ما هو فضل الصبر
قال الله تعالى ﴿ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾. ﴿ولنبلونكم﴾ أى فى الدنيا أيها المؤمنون ﴿بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات﴾ ونثيب الصابرين منكم كما أخبر الله تعالى بقوله ﴿وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله﴾ أى نحن ملك لله وخلق له يفعل بنا ما يشاء ﴿وإنا إليه راجعون﴾ أى للحساب يوم القيامة. ﴿أولئك عليهم صلوات من ربهم﴾ أى تنالهم صلوات من الله أى رحمات مقرونة بالتعظيم أى الرحمات الخاصة التى لا ينالها إلا المؤمنون الصابرون المسلمون لله تسليما أما الرحمات العامة فى الدنيا فينالها كل أحد كالانتفاع بالهواء العليل والصحة والمال الوافر. فينبغى للمؤمن إذا أصابته مصيبة أن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنى فى مصيبتى وأخلف لى خيرا منها فقد روى الإمام أحمد عن أم سلمة رضى الله عنها أن رسول الله ﷺ قال لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول اللهم أجرنى فى مصيبتى وأخلف لى خيرا منها إلا فعل ذلك به، أى من أصابته مصيبة فصبر ثم قال إنا لله وإنا إليه راجعون فإن جزاءه أن يخلف الله عليه بأفضل مما فقده فى مصيبته وكتب له الأجر على ذلك كما حصل مع أم سلمة زوج النبى ﷺ فإنها فقدت زوجها أبا سلمة فأخلف الله لها خيرا منه وهو رسول الله ﷺ. فالصبر مع الإيمان درجة عالية قال رسول الله ﷺ من يرد الله به خيرا يصب منه أى إذا أراد الله بعبده المؤمن خيرا أى رفعة فى الدرجة يبتليه بمصائب الدنيا ويحفظه من مصائب الدين. والمسلم الذى تكثر عليه المصائب مع سلامة الدين أفضل عند الله من المسلم الذى يعيش متقلبا فى الراحة ولا تصيبه المصائب إلا قليلا. وقد جاء عن الرسول ﷺ أنه قال عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له رواه مسلم. فالمؤمن فى الحالين على خير إن أصابته نعمة أى بسط ورخاء فى الرزق يشكر الله وإن أصابته ضراء أى بلية ومصيبة يصبر ولا يتسخط على ربه بل يرضى بقضاء الله فيكون له أجر بهذه المصيبة والذى يساعد على الصبر كثرة ذكر الموت وكثرة ذكر أحوال الآخرة. وحكى أن رجلا من الصالحين كان مقطوع اليدين والرجلين مصابا بالعمى وكان شديد الفقر لا أحد يهتم به حتى رءاه الناس على الطريق والدبابير تأكل من رأسه فهو مقطوع اليدين لا يقدر على دفعها عنه ومقطوع الرجلين لا يقدر على الهرب منها فقالوا سبحان الله كم يتحمل هذا الرجل فسمعهم فقال الحمد لله الذى جعل قلبى خاشعا ولسانى ذاكرا وبدنى على البلاء صابرا إلهى لو صببت على البلاء صبا ما ازددت فيك إلا حبا. اللهم اجعلنا من عبادك الصابرين يا أرحم الراحمين.