ما معنى قول العلماء: الأنبياء معصومون من الكفر
اعلم أن الله تعالى عصم الأنبياء أى حفظهم من الكفر قبل النبوة وبعدها والنبى قبل نزول الوحى عليه يكون مؤمنا بربه منزها له عن مشابهة خلقه يعرف ما يليق به وما لا يليق. الله تعالى يلهمه الإيمان فى قلبه قبل أن ينزل عليه الوحى. أما قوله تعالى ﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان﴾ فمعناه أن النبى ﷺ قبل أن ينزل عليه الوحى ما كان يعرف القرءان ولا تفاصيل الإيمان أما أصل الإيمان فموجود فى قلب النبى ﷺ كسائر النبيين. وكذلك قول إبراهيم عليه السلام عن الكوكب حين رءاه ﴿هذا ربى﴾ هو على تقدير الاستفهام الإنكارى فكأنه قال أهذا ربى كما تزعمون أما إبراهيم عليه السلام فكان يعلم قبل ذلك أن الربوبية لا تكون إلا لله قال تعالى ﴿ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين﴾. وخالف فى ذلك سيد قطب فنسب الشرك إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام فإنه قال فى كتابه المسمى التصوير الفنى فى القرءان وإبراهيم تبدأ قصته فتى ينظر فى السماء فيرى نجما فيظنه إلهه. وكلامه هذا مناقض لعقيدة الإسلام التى تنص على أن الأنبياء تجب لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها. أما ما ورد فى القرءان فى شأن نبى الله يونس عليه السلام ﴿وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين﴾ فليس معناه أنه ذهب مغاضبا لربه بل ذهب مغاضبا لقومه لكفرهم وتكذيبهم له لكنه تركهم قبل أن يأذن الله له. والنون أى الحوت وأضيف إليه لابتلاعه له ومعنى ذى النون صاحب الحوت، ﴿فظن أن لن نقدر عليه﴾ أى ظن أن الله تعالى لن يضيق عليه بتركه لقومه قبل أن يأمره الله بذلك أما من نسب إلى نبى الله يونس عليه السلام أنه ظن أن الله تعالى لا يقدر عليه فقد نسب إليه الكفر والعياذ بالله. سيدنا يونس عليه السلام نبى مرسل الله تعالى أرسله إلى قوم كفار ليدعوهم إلى الإسلام فأقام فيهم مدة طويلة يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأوثان ولم يؤمن به إلا القليل فأيس منهم وتركهم. وعندما ألقى يونس عليه السلام بنفسه فى البحر ابتلعه الحوت ابتلاء له على تركه قومه الذين أغضبوه لكنه لم يخدش له لحما ولم يكسر له عظما ولم يكن قصده الانتحار. أما من اعتقد أن سيدنا يونس عليه السلام ألقى بنفسه فى البحر لينتحر أى ليقتل نفسه فهو كافر لأن الانتحار ذنب كبير وهو أكبر الذنوب بعد الكفر فلا يتصور حصوله من الأنبياء. مكث سيدنا يونس عليه السلام فى بطن الحوت أياما فى ظلمات البحر يدعو الله ويستغفره ويسبحه فاستجاب الله دعاءه ونجاه من الغم والكرب لأنه كان من المسبحين له فى بطن الحوت فأمر الله تعالى الحوت أن يلقيه فى البر. فعن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أنه قال قال رسول الله ﷺ دعوة ذى النون إذ دعا ربه وهو فى بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم فى شىء إلا استجيب له رواه أحمد والترمذى.