظ السيوطي في كتابِه “الأشباه والنظائر” في الطبعة المصرية التي عند صحيفة 84، ونقل عنه أيضًا الإمام أحمد بنُ محمد بنُ الرفعة أبو العباس نجمُ الدين شارح كتاب التنبيه في الفقه الشافعي عشرين مجلّد، في المجلد الرابع صحيفة 24 في كتاب الصلاة في باب صفة الأئمة عن القاضي حسين عن نص الشافعي “مَن اعتقدَ أنّ اللهَ جالسٌ على العرش فهو كافر”

هذا الذي عليه العلماء، ثم يقول بعد هذه الكلمة “ولا صلاةَ لكافر” يعني لا تصح منه الصلاة، والكتاب مطبوع عندنا النسخة الخطية حصّلناها من مكتبة الأزهر وعندنا النسخة المطبوعة وفيما أعلم إلى الآن هي نسخة واحدة مطبوعة.

فإذًا مَن قال الله جسم شكل جسد حجم مَنْ قال إنّ العباد يخلقون أفعال أنفسِهم وليس الله يخلقُها هؤلاء نقل الإجماعَ على كفرِهم أبو منصور البغدادي في كتابِه “تفسير الأسماء والصفات”

ونقل الإجماع على كفرِهم أبو شكور السالميّ وهو من أشهر وأكبر علماء المذهب الحنفي وكتابُه موجود في الأسواق وهو أيضًا منذ ألف سنة، واسمُه “التمهيد” نقل الإجماع على كفر مَنْ يقولون إنّ العباد يخلقون أفعالَ أنفسِهم وليس الله يخلقُها.

رأيتم لماذا لا تصح الصلاة من المشبهة المجسمة البيهسية النجارية الهاشمية المرجئة القدرية؟ لأنهم وصلوا إلى عقائد يُكفِّرون فيها المسلمين ويُكذِّبون القرآن ويشبّهونَ اللهَ بخلقِه.

ذكرنا أبو منصور البغدادي، والفقيه الحنفي الشيخ المحدّث عبد الغني بن إسماعيل النابلسي في كتابِه ” صدح الحمامة في شروطِ الإمامة” يقول إن الذي ينسب لله المكان أو يقول بأنّ اللهَ جسم ويذكر أمثلةً عنهم يقول هؤلاء كفار ولا تصح الصلاة وراءهم.

وأيضًا ممّن ذكر أنّ الصلاة من الكافر لا تصح الحافظ النووي، وفي كتاب البيان للفقيه الحنفي العمراني وهذا كتاب كبير ومشهور وموجود في الأسواق، فيه يقول إنّ الصلاة لا تصح من المرتد ولا تصح القدوة به، بل قال  في المجلد الثالث “الكافر لو صلّى لا يصير مسلمًا” يعني صلى صورةً وهو على الردة بزعمِه دخل بالصلاة لا تصح منه ولا تنعقد ولا يصير مسلمًا بهذا العمل.

وهناك الكثير الكثير، بل في بعض مؤلّفاتِنا عقَدْنا لها فصلًا طويلًا وذكرْنا أسماء الكثير من العلماء الذين نصّوا على هذه المسئلة.

وهناك عالمٌ سوداني ألّفَ كتابًا أفرَدَه لهذه المسئلة عنوَنَه “الكوكبُ الوضّاء في بُطلانِ الصلاةِ خلف الوهابية اليهود الغوغاء” هذا ليس من تأليفي ولا من تأليف شيخِنا ولا أعرفه ولا رأيتُه ولا اجتمعتُ به، ذكر فيه الأدلة أنّ المشبهة المجسمة إنْ كان مشبهة العصر أو السالفين الأقدمين لا تصح منهم ولا وراءهم الصلاة.

 لسنا نحن وحدَنا مَن يقول بهذا الكلام.

بعض الحمقى الجُهلاء يقولون أنتم لا تصلون وراءهم؟ إذا كان واحد يسب الله يشتم الله يشبّه الله بخلقه كيف أصلي وراءه؟ لو واحد كان يصلي وعورتُه مكشوفة هل أقتدي به؟ يقولون لا، فكيف أصلي وراء من يشتم الله؟ كيف أصلي وراء من يشبه الله؟ كيف أصلي وراء مَن يكذّب الله والقرآن؟ لو واحد كان يصلي مُستدبرًا القبلة هل أقتدي به في الصلاة؟ لا، إذًا كيف يريدنا بعض الجهلاء أْنْ نقتديَ ونصلي مع مَنْ يشبّه اللهَ بخلقه ويعتقد أنّ الله جسم شكل صورة قاعد جالس مخلوق ضعيف عاجز يتغيّر يفنى يزول يتبدّل؟ هل الذي يقول كل هذا في رب العالمين كيف يُصلّى وراءه؟ ولا صورةً نصلي وراءَه.

ثم هذا قاضي الجيش العثماني وقاضي السلطان محمد الفاتح فقيه حنفي وفي نفس الوقت فقيهٌ شافعي كان ذكيًّا درس الفقه الحنفي في تركيا ثم سافر إلى الأزهر فدرس الفقه الشافعي فهو شافعي حنفي لغوي نحوي مفسّر للقرآن شارحٌ للبخاري كتابٌ ضخمٌ واسمهُ “الكوثر الجاري إلى رياض أحاديثِ صحيح البخاري” هذا المفسر القاضي الفقيه الشافعي الحنفي صديق السلطان مراد والد السلطان محمد الفاتح ومربّي ومعلم وشيخ السلطان محمد الفاتح، هو القاضي الشيخ أحمد بن عثمان بن مراد الكَوراني وفي تركيا يُعرف باسم ملّا كُوراني، هذا العالم الفقيه صديق السلطان مراد أستاذ وشيخ ومربي ومعلم السلطان محمد الفاتح يقول في كتابِه “الدرر اللوامع” هذا كتاب من كتبه هو له كتب كثيرة وله حتى في التفسير شرح البخاري، في كتابه الدرر اللوامع يقول “فالمجسمُ كافر لا تصح منه الصلاة ولا الصيام”

ماذا يريدون بعد كل هذه النصوص والنقول وأسماء الكتب والمصادر والمراجع والعلماء منذ أكثر من ألف سنة إلى اليوم.

نرجع إلى الحديث الشريف، روى الحافظ عبد الرؤوف المناوي في شرحِه الفيض القدير على الجامع الصغير والحافظ جلال الدين ابن أبي بكر عبد الرحمن السيوطي الفقيه المفسر الحافظ اللغوي الشافعي في كتابِه “الجامع الصغير”

عندنا الحافظ السيوطي والحافظ المُناوي، روَيا عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال [أبَى اللهُ أنْ يقبلَ عملَ ذي بدعةٍ حتى يدعَ بدعتَه] وفي لفظٍ لهذا الحديث [لا يقبلُ الله عملَ ذي بدعةٍ حتى يدعَ بدعتَه]

قال في الشرح أي الذين وصلتْ بهم بدعتهم إلى الكفر، وهؤلاء منهم مَنْ ينتسب للإسلام ومنهم مَنْ يقرأ القرآن صورةً ومنهم مَنْ يعمل صورة الصلاة والصيام، وكل هذه الأدلة كافية بأنّ هؤلاء الناس لا تصح بهم القدوة.

حكى لي بعض مشايخ الحجاز عن عدد كبير من مشاهير علماء الحجاز أنّهم كانوا لا يصلّون وراء المشبهة ولا وراء المجسمة ولا يقفون وراءَهم ولا صورةً لا في الجُمَع ولا في الصلوات الخمس ولا في الأعياد ولا في الجنائز، عندنا أسماء عدد من علماء الحجاز منذ نحو سبعين سنة وإلى اليوم، نحو خمسة من مشاهير العلماء، بل وأحد المفاتي الكبار في بلدٍ كبير مشهور قال لحفيدِه وحفيدُه أخبرَني في المدينة المنورة قال له: لا أجيزُ لنفسي ولا يجوزُ لي أنْ أصليَ وراءَهم، لأنه يعرف عقائدَهم واحد يقول عن الرسول جيفة أو السفر بقصد زيارة قبر النبيِّ حرام أو سفر معصية لا تُجمَع فيه الصلاة ولا تُقصَر، كيف تصلي وراء مَن يقول ذلك؟

يضَلِّل الأمة إذا سافرتْ بقصدِ التبرك بمحمد للدعاء عند قبر محمد، للتوسل بمحمد، مع أنّ هذا الإمام السلفي الفقيه العالم الحافظ القدوة الزاهد الورِع أبو إسحق إبراهيم الحربي صديق الإمام أحمد بن حنبل، الإمام أحمد أوصى ولدَه قال له ادرس عنده الحديث، يقول إبراهيم الحربي وهو من أئمة السلف “يُستحبُّ تقبيل حجرة رسولِ الله” صلى الله عليه وسلم، ليس القبر فقط، رواه عنه الشيخ منصور بن إدريس البهوتي الحنبلي في كتابه “كشّاف القناع” في كتاب الجنائز.

أما هؤلاء يُكفّرون مَنْ يسافر للتبرك أو للتوسل أو للاستغاثة، أو مَنْ يسافر بقصدِ زيارة القبر متبَرِّكًا يقول عنه عبد القبر مشرك، هؤلاء كيف يُصَلّى وراءَهم وهم يُكفِّرونَ المسلمين؟؟؟

أحمد بن حنبل قال يُستحب مسّ المنبر والرمانة القرعاء، مرةً سُئلَ عن فعل ذلك بنيةِ التقرب إلى الله قال “لا بأس بذلك” وفي بعض الروايات “يُستحب” وهذا رواه عنه ابنُه عبد الله في كتاب العلل ومعرفة الرجال ورواه عنه من يحبه المشبهة الذهبي في كتابِه “سير أعلام النبلاء” في ترجمة عبد الله بن أحمد بن حنبل وفي ترجمة الإمام أحمد يروي هذا عن الإمام أحمد.

هؤلاء يشبّهون الله بخلقه وهؤلاء يكذّبون بالقدر وهؤلاء يكفّرونَ المسلمين إذا توسّلوا أو استغاثوا أو سافروا بقصدِ زيارة القبر أو للتبرك، تريدون منا أنْ نأتي ونصلي وراءَهم؟ كيف هذا؟ مَنْ يرضى بهذا من العقلاء؟

الذي لا يعرف الأحكام يخلط ويخبط أما من يعرف الحق ويعرف الأحكام والشريعة لا يقبل، هذا العالم السوداني ألّف كتابًا في المسئلة “الكوكب الوضاء” عنوانه يكفي.

فإذًا الصلاة وراء المشبهة المجسمة وراء مَنْ يقول بأنّ العبد يخلقُ أفعالَ نفسِه الاختيارية وليس الله يخلقُها لا تصح الصلاة منهم ولا عليهم إذا ماتوا ولا وراءهم اقتداءً بهم، كل هذا لا يصح.

وهذه التي ذكرناها الآن بعض النقول وعندنا الكثير لأننا جمعْنا ذلك.

لذلك يا إخواني ينبغي أنْ يُتنَبّهَ لهذه الاحكام لأنّ الصلاة أمرُها عظيمٌ وشأنُها كبير في الإسلام ليس شيئًا هيّنًا، بعض الناس من جهلِهم يتهاوَنونَ بأمرِ الصلاة على زعمِهم كيف ما اتفق وكيف ما جاء الأمر، الصلاةُ عمودُ الدين مَنْ ضيَّعَها ضاعَ وهلكَ، الصلاةُ نورٌ وبركة ونجاةٌ وضياءٌ ورحمة خيرٌ وفلاح ونجاح، الصلاةُ لذةُ المتقين، الصلاة شعارُ النبيين وشعارُ الصالحين كيف تُضَيَّع؟ كيف تُهمَل؟

والرسولُ عليه الصلاة والسلام يقول {وأصلي ولا أشبع}

إذًا عليكم أنْ تنتبهوا لهذه الأحكام).

 

*يقول الهرري رضي الله عنه: عليكم بقمعِ المُنكرات التي تؤدي إلى الكفر، عليكم ببذل الجهدِ في ذلك فإنّ المنكراتِ مراتب فما كان كفرًا كان أوْلى عنايةً بالرد ثم ما يَتبَعُ ذلك من الكبائر ثم الصغائر فأوْلى المنكرات عنايةً بالرد الكفر، إياكم والتكاسلُ والتواني.

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: اللهَ اللهَ عبادَ الله ابذلوا جهدَكم في هذا الامر العظيم الذي يُتَوَجَّهُ إليه الآنَ باهتمامٍ عظيم وإياكم والتكاسلَ والتواني فإنّ مَنْ توانَى وتكاسلَ في هذه الحال عن بذلِ الجهد في تقويةِ كلمةِ الجمعية التي غايتُها إصلاحُ الفساد وتقويةُ السنةِ المحمدية عقيدةً وأحكامًا فهو خاسر، فمَنْ توانَى فلْيَعلمْ أنه خاسرٌ عند الله وهالكٌ هلاكًا كبيرًا.

هذا العمل مَنْ جدَّ فيه يُكتَبُ له حظٌّ كبيرٌ منْ إحياءِ السنة ومحقِ الفسادِ، الاجتهادَ الاجتهاد، بارك الله فيكم.

(وهنا تنبيه، بعض الحاقدين الحاسدين والمُفترين الدجالين إذا سمعوا مثل هذا الكلام يقولون انظروا انظروا ماذا يقولون عن جمعيّتِهم وماذا قال المحدّث الهرري عن تأييدِ جمعيتِهم وأنّ الذي يُعاونُها ويساعدُها ويُعطيها الدعم ونشر العلم وكذا يكون له كذا من الثواب ومَنْ قصّرَ يكون من الخاسرين أو الهالكين، أعيدُ لكم العبارة “فإنّ مَنْ توانى وتكاسل….عقيدةً وأحكامًا”

قال ذلك لأنّ الغايةَ من ذلك تقوية السنة المحمدية عقيدةً وأحكامًا، يعني ليس المقصود أنْ نوسِّعَ نطاق الجدران وليس المقصود العمل الدنيوي وليس المقصود الأشخاص بأعيانِهم لا، إنما قال تأييد السنة المحمدية عقيدةً وأحكامًا، هذا المراد.

عندما يقول الشيخ رحمه الله الجمعية لا يريد بكلمة الجمعية يعني الكراسي ولا الثريات ولا الجدران والأبواب إنما يريد المنهج، يعني ادعموا وأيّدوا وساعدوا وقَوّوا منهجَ أهلِ السنة.

ثم إذا قيلَ لكم ألا يوجد من أهل السنة إلا أنتم؟ يقال لا نحن لا نقول هذا أهل السنة كثُر والحمد لله ونفرح كلما زاد عدد المسلمين والسنة في الدنيا، بلَغَنا بأنّ الإحصائيات الأخيرة تقول إنّ عدد المسلمين اليوم في الدنيا أكثر من مليار ونصف المليار، وهذا شىءٌ يُفرِحُنا والله نفرح عندما نسمع أنّ أهلَ السنة قَووا وانتشروا وتوسّعَ عملُهم في الدنيا هذا لا يُحزِننا على العكس لكنْ بعض المُغرضين ومرضى العقول يُركّبون علينا الافتراءات يقولون لا يُعجِبُكم إلا أنتم لا تأخذونَ إلا من شيخِكم لا تدعمونَ إلا جمعيتَكم  وكذبوا، الشيخ دلّنا على مشايخ أهل السنة في الشرق والغرب وقد ذكرتُ قبل عددًا من أسماء المشايخ الذين هو دلّنا عليهم وعرّفنا إليهم وذكرتُ أسماء مشايخ وبلاد عدة، نحن لا نزعم أننا وحدَنا أهل السنة، أهل السنة مئات الملايين، بل قال الحافظ الفقيه اللغوي النحوي محمد مرتضى الزبيدي في كتابِه الإتحاف المجلد الثاني “وحيثُ أُطلِقَ أهل السنة والجماعة فالمرادُ بهم الأشاعرة والماتريدية” هذا الذي نقولُه نحن، لا نزعم أننا وحدَنا من أهل السنة، لا نقول مَنْ ليس معنا فليس من أهل السنة، هذا كذب والله وافتراءٌ علينا، ومَن ينسب إلينا ذلك فاللهُ حسيبُه، إلى ديّانِ يومِ الدينِ نمضي وعند اللهِ تجتمعُ الخصومُ.

قولُ الشيخ هنا عن تأييد ودعمِ الجمعية هو شرحَه وبيَّنَه قال المقصود من هذا هو تأييد عقيدة السنة المحمدية عقيدةً وأحكامًا،  لسنا ممّن يتعصّبونَ لجمعيتِنا وحدَها بل سافرْنا في الشرق والغرب لزيارة مؤسسات وجمعيات ومدارس ومعاهد لأهل السنة ودعوْناهم وخطَبْنا للناس فيهم وأثنَيْنا عليهم، هذا معناه تأييدٌ لأهل السنةِ في الأرض وليس لجمعيتِنا فقط)

 

*وقال رضي الله عنه: الدعوةُ إلى عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعة منْ أفضلِ المبرّات.

*وقال رضي الله عنه: الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر أمرانِ عظيمانِ في الدين لا ينبغي تركُهما، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [إذا رأيتَ أمتي تهابُ الظالم أنْ تقولَ له يا ظالم فقد تُوُدِّعَ منهم] رواه ابنُ حبان.

*وقال رضي الله عنه: الرسولُ عليه الصلاة والسلام أمرَ بالتعلّم والتعليم، الذي تعلّم ثم لا يُفَقِّهُ جيرانَه ثم لا يعلِّمُ جيرانَه يكونُ مُقَصِّرًا تقصيرًا كبيرًا.

 

(هذا الحديث في قولِه عليه الصلاة والسلام [إذا رأيتَ أمتي تهابُ الظالم أنْ تقولَ له يا ظالم فقد تُوُدِّعَ منهم] فيه تهديد، فقد تُوُدِّعَ منهم، نسألُ اللهَ النجاة.

إذا سكت المشايخ وأصحاب الشأن والعامة عمّ البلاء ووقعت المصيبة ولحقَ الخراب والدمار الكل، [إذا ظهرت البِدع وسكت العالِمُ لعنه الله] فما معنى فقد تُوُدِّعَ منهم؟

يعني يصيرون مع كثرتِهم ملايين هكذا عدد بلا نصر يعني رفع اللهُ تأييدَهُ ونصرَه ومعونَته عنهم، يعني تركهم بلا نصر.

بعض الصحابة أعدادُهم بالعشرات يهزِمونَ المشركين بالمئات، بعض الصحابة أعدادُهم بالمئات يهزمونَ المشركين بالآلاف، بالإيمان باليقين بالعقيدة الراسخة بقوة التوكل على الله مع قلة الإمكانيات عندَ المسلمين وكثرة الإمكانياتِ في العدو، مع قلة العدد في المسلمين وكثرة العدد في المشركين، مع قلة السلاح في المسلمين وكثرة السلاح في المشركين، كانوا يغلبون ويهزمونَهم ويأخذون منهم الأسرى ويأخذون منهم الأسلحة وبعضُ المشركين يهربُ حافيًا ويرجعُ هؤلاء العشرات أو المئات وقد غلبوا الآلاف من المشركين، {إنْ تنصروا اللهَ ينصركم}[محمد/٧] بالتقوى والصدق والإخلاص، أبدًا لم تكن المقاييس والمعايير بالعدة والعتاد وحدها وإلا كان كل الكفار بكل جيوشِهم وبكل أعدادِها الضخمة وأعداد الصحابة ومن بعدَهم كانت قليلة لكان ربح الكفار.

في بعض المعارك كان عدد الصحابة نحو ثلاثة آلاف وعدد المشركين نحو مائة ألف وانتصروا عليهم. عند أهل الدنيا يقولون هذه حربٌ خاسرة لكنْ مع التوكل على الله وصدق العزيمة يقاتلون ويجاهدون كأنّ الجنةَ أمام أعيُنِهم بصدقِهم وإخلاصهِم لله نصرَهم أظهرَهم الله أيّدهم الله وأمدّهم بالملائكة، أما اليوم إذا صار عدد جيش للمسلمين وعدد الكفار مائة ألف لكن هذا المليون أكثرُهم لا يصلون لم يتعلموا الفرض العيني منهم المُرائي منهم مَنْ لا يعرف الوضوء منهم كذا وكذا، إذًا بحسب العادة كيف ستكون هذه المميّزات التي كانت عند الصحابة كيف ستكون عند هذا المليون إذا كان الأكثر فيهم جاهلين بأحكام الدين؟

كيف يكون الانتصار؟ {إنْ تنصروا اللهَ ينصرْكم ويُثبِّتْ أقدامَكمْ}[محمد/٧]

علينا بالإخلاص بالصدق بالتوكل على الله بالثبات بالدفاع عن عقيدة الإسلام ونشر العقيدة في الدنيا في الشرق والغرب بما استطعنا وبما نحن عليه من الإمكانيات الضعيفة والقليلة، لكن بالصبر والثبات تحققون النصر وبالمثابرة تحققونَ الكثير وتقرِّبونَ البعيد وتلوح بشائر النصر بإذن اللهِ الكريم لكنْ بالصدق مع الله.

[ُتُودِّعَ منهم] يعني رفعَ اللهُ عنهم نُصرتَه ومعونتَه لأنهم لا يُنكرون المنكرات ولا يحذّرون من الكفريات ولا يجهرونَ بالحق ولا ينشرون الحق.

لذلك هذا الحديث تهديد [إذا رأيتَ أمتي تهابُ الظالمَ أنْ تقولَ له يا ظالم فقد تُوُدِّعَ منهم] رواه ابنُ حبان

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد [إنّ الناسَ إذا رأوا المنكرَ فلم يُغيِّروهُ أوشكَ أنْ يَعُمَّهمُ اللهُ بعقاب] يعني النكبات العامة في الدنيا، انظروا اليوم إلى وضع البلاد والمجتمعات.

وفي الحديث الثالث الذي في صحيح مسلم من حديث السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها –زوجة رسول الله- قالت يا رسولَ الله: أنَهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا عمَّ الخَبَث.

يعني هذا الهلاك الدنيوي النكبات العامة في الدنيا.

اليوم لو أردنا فقط أنْ نضع عناوين للبلايا والمصائب والأمراض والحروب والاقتتال والزلازل والنيران وغلاء الأسعار وفقد المواد الغذائية وفقد الدولار والطوفان الأوبئة وسفك الدماء، فقط ضعوا العناوين ماذا يحصل الآن في الدنيا، بعض الناس يقول ما هو السبب؟ هذه الاحاديث الثلاثة تُبيّن لكم ما هو السبب، أنهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا عمّ الخَبَث، والخبَث قد عمّ وطمّ.

نسألُ الله السلامة وحسن الختام

والحمد لله رب العالمين